تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: الصيام وفوائده الصحية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb الصيام وفوائده الصحية

    الصيام وفوائده الصحية
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أيها الأحبة رمضان مبارك على الجميع. وبهذه المناسبة يطيب لي أن أنشر على هذه الصفحة بحثا لي حول فوائد الصيام الطبية سبق أن نشرته في أطروحتي لنيل شهادة الدكتوراه في الطب منذ 17 مارس 1979 م باللغة الفرنسية وكان أحد فصول الأطروحة الأربعة عشر. قام بترجمة النص إلى اللغة العربية والدي رحمة الله عليه إدريس بن الحسن العلمي، وراجعت النص المترجم وأعدت رقنه لنشره لأول مرة بلغة الضاد على هذه الصفحة بعد تجزيئه في حلقات... وشكرا سلفا لاهتمامكم ولا شك بالموضوع.
    1. تمهيد:منذ قرن ونصف تناولت الدراسات العلمية الصيام فكان موضع أبحاث طبية كثيرة تبيّن على ضوئها آثاره الحميدة على الصحة بكيفية جليّة انتفى معها كل شك أو ريب حتى لم يعد هنالك من ينازع في فوائد الصيام العديدة أو مزاياه الكبيرة من الوجهة الصحية والطبية. فأصبح صوم رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام الخمسة يكتسي في نظر الطب قيمة بالغة وأهمية خاصة على إثر المشاهدات الطبية الحديثة التي سنتحدث عنها في هذا الفصل. ونجد شرعية فرض صوم رمضان في القرآن الكريم ضمن الآيات التالية التي صرحت بها تصريحا في غاية الجلاء والوضوح محددة أحكامه وشروطه ورخصه للمرضى والمسافرين والذين يطيقونه: ( يَاأَيُّهَاالَّذِينَآمَنُواْكُتِبَعَلَيْكُمُالصِّيَامُكَمَاكُتِبَعَلَىالَّذِينَمِنقَبْلِكُمْلَعَلَّكُمْتَتَّقُونَ * أَيَّامًامَّعْدُودَاتٍفَمَنكَانَمِنكُممَّرِيضًاأَوْعَلَىسَفَرٍفَعِدَّةٌمِّنْأَيَّامٍأُخَرَوَعَلَىالَّذِينَيُطِيقُونَهُفِدْيَةٌطَعَامُمِسْكِينٍفَمَنتَطَوَّعَخَيْرًافَهُوَخَيْرٌلَّهُوَأَنتَصُومُواْخَيْرٌلَّكُمْإِنكُنتُمْتَعْلَمُونَ * شَهْرُرَمَضَانَالَّذِيَأُنزِلَفِيهِالْقُرْآنُهُدًىلِّلنَّاسِوَبَيِّنَاتٍمِّنَالْهُدَىوَالْفُرْقَانِفَمَنشَهِدَمِنكُمُالشَّهْرَفَلْيَصُمْهُوَمَنكَانَمَرِيضًاأَوْعَلَىسَفَرٍفَعِدَّةٌمِّنْأَيَّامٍأُخَرَيُرِيدُاللَّهُبِكُمُالْيُسْرَوَلاَيُرِيدُبِكُمُالْعُسْرَوَلِتُكْمِلُواْالْعِدَّةَوَلِتُكَبِّرُوا ْاللَّهَعَلَىمَاهَدَاكُمْوَلَعَلَّكُمْتَشْكُرُونَ)
    (البقرة: 183-185). وفي غير رمضان هناك مناسبات عديدة طول السنة يستحبّ فيها الصوم ويثاب عليه جزيل الثواب. وقد وردت أحاديث نبوية كثيرة تشيد بفضائل الصوم وترغب فيه نذكر منها بالخصوص:- (لكلّ شيءٍ زكاةٌ وزكاةُ الجسدِ الصومُ والصِيامُ نصفُ الصبرِ) . - (إنَّ الشيطانَ يَجري من ابنِ آدمَ مجرى الدَّمِ ، فضَيِّقوا مجارِيه بالجوعِ والصَّومِ). -(صُوموا تَصحُّوا).

    2. نظرة تاريخية عن الصوم والاستشفاء به:
    أ) العصر القديم: كان الصوم يمارس في حالة المرض منذ ما يزيد على 10.000 سنة فكان من جملة الطبابة الممارسة في المعابد الاسكلوبية القديمة (1300 سنة قبل المسيح). وكان أبقراط يوصي،على ما يقال، بالامساك عن الطعام إمساكا كلّيا في حالة الأزمة عندما يكونالمرض فيطور الاشتداد وفي غير ذلك من الحالات كان يوصي بملازمة حمية معتدلة. وترك لنا طرطيليان رسالة عن الصوم مكتوبة حوالي سنة200 ميلادية. وكان بلوطارك يقول: صم يوما بدلا من أن تلجأ إلى الطب.وكانابن سينا بدوره كثيرا ما يوصي مرضاه بالصوم ثلاثة أسابيع أو أكثر.

    ب) العصر الحديث: ثم - كما لاحظ شلتون - قد أتى على هيئة الطب حين من الدهر كانت تعلّم المرضى أن عليهم أن يأكلوا للاحتفاظ بقواهم وأنهم إن لم يأكلوا نقصت مقاومتهم وضعفوا وكان بعض الأطباء يبلغ به الحال إلى أن يقول لمرضاه إن لم يأكلوا قد يموتون. واليوم، قد اتضح أن الحقيقة هي العكس تماما. فحسب الدكتور شلتون، كلما أكل المرضى كلما أشرفوا على الموت. وبدأت الدراسات الحديثة بشأنالصوم مع الدكتور جينينغس منذ سنة1822 ؛ فأوصى جراهام في سنة 1832 بالصوم في حالة المرض بالهيضة (الكوليرا) وفي غيرها من الحالات المحمومة. وقال م.ل. هولبروك صحّياتيّ (أحد علماء الصحة) في القرن الماضي: الصوم ليس ضربا من السحر المحكم ولكنه أنجع طب وأوثقه.. وكثيرمن الكتّاب اكتسبوا خبرة كبيرة بالصوم وكتبوا بغزارة فيشأنه. نذكر منهم على الأخض الدكاترة: طرال، Trall ودنسمور Densmore ، وبومون Beaumont ، وباج Page، وأوسوالدOswald ، ووالتيرWalter ، ودوي Dewey ، وطانير Tanner، وهسكيل Haskell ، ومكفدانMacfadden ،وسنكليرSinclaire ، وهزّار Hazzard ، وتيلدن Tilden ، وإيالسEales ، وراباجلياتي Rabagliati ، وكيتKeith، وكارينتون Carrington ، وموركوليس Morgulis .وكانالدكتور دوي (1839-1904) في عصرنا هذا، أول طبيب استعملالصومفي علاج المرضى. ونشر كتابه "الصوم الذي يشفي" حيث ذكرشفاء كثير من الحالات السريرية بالصوم. ومع ذلك بقي عدد من المؤلفين المرتابين يعرقلون هذه الحركة الناهضة حركة الصوم حتى أن البحث تأخّر في هذا الميدان الأحيائي والطبي. وكان لزاما علينا أن ننتظر عقود السنين الأخيرة لمشاهدة بداية تطور ونوع من يقظة الوعي. فيحكي الدكتور شلتون أنه: «في سنة 1933 انعقد اجتماع لأطباء اختصائيين مشهورين أتوا من مختلف نواحي الجزر البريطانية إلىبريدج أف ألانسطرلنجشير باسكتلندا. وكان يرأس الندوة سير وين ويلكوكس. وكان من بين الأطباء المرموقين حينذاك الحاضرين سير همفري رولستونSir Humphrey Rollestonالطبيب الخاص للملك، ولورد ستيوارت،Lord Stewartوسير هنري لون Sir Henry Lunn ، ، وسير أشلي ماكنطوشSir AshleyMackintosh ، وألحّهؤلاء الرجال على منفعة الصوم في المرض. واتهم سير ويليام ويلسون مهنة الطب بإهمالها دراسة الحمية والصوم.«.وأخيرا وليس بالأخير، في زماننا، يعود الفضل للدكتور هـ. م. شلتون (من الولايات المتحدة الأمريكية) الذي كرّس حياته لدراسة العلاج الطبيعي، في إنجاز توليفة لأعمال سلفه من العلماء البحاثين. فأصدر كتابه "الصوم" الجليل القدر العظيم الشأن ولذلك اتخذناه أساسا لهذا البحث.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    1. التعريف بالصوم: نميز نوعين من الصوم: الصوم الديني، والصوم التجريبي أو الاستشفائي.
    أ) الصيام في الإسلام وأسراره وشروطه الباطنة:من الناحية اللغوية “الصوم” أو “الصيام” يعني: “الإمساك” كما يعني حالة الهدوء والسكون، والاتزان والاستقرار. وحسب الاصطلاح الفقهي، الصوم هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى.ويميز الصوفيون ثلاث درجات في ممارسة الصوم: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.أما صيام الصنف الأول -وهو صوم العموم- فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة فحسب، وليس وراء ذلك شيء. وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس بقوله: ( رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ من صِيامِهِ الجوعُ والعَطَشُ ، و رُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ من قِيامِهِ السَّهَرُ.).قال الإمام الشيخ ابن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ في ‘‘ مختصر منهاج القاصدين ’’ (ص 45 – 46): (وللصوم ثلاث مراتب: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. فأما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.وأما صوم الخصوص: فهو كف النظر، واللسان، والرجل، والسمع، والبصر، وسائر الجوارح عن الآثام.وأما صوم خصوص الخصوص: فهو صوم القلب عن الهمم الدنية، والأفكار المبعدة عن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ، وكفه عما سوى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالكلية ...فمن آداب صوم الخصوص: غض البصر، وحفظ اللسان عما يؤذي من كلام محرم أو مكروه، أو مما لا يفيد، وحراسة باقي الجوارح. وفي الحديث من رواية البخاري ؛ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " ) اهـ.
    وقال الشيخ العلامة محمد الخضر حسين ـ رحمه الله ـ :
    ( وللصوم عند من تنبهوا لأسرار العبادات ثلاث دراجات :صوم العامة ؛ وهو كف البطن والفرج عن شهوتيهما. وصوم الخاصة ؛ وهو ما تقدم مع قصر الجوارح عن أفعال المخالفات.وصوم خاصة الخاصة ؛ وهو صوم القلب وترفعه عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية التي لا تراد للدين، وإلا فهي من زاد الآخرة ومطاياه، وهذه هي الدرجة الكاملة التي جمعت بين عمل الظاهر والباطن.وينبئك على حطة الدرجة الأولى وقصور صاحبها عن الانخراط في زمرة الصائمين حقيقة، قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من لمْ يَدَعْ قولَ الزورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للهِ حاجَةٌ في أنِ يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ . " ) اهـ.
    ويصف أبو حامد محمد بن محمد الغزالي
    تلك الدرجات بقوله: (اعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ صَوْمُ الْعُمُومِ وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص. وأما صَوْمُ الْعُمُومِ فَهُوَ كَفُّ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ عَنْ قضاء الشهوة كما سبق تفصيله. وَأَمَّا صَوْمُ الْخُصُوصِ فَهُوَ كَفُّ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِوَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ عَنِ الْآثَامِوأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدَّنِيَّةِ وَالْأَفْكَارِ الدُّنْيَوِيَّة ِ وَكَفُّهُ عَمَّا سِوَى اللَّهِ عز وجل بالكلية. ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا حتى قال أرباب القلوب من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعود وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولاً ولكن في تحقيقها عملاً فإنه إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل : ( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون). وأما صوم الخصوص وهو صوم الصالحين فهو كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أُمُورٍ.
    الْأَوَّلُ
    غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّهُ عَنِ الِاتِّسَاعِ فِي النَّظَرِ إِلَى كُلِّ مَا يُذَمُّ وَيُكْرَهُ وَإِلَى كُلِّ مَا يُشْغِلُ الْقَلْبَ وَيُلْهِي عَنْ ذكر الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم : (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفاً من الله أتاه الله عز وجل إيماناً يجد حلاوته في قلبه)وروى جابر عن أنس عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ( خمس يفطرن الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة).
    الثاني حفظ اللسان عن الهذيان وَالْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْفُحْشِ وَالْجَفَاءِ وَالْخُصُومَةِ وَالْمِرَاءِ وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان. وقد قال سفيان : (الغيبة تفسد الصوم) رواه بشر بن الحارث عنه. وروى ليث عن مجاهد : (خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب). وقال صلى الله عليه وسلم : (إنماالصوم جنة فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم). وجاء في الخبر إن امرأتين صامتا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأذناه في الإفطار فأرسل إليهما قدحاً وقال صلى الله عليه وسلم: (قل لهما قيئا فيه ما أكلتما فقاءت إحداهما نصفه دماً عبيطاً ولحماً غريضاً وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه فعجب الناس من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم هاتان صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما. قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم).
    الثَّالِثُ
    كَفُّ السَّمْعِ عَنِ الْإِصْغَاءِ إِلَى كُلِّ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ قَوْلُهُ حُرِّمَ الْإِصْغَاءُ إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ سَوَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بين المستمع وَأَكْلِ السُّحْتِ فَقَالَ تَعَالَى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ للسحت وقال عز وجل لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّو نَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وأكلهم السحت فالسكوت على الغيبة حرام وقال تعالى : (إنكم إذاً مثلهم) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (المغتاب والمستمع شريكان في الإثم).
    الرابع
    كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن الْمَكَارِهِ وَكَفُّ الْبَطْنِ عَنِ الشُّبُهَاتِ وَقْتَ الْإِفْطَارِ. فلا معنى للصوم وهو الكف عَنِ الطَّعَامِ الْحَلَالِ ثُمَّ الْإِفْطَارِ عَلَى الْحَرَامِ فَمِثَالُ هَذَا الصَّائِمِ مِثَالُ مَنْ يَبْنِي قَصْرًا ويهدم مصراً فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم لتقليله وتارك الاستكثار من الدواء خوفاً من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيهاً والحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ فَقيلَ هُوَ الَّذِي يُفْطِرُ عَلَى الْحَرَامِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ عَنِ الطَّعَامِ الْحَلَالِ وَيُفْطِرُ عَلَى لُحُومِ النَّاسِ بِالْغِيبَةِ وَهُوَ حَرَامٌ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا يَحْفَظُ جَوَارِحَهُ عَنِ الْآثَامِ.
    الْخَامِسُ
    أَنْ لَا يَسْتَكْثِرَ مِنَ الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلىء جوفه فَمَا مِنْ وِعَاءٍ أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وجل من بطن مليء مِنْ حَلَالٍ وَكَيْفَ يُسْتَفَادُ مِنَ الصَّوْمِ قَهْرُ عَدُوِّ اللَّهِ وَكَسْرُ الشَّهْوَةِ إِذَا تَدَارَكَ الصَّائِمُ عِنْدَ فِطْرِهِ مَا فَاتَهُ ضَحْوَةَ نَهَارِهِ وَرُبَّمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي أَلْوَانِ الطَّعَامِ حَتَّى اسْتَمَرَّتِ العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فِيهِ مَا لَا يُؤْكَلُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَقْصُودَ الصَّوْمِ الْخَوَاءُ وَكَسْرُ الْهَوَى لِتَقْوَى النَّفْسُ عَلَى التَّقْوَى وَإِذَا دُفِعَتِ الْمَعِدَةُ مِنْ ضَحْوَةِ نَهَارٍ إِلَى الْعِشَاءِ حَتَّى هَاجَتْ شَهْوَتُهَا وَقَوِيَتْ رَغْبَتُهَا ثُمَّ أُطْعِمَتْ مِنَ اللَّذَّاتِ وَأُشْبِعَتْ زَادَتْ لَذَّتُهَا وَتَضَاعَفَتْ قُوَّتُهَا وَانْبَعَثَ مِنَ الشَّهَوَاتِ مَا عَسَاهَا كَانَتْ رَاكِدَةً لَوْ تُرِكَتْ عَلَى عَادَتِهَا. فَرُوحُ الصَّوْمِ وَسِرُّهُ تَضْعِيفُ الْقُوَى الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ الشَّيْطَانِ فِي الْعَوْدِ إِلَى الشرور ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً فلم ينتفع بصومه بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوي فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدراً من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء. وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر وَمَنْ جَعَلَ بَيْنَ قَلْبِهِ وَبَيْنَ صَدْرِهِ مِخْلَاةً من الطعام فهو عنه محجوب ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل وذلك هو الأمر كله ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام وسيأتي له مزيد بيان في كتاب الأطعمة إن شاء الله عز وجل.
    السادس
    أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مُضْطَرِبًا بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ إِذْ لَيْسَ يَدْرِي أَيُقْبَلُ صَوْمُهُ فَهُوَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أَوْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنَ الْمَمْقُوتِينَ وَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فِي آخر كل عبادة يفرغ منها فقد روي عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون. أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك فقال إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم. فإن قلت فمن اقتصر على كف شهوة البطن والفرج وترك هذه المعاني فقد قال الفقهاء : صومه صحيح فما معناه فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة لا سيما الغيبة وأمثالها ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته. فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول وبالقبول الوصول إلى المقصود ويفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهو الصمدية والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فإنهم منزهون عن الشهوات. والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلى بمجاهدتها فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة. والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم فإن الشبيه من القريب قريب وليس القريب ثم بالمكان بل بالصفات. وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأخر طول النهار ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ولهذا قال أبو الدرداء يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغتربين ولذلك قال بعض العلماء كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم. والمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه. ومن فهم معنى الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع وأفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات فقد وافق في الظاهر العدد إلا أنه ترك المهم وهو الغسل فصلاته مردودة عليه بجهله ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاؤه مرة مرة فصلاته متقبلة إن شاء الله لإحكامه الأصل وإن ترك الفضل. ومثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل والفضل وهو الكمال وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته ولما تلا قوله عز وجل إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وضع يده على سمعه وبصره فقال السمع أمانة والبصر أمانة ولولا أنه من أمانات الصوم لما قال صلى الله عليه وسلم فليقل إني صائم أي إني أودعت لساني لأحفظه فكيف أطلقه بجوابك فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهراً وباطنا وقشراً ولباً ولقشرها درجات ولكل درجة طبقات فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب) .اهـ
    ولم يزد الغزالي
    بوصفه هذا عن تعيين الحد الأقصى والحد الأدنى للصوم في الإسلام. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون الأربعة يعدون ضبط المسلم غرائزه وشهواته أكبر جهاد في سبيل الله. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عودته من غزوة بدرمنتصرا: (رجعْنَا مِنَ الجهادِ الأصغرِ إلى الجهادِ الأكبرِ . قالوا : وما الجهادُ الأكبرُ ؟ قال : جهادُ القلبِ). و"عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَما رجعَ من غزوةِ تبوكَ أنه قال: ( رجعنا من الجهادِ الأصغرِ إلى الجهادِ الأكبرِ." ).ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة فضائل الصوم وآدابه وشروطه ومزاياه بمثل الأحاديث التالية:- (قالَ اللَّهُ تعالى: كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِهِ، والصِّيامُ جنَّةٌ أي وقايةٌ من النَّارِ، فإذا كانَ يومُ صومِ أحدِكُم فلا يرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتلَهُ فليقُلْ أي بلسانِهِ وقلبِهِ إنِّي صائمٌ. والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ لخَلوفُ فمِ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المسكِ.).- قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" قال اللهُ : كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لهُ إلا الصيامَ ، فإنَّه لي وأنا أُجْزي بهِ ؛ والصيامُ جُنَّةٌ ، وإذا كان يومُ صومِ أحدِكُم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَهُ فلْيقلْ : إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ، والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لَخَلوفِ فمِ الصائمِ أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المسكِ، للصائمِ فَرْحتانِ يفرَحْهُما إذا أَفطرَ فَرِحَ، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومِهِ" .).- (يقول اللهُ عزَّ وجلَّ : الصومُ لي وأنا أَجزي به ، يدَعُ شهوتَه وأكلَه وشُربَه من أجلي ، والصومُ جُنَّةٌ ، وللصائم فرحتانِ : فرحةٌ حين يفطِرُ ، وفرحةٌ حين يَلْقَى ربَّه ، ولخُلوفُ فَمِ الصائمِ أطيبُ عند اللهِ من رِيحِ المسكِ).- (يا رسولَ اللهِ أخبِرْني بعملٍ يُدخِلُني الجنةَ ويُباعدُني من النارِ ، قال لقد سألتَ عن عظيمٍ ، وإنه ليسيرٌ على مَن يسَّره اللهُ عليه ، تعبدُ اللهَ ولا تشركُ به شيئًا ، وتقيمُ الصلاةَ ، وتؤتِي الزكاةَ ، وتصومُ رمضانَ ، وتحجُّ البيتَ ثم قال ألا أدلُّك على أبوابِ الخيرِ قلت بلى يا رسولَ اللهِ ، قال الصومُ جُنَّةٌ ، والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفِئُ الماءُ النارَ ، وصلاةُ الرجلِ في جوفِ الليلِ ثم قال ألا أُخبرُك برأسِ الأمرِ وعمودُه وذروةُ سَنامِه ، رأسُ الأمرِ الإسلامُ ، وعمودُه الصلاةُ ، وذروةُ سَنامِه الجهادُ في سبيلِ اللهِ ثم قال ألا أُخبرُك بمِلاكِ ذلك كلِّه قلت بلى يا رسولَ اللهِ ، قال كُفَّ عليك هذا وأشار إلى لسانِه ، قلت يا نبيَّ اللهِ وإنا لمؤاخذونَ بما نتكلمُ به ؟ فقال ثكِلَتك أمُّك يا معاذُ ، وهل يكبُّ الناسَ في النارِ على وجوهِهم إلا حصائدُ ألسنتِهم.).- (يا كَعبَ بنَ عُجرةَ أعاذَكَ اللَّهُ من إِمارةِ السُّفَهاءِ قالَ وما إِمارةُ السُّفَهاءِ ؟ قالَ أمراءُ يَكونونَ بعدي يَهْدونَ بغيرِ هُداي ويستنُّونَ بغيرِ سُنَّتي فمَن دخلَ عليهم فصدَّقَهُم بِكَذبِهم وأعانَهُم على ظُلمِهِم فأولئِكَ لَيسوا منِّي ولَستُ منهُم ولا يرِدونَ عليَّ حَوضي ومن لَم يصدِّقهم بِكَذبِهِم ولم يُعِنهم على ظلمِهِم فأولئِكَ منِّي وأَنا مِنهم وسيَرِدونَ عليَّ الحوضَ يا كَعبُ بنَ عُجرةَ الصَّومُ جُنَّةٌ والصَّدقةُ تُطفئُ الخَطيئةَ والصَّلاةُ بُرهانٌ يا كَعبُ بنَ عُجرةَ النَّاسُ غادِيانِ فمُبتاعٌ نفسَهُ فمعتِقُها وبائعٌ نَفسَهُ فموبقُها.).- (من لمْ يَدَعْ قولَ الزورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للهِ حاجَةٌ في أنِ يَدَعَ طعَامَهُ وشرَابَهُ.).- (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ.).- ( كنتُ مع عبدِ اللهِ ، فلَقِيَه عثمانُ بمنًى ، فقال : يا أبا عبدِ الرحمنِ ، إن لي إليك حاجةً ، فخَلَوَا ، فقال عثمانُ : هل لك يا أبا عبدِ الرحمنِ في أن نُزَوِّجَك بكرًا، تُذَكِّرُك ما كنتَ تَعْهَدُ ؟ فلما رأى عبدُ اللهِ أن ليس له حاجةٌ إلى هذا أشارَ إليَّ ، فقال : يا علقمةُ ، فانتَهَيْتُ إليه، وهو يقولُ : أما لَئِنْ قلتِ ذلك، لقد قال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ .).- (كم من صائمٍ ليس له من صيامهِ إلَّا الظمأُ وكم من قائمٍ ليس له من قيامهِ إلَّا السهرُ).
    وعلى ذكر غزوة بدر المظفرة
    - فيما سبق - التي كانت حدّا فاصلا بين الإسلام والشرك نرى من المفيد التذكير بأن وقائعها جرت في أواسط شهر رمضان من العام الثاني للهجرةوكانت انتصارا للإسلام على مشركي قريش، وأعز الله بها المسلمين الذين خاضوا غمار الحرب وهم صيام وبطونهم وأمعاؤهم فارغة. لم تخر عزيمتهم ولا قواهم بالصيام بل على عكس من ذلك كانوا الفئة القليلة التي غلبت الفئة الكبيرة عددا وعدة،ولم يكن عدد المسلمين المجاهدين فيها بأسحلة بيضاء يتجاوز 313 أو 314 من المشاة بينما كان عدد المشركين يناهز الألف منهم 100 فارس و 700 من راكبي الجمال.فهل كان السرّ في انتصار المسلمين هو تقوية مقدرتهم البدنية بالصوم أم كان النصر ثمرة إيمانهم؟ حقّا لقد كان الفضل في انتصارهم يعود إلى إيمانهم في الدرجة الأولى مع أثره الحميد على مقدرتهم البدنية... بل نجزم ونقرر هنا أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى وأن الإيمان له تأثير عجيب على البدن المقوى روحيا وماديا بالصيام... ومن هنا يتجلى أن صوم المسلم لا يشمل الجانب البدني وحده بل إنه ليشمل الجانب الروحي والخَلْقي أيضا، لأن الإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه كل لا يتجزأ أو بعبارة أخرى عن أنه كيان روحي بدني. وهذا ما نحاول إبرازه والاستدلال عليه من الوجهة الطبية على الأخص في كل فصول هذا الكتاب.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    ب) الصوم التجريبي والصحياتيّ:الصوم كما يدرسه البحاثون في الميدان التجريبي يمكن تعريفه بأنه الإمساك الإرادي الكليّ عن كل غذاء سوى الماء الذي يمكن شرب بضع جرعات منه من حين لآخر حسب الحاجة. ويمكن لهذا الصوم أن يدوم عدة أيام متتابعة.والصوم الصحياتيّ (المسمى أيضا الطبابي) هو الإمساك عن الطعام بقصد تنمية الصحة أو استرجاعها وينبغي تمييزه عن الخواء أو التجويع. فحسب تعريف الدكتور هزارد: "الخواء ينجم عن الحرمان من الغذاء إمّا بعارض أو بقصد والحالة أن الجسم يتطلب الغذاء. والصوم هو الإمساك الإرادي عن الغذاء الذي يلتزمه جسم مريض راغب عن الطعام حتى يستريح ويُيَتْسَم (يستأصل ما فيه من سموم) ويكون مستعدّا لعمل الهضم. " (انظر كتابالصوم - شلتون).
    .1. رخص الإفطار في الصيام:الصوم واجب على كل فرد مسلم صحيح الجسم والعقل منذ إدراكه سن البلوغ.من ظروف الحياة التي تعفي من الصوم نذكر علاوة على حداثة السن: السفر والمرض والحمل والرضاع والحيض والنفاس والهرم وإرهاق الجوع والعطش والإكراه على الأكل.ولكل حالة من هذه الحالات تبرير طبيّ يشهد بحكمة الإسلام ورشد أحكامه وتعاليمه وبيان ذلك فيما يلي:
    1) قبل البلوغ: يكون الأطفال في طور النمو، وفي هذه السن تكون حاجة الجسم إلى الطعام شديدة. فالصوم في هذه السن غير منصوح به ولو كان جسم الطفل قادرا على تحمله.
    .
    2) الحمل والرضاع: في هاتين الحالتين، تشتد حاجة جسم الأم إلى الطعام، ثم من جهة أخرى من المعلوم أن الصوم يقلّل ويوقف إفراز اللبن الذي قلما يعود إلى الدّرّ بعد استئناف الأكل. (بعد 3 أو 4 أيام من الصوم انظر كتابالصوم - شلتون).
    3) الحيض والنفاس: في هاتين الحالتين يكون الجسم موهنا في حاجة إلى الراحة وإلى تغذية قويمة تساعده على استرجاع صحته العادية.
    4) الصوم في الشيخوخة: الهرم يضعف الجسم وينقص من وسائل دفاعه، ولذلك لا ينصح للشيوخ بالصوم إلا تحت مراقبة الطبيب.شلتون أشرف على صيام رجال ونساء تختلف أعمارهم ما بين الخامسة والستين والخامسة والثمانين. كثير منهم صاموا من ثلاثين إلى أكثر من أربعين يوما. ويعتقد هذا الطبيب أن الأشخاص المسنين يتحملون الصوم أحسن مما يتحمله غيرهم وتبدو عليهم آثاره الشبابية أكثر مما تبدو على غيرهم.وحكى ديوي عن حالات شيوخ صاموا تحت إشرافه وكان لصومهم نتائج إيجابية. وقال كاربختون أنه شاهد عدة حالات مماثلة. لكنهما متفقان على أن الصوم لا يمكن أن يوصى به للأشخاص المتجاوزين سن الـــ 65 إلا بحيطة كبيرة. (انظر كتاب الصوم- شلتون). ونلفت النظر إلى أن دين الإسلام لا يمنع الشيوخ من ممارسة الصوم لكنه يعفيهم منه إذا كان فوق طاقتهم.
    5) حالة المرض: في مختصر خليل - باب أحكام الصيام نقرأ جواز الإفطار للمرض عند الشيخ خليل على حد قوله : ... وبمرض خاف: زيادته أو تماديه وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى: كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرُهُ خافتا على ولديهما. اهـ
    وفي باب الصوم من كتاب شرح مختصر خليل للخرشي(ج 2 ص 261) يقدم محمد بن عبد الله الخرشي شرحا لقول الشيخ خليل على هذا النحو: (ص) وَبِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَمَادِيهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِسَفَرِ قَصْرٍ، وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: وَجَازَ الْفِطْرُ بِسَبَبِ مَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ وَمِنْهُ حُدُوثُ عِلَّةٍ، أَوْ تَمَادِيهِ بِالصَّوْمِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ بِأَنْ تَحْدُثَ لَهُ عِلَّةٌ أُخْرَى فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ أَنْ يَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:. (ص) وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى (ش) أَيْ: مَشَقَّةً عَظِيمَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فَمُجَرَّدُ الْخَوْفِ كَافٍ فِي وُجُوبِ الْفِطْرِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَهُوَ الْهَلَاكُ، أَوْ شَدِيدُ الْأَذَى. (ص) كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ، أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْحَامِلَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَافَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، أَوْ مَرَضٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ حَيْثُ خَشِيَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ وَإِنْ خَشِيَتْ عَلَيْهِ مَرَضًا، أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا، أَوْ يَقْبَلُ وَلَكِنْ لَا تَجِدُ مَنْ تَسْتَأْجِرُهُ، أَوْ تَجِدُ وَلَكِنْ لَا مَالَ هُنَاكَ وَلَا تَجِدُ مَنْ يُرْضِعُهُ مَجَّانًا وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَنَّ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَبِمَرَضٍ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمْكِنْهَا صِفَةٌ لِمُرْضِعٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ رَضَاعُهَا بِنَفْسِهَا، أَوْ مَجَّانًا أَيْ: لَا يُمْكِنُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] أَيْ: لَا تُطِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: خَافَتَا إلَخْ صِفَةٌ لَهُمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ لِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ. وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ مَالُ الْأَبِ، أَوْ مَالُهَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: سَابِقًا لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهَا الصَّوْمُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفَقَتِهِ حَيْثُ سَقَطَ رَضَاعُهُ عَنْ أُمِّهِ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا لَوْلَا الصَّوْمُ ثُمَّ إنْ عَدِمَ مَالَهُ وَوَجَدَ مَالَ الْأَبَوَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ فِي مَالِ الْأَبِ: قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ التُّونُسِيُّ، أَوْ مَالِهَا حَيْثُ يَجِبُ رَضَاعُهُ عَلَيْهَا وَهَذَا بَدَلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ تَأْوِيلَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ النَّقْلِ هُنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْن ِ حَيْثُ يَجِبُ الرَّضَاعُ عَلَى الْأُمِّ وَإِلَّا فَيَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ فِي مَالِ الْأَبِ . (ص) وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ الْمُسْتَتِرِ لِطُولِ الْفَصْلِ وَمَصَبُّ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: بِالْعَدَدِ أَيْ: وَوَجَبَ الْفِطْرُ إنْ خَافَ هَلَاكًا إلَخْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ بِالْعَدَدِ سَوَاءٌ صَامَ بِالْهِلَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ إنْ صَامَ بِالْعَدَدِ وَإِنْ صَامَ. اهـوفيحاشية أبي الحسن علي بن أحمد العدوي: (قَوْلُهُ: خَافَ زِيَادَتَهُ) إمَّا بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَارِفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ، أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ بِتَجْرِبَةٍ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ كَمَا تَقَدَّمَ.وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا خَافَ بِصَوْمِهِ الْهَلَاكَ، أَوْ شِدَّةَ الْأَذَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَالْجَهْدُ يُبِيحُ الْفِطْرَ وَلَوْ لِلصَّحِيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الخطابوَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لَكِنَّ مُقْتَضَى مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُبِيحُ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ (ثُمَّ أَقُولُ) : وَلَمْ أَرَ فِيمَا بِيَدَيَّ مِنْ الْمَوَادِّ مَا الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هَلْ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ، أَوْ الظَّنَّ فَمَا فَوْقَهُ؟ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: زِيَادَةَ نَوْعِهِ) أَيَّ صِنْفٍ مِنْ نَوْعِهِ وَأَقُولُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، بَلْ يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَشْمَلَ اشْتِدَادَ ذَلِكَ الضَّعْفِ، أَوْ حُدُوثَ صِنْفٍ آخَرَ مِنْ نَوْعِهِ.(تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِمَرَضٍ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَالْآخَرُ يَجُوزُ اهـ.(أَقُولُ) : حَيْثُ كَانَ يَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حُدُوثَ عِلَّةٍ) كَزَمَانَةٍ فَهِيَ غَيْرُ الْمَرَضِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ مَرِيضَةٌ بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْن ِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ قَدْ قَالَ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْإِجَارَةَ فَيَبْدَأُ بِمَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَالُ الْأُمِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَالَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ، الَّذِي هُوَأَنَّ زَوْجَهَا يَحْتَاجُ لَهَا لَا إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ الْحَاجَةِ فَلَا بَأْسَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إنْ جَهِلَتْ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ا. هـ.وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.اهـ وفيباب الصيام من كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (ج2 ص 150) نقرأ: (وَ) جَازَ الْفِطْرُ (بِمَرَضٍ خَافَ) أَيْ: تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ الصَّائِمُ لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةٍ فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالطِّبِّ (زِيَادَتَهُ) أَيْ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ (أَوْ تَمَادِيهِ) أَيْ: الْمَرَضِ بِتَأْخِيرِ الْبُرْءِ مِنْهُ أَوْ حَصَلَ لِلْمَرِيضِ شِدَّةٌ وَتَعَبٌ بِالصَّوْمِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا تَمَادٍ، وَمَفْهُومُ بِمَرَضِ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ بِصَوْمِهِ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَقِيلَ يُبِيحُهُ. (وَوَجَبَ) الْفِطْرُ عَلَى الصَّائِمِ مَرِيضًا كَانَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ صَحِيحًا (إنْ خَافَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ بِمَا تَقَدَّمَ (هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى) بِتَلَفِ مَنْفَعَةٍ كَبَصَرٍ بِصَوْمِهِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ وَالْمَنَافِعِ وَاجِبٌ، وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ بِمَرَضٍ إلَخْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ يَخَافَهُ إلَخْ وَالْجَوَازُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ. الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا خَافَ مَا دُونَ الْمَوْتِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِبَاحَةُ نَقَلَهُ الْحَطّ، فَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ مَنْعِ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الْجَهْدُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزُولُ بِالْفِطْرِ فَيُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ فَقَطْ وَقِيلَ وَلِلصَّحِيحِ أَيْضًا.اهـ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    6. آثار الصوم الطبية:الصوم كفيل بإعانة الجسم على تحسين حالته الصحية حسبما ورد به الحديث: "صوموا تصحّوا". وهذا صحيح بالنسبة للجسم السليم كما هو صحيح بالنسبة للجسم المريض.وفي هذا المعنى كان يقول أوبطون سنكلير: "أعظم شيء في الصيام أنه يعطينا مستوى جديدا للصحة" (حسب شلتون).وهو تجديد للشيوخ والشباب على حد سواء فجسمهم يصلح ووظائفه تتحسن، كما لاحظه شلتون.ويسعدنا أن نلاحظ أن الأبحاث والتجارب والتحاليل التي أجراها بطريقة علمية شديدة التحرّي أطباء جدّ أكفاء قد وضعت حدّا للجدال الذي طالما غذّته تصريحات أنصار الصيام وخصومه الذين كانوا يعتسفونها اعتسافا.وسنعرض فيما يلي إزاء مختلف العقائد المناهضة للصيام النتائج المبرهن عليها علميّا، وسنلاحظ أنها تؤكد الحديث السابق الذكر الذي أصبح موضوعا على بساط علميّ.
    أ) عمل الصوم في الجسم: جل الأنسجة الرخوة في الجسم ينقص وزنها مدة الصيام لكن بمقادير يسيرة متفاوتة.بدلا من استنزاف محتتن للموارد الجسمية تتغذى الأعضاء المهمة من الوجهة الأحيائية على حساب الأعضاء الأقل أهمية فيزول الشحم قبل كل شيء ثم الأنسجة في ترتيب حسب قلة منفعتها. وتستمد الأنسجة الضرورية غذاءها من الأنسجة التي هي دونها وذلك عن طريق الانحلال الذاتيّ الخميري. (حسب شلتون).
    وهكذا يعيش الجسم على مدخراته. فكل الأعضاء
    تضحي بعادتها الخاصة لتحافظ على تكامل الوسط الداخلي والقلب. و كذلك (حسب شلتون).
    والصوم يتيح للأعضاء راحة فزلجية. "الصوم لأعضاء الجسم هو بمثابة ليلة من الراحة التامّة لعامل متعب" حسبما لاحظه شلتون.ينقص الأيضمن ¼ إلى 2/5 مدة الصيام.فماهي إذن التغييرات الملاحظة خلال الصوم في مختلف الأنسجة والأعضاء؟

    1) تغيرات الدم: سجّل الملاحظون في المختبر زيادة الكريات الحمراء ونقصان الكريات البيضاء عند الصائمين المتمتعين بصحة جيدة وقد يصلح الصوم حتى حالات من الأنمة.فالدكتور وين. هـ. هاي يحكي عن 101 حالة من الأنمة الخبيثة المتزايدة عولجت خلال 21 سنة بالصوم وبحمية مضبوطة وبريّ القولون (حسب شلتون). وفي محاضرة ألقاها الدكتور طيلدين بشيكاغو منذ سنين عديدة أكد أن "المصابين بالأنمة الخبيثة إذا منعوا من الطعام تتضاعف كرياتهم الحمراء في ظرف أسبوع" (حسب شلتون).
    هل يتسبب الصوم في الحماض؟
    فعند الدكتور "ويجر" ينبغي أن يعزى ظهور بعض الأعراض في بداية الصوم أحيانا إلى الحماض. وهذه الأعراض هي العياء، والصداع وآلام الرجلين أو الظهر والهيوجيّة واحمرار الغشاء المخاطي الفمي واحمرار اللسان والإغفاءة في بعض الأحيان ونكهة فاكهية في الفم. ولكنه يعتبرها فزلجية ويقول بهذا الصدد: "الصوم ليس ولا يمكن أن يكون سببا للحماض، لأن متلازمة الحماض كثيرا ما توجد عند الأفراد البدناء". (حسب شلتون).
    ولاحظ الدكتور شلتون من جهة أخرى أن هذه الأمراض المفترض أن تكون أمراض الحماض توجد في حالات لم يكن فيها أي تبدّد سريع للأنسجة وفي حالات كان النشاط البدني كافيا لبقاء الأكسدة عادية وكان فيها الاطّراح عاديا أو فوق العادي. ويعتقد أن هذه الأمراض قد تكون من أزمة فزلجية تنم عن حالة انتقالية للجسم تدور فيها السموم والفضلات مع الدورة الدموية وتؤيّض. وأخيرا أكد بأنه لاحظ مرارا أن هذه الأمراض كلما كانت خطيرة كلما استفاد من الصوم المريض وذلك بسرعة كبيرة.
    ولاحظ الدكتور هانج من جهته: "أن الصوم الطبابي لا ينشئ الحموضة أبدا بل على العكس إنه ليزيل هذه الحموضة في حالة وجودها. ويمكن للخواء الممتد أن يعمل نفس العمل الذي يعمله الصوم طبعا ولكن من ذا الذي أوصى يوما بالخواء؟ (حسب شلتون)".

    2) الجلد: عند شلتون نسجة الجلد الرقيقة ولونه الوردي اللذان يبدوان مدة الصوم هما مظهر لتفتّيه (لاستعادته الفتوة). وما اختفاء الوكتات (البقع) والعيوب المقترن بزوال أرقّ تجعّدات الجلد إلا دليل قوي على المزايا التي يكتسبها الجلد منالصيام. وهذا التحسن الذي يطرأ على الجلد ينمّ عن التحسن الذي يحدث داخل الجسم بصفة عامة.

    3) الرئتان:التنفس إحدى الوظائف العمومية الأساسية التي يقول عنها مارجيليس أنها تتحسن بالصوم. (حسب شلتون). ويلاحظ شلتون: "كون الرئتين تنتفعان أكبر نفع من الصوم هذا شيء قام عليه الدليل بشفائهما منمرض مثل مرض السل خلال فترة الإمساك".كما يلاحظ التحسن المرموق مدة الصوم في تنفس المصابين بالربو.وأثناء الصوم يقل اطّراح co2 الذي يخرجه الصائم قلة ناجمة عن نقصان النشاط وانخفاض الأيضلا عن نقصان مقدرة الرئتين على وظيفة التنفس.

    4) القلب: الدكتور إيالس: "بدلا من أن يضعف القلب مدة الصوم فإنه يتقوّى من ساعة إلى أخرى بسبب نقصان العمل المكلف به. وعند وجود ضغط دموي مرتفع فإن هذا الضغط ينخفض بكيفية لا تتخلف مما يزيل عن القلب عبئا ثقيلا" (نقلا عن شلتون). أجل، إن وتيرة قلب الصائم تنقص فتصير 60 نبضة في الدقيقة يعني أن القلب ينقص 25% من عمله فتتحسن بذلك حَظْرَيَتُه (قوة حيويته).ويؤكد كذلك كارنجتون: "كون القلب يتقوّى ويصير شديد المراس بالصوم هذا صحيح لا ريب فيه ولا يمكن أن يتطرّق إليه الشك...وأنا أزعم أن الصوم هو أقوى من كل مقويات القلب الضعيف بما أنّه هو علاجه الفزجليّ القويم الوحيد" (نقلا عن شلتون). ويصف شلتون من جهته حالات تم فيها بالصوم الشفاء من إصابات قلبية متنوعة منها إصابات وظيفية وأخرى عضوية: "وقد تمت على يدي شفاءات تامة ودائمة مما كان يعتبر إصابات قلبية عضوية لا شفاء لها. والشفاء أثناء الصوم من انحراف خطير لحالة القلب يدلّ على أن الراحة المتاحة للقلب بالصوم تساعد على تجدده وعلى تجدد سائر الجسم: فالصوم يجعل الجسم قادرا على أن يصلح نفسه بنفسه".وحسب هذا البحاثة يرجع الفضل في هذه النتائج إلى الوقائع الثلاث التالية:1- الصوم يعفي القلب عن التنبّه المستمر.2- يزيل عن القلب عبئا ثقيلا ويساعده على الاستراحة.3- يصفّى الدم فيتغذى القلب بأغذية أفضل مما يتغذى به في حالة الإفطار.

    5) ا لمعدة: يرى شلتون: "أن المعدة بعدما تتجدّد بالراحة تستأنف تلقائيا أداء وظائفها بكيفية عادية. وأن المعدة الضعيفة العسيرة الهضم تعود بعد الصوم تشتغل اشتغالا عاديا وهذا يكفي دليلا على ما لراحة المعدة من نتائج مقوية.كثيرا ما يقال إن الصوم يعمل على إضعاف المعدة حتى أنها لا تعود تقوى على هضم الطعام. ونرد على هذا القول بأن جل المعدات قد أضعفها الإرهاق من كثرة ما اعتدنا الإسراف في الأكل حتى أن الراحة المتاحة لها بالصوم هي بالذات ما تحتاج إليه المعدة أشد الاحتياج.الصوم يجلب الراحة إلى المعدة ويتيح لها نيل العافية. فالحساسيات المرضية ترتد مغلوبة، والهضم يتحسن، والمعدة المتمددة المتمططة الرازحة تتقلّص وتأخذ في العودة إلى حجمها العادي والقرحات تبرأ، والالتهاب يهدأ، والإفراز المفرط يطرح، والشهية تبدأ في الرجوع إلى الحالة العادية."

    6) الجهاز العصبي: المخ والنخاع الشوكي والأعصاب تحتفظ بقدرتها وبقوتها على مراقبة وظائف الجسم مدة الصوم مهما امتدّ مثلما تكون تتغذى تغذيتها العادية بل وأفضل.ولا يكاد يحدث أي تغيير في بنية المخ ولا في بنية النخاع الشوكي حتى في حالة الخواء. ويحدث بالعكس تحسن في كثير من حالات الشلل والاعتصاب (التهاب العصب) والألم العصبيّ والصرع. وفيما يخص هذه الحالات الأخيرة يلاحظ الدكتور راباكلياتي أن خير علاج هو "التزام حمية بعناية شديدة...فأوصيت منذ سنين عديدة الاقتصار في التغذية على وجبتين في اليوم وأحيانا على وجبة واحدة وفي حالات الصرع الحادّة أوصيت بتشديد أكثر ألا وهو شرب نصف لتر إلى ثلاثة أرباع لتر من اللبن يوميا. في مدة طويلة من الزمن...فالصوم يبدو جد ناجع في علاج الصرع" (نقلا عن شلتون).

    7) الكبد: يتفاعل مع الصيام بفقد قسط كبير من الماء ومن المَسْكَرَة (الغليكوجين) ولا سيما في بدايته.

    8) الطحال: أكثر ما يفقده الطحال أثناء الصيام هو الماء.

    9) العضلات: يرجع نقصان حجم العضلات إلى فقدها من الشحم ولا يبدو أنها تنقص شيئا من عدد أليافها وهذه الألياف تبقى سليمة كل السلامة ولا ينقص منها إلا حجمها. (حسب شلتون).

    10) العظام: يقول شلتون: "لا يوجد أي دليل على أن العظام تتضرر من الصوم. فالواقع أنه يمكنها أن تواصل نموّها خلال الصوم".

    11) الأسنان: على عكس ما يعتقده البعض، الصيام لا يتلف الأسنان. فجوكسون يلاحظ: "أن الأسنان على غرار الهيكل العظمي تبدو شديدة المقاومة للخواء. فلا صحة لما يقال إن الصيام يودي بالأسنان". (نقلا عن شلتون). ويشهد شلتون من جهته: "أن كل الآثار التي لاحظتها للصوم على الأسنان هي التحسنات فحسب. فلقد رأيت أسنانا كانت متخلخلة في أسناخها تثبت راسخة أثناء الصيام. بيد أني لم أشاهد قط في أي وقت آثارا مضرة بالأسنان لا أثناء الصوم ولا بعده مهما كان عمر الصائم ومهما كانت مدة صومه".

    12) التغييرات الكيميائية: الجسم الذي يصوم لا يفقد عناصره المعدنية بالسرعة التي يفقد بها عناصره العضوية (الشحوم، والمويهات [الهيدرات] والكربون والبروتينات)، فهو يحتفظ بالأولى في حين يطرح الزائد من العناصر المحمّضة. فكلما كانت مادة كبيرة القيمة كلما كان نقصانها أقل. (نقلا عن شلتون).

    13) أثر الصيام في الحواس: يلاحظ الأستاذ مرجيليس أن "حدّة الحواس تزداد بالصوم وأن لوفانزا عند نهاية إمساكه عن الطعام واحدا وثلاثين يوما صار باستطاعته أن يرى ضعفي ما كان يستطيع أن يراه في بداية الصوم". ويذكر شلتون حالة شفيت فيها عين من العمى أثناء الصيام شفاء تامّا. وحسب شلتون، بعد الصوم تكون حاسة اللمس مرهفة وحاسة الذوق حادّة وتتحسن حاسة السمع تحسنا أكبر من تحسن الحاستين الأوليين. ويحكي شلتون حالات تحسنت فيها بالصوم إصابات بالصمم وبالوقر. وقال بهذا الصدد: "كان لي مريض أصم من أذن واحدة صمما كاملا منذ 25 سنة واستعاد سمعه بعد صومه ثلاثين يوما فصار قادرا على أن يسمع دقات ساعته بالأذن التي كانت صماء".وبعد الصوم تكون حاسة الشم مرهفة بكيفية لا تختلف.وبالتالي فما أكثر منافع الصوم للإنسان الذي أضعفت حواسه حياة الحضارة والأمراض والتنكّس.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    ب)أثر الصوم على العقل:من مزايا الصوم تقويته الإرادة. فقد نشر الأستاذ الألماني جيهاردت كتابا خاصا بتقوية الإرادة بالصوم. وأقام نظريته على فكرة أن الصوم هو أنجع وسيلة لتمكين العقل من التحكم في الجسم. ويؤكد شلتون: "جميع مقدرات الإنسان العقلية تتحسن بالصوم. فتقوى مقدرته على التفكير وتتحسن ذاكرته ويشتد انتباهه وارتباط أفكاره وتزداد قواه الروحية فيزكو حدسه ومودته ومحبته الخ...وتجري عملية تجديد حقيقية على كل سجاياه الفكرية والعاطفيّة. ولا تكون نشاطاته الفكرية والجمالية متصلة ومسترسلة بكيفية وثيقة مثلما تكون مدة الصيام".ويلاحظ من جهة أخرى "أن هذا يمكن أن يظهر في بداية الصوم عند المسرفين في الأكل وفي شرب القهوة والشاي والتبغ والغول وفي تناول المنبهات وكل مسمم. فهؤلاء المسرفون عندما تمنع عنهم هذه المثيرات يعانون فترة من "الانهيار" ويحسون بالصداع وباضطرابات شتى. وبعد أيام قلائل، عندما يتاح للجسم الوقت الكافي لينظم نفسه تنظيما جديدا وليتحكم في "الانهيار" فإن العقل يصحو والحواس تزداد حدة".ويلاحظ لوفانزان من جانبه: "ولئن كانت القوة البدنية لم تفقد مدة الصوم فإن المقدرة الفكرية وصحوة العقل تزدادان بكيفية خارقة للعادة. وتقوى الذاكرة بكيفية عجيبة ويبلغ الإدراك أوجه" (نقلا عن شلتون). وقد دلت التجارب المجراة على بعض الطلبة أن الصيامات القصيرة المدة تقوّي الملكات العقلية تقوية عظيمة.ويحكي شلتون الوقائع التالية: "منذ بضع سنين عاشت جماعة من شباب جامعة شيكاغو مدة أسبوع بدون أكل. وفي هذه المدة تتبعوا دروسهم وواصلوا نشاطهم المعتاد في الألعاب الرياضية كما اعتادوا أن يمارسوه. وكان نشاطهم العقلي كبيرا في هذه المدة حتى أن تقدمهم في دراستهم نوه به على أنه تقدم مرموق. وأعيدت هذه التجربة مرارا فأعطت نفس النتيجة مما دلّ على أن ذلك التقدم لم يكن أمرا استثنائيا." ونحن نسوق هذا المثل إلى بعض الطلبة في بلادنا الذين يتعللون بالامتحانات وبالإعداد إلى الامتحانات لئلا يصوموا شهر رمضان إذا وافق مجيئه إبّان الامتحانات. ولو جرّبوا الصيام لكانت نتائج امتحاناتهم أحسن.ويعتقد شلتون أن الصوم يقوي المقدرات الفكرية بإزالته السموم التي تصل إلى الدماغ، وبإراحته جميع الوظائف الحيوية مانحا الذهن قوات أقدر على التفكير. وقد خصص فصلا كاملا لبيان عمل الصوم على تحسين العقل مستخلصا الخلاصة التالية: "لم تظهر منفعة الراحة الفزلجية في صحوة العقل بأوضح مما ظهرت في صوم المجانين".

    ت) الصوم والغريزة الجنسية: في الأثر عن عبد الله بن مسعود قال: "كنتُ مع عبدِ اللهِ ، فلَقِيَه عثمانُ بمنًى ، فقال : يا أبا عبدِ الرحمنِ ، إن لي إليك حاجةً ، فخَلَوَا ، فقال عثمانُ : هل لك يا أبا عبدِ الرحمنِ في أن نُزَوِّجَك بكرًا، تُذَكِّرُك ما كنتَ تَعْهَدُ ؟ فلما رأى عبدُ اللهِ أن ليس له حاجةٌ إلى هذا أشارَ إليَّ ، فقال : يا علقمةُ ، فانتَهَيْتُ إليه، وهو يقولُ : أما لَئِنْ قلت ذلك، لقد قال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ .".هذا النداء موجه من أحكم الحكماء ألا وهو النبي صلى الله عليه وسلم يوصي فيه الشباب بالصوم إذا تعذر الزواج لضبط شهواتهم والتحكم في غرائزهم الجنسية.ويؤكد شلتون – من حيث لا يشعر- كلام الرسول عليه الصلاة والسلام فيكتب بهذا الصدد: "فيأيامنا حيث الحجج الكاذبة المعزوة إلى علم النفس وإلى التحليل النفسي تتردد على أفواه كل الناس وحيث زعماء جنس الإناث يصرحون بأن العفة والطهارة الخلقية ليستا معمولا بهما ولا مرغوبا فيهما ويلحّون على أنهما ستكونان ضارّتين إذا ما جرى العمل بهما نقول في أيامنا هذه ينظر باستهجان إلى مناهج مراقبة الذات وضبط النفس في المسائل الجنسية...إن الصيام ليقوي مقدرة الشخص على ضبط رغباته والتحكم في شهواته وهذا هو السر في كون كبار الرهبان وغيرهم خلال تاريخ الديانات منذ أقدم العصور كانوا يلجأون إلى "الصيام".ثم هو يستشهد بكلام تولستوي الذي يشير إلى الصلة الوثيقة الموجودة بين الكسل والنهم وانعدام العفة ويوصي باتخاذ الصوم وسيلة لضبط الشهوات الجنسية الجامحة.والرأي القائل بأن الصوم يتسبب في ضمور المنسلين (الغدتين التناسليتين) خاطئ. فقد حكى أرثر كلوز في الجريدة الأمريكية لعلم النفس أنه لاحظ اشتدادا قويا للاندفاع الجنسي بعد خمسة عشر يوما من الصوم ولو أن هذا الاندفاع لم يكن موجودا خلال الصوم (حسب شلتون).ويأتي شلتون بإيضاح دقيق بهذا الشأن قائلا: "إن الصوم يضعف أو يقضي موقتا على الرغبة في الجماع وعلى القدرة عليه عند الرجل وعند المرأة ولكن القدرة على الوصال الجنسي تنبعث من جديد بقوة شديدة ومجدّدة مع استئناف الغذاء وأحيانا حتى مع عودة الجوع".ويستشهد بحالة مريض له كان عنّينا منذ سنين ثم استعاد رجولته فورا بعد واحد وثلاثين يوما من الصوم. ويستشهد بحالة من العنانة طالت سنين عديدة فعولجت بصوم قصير. ويقول: إن خوف النساء من العقم الدائم من جرّاء الصوم الذي ألقته في روعهن بعض الأعمال المختبرية لا أساس له. والدليل على ذلك أننا كثيرا ما نرى نساء كن عقيمات من قبل يحملن على أثر صومهن حتى بعد صوم طويل. فإحدى مريضاتي كانت عاجزة عن الحمل طوال عدة سنين حملت بعد مرور زمن قصير على صومها أربعين يوما. وكان مولودها عاديا من كل وجه ولم يكن به أي شذوذ من تلك الشذوذات التي يقع تحذيرنا منها".وبعد ذلك أورد حالات أخرى لنساء عقيمات استطعن أن يحملن بعد فترة من الصوم.

    ث) الصوم وطول العمر: تحدث أليكسيس كاريل عن تجارب أجراها على سلالات من الفئران فقال إن العمر يطول عندما يصوّم هؤلاء الحيوانات يومين في الأسبوع واستخلص من ذلك أن عمر الإنسان يمكنه أن يطول باستعمال مثل هذه الأساليب. وهذا يذكرنا بما يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه كثيرا ما كان يصوم يومي الاثنين والخميس.

    ج) الصوم والسمامة: حسب شلتون كان ديوي أول من نبّه على نفاسة قيمة الصوم في محاربة الغولية. فكتابه "الغولية المزمنة" المنشور لأول مرة في سنة 1899 خاصّ بهذه المسألة، ثم أعقبه كتّاب آخرون أشادوا بمزية الصوم في معالجة الغولية. فكتب كارنجتون في مؤلفه "الحيوية والصوم والتغذية": "الصوم هو من أسهل الطرائق لعلاج الغولية". ويلاحظ "ماك فادان": ليس من طريقة لإتاحة الفرصة لضحية هذا المرض (الغولية) كي تسترجع "ضبط نفسها على الأقلّ في بداية العلاج "خيرا من صوم تامّ". (حسب شلتون). استعمل الصوم ضد الغولية أول الأمر ثم ضدّ ضروب أخرى من السمامة (التبغية الخ...) (نفس المصدر).ويقول ماك فادان أيضا: "الصوم هو أنفس علاج لقهر الحالة المرضية التي ينشئها في الجسم التعاطي المنتظم لسمّ من السموم. فالصوم يتيح الفرصة للجسم كي يستعيد استقامته بكيفية عادية ويعجّل كذلك بطرح كل سم بقي في الجسم. وعلى أي حال فإن السّمّوم (مدمن السم) فاقد شهيّة الطعام لكن بالصوم يسترجع أنبوبه الهضمي حالته العادية في برهة من الزمن الذي كان يستلزمه هذا الاسترجاع بطريقة أخرى غير طريقة الصوم، ويصير ذهنه واضح الإدراك، زائد القوة ويصبح مالكا للقوة الخلقية والإرادة اللازمتين لمحاربة رذيلته" (حسب شلتون). وتحدث الدكتور جاكسون عن تجربته السريرية التي أجراها على زهاء مائة غولي مدمن فقال: "من كل العلاجات التي عولجوا بها باستثناء العلاج النفساني، لم يكن علاج ناجعا مثل الصوم المضاف إليه الاستحمام. ولم يخفق علاج الصوم إلا في حالتين اثنتين فقط من زهاء المائة حالة المذكورة. (حسب شلتون).

    ح) الاعتراضات على الصوم لا أساس لها:
    بصدد تكذيب الاعتراضات المزعومة على الصوم من لدن البعض، يورد شلتون المنافي التالية:
    - لا يتسبب الصوم في ضمور المعدة ولا في تلاصق جدرانها بالانكماش.
    - لا يعمل على أن تعمد العصارات الهضمية إلى التسلط على المعدة وإلى هضمها.
    - لا يشلّ الأمعاء
    - لا يفقر الدم
    - لا يحدث الأنمة ولا الحماض.
    - لا يضعف القلب ولا يحدث له وهطا.
    - لا يحدث الخزب الناشء عن سوء التغذية ولا السّلّ ولا يهيئ لنموه.
    - لا ينقص الصوم من مقاومة "المرض".
    - لا يتلف الإنسان ولا يؤذي الجهاز العصبي.
    - لا يضعف القوى الحيوية.
    - ولا يودي بأي عضو من الأعضاء الحيوية ولا بأي غدة من الغدد.
    - لا يحدث أي حالة نفسية شاذة.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    6. هل يشفي الصوم من المرض؟
    يعتقد شلتون أن الصوم يساعد الجسم على أن يشفي نفسه بنفسه من غير أن يزعم أنه يجلب الصحة. ويلخص شلتون نتائج أعمال عديدة في 11 نقطة تجزم كلها بدور الصوم في الشفاء استدلّ عليها بإسهاب في كتابه:
    1) الصوم يخوّل للأعضاء راحة كاملة: ليس هناك من مرض لا تنفع خلاله راحة الأعضاء الحيوية الجسم بكامله. والراحة تتيح لجميع الأعضاء الفرصة لإصلاح بنياتها المتضرّرة. والراحة تيسر للأعضاء التي آلت إلى العجز من كثرة التهييج أن تسترجع بنياتها وقواها.
    2) الصوم يوقف امتصاص الأغذية التي تنحلّ في الأمعاء ثم تسمم الجسم.
    3) الصوم يفرغ المسالك الهضمية ويخلصها من جراثيم التدعص ويساعد على الزيادة بقدر وافر في طرح السموم والنفايات لا المتأتية من الأجسام المائعة فحسب بل حتى الناجمة عن الأنسجة الجسدية.
    4) يتيح للأعضاء الطارحة الفرصة لتيويم عملها ويسهّل الطرح: ويتيح للجسم المكتظالفرصة لاستهلاك الزائد عن حاجته الغذائية. فتنتج عن ذلك زيادة في القوة وتحسن للوظيفة.
    5) يعيد الكيمياء الفزلجية والإفرازات إلى الحالة العادية.
    6) ييسر فرتكة وامتصاص النفايات (البراز) والانسكابات والرسابات والأنسجة المريضةوالنبوات العادية.
    7) يفتّي الخلايا ويجدّد الجسم: "التفتية التي تحصل أثناء الصوم لا يمكن من حيث نوعها ومقدارها أن تحصل بأي طريقة أخرى ولا بأي أسلوب آخر غير الصوم" (حسب شلتون).وقد برهن الدكتور كارلسون وكوند من مصلحة الفزلجة بجامعة شيكاغو أن صوم أسبوعين يعيد مؤقتا أنسجة رجل في الأربعين من عمره إلى نفس الحالة الفزلجية التي عليها أنسجة شاب في سن السابعة عشر. (حسب شلتون).وتجارب الأستاذ مورغوليس المستفيضة أقامت الدليل الذي لا يبقى معه أدنى ريب على أن الصوم يكسب الفتوة ويعيد الشباب. (حسب شلتون).
    8) يساعد على الاحتفاظ بالطاقة وعلى إعادتها إلى سالكها (قنواتها).
    9) يزيد في قوة الهضم وفي قوة التمثل.
    10) ينير العقل ويقوي الذهن.
    11) يحسّن عامّة اشتغال الجسم.وباختصار فإن الصوم بإتاحته لأعضاء الجسم أن تستريح وبإيقافه غارة السموم المتأتية من الانحلال داخل الأنبوب الهضمي يساعد الأعضاء على الصلاح وعلى استعادة ما فقدت من قوتها وعلى استهلاك الفائض الغذائي غير الملائم وعلى إبادة السموم الجارية مع الدم أو الراسبة، ويساعد على إعادة الكيمياء الدموية إلى حالتها العادية وعلى إعادة الفتوة والشباب إلى الخلايا والأنسجة وعلى امتصاص الرسابات والنتاحات والانسكابات والنبوات، ويحسن المقدرة على الهضم والتمثل.وعليه فإن الصوم وإن كان لا يداوي شيئا فهو نافع في جميع الحالات المرضية.ليس الصوم علاجا فهو لا يداوي أي "مرض". لكنه إذا ما روعي المراعاة اللائقة فإنه وسيلة وثيقة وسريعة وسليمة لتخليص الجسم من الزائد السّمّي بيد أن الشفاء هو سيرورة فزلجية لا تحدث إلا إذا تمّ طرح السموم وإلّا إذا استقام منوال المعيشة. فقد اتضح أن الصوم الذي تعبه تغذية قويمة يكون حميد المفعول إذ أنه ساعد آلافا من الأشخاص على أن يستعيدوا صحتهم وقواهم لكنه ليس بعلاج. (حسب شلتون).

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: الصيام وفوائده الصحية

    7. صيام بعض المسلمين من أهل عصرنا:
    تحدث شلتون عن كيفية الصوم عند بعض المسلمين في هذا العصر فقال ما نترجمه بالحرف: "الطريقة القديمة التي تتلخص في ممارسة الصوم حتى غروب الشمس ثم الانهماك في أكل مختلف ألوان الطعام هي طريقة المسلمين الذين يزعمون أنهم يصومون رمضان. ففي هذه الفترة لا يأكلون ولا يشربون خمرا ولا يدخنون سيجارة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لكن سجائرهم في متناول أيديهم وهم مستعدون لابتداء التدخين فور غروب الشمس ويقضون الليل في التهام كل ما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات ويعوّضون إمساكهم في النهار بإفراط في الليل، حتى أن مدنهم تذكّر بكرنافال ليليّ فالمطاعم منارة والشوارع زاخرة بالفاسقين التابعين الشهوات، والمتاجر مضاءة وباعة المشروبات والحلويات تجارتهم نافقة والأغنياء يسهرون طول الليل زائرين ومزورين. فإذا قضوا أربعين يوما
    في القصف وفي الولائم يحتفلون بنهاية شهر "الصيام" في عيد الفطر.أجل، إن ملاحظة شلتون صائبة بيد أنه ينبغي أن نذكّر بأن الصوم كما يمارسه بعض المسلمين في هذا العصر لا يستجيب في روحه إلى تعاليم الإسلام الذي لا يبيح أي إفراط ولا إسراف مهما كان حتى خارج الصيام (كما ذكرنا ذلك في فصل (الصحيات الغذائية)).

    الخلاصة
    :
    1) الصوم كما يفهمه الإسلام ليس مجرد إمساك بدني (عن الطعام والجماع) لكنه بمبادئه الخلقية والروحية يتخذ صبغة تربوية على مستوى الأفراد والجماعات لها قيمة مجتمعية كبيرة.
    2) علم الأحياء وعلم الطب يقيمان الدليل على صواب الصوم وعلى فضائله ومزاياه العديدة في تحسين الصحة وضبط النفس وكبح الشهوات على اختلاف أنواعها (ولا سيما الجنسية منها) معزّزين بأدلتهما السنة النبوية تعزيزا علميا.
    3) الدور الذي يمكن للصوم القيام به في تيسير الشفاء لبعض الحالات لا ينكر.
    4) إمكان استعمال الصوم لمحاربة السمامة في مختلف أشكالها.
    5) الصوم الذي يصومه البعض في عصرنا هو صوم مضاد لمبادئ الفزجلة مثلما هو مضاد لتعاليم الإسلام.

  8. #8

    افتراضي

    لك أختي الكريمة جزيل الشكر على هذا الجهد الطيب وهذه المعلومات القيمة بخصوص الإعجاز العلمي في الصيام والفوائد المترتبة عليه حيث أضحت البحوث العلمية في شتى الأصقاع تشهد بالتوصيات التي جاءت بها الشريعة الإسلامية التي تتصف بالربانية والعالمية والشمولية؛بحث أنها تشمل الفرد والجماعة،والدني ا والآخرة،والروح والجسد؛ولقد أرشدنا الرسول الكريم(صلى الله عليه وسلم) إلى ما يتم تعجيل الفطر به، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء رواه الترمذي وحسنه.و عن سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور رواه الترمذي أيضا.وقد بين العلم الحديث أن التمر سريع الهضم، يمتص سكره بسهولة. والأمر النبوي بالإفطار على التمر من الإعجاز العلمي فهو الأهم لتعويض الكبد مدخراته من الغيلكوجين بسرعة والتي يخسرها أثناء الصيام،ووراء التعجيل بالإفطار فوائد طبية وآثار صحية ونفسية هامة للصائمين، فالصائم في أمس الحاجة إلى ما يذهب شعور الظمأ والجوع، والتأخير في الإفطار يزيد انخفاض سكر الدم ويؤدي إلى الشعور بالهبوط العام، وهو تعذيب نفسي تأباه الشريعة السمحاء.ومن سنن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجل فطره، ويعجل صلاة المغرب، حيث كان يقدمها على إكمال طعام فطره، وفي ذلك حكمة بالغة فدخول كمية بسيطة من الطعام للمعدة ثم تركها فترة دون إدخال طعام آخر عليها يعد منبها بسيطا للمعدة والأمعاء، ويزيل في الوقت نفسه الشعور بالنهم والشراهة....
    وحري بنا كذلك في هذا السياق الوقوف على الفوائد الروحية والنفسية والاجتماعية والإقتصادية للصيام الذي لا تنقضي عجائبه .........

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    جزاكم الله خيرًا
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •