تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 13 الأولىالأولى 12345678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 121 إلى 140 من 244

الموضوع: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

  1. #121

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    جـ ـ حكم الاستعانة والاستغاثة بالمخلوق

    الاستعانة‏:‏
    طلب العون والمؤازرة في الأمر‏.‏

    والاستغاثة‏:‏
    طلب الغوث، وهو إزالة الشدة‏.‏


    فالاستغاثة والاستعانة بالمخلوق
    على نوعين

    النوع الأول‏:‏
    الاستعانة والاستغاثة بالمخلوق
    فيما يقدر عليه

    وهذا جائز،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ‏}

    ‏ ‏[‏المائدة/2‏]‏‏.


    وقال تعالى في قصة موسى عليه السلام‏:‏

    ‏{ ‏فَاسْتَغَاثَه الَّذِي مِن شِيعَتِهِ
    عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ‏ }‏

    ‏[‏القصص/15‏]‏‏.‏

    وكما يستغيث الرجل بأصحابه في الحرب وغيرها،
    مما يقدر عليه المخلوق‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  2. #122

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    النوع الثاني‏:‏

    الاستغاثة والاستعانة بالمخلوق
    فيما لا يقدر عليه
    إلا الله،



    كالاستغاثة والاستعانة بالأموات،
    والاستغاثة بالأحياء،
    والاستعانة بهم
    فيما لا يقدر عليه إلا الله

    من شفاء المرضى،
    وتفريج الكُرُبات
    ودفع الضر،

    فهذا النوع غير جائز،
    وهو شرك أكبر،

    وقد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
    منافق يؤذي المؤمنين،

    فقالَ بعضهم‏:‏
    قوموا بنا نستغيث
    برسول الله صلى الله عليه وسلم
    من هذا المنافق،


    فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
    ‏( ‏إنه لا يُستغاثُ بي،
    وإنما يستغاث بالله ‏)‏

    ‏[‏رواه الطبراني‏]‏،


    كره صلى الله عليه وسلم
    أن يُستعمل هذا اللفظ في حقّه،


    وإن كان مما يقدر عليه في حياته؛


    حمايةً لجناب التوحيد
    وسدًّا لذرائع الشرك،
    وأدبًا وتواضعًا لربه،


    وتحذيرًا للأمة من وسائل الشرك
    في الأقوال والأفعال؛


    فإذا كان هذا فيما يقدر عليه
    النبي صلى الله عليه وسلم في حياته،


    فكيف يُستغاثُ به بعد مماته،
    ويُطلبُ منه أمور
    لا يقدر عليها إلا الله،


    وإذا كان هذا لا يجوز
    في حقّه صلى الله عليه وسلم
    فغيره من باب أولى‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  3. #123

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الباب الخامس‏:‏

    في بيان ما يجب اعتقاده
    في الرسول صلى الله عليه وسلم
    وأهل بيته وصحابته



    وذلك في فصول‏:‏

    الفصل الأول‏:‏
    في وجوب محبة الرسول وتعظيمه،
    والنهي عن الغلو والإطراء في مدحه،
    وبيان منزلته صلى الله عليه وسلم‏.‏


    الفصل الثاني‏:‏
    في وجوب طاعته والاقتداء به‏.‏


    الفصل الثالث‏:‏
    في مشروعية الصلاة والسلام عليه‏.‏


    الفصل الرابع‏:‏
    في فضل أهل البيت،
    وما يجب لهم من غير جفاء ولا غلو‏.‏


    الفصل الخامس‏:
    ‏ في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم،
    ومذهب أهل السنة والجماعة
    فيما حدث بينهم‏.‏


    الفصل السادس‏:‏
    في النهي عن سب الصحابة وأئمة الهدى‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  4. #124

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الأول‏:‏

    في وجوب محبة الرسول وتعظيمه،
    والنهي عن الغلو والإطراء في مدحه
    وبيان منزلته صلى الله عليه وسلم



    1 ـ وجوب محبته وتعظيمه
    صلى الله عليه وسلم

    يجبُ على العبدِ أولًا‏:‏
    محبّةُ الله عز وجل،
    وهي من أعظم أنواع العبادة،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ‏ }‏

    ‏[‏البقرة/165‏]‏‏.‏

    لأنه هو الرّبُّ المتفضّل على عباده
    بجميع النّعم ظاهِرها وباطنها،

    ثم بعد محبة الله تعالى،

    تجب محبة رسوله محمد
    صلى الله عليه وسلم؛
    لأنه هو الذي دعا إلى الله،
    وعرَّف به،
    وبلَّغ شريعته،
    وبيَّن أحكامه،


    فما حصل للمؤمنين من خير
    في الدنيا والآخرة،
    فعلى يد هذا الرسول،
    ولا يدخلُ أحدٌ الجنة
    إلا بطاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم،


    وفي الحديث‏:‏

    ‏( ‏ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان؛

    أن يكون الله ورسولَه
    أحبَّ إليه مما سواهما،

    وأن يُحبَّ المرء لا يُحبّه إلا لله،

    وأن يكره أن يعود في الكفر
    بعد أن أنقذه الله منه،
    كما يكره أن يقذف في النار ‏)‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏‏.‏


    فمحبة الرسول تابعة لمحبة الله تعالى،
    لازمة لها،
    وتليها في المرتبة،


    وقد جاء بخصوص محبته صلى الله عليه وسلم
    ووجوب تقديمها على محبة كل محبوب
    سوى الله تعالى،


    قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏( ‏لا يؤمنُ أحدكم
    حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده ووالده
    والناسِ أجمعين‏ )‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏‏.‏


    بل ورد أنه يجب على المؤمن
    أن يكون الرسولُ صلى الله عليه وسلم
    أحبَّ إليه من نفسه،


    كما في الحديث‏:‏

    أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏
    يا رسول الله،
    لأنتَ أحبُّ إليَّ من كل شيء
    إلا من نفسي،

    فقال‏:‏

    ‏( ‏والذي نفسي بيده
    حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك ‏)‏،

    فقال له عمر‏:‏

    فإنك الآن أحبَّ إليَّ من نفسي،

    فقال‏:‏

    ‏( ‏الآن يا عمر)‏

    ‏[‏رواه البخاري‏]‏‏.‏


    ففي هذا أن محبة الرسول واجبةٌ
    ومقدّمةٌ على محبّة كل شيء
    سوى محبة الله،

    فإنها تابعة لها
    لازمة لها؛
    لأنها محبة في الله ولأجله،
    تزيد بزيادة محبة الله في قلب المؤمن،
    وتنقص بنقصها،

    وكل من كان محبًّا لله؛
    فإنما يحب في الله ولأجله‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  5. #125

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ومحبّته صلى الله عليه وسلم
    تقتضي تعظيمه وتوقيره واتباعه،
    وتقديم قوله
    على قول كل أحد من الخلق،
    وتعظيم سنته‏.‏


    قال العلامة ابن القيم رحمه الله‏:‏ ‏

    ( ‏وكلُّ محبة وتعظيم للبشر؛
    فإنما تجوز تبعًا لمحبة الله وتعظيمه،

    كمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه،
    فإنها من تمام محبة مرسله وتعظيمه،

    فإن أمته يحبونه لمحبة الله له،
    ويعظمونه ويجلونه لإجلال الله له،
    فهي محبة لله
    من موجبات محبة الله‏.‏


    والمقصودُ‏:‏

    أن النبي صلى الله عليه وسلم
    ألقى الله عليه من المهابة والمحبة‏.‏‏.‏ .‏‏.‏

    ولهذا لم يكن بشر أحب إلى بشر،
    ولا أهيب وأجلّ في صدره،
    من رسول الله صلى الله عليه وسلم
    في صدور أصحابه - رضي الله عنهم -


    قال عمرو بن العاص بعد إسلامه‏:‏

    إنه لم يكن شخص أبغضَ إليَّ منه‏.‏

    فلما أسلمت،
    لم يكن شخص أحبَّ إليَّ منه،
    ولا أجلَّ في عيني منه،

    قال‏:‏

    ولو سُئِلت أن أصفه لكم لما أطقتُ،
    لأني لم أكن أملأ عينيَّ منه؛
    إجلالًا له‏.‏


    وقال عروة بن مسعود لقريش‏:‏

    يا قوم،
    والله لقد وفدت إلى كسرى وقيصر والملوك،

    فما رأيتُ ملكًا يعظمه أصحابه؛
    ما يعظم أصحابُ محمدٍ
    محمدًا
    صلى الله عليه وسلم،


    والله ما يحدُّون النظر إليه تعظيمًا له،

    وما تنخَّم نُخامةً
    إلا وقعت في كَفِّ رجل منهم،
    فيدلك بها وجهَهُ وصدره،

    وإذا توضأ
    كادوا يقتتلون على وضوئه ‏)‏

    انتهى .‏
    الحمد لله رب العالمين

  6. #126

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2 ـ النهي عن الغُلوّ والإطراء في مدحه


    الغلو

    تجاوز الحد،
    يُقالُ‏:‏ غَلا غُلُوًّا،
    إذا تجاوز الحد في القدر،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ‏ }‏

    ‏[‏النساء/171‏]‏

    أي‏:‏ لا تجاوزوا الحد‏.‏


    والإطراءُ

    مجاوزة الحدِّ في المدح، والكذب فيه،


    والمرادُ بالغُلوِّ
    في حق النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    مجاوزة الحد في قدره؛
    بأن يُرفع فوق مرتبة العبودية والرسالة،
    ويُجعلَ له شيء من خصائص الإلهية؛
    بأن يُدعى ويُستغاثَ به من دون الله،
    ويُحلفَ به‏.‏


    والمراد بالإطراء
    في حقه صلى الله عليه وسلم‏:‏

    أن يُزادَ في مدحه،

    فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك

    بقوله‏:‏

    (‏ لا تُطروني
    كما أطرتِ النَّصارى ابنَ مريم،

    إنما أنا عبد،

    فقولوا‏:‏
    عبدُ الله ورسولُه‏ )‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏،


    أي‏:‏ لا تمدحوني بالباطل،
    ولا تجاوزوا الحدَّ في مدحي،

    كما غلت النَّصارى في عيسى - عليه السلام -
    فادَّعوا فيه الألوهية،

    وَصِفُوني بما وَصَفَني به ربّي،

    فقولوا‏:‏
    عبدُ الله ورسوله‏.‏


    ولما قال له بعض أصحابه‏:‏
    أنت سيّدُنا،

    فقال‏:‏ ‏
    ( ‏السَّيّدُ الله تبارك وتعالى ‏)‏،


    ولما قالوا‏:‏
    أفضلنا وأعظمنا طَولًا،


    فقال‏:‏

    ‏( ‏قولوا بقولكم،
    أو بعض قولكم،

    ولا يستجرينكم الشيطان )‏

    ‏[‏رواه أبو داود بسند جيد‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  7. #127

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقال له ناس‏:‏
    يا رسولَ الله،
    يا خيرَنا وابن خيرنا،
    وسيدنا وابن سيدنا،

    فقال‏:‏

    ‏( ‏يا أيها الناس،
    قولوا بقولكم،

    ولا يستهوينكم الشيطان،

    أنا محمدٌ
    عبدُ الله ورسولُه،

    ما أحبُّ أن ترفعوني فوقَ منزلتي
    التي أنزلني الله عزّ وجلّ ‏)‏ ‏

    [‏رواه أحمد والنسائي‏]‏‏.‏


    كـره صلى الله عليه وسلم
    أن يمدحوه بهذه الألفاظ‏:‏

    أنت سيدنا
    - أنت خيرُنا -
    أنت أفضلُنا -
    أنت أعظمُنا،


    مع أنه أفضلُ الخلق
    وأشرفُهم على الإطلاق؛


    لكنه نهاهم عن ذلك،
    ابتعادًا بهم عن الغُلُوِّ والإطراء في حقه،
    وحمايةً للتوحيد،


    وأرشدهم أن يصفوه بصفتين؛
    هما أعلى مراتب العبد،
    وليس فيهما غلو ولا خطر على العقيدة،
    وهما‏:‏

    عبدُ الله ورسولُه،

    ولم يُحب أن يرفعوه
    فوق ما أنزله الله عز وجل
    من المنزلة التي رضيها له،


    وقد خالف نهيَه صلى الله عليه وسلم
    كثيرٌ من الناس

    فصاروا يدعونه،
    ويستغيثون به،
    ويحلفونَ به،
    ويطلبون منه
    ما لا يُطلب إلا من الله،

    كما يُفعلُ في الموالد
    والقصائد والأناشيد،

    ولا يُميزون بين حق الله
    وحق الرسول‏.‏


    يقول العلامةُ ابن القيم في النونية‏:‏

    لله حقٌّ لا يكونُ لـــغيرهِ **

    ولعبدهِ حـقُّ هما حقـانِ

    لا تجعلوا الحقينِ حقًّا واحدًا **

    من غيرِ تمييزٍ ولا فرقانِ
    الحمد لله رب العالمين

  8. #128

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    3 ـ بيان منزلته صلى الله عليه وسلم


    لا بأس ببيان منزلته
    بمدحه صلى الله عليه وسلم
    بما مدحه الله به،

    وذكر منزلته التي فضله الله بها
    واعتقاد ذلك،


    فله صلى الله عليه وسلم المنزلة العالية
    التي أنزله الله فيها،


    فهو عبد الله ورسوله،
    وخيرته من خلقه،
    وأفضل الخلق على الإطلاق،


    وهو رسول الله إلى الناس كافة،
    وإلى جميع الثقلين الجن والإنس،
    وهو أفضل الرسل،
    وخاتم النبيين،
    لا نبيَّ بعده،

    قد شرح الله له صدره،
    ورفع له ذكره،


    وجعل الذِّلَّة والصَّغار
    على من خالف أمره،


    وهو صاحب المقام المحمود
    الذي قال الله تعالى فيه‏:‏

    ‏{‏ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
    مَقَامًا مَّحْمُودًا‏ }‏

    ‏[‏الإسراء/79‏]‏‏.‏

    أي‏:‏ المقام الذي يُقيمه الله فيه
    للشفاعة للناس يوم القيامة؛
    ليريحهم ربهم من شدة الموقف،

    وهو مقام خاص به صلى الله عليه وسلم
    دونَ غيره من النبيين‏.‏


    وهو أخشى الخلق لله،
    وأتقاهم له،


    وقد نهى الله عن رفع الصوت
    بحضرته صلى الله عليه وسلم،

    وأثنى على الذين يَغُضّونَ أصواتهم عنده،

    فقال تعالى‏:

    ‏ ‏{ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
    لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
    وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ
    كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ
    أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
    وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ *

    إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ
    أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى
    لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ *

    إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ
    أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ *

    وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ
    لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ
    وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏

    ‏[‏الحجرات/2-5‏]‏‏.‏


    قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -‏:‏

    ‏(‏هذه آيات أدّب الله فيها عباده المؤمنين
    فيما يعاملون به

    النبي صلى الله عليه وسلم
    من التوقير
    والاحترام،
    والتبجيل
    والإعظام‏.‏‏.‏‏.

    ‏ أن لا يرفعوا أصواتهم
    بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم
    فوق صوته‏ )‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  9. #129

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ونهى سبحانه وتعالى
    أن يُدعى الرسول باسمه
    كما يُدعى سائرُ الناس،

    فيقال‏:‏ يا محمد،

    وإنما يُدعى بالرسالة والنبوة

    فيقال‏:‏
    يا رسول الله،
    يا نبي الله،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
    كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ‏}‏

    ‏[‏النور/63‏]‏‏.‏


    كما أن الله سبحانه يناديه
    بـ
    يا أيها النبي،
    يا أيها الرسول‏.

    ‏ وقد صلى الله وملائكته عليه،
    وأمر عباده بالصلاة والتسليم عليه،


    فقال تعالى‏:‏

    ‏{‏ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
    يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
    صَلُّوا عَلَيْهِ
    وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏ }‏

    ‏[‏الأحزاب/56‏]‏‏.‏


    لكن لا يُخصص لمدحه
    صلى الله عليه وسلم
    وقتٌ ولا كيفية معينة
    إلا بدليلٍ صحيح من الكتاب والسُّنَّة،


    فما يفعله أصحابُ الموالد
    من تخصيص اليوم
    الذي يزعمون أنه يوم مولده لمدحه‏:‏
    بدعة منكرة‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  10. #130

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم‏:‏

    تعظيم سنته،
    واعتقاد وجوب العمل بها،
    وأنها في المنزلة الثانية
    بعد القرآن الكريم
    في وجوب التعظيم والعمل؛

    لأنها وحي من الله تعالى،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *
    إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى‏ }‏

    ‏[‏النجم/3، 4‏]‏‏.‏



    فلا يجوز التشكيك فيها،
    والتقليل من شأنها،

    أو الكلام فيها بتصحيح
    أو تضعيف لطرقها وأسانيدها
    أو شرح لمعانيها
    إلا بعلم وتحفُّظ،


    وقد كثر في هذا الزمان
    تطاول الجهَّالِ
    على سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم

    خصوصًا من بعض الشباب الناشئين؛
    الذين لا يزالون في المراحل الأولى من التعليم،
    صاروا يصحِّحون ويُضعّفون في الأحاديث،
    ويجرحون في الرواة
    بغير علم سوى قراءة الكتب،

    وهذا خطرٌ عظيم عليهم وعلى الأمة،
    فيجب عليهم أن يتقوا الله،
    ويقفوا عند حدهم‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  11. #131

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثاني‏:‏

    في وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم
    والاقتداء به



    تجب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم
    بفعل ما أمره به،
    وترك ما نهى عنه،

    وهذا من مقتضى شهادة أنه رسول الله،

    وقد أمر الله تعالى بطاعته في آيات كثيرة،
    تارة مقرونة مع طاعة الله،

    كما في قوله‏:‏

    ‏{ ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ
    وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ‏ }‏

    ‏[‏النساء/59‏]‏

    وأمثالها من الآيات،


    وتارة يأمر بها منفردة،

    كما في قوله‏:‏

    ‏{ ‏مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ‏ }

    ‏ ‏[‏النساء/80‏]‏،

    ‏{ ‏وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ‏}‏

    ‏[‏النور/56‏]‏‏.‏


    وتارة يتوعد من عصى رسوله صلى الله عليه وسلم،


    كما في قوله تعالى‏:‏


    ‏{ ‏فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
    أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
    أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏ }‏

    ‏[‏النور/63‏]‏‏.‏


    أي‏:‏ تصيبهم فتنة في قلوبهم
    من كفر أو نفاق أو بدعة،
    أو عذاب أليم في الدنيا؛
    بقتل أو حَدٍّ أو حبس،
    أو غير ذلك من العقوبات العاجلة‏.‏


    وقد جعل الله طاعته واتباعه
    سببًا لنيل محبة الله للعبد
    ومغفرة ذنوبه،

    قال تعالى‏:

    ‏ ‏{‏ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
    فَاتَّبِعُونِي
    يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
    وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ‏ }‏

    ‏[‏آل عمران/31‏]‏‏.‏


    وجعل طاعته هداية،
    ومعصيته ضلالًا،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا‏ }‏

    ‏[‏النور/54‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{‏ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ
    فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ

    وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ
    بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ
    إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ‏}‏ ‏

    [‏القصص/50‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  12. #132

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وأخبرَ سبحانه وتعالى
    أنَّ فيه القدوة الحسنة لأمته،

    فقال تعالى‏:‏

    ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
    أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
    لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ
    وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا‏}‏ ‏

    [‏الأحزاب/21‏]‏‏.‏


    قال ابن كثير
    - رحمه الله تعالى -‏:‏

    ‏( ‏هذه الآية الكريمة أصل كبير
    في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم
    في أقواله وأفعاله وأحواله،


    ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس
    بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم
    يوم الأحزاب في
    صبره
    ومصابرته،
    ومرابطته
    ومجاهدته،

    وانتظاره الفَرَج من ربه
    - عز وجل -


    صلوات الله وسلامه عليه دائمًا،
    إلى يوم الدين‏ )‏‏.‏


    الحمد لله رب العالمين

  13. #133

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقد ذكر الله طاعة الرسول واتباعه
    في نحو أربعين موضعًا من القرآن،

    فالنفوس أحوج على معرفة ما جاء به واتباعه
    منها إلى الطعام والشراب،

    فإنَّ الطعام والشراب إذا فات الحصول عليهما؛
    حصل الموت في الدنيا،

    وطاعة الرسول واتباعه إذا فاتا؛
    حصل العذاب والشقاء الدائم،


    وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به
    في أداء العبادات،

    وأن تؤدى على الكيفية التي كان يؤديها بها،

    فقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
    أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ‏}‏

    ‏[‏الأحزاب/21‏]‏،


    وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏(‏ صلوا كما رأيتموني أُصلي‏ )‏ ‏

    [‏الحديث رواه البخاري‏]‏،


    وقال‏:

    ‏ ‏(‏ خذوا عني مناسككم‏ )‏

    ‏[‏الحديث رواه مسلم‏]‏،


    وقال‏:‏

    ‏(‏ من عمل عملًا
    ليس عليه أمرنا
    فهو رَدٌّ ‏)‏

    ‏[‏الحديث متفق عليه‏]‏،


    وقال‏:‏

    ‏( ‏من رغب عن سنتي
    فليس مني ‏)‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏


    إلى غير ذلك من النصوص؛
    التي فيها الأمر بالاقتداء به،
    والنهي عن مخالفته‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  14. #134

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثالث‏:

    ‏ في مشروعية الصلاة والسلام
    على الرسول صلى الله عليه وسلم


    من حقه الذي شرع الله له على أمته
    أن يُصَلُّوا ويسلّموا عليه،

    فقد قال الله تعالى‏:

    ‏ ‏{‏ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
    صَلُّوا عَلَيْهِ
    وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ‏}‏

    ‏[‏الأحزاب/56‏]‏‏.‏


    وقد ورد أن معنى صلاة الله تعالى‏:‏
    ثناؤه عليه عند الملائكة،

    وصلاة الملائكة‏:‏
    الدعاء،

    وصلاة الآدميين‏:‏
    الاستغفار ،


    وقد أخبر الله سبحانه في هذه الآية
    عن منزلة عبده ونبيه
    عنده في الملأ الأعلى؛

    بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين،
    وأن الملائكة تصلي عليه،


    ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي
    بالصلاة والتسليم عليه؛
    ليجتمع الثناء عليه
    من أهل العالم العُلوي والسُّفلي‏.‏


    ومعنى‏:

    ‏ ‏{ ‏وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏ }

    ‏ أي‏:

    ‏ حيُّوه بتحية الإسلام؛

    فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم
    فليجمع بين الصلاة والتسليم؛
    فلا يقتصر على أحدهما،


    فلا يقول‏:‏ ‏(‏صلى الله عليه‏)‏ فقط،

    ولا يقول‏:‏ ‏(‏عليه السلام‏)‏ فقط؛

    لأن الله تعالى
    أمر بهما جميعًا‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  15. #135

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وتشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
    في مواطنَ يتأكد طلبها فيها،
    إما وجوبًا وإما استحبابًا مؤكدًا،


    وذكر ابن القيم - رحمه الله -
    في كتابه‏:‏ ‏(‏ جلاء الأفهام‏ )‏
    واحدًا وأربعين موطنًا؛


    بدأها بقوله‏:‏

    ‏(‏ الموطن الأول‏:‏

    - وهو أهمها وآكدها -
    في الصلاة في آخر التشهد،
    وقد أجمع المسلمون على مشروعيته،
    واختلفوا في وجوبه فيها‏ )‏


    ‏ ثم ذكر من المواطن‏:‏

    آخر القنوت،
    وفي الخُطَب كخُطبة الجمعة،
    والعيدين والاستسقاء،
    وبعد إجابة المؤذن،
    وعند الدعاء،
    وعند دخول المسجد والخروج منه،
    وعند ذكره صلى الله عليه وسلم،


    ثم ذكر - رحمه الله -
    الثمرات الحاصلة
    من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،
    فذكر فيها أربعين فائدة ‏‏،

    منها‏:‏

    امتثال أمر الله سبحانه بذلك‏.‏

    ومنها‏:‏
    حصول عشر صلوات من الله
    على المصلي مرة‏.‏

    ومنها‏:‏
    رجاء إجابة الدعاء إذا قدَّمها أمامه‏.‏

    ومنها‏:‏
    أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم
    إذا قرنها بسؤال الوسيلة له
    صلى الله عليه وسلم‏.‏

    ومنها‏:‏
    أنها سبب لغُفران الذنوب‏.‏

    ومنها‏:‏
    أنها سبب لردِّ النبي صلى الله عليه وسلم
    على المُصَلِّي والمُسَلِّم عليه‏.‏


    فصلواتُ الله
    وسلامه
    على هذا
    النبي الكريم‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  16. #136

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الرابع‏:‏

    في فضل أهل البيت
    وما يجب لهم
    من غير جفاء ولا غُلُوّ


    أهل البيت هم آل النبي صلى الله عليه وسلم
    الذين حَرُمتْ عليهم الصدقة،

    وهم آل علي،
    وآل جعفر،
    وآل عقيل،
    وآل العباس،
    وبنو الحارث بن عبد المطلب،
    وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته؛


    لقوله تعالى‏:‏

    ‏{ ‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
    لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
    وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ‏}

    ‏ ‏[‏الأحزاب/33‏]‏‏.‏


    قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -‏:‏

    ‏( ‏ثُمَّ الذي لا يشك فيه من تدبّر القرآن،
    أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم
    داخلات في قوله تعالى‏:‏
    ‏{ ‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
    لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
    وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ‏}

    [‏الأحزاب/33‏]‏‏.‏

    فإن سياق الكلام معهن،

    ولهذا قال بعد هذا كله‏:‏

    ‏{ ‏وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ
    مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ‏ }‏

    ‏[‏الأحزاب/34‏]‏‏.‏

    أي‏:‏ واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى
    على رسوله صلى الله عليه وسلم في بيوتكن،
    من الكتاب والسنة‏.‏

    قاله قتادة وغير واحد‏.‏

    واذكرن هذه النعمة
    التي خُصِصْتُنَّ بها من بين الناس‏:‏

    أن الوحي ينزل في بيوتكن
    دون سائر الناس،

    وعائشة الصديقة بنت الصديق
    - رضي الله عنها -

    أولاهُنَّ بهذه النعمة،
    وأخصُّهُنَّ من هذه الرحمة العميمة،

    فإنه لم ينزل
    على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي
    في فراش امرأة سواها،

    كما نصَّ على ذلك
    صلوات الله وسلامه عليه،


    وقال بعض العلماء ‏:‏

    لأنه لم يتزوج بكرًا سواها،
    ولم ينم معها رجل في فراشها
    سواه صلى الله عليه وسلم
    فناسب أن تُخصَّصَ بهذه المزية،
    وأن تُفردَ بهذه المرتبة العليَّة،

    ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته،
    فقرابته أحق بهذه التسمية‏ )‏

    انتهى
    من تفسير ابن كثير‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  17. #137

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    فأهل السنة والجماعة
    يحبون أهل بيت رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    ويتولونهم،

    ويحفظون فيهم وصية رسول الله
    صلى الله عليه وسلم،

    حيث قال يوم غدير خُم :‏

    ‏( ‏أُذكّركم الله في أهل بيتي‏ )‏

    ‏[‏رواه مسلم‏]‏‏.‏


    فأهل السنة يحبونهم ويكرمونهم؛
    لأن ذلك
    من محبة النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامه،


    وذلك بشرط ‏:‏

    أن يكونوا متبعين للسُّنَّة
    مستقيمين على الملة،
    كما كان عليه سلفهم
    كالعباس وبنوه،
    وعلي وبنوه،


    أما من خالف السنة،
    ولم يستقم على الدين،
    فإنه لا تجوز موالاته
    ولو كان من أهل البيت‏.‏


    فموقف أهل السنة والجماعة من أهل البيت
    موقف الاعتدال والإنصاف،
    يتولون أهل الدين والاستقامة منهم،


    ويتبرأون ممن خالف السنة
    وانحرف عن الدين،
    ولو كان من أهل البيت،


    فإن كونه من أهل البيت
    ومن قرابة الرسول،
    لا ينفعه شيئًا
    حتى يستقيمَ على دين الله،


    فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال‏:‏

    قام رسول الله صلى الله عليه وسلم

    حين أنزل عليه‏:‏
    ‏{ ‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ‏ }‏

    ‏[‏الشعراء/214‏]‏‏.‏


    فقال‏:‏ ‏

    (‏ يا معشر قريش - أو كلمة نحوها -
    اشتروا أنفسكم،
    لا أُغني عنكم من الله شيئًا،

    يا عباس ابن عبد المطلب
    لا أُغني عنكَ من الله شيئًا،

    يا صفيّةُ عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    لا أُغني عنكِ من الله شيئًا،

    ويا فاطمة بنت محمد،
    سليني من مالي ما شئت،
    لا أُغني عنكِ من الله شيئًا‏ )‏

    ‏[‏رواه البخاري‏]‏‏.‏


    والحديث‏:‏

    ‏( ‏من بَطَّأ به عمله
    لم يُسرع به نسبه ‏)

    ‏ ‏[‏رواه مسلم‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  18. #138

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ويتبرأ أهل السُّنَّة والجماعة

    من طريق الروافض؛
    الذين يُغلون في بعض أهل البيت،
    ويَدَّعون لهم العصمة،

    ومن طريقة النواصب؛
    الذين ينصبون العداوة لأهل البيت المستقيمين،
    ويطعنون فيهم،


    ومن طريقة المبتدعة والخرافيين
    الذين يتوسلون بأهل البيت،
    ويتخذونهم أربابًا من دون الله‏.‏


    فأهل السنة في هذا الباب وغيره
    على المنهج المعتدل،
    والصراط المستقيم
    الذي لا إفراطَ فيه
    ولا تفريط،
    ولا جفاء
    ولا غلو
    في حق أهل البيت وغيرهم،


    وأهل البيت المستقيمون
    يُنكرون الغلو فيهم،
    ويتبرؤون من الغُلاة،


    فقد حرق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
    - رضي الله عنه -
    الغُلاة الذين غَلَوا فيه بالنار،


    وأقرّه ابنُ عباس - رضي الله عنه - على قتلهم،
    لكن يرى قتلهم بالسيف
    بدلًا من التحريق،


    وطلب علي - رضي الله عنه -

    عبد الله بن سبأ
    رأس الغُلاة ليقتله؛
    لكنه
    هرب واختـفى‏ .‏

    الحمد لله رب العالمين

  19. #139

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الخامس‏:

    ‏ في فضل الصحابة وما يجب اعتقاده فيهم

    ومذهب أهل السنة والجماعة فيما حدث بينهم



    ما المراد بالصحابة،
    وما الذي يجب اعتقاده فيهم


    الصحابة جمع صحابي‏:‏
    وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم
    مؤمنًا به ومات على ذلك،


    والذي يجب اعتقاده فيهم
    أنهم أفضل الأمة،
    وخير القرون؛

    لسبقهم واختصاصهم
    بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم
    والجهاد معه،
    وتحمل الشريعة عنه،
    وتبليغها لمن بعدهم،

    وقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه،

    قال تعالى‏:‏ ‏

    {‏وَالسَّابِقُو نَ الأَوَّلُونَ
    مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ
    وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
    رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
    وَرَضُواْ عَنْهُ

    وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ
    خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
    ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ ‏}‏

    ‏[‏التوبة/100‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{‏ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ
    وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
    رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ

    تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا
    يَبتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
    سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ

    ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
    وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ
    كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
    فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ

    يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
    وَعَدَ اللَّهُ
    الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم
    مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ‏}

    ‏ ‏[‏الفتح/29‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ
    الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
    يَبتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا

    وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
    أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ *


    وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ
    يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ

    وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا
    وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ
    وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ

    وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
    فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

    ‏ ‏[‏الحشر/8، 9‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  20. #140

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ففي هذه الآيات

    أن الله سبحانه أثنى على المهاجرين والأنصار،
    ووصفهم بالسبق إلى الخيرات،
    وأخبر أنه قد رضي الله عنهم،
    وأعدّ لهم الجنات،

    ووصفهم بالتراحم فيما بينهم،
    والشّدّة على الكُفَّارِ،

    ووصفهم بكثرة الركوع والسجود،
    وصلاح القلوب،

    وأنهم يُعرفون بسيما الطاعة والإيمان،
    وأن الله اختارهم لصحبة نبيه
    ليغيظ بهم أعداءه الكفار،


    كما وصف المهاجرين
    بترك أوطانهم وأموالهم
    من أجل الله ونصرة دينه،
    وابتغاء فضله ورضوانه،
    وأنهم صادقون في ذلك،


    ووصف الأنصار
    بأنهم أهل دار الهجرة والنُّصرة،
    والإيمان الصادق،
    ووصفهم بمحبة إخوانهم المهاجرين،
    وإيثارهم على أنفسهم،
    ومُواساتهم لهم،
    وسلامتهم من الشح،
    وبذلك حازوا على الفلاح‏.‏


    هذه بعض فضائلهم العامة،
    وهناك فضائل خاصة
    ومراتب يفضل بها بعضهم بعضًا،

    رضي الله عنهم،
    وذلك بحسب سبقهم
    إلى الإسلام
    والجهاد
    والهجرة ‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •