
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو محمد الغامدي
هذه معلومات وجدتها عنها وحبذا لمن قرا كتبها ان يخبرنا بمنهجها في التاليف
في محور التراجم الجلسة الثالثة قُدم بحثان
الأول بعنوان : تراجم سيدات بيت النبوة بين الإبداع والتاريخ
للباحثة : أمينة محمود
ذكرت تحت المطلب الأول
البعد التاريخي والبحثي في التراجم
قالت : وفي هذه الترجمة عن "السيدة زينب" نجد بنت الشاطئ تتخلى عن حيدتها العلمية ، وتقع في هوى التعصب ضد السيدة عائشة أم المؤمنين ، وهو تعصب وهوى لن نجدهما ثانية في أجزاء العمل ، لكن ذلك لا يشفع لها لكي نمر عليه مروراً سريعاً.
فالكاتبة في جمل متكررة تحمل السيدة عائشة المسئولية كاملة عن إشعال نار الفتنة بين المسلمين حتى الآن.
ولم تتحرى الكاتبة الدقة والموضوعية ، بل تكاد تقع في شبهة التشويه العمدي لمواقف السيدة عائشة ، فمثلاً هي لا تذكر الحقائق كاملة ولا تبين التفاصيل كلها، مثلاً تقول عن السيدة عائشة "والمؤرخين لم ينسوا لها أنها غضبت على عثمان يوماً لأنه نقص عطاءها"
وكان الأجدر ببنت الشاطئ أن تبين وجهة نظر السيدة عائشة في غضبها هذا ، وأنه غضب للحق، وليس طمعاً في المال، فالخليفة أنقص عطاءها ، بينما الأموال تتدفق على بيت المال من الأمصار المفتوحة، والخليفة يجزل العطاء لأقربائه وحلفائه.
كذلك تذكر بنت الشاطئ المرويات عن مدى كراهية السيدة عائشة لعثمان، ثم شماتتها بعد ذلك في مقتل علي، وكلها روايات يجب أن تؤخذ بعين الحذر ، لأن الجو السياسي المضطرب عندئذ شجع على اختلاق الأقوال ونشر المرويات الكاذبة.
كما تسعى بنت الشاطئ للإيحاء بصلة ما بين السيدة عائشة والأمويين، متجاهلة أن السيدة عائشة ما كانت تتعاون معهم وهم الذين قتلوا أخاها محمداً ومثلوا به أبشع تمثيل[45].
ويلح السؤال هنا: هل تحامل عائشة عبد الرحمن ضد السيدة عائشة أم المؤمنين كان عن تعصب في الرأي أم عن ضعف في منهجها النقدي؟
وفي المطلب الثاني
التأويل والدلالة في تراجم سيدات بيت النبوة
قالت:" وفي ترجمتها للسيدة آمنة تناجيها قائلة :
"أماه آمنة ما تلوت من وحي السماء إلى وحيدك الحبيب حديثه الجهير عن بشريته "إنما أنا بشر مثلكم" "سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً" ذكرت أن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الإنسان النبي الذي حملته جنيناً في أحشائك ووضعته كما تضع كل أنثى من البشر"[57]
وليس في المقدمات فقط ، بل في أجزاء العمل كله يشيع تأكيد الكاتبة على "بشرية الرسول" وتلح فيها إلحاحاً، حتى أن المرء لا يملك إلا أن يتساءل في عجب: وهل بشرية الرسول مهددة لدى المسلمين؟ إن بشرية الرسول مؤكدة كأصل من أصول الدين، فهل رأت الكاتبة في ممارسات المسلمين ما يجعلها تشعر بالخطر من "ميل إلى تأليه الرسول" مثلاً؟ ربما الكاتبة تضع في حسبانها الكتابات المتأخرة التي أهدرت بشرية الرسول ونحن قد أشرنا من قبل إلى هذه الكتابات الخاضعة للاتجاهات الزهدية الصوفية، وأشرنا كذلك إلى رفض بنت الشاطئ لتلك المصادر.
لكن الأمر عندها مختلف جد الاختلاف ، "فبشرية الرسول ، لم يكن هماً دينياً لديها ، ولم تكن قضية قامت للانشغال بها ، بل هي أصل من أصول الدين والعقيدة تستغلها الكاتبة كقاعدة تبيح لها استخدام المنهج النفسي بتوسع في تأويل نفوس آل البيت الكرام. وهذا الاستعمال وهذا التأويل مما يتيحا لها كتابة تراجم على نسق فن الترجمة الحديث.
فكأن انشغالها بتلك "القاعدة " الخاصة ببشرية الرسول كان هماً فنياً لكاتبة أديبة أكثر منها عالمة شيخة.
وفي ترجمتها للسيدة آمنة تستخدم بنت الشاطئ قواعد أخرى بجانب القاعدة الرئيسية السابقة ، من هذه القواعد أخذها بالروايات التي قد يرفضها العقل، وهي تستخلص منها دلالاتها النفسية.
وأيضاً "منطق الفطرة السليمة" وهي قاعدة تتيح لمستخدمها افتراض أن الفطرة الإنسانية ثابتة لا تتغير على مدى الزمن ، وهذا يتيح للآخرين تفسير أفعال الأولين. كما تأخذ من "ترابط الأسباب والمسببات " و"أثر البيئة وفعل الوراثة" قواعد أخرى يقوم عليها منهجها السيكولوجي في الفهم والتأويل".
*لكن كل تلك القواعد السابقة لم تكن كفيلة بحماية منهج بنت الشاطئ من الزلل والخطأ ، وتوسعت الكاتبة في استخدام المنهج ولم تتوخ الحذر والاعتدال، وتناست أنها في مجال التحليل النفسي للرسول الكريم ولنساء بيته، وأن الرسول في نبوته وإنسانيته هو المشرع الأكبر لنا ، لذلك فإن تأويل ما في نفسه ـ بدون أن ينطق به ـ والإدعاء أن ما تصوره الكاتبة هو ما فعله الرسول أو رغب فيه ، لهو أمر له نتائج خطيرة.
*ولننظر في بعض نتائج تطرف بنت الشاطئ في استخدام المنهج السيكولوجي:
-في نقدها لوداد سكاكيني حملت بنت الشاطئ عليها أنها تغفل الجانب البشري فيمن تترجم له ، وبإمعان النظر في نص وداد وجدناها تصور مختلف العواطف البشرية من حب وكره ورغبة وخوف وقلق..حتى أن المرء ليشعر أن بنت الشاطئ بالغت في نقدها لها بما لم يكن على حق .
-أما تصويرها هي للجانب البشري في حياة الرسول مع نسائه فلنقرأ لها وهي تقول "وحياة محمد صلى الله عليه وسلم في بيته تبدو رائعة في بشريتها ، فقد كان يؤثر أن يعيش بين أزواجه رجلاً ذا قلب وعاطفة ووجدان، ولم يحاول أن يفرض على نسائه شخصية النبي لاغير، ونحن اليوم نقرأ ما وعى التاريخ من مرويات عن تلك الحياة الزوجية ، فيبهرنا ما فيها من حيوية فياضة لا تعرف العقم الوجداني، ولا الجمود العاطفي ، وما ذاك إلا لأنه صلى الله عليه وسلم كان سوي الفطرة ، فأتاح بذلك لنسائه أن يملأن دنياه الخاصة حرارة وانفعالاً، وينحين عنها كل ظل من ظلال الركود والفتور والجفاف"[58]. ثم تقول عنهن كذلك "..يصحبنه حين يخرج في معاركه ومغازيه ، ويهيئن له ما يرضى بشريته ويغذي قلبه ويمنع وجدانه ويجدد نشاطه.."[59]
هل تكون الحياة الزوجية هكذا فقط ؟ هل هذا هو تأويل بنت الشاطئ النفسي لحياة الرسول مع زوجاته ؟ وتنسى الكاتبة أن الرسول اكتفى لمدة 25 عاماً بزوجة واحدة تغذي قلبه وتمتع وجدانه وتجدد نشاطه.
إن كلمات بنت الشاطئ تكاد تحول تلك النسوة الكريمات إلى محظيات للرسول يشعن جواً من المتعة النفسية والحسية.
والكلمات السابقة قد وردت في مقدمة "نساء النبي" ، ولكنها تصلح مفتاحاً يفك مغاليق تراجم "نساء النبي" كلها ، فالمرأة من تلك النسوة ـ عند الكاتبةـ ليست إلا أنثى وزوجة في جانب واحد فقط ، وهو علاقتها الخاصة بزوجها، وكأن بنت الشاطئ لو كانت قد ذكرت ما قمن به من أدوار هامة وجليلة في خدمة الدعوة الإسلامية ، وفي التخفيف عن الرسول عناء الجهاد والكفاح ، وفي تأدية أدوارهن كأمهات للمؤمنين ، وفي قيامهن بالوصل بين الرسول وبقية نساء المسلمين؟ -كأنها لو فعلت ذلك ، فإنها ستخرج عن الجانب البشري كما تعتقد هي.
ولعلنا لو التمسنا آراء نظرية لبنت الشاطئ في قضية تحرير المرأة لربما نستطيع فهم اقتصارها على ذلك التأويل السيكولوجي الضيق للعلاقة الزوجية بين الرسول ونسائه.
سنأخذ نموذجاً هنا في مقال لها تبدي فيه إعجابها بالمرأة الأسبانية[60] وتعتبرها نموذجاً يدعو للإعجاب ، فللأٍسبانية مكانها المعترف به في المدرسة والجامعة وفي بعض أماكن العمل ، ولكنها تمارس كل ذلك ممارسة الأنثى ، وتأبى أن يخرجها شئ عن طبيعتها أو يمسخ فطرتها.
والأسبانية تعمل ولكنها لا تنسى أنها أنثى ، لذلك فهم يرحبون بها سكرتيرة وراقمة على الآلة الكاتبة، لكنهم يأبون عليها الوظائف الشاقة والمسئوليات الكبيرة معتذرين بأنهم يضنون بأنوثتها الرقيقة على إرهاق المسئولية وقسوة العمل الشاق. وللأسبانية حق الانتخاب العام، ولكنها لا تهذي يما يسمونه الحقوق السياسية ، ولا تطالب بالمساواة بين الجنسين ولا تطمح إلى المشاركة في الميدان السياسي.. فالأسبانية قد سلمت من "الشذوذ" ، أي شذوذ الرغبة في التشبه بالرجل والالتحاق به في ميدانه.
إنها لا تعدل بالبيت مكاناً آخر مهما يسم مركزه ، ولا تؤثر على الأمومة عملاً سواها مهما تكن أمجاده .. ولا تنسى الكاتبة إبداء إعجابها بسلامة نظر الأسبان إلى الأنوثة وصحة الفهم لدورها في الحياة،فيؤثروها بالخدمة ـ دون الرجال ـ على الموائد في المطاعم والمشارب والمتاجر.
وهكذا ترى الكاتبة أن "الأنوثة" الحقة هي التي تخدم في البيوت ، فإذا ما أرادت العمل خارج البيت ، فليكن الخدمة في المطاعم والمشارب.
أي شئ كنا ننتظره من الكاتبة وهي صاحبة نظرة قاصرة للمرأة ورأي خاطئ فيها حتى أن دراستها لنساء النبي لم تفدها الكثير وبدلاً من إظهار أدوار رائعة لنساء النبي لعبنها في حياة المسلمين العامة، وتدل دلالة واضحة على الفهم الناضج للرسول ولشريعته لدور المرأة ، بدلاً من ذلك اقتصرت الكاتبة على جانب واحد فقط من حياة هؤلاء النسوة بدعوى "إظهار الجانب البشري".
-وتمضي الكاتبة في تراجمها عن "نساء النبي" مستخدمة المنهج النفسي ببراعة في إظهار مشاعرهن الداخلية المتضاربة بين الحب والغيرة والكره والأثرة والإيثار والرغبة والحرمان من الأمومة …
وكان من أسباب براعتها في ذلك إحساسها النسوي بتلك المشاعر، فلنقرأ مثلاً عن السيدة خديجة "ومعاذ للفطرة السوية للأنوثة الناضجة المجربة أن تزهد خديجة في الأبناء ، فلا تتلهف على ولد يؤكد حيويتها ويثبت أنها لا تزال فتية منجبة"[61]
كذلك أجادت في وصف مشاعر غيرة عائشة وباقي النساء عندما علمن بخبر حمل السيدة مارية[62].
-لكن فهمها النفسي لا يؤدي بالضرورة إلى تقديم رؤية للشخصية في تطورها ونموها النفسي، لقد نجحت في ذلك في بعض التراجم وأخفقت في بعضها، مثلاً نجحت في العمل الأول عن السيدة زينب عقيلة بني هاشم، فرأينا كيف تتطور السيدة زينب وتنمو نفسيا وتخرج من دور ربة البيت والزوجة إلى دور الثائرة صاحبة القضية.
كذلك نلمح هذا التطور والنمو في شخصية السيدة خديجة ، فنراها تنتقل في أطوار نفسية انعكاساً للأحداث الخارجية، فبعد أن كانت سيدة ذات تجارة ناجحة وزاهدة في الرجال ، تصبح زوجة عاشقة لزوجها محبة لبيتها وبناتها ، فترشف من كأس السعادة، وتقوم بدور الزوجة على أكمل وجه، ثم نراها وقد أصبحت زوجة نبي تنوء معه بحمل كبير وعبء ثقيل، في نفس الوقت الذي وهن منها الجسد لتقدمها في السن.
-بينما لا نلمح هذا التطور والنمو في ترجمة "السيدة عائشة" لأن بنت الشاطئ أفرطت في تصوير مظاهر غيرة السيدة عائشة ، وفرطت في تصوير تطورها من طفلة لاهية إلى شابة ناضجة عالمة، ينصحنا الرسول بأن نأخذ نصف ديننا عنها.
-وبعد أن ينتهي المرء من قراءة تراجم "نساء النبي" لا يسعه إلا أن يتساءل لماذا تزوج النبي كل هؤلاء النساء؟ وما فائدتهن وهن لم يسلكن سوى سلوك الغيرة والمؤامرات؟
منهج الكاتبة النفسي هو المسئول عن ذلك ورؤيتها الضيقة لطبيعة ودور المرأة صبغت تراجمها بصبغة كبيرة ، حتى أنها أهملت عن عمد الحكمة الألهية الكبرى وراء تعدد تلك النساء في حياة النبي وهو كونهن من أهم مصادر النقل عن النبي في أقواله وأفعاله ، وأن اختلافهن الشخصي وغيرتهن من بعضهن لم يمنع اتفاقهن في الرواية عن الرسول والنقل عنه ، مما ينفي شبهة تواطؤهن ، ويجعلهن آية من آيات صدق الرسول وصدق دعوته.
-ومن نتائج استخدام بنت الشاطئ للمنهج السيكولوجي بدون حذر في دراستها تلك ، قولها أن النبي أشفق على السيدة سودة من الحرمان العاطفي، وأنها ليست مثل الآخريات ، فحبه لها حب بر ورحمة، وليس حب تآلف وامتزاج، بسبب كبر سنها وثقل حركتها وسذاجة طبعها ، لذلك بدا له أن يسرحها سراحاً جميلاً كيما يعفيها من وضع أحسن أنه سيؤذيها[63].
هذا التأويل لما في نفس الرسول مما لم يصرح به ، يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية ، فبنفس الطريقة في التأويل يمكن أن يقال إن محمداً زهد في تلك المرأة ، وقد صرفته عائشة ومن بعدها حفصة عنها ، ووجد متعته في المرأتين الأخرتين لشبابهما، لذلك فكر في طلاقها ليفرغ لمتعته مع عائشة وحفصة.
ولم تعرض الكاتبة تأويلها على ما عُرف من طبع الرسول وخلقه الكريم، وأنه ما تزوج سودة إلا تكريماً لها وهي الأرملة المسنة الوحيدة التي لا زوج لها ولا ولد، ولم يتزوجها عن رغبة فيها لذاتها ، فما الذي حدث حتى يغير الرسول موقفه، ويمكن أن يقال عنه حينئذ أنه أظهر لها وجه القسوة والغدر فأراد أن يتخلص منها.
إن السيدة سودة هي التي استثقلت نفسها وتقدمها في السن، وأرادت أن تحتفظ بمكانه مميزة لدى الرسول عن طريق إيثارها له على نفسها، لذلك وهبت ليلتها لعائشة الصغيرة الجميلة ، مؤثرة الرسول وعائشة على نفسها.
نتيجة أخرى هامة خلصت إلهيا بنت الشاطئ بتأويلها النفسي، واختلفت فيها عن جميع المسلمين ، وهي قولها إن زواج النبي بالسيدة زينب بنت جحش كان عن حبه لها وهواه إياها بعد أن رأها حاسرة الثياب، وهو نفس قول المستشرقين ، وتدافع الكاتبة عن رأيها بأن الرسول بشر غير منزه عن العواطف والأهواء ، كما تأخذ بوجود القصة في تاريخ الطبري دليلاً على حدوثها بالفعل.[64]
ووقعت الكاتبة في خطأ الخلط بين العواطف والأهواء، وكان الأحرى بها وهي العالمة اللغوية أن تدرك أن العواطف من بشرية الرسول التي لا تمس، أما الهوى فهو منزه عنه حتى في جانبه الإنساني، لأن الرسول لا يشرع لنا كرسول فقط ، بل كرسول وإنسان، لذلك فإن تصرفاته كإنسان تقوم على الحكمة والعقل وبعد النظر وتأويل الكاتبة يفتح باباً خطيراً لتأويل مختلف لكل ما صدر عن الرسول فيما يختص بعلاقاته مع نسائه ، وتفتح الباب بآرائها عن العلاقة الزوجية بين الرسول ونسائه عموماً لأقاويل المستشرقين عن حب النبي للنساء ، والمقصود حب الحس والشهوة.
كما كان بالأحرى على الكاتبة ألا تقع في خطا اعتبار نصوص الأقدمين نصوصاً مقدسة، كما فعلت في اعتبارها أن زواج النبي بالسيدة زينب كان عن عاطفة وهوى بسبب وجود القصة بذلك التفسير في تاريخ الطبري.
بينما أستاذها أمين الخولي يقول إن نقده لمتن تاريخي ، لا يثنيه العزم فيه أن أعلام المؤرخين "كالطبري" قد رووه وساقوه[65].
-ومنهجها النفسي والتطرف في استخدامه قد أوقع الكاتبة أيضاً في شبهة التحامل ضد السيدة عائشة، وخروج السيدة عائشة إلى ميدان السياسية والحرب، قوبل من الكتاب والمؤرخين بثلاث مواقف مختلفة:
-أما الإعجاب بما فعلته (مثل فاطمة المرنيسي في كتابها الحريم السياسي)
-أو التبرير لها والاعتذار عنها بأنها سعت للإصلاح ، لا للهدم ، وهو موقف يتبناه معظم الكتاب الإسلاميين مثل العقاد وعبد الصبور شاهين.
-أو الهجوم عليها، لكن السبب في الهجوم هنا يختلف عما نجده عند بنت الشاطئ ، أن من يهاجمون السيدة عائشة لاشتغالها بالسياسة ، غالباً ما يكون دافعهم لذلك هو إنكارهم لقدرة المرأة على الاشتغال بالسياسة، ويتخذون من السيدة عائشة مثلاً واضحاً لفشل المرأة في ذلك.
ونحن كما رأينا بنت الشاطئ ترفض عمل المرأة بالسياسة وتعتبره مما لا يليق بأنوثتها ، ولكنها لا تهاجم السيدة عائشة لهذا السبب ، بل تهاجمها من منظور نفسي، ترى فيه أن خروج السيدة عائشة للحرب والسياسة كان تنفيساً عن ضغائن قديمة وأحقاد سابقة في نفس عائشة ضد علي بن أبي طالب.
وتستخدم الكاتبة مرويات للدلالة على ذلك ، وكان الأجدر بدقتها العلمية أن تتحرز في استخدام تلك المرويات ، لأن أعداء السيدة عائشة ربما يكون لهم دور في اختلاق تلك المرويات وإشاعتها.
*لقد وقعت الكاتبة في نتائج خطيرة بسبب تطرف استخدامها للمنهج السيكولوجي، الذي اصطنعته رغبة منها في كتابة تراجم حسب أصول فن الترجمة الحديث.
وكان مما ذكرت في الخاتمة
أعطت الكاتبة تراجمها البعد الفني القائم على فن الترجمة الحديث وهو الفن ذو الأصول الغربية الحديثة.
لم تكن مصداقية المناهج العلمية في مجال الآداب والعلوم الاجتماعية محل تساؤل أو شك، فلم تشك الكاتبة في منهجها أو في قواعدها السابقة، واعتبرت أن مقدماتها ملزمة بالضرورة للنتائج التي توصلت إليها، واعتبرت أن القواعد السابقة مطلقة وليست نسبية .
أفرطت الكاتبة في استخدام المنهج السيكولوجي حتى أنها استأصلت الكثير من الوقائع التاريخية من سياقاتها الواقعية : سياسية واجتماعية وتشريعية، واكتفت بالتفسير النفسي لتلك الوقائع فكان تفسيرا أحادي الجانب ، أدى بها إلى نتائج قد لا تختلف كثيرا عن آراء بعض الغربيين المتطرفين في شخصية النبي وسيرة حياته وعلاقاته -خاصة علاقته بالمرأة.
والثاني بعنوان : التراجم: أنساق معرفية متباينة __ بماذا تخبر عائشة؟!
للباحثة : زينب ابو المجد
ثالثـاً:
سيدات بيت النبوة بين التقليدي والحديث والنسوي
ويظهر ذلك بوضوح شديد لدى عائشة عبد الرحمن في مناطق مختلفة من أعمالها حول سيدات بيت النبوة، ويعزز من هذا الافتراض قراءة سيرتها الذاتية. تلبست بنت الشاطئ منهج زوجها الشيخ أمين الخولي في التعامل مع زوجات الرسول
[147]، وتأثرت بالأدبيات الاستشراقية في هذا الشأن والتي أشارت لاطلاعها على الكثير منها[148]. حيث نزعت نحو آليات التحليل النفسي في القراءة، فأعلنت رفضها للاقتربات التقليدية في الترجمة والتي تقتصر على جمع الأخبار وشتى الروايات، وقررت تصوير شخصية زوجات الرسول تصوير يجلوها كزوجة وأنثى، لتقدم قراءة مختلفة لكل أم من أمهات المؤمنين كامرأة تتأجج لديها مشاعر الحب والغيرة من ميراث حواء- على حد تعبيرها[149] .....
والتفصيل على هذا الرابط
http://muslimwomenstudies.com/tarajum%20iii.htm