رسائل البريد الإليكتروني رسائل بشرية وليست سماوية
" كل من استلم هذه الرسالة في رقبته أمانة أن ينشرها قدر استطاعته و لو لخمسة أشخاص - من لم يهمه أمر المسلمين فليس منهم "
"أرسلها دون تردد فقد تنفعك بعد مماتك -كنز يعادل حياتك ب100 ألف مرة"
استحثتني أمثالُ تلك العبارتين السابقتين على كتابة هذا الموضوع، وهي مقتبسةٌ من رسائلِ البريدِ الإليكتروني المحتوية على رسائل دينية أو مواعظ أو مرغباتٍ للعمل الصالح. ومدار حديثنا ليس على هاتين العبارتين بوجه التحديد، ولكن مدار الحديث يستقصد تلك الرسائل الإليكترونية التي تحوي رسائل الترغيب والترهيب؛ يرغبون الناس بالجنة لمن أعاد إرسال رسائلهم، وربما يرهبونهم بجهنم وبئس المهاد لمن أهملها!
يا كتاب أمثال تلك الرسائل: أليس لنا عقول تنظر وتفكر وتمحص في محتويات رسائلكم، فمن فضلكم، لا تحاولوا تعطيل عقولنا برسائلكم المتناغمةَ مع عصر السرعة، فعندما تكتبون رسائلكم، فضعوا المضمون بدون رسائل الترغيب والترهيب، وحساب الحسنات والسيئات؛ لإعادة النشر، فرسائلكم رسائل بشرية وليست سماوية، فدعوا الناس ينظرون إليها أولاً، ولهم حرية الاختيار في الإرسال من عدمه.
الجانب الأكثر أهمية في هذا الموضوع؛ هو إعادة إرسال تلك الرسائل، فهناك من يستند على قاعدة إن لم تنفع فلن تضر. أما أنا فأقول: هذه قاعدة خاطئة، فإن ضررها أكثر من نفعها، ومستندي في ذلك أن تلك الرسائل تُعطل دماغ الإنسان عن التفكير النقدي لمحتوى الرسالة، وتجعله يركز اهتمامه على عبارة الترغيب أو التحذير في نهاية الرسالة؛ والتي تشجعه على إعادة الإرسال؛ بدون تمحيص محتوى وهدف ومصادر تلك الرسالة. أضف إلى ذلك ما تحتويه بعض هذه الرسائل – كما وصلني بعضها - من أمور مخالفة لديننا الحنيف، من أحاديث مكذوبة، وأدعية لا أصل لها، وربما يكون وراءها من يريد التدليس والابتداع في أمور الدين.
فهلاّ توقف الكتاب عن تقديس رسائلهم، وهلاّ توقف المستقبلون عن إعادة النشر بدون تمحيص!