تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 13 الأولىالأولى 123456789101112 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 244

الموضوع: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

  1. #21

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الخامس‏:‏

    بيانُ استلزامِ توحيدِ الرُّبوبيَّةِ لتوحيد الأُلوهيَّة


    ومعنى ذلك أنَّ من أقرَّ بتوحيد الربوبية لله،
    فاعترف بأنه لا خالق ولا رازق
    ولا مدبِّر للكون إلا الله
    - عز وجل -

    لزمه أن يُقرَّ بأنه لا يستحق العبادة
    بجميع أنواعها إلا الله سبحانه،

    وهذا هو توحيد الألوهية،

    فإنَّ الألوهية هي العبادة؛
    فالإله معناه‏:‏ المعبود،

    فلا يُدعى إلا الله،
    ولا يُستغاثُ إلا به،
    ولا يُتوَكَّلُ إلا عليه،
    ولا تذبح القرابين
    وتُنذر النذورُ
    ولا تُصرفُ جميعُ أنواع العبادة
    إلا له؛

    فتوحيدُ الربوبية دليلٌ
    لوجوب توحيد الألوهية؛

    ولهذا كثيرًا ما يحتجُّ الله - سُبحانه -
    على المنكرين لتوحيد الألوهية
    بما أقروا به من توحيد الربوبية،

    مثل قوله تعالى‏:‏ ‏

    { ‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ
    الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *
    الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا
    وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
    وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
    فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ

    فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا
    وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}

    ‏[‏البقرة/21، 22‏]‏‏.‏


    فأمرهم بتوحيد الألوهية،
    وهو عبادتهُ،
    واحتجَّ عليهم بتوحيد الرُّبوبية
    الذي هو خَلْقُ الناس الأولين والآخرين،
    وخلقُ السماءِ والأرضِ وما فيهما،
    وتسخير الرياح
    وإنزالُ المطر،
    وإنباتُ النبات،
    وإخراج الثمرات
    التي هي رزق العباد،

    فلا يليق بهم أن يُشركوا معه غيره؛
    ممَّنْ يعلمون أنه لم يفعل شيئًا من ذلك،
    ولا من غيره،
    الحمد لله رب العالمين

  2. #22

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    فالطريق الفطري لإثبات توحيد الألوهية‏:‏
    الاستدلال عليه بتوحيد الربوبية؛

    فإن الإنسان يتعلق أولًا بمصدر خلقه،
    ومنشأ نفعه وضره؛

    ثم ينتقل بعد ذلك إلى الوسائل التي تقرّبه إليه،
    وترضيه عنه،
    وتوثق الصلة بينه وبينه،

    فتوحيد الربوبية بابٌ لتوحيد الألوهية؛
    من أجل ذلك احتجَّ الله على المشركين بهذه الطريقة،
    وأمر رسوله أن يحتجَّ بها عليهم،

    فقال تعالى‏:‏
    { ‏قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *
    سَيَقُولُونَ لِلَّهِ
    قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ *

    قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ
    وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ *
    سَيَقُولُونَ لِلَّهِ
    قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ *

    قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ
    وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ
    إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *

    سَيَقُولُونَ لِلَّهِ
    قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ‏}

    ‏[‏المؤمنون/84-89‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    { ‏ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
    لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
    فَاعْبُدُوهُ ‏}

    ‏[‏الأنعام/102‏]‏‏.‏


    فقد احتج بتفرُّدِه بالربوبية
    على استحقاقه للعبادة،


    وتوحيد الألوهية‏:‏
    هو الذي خُلق الخلق من أجله،

    قال تعالى‏:‏
    { ‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ
    إِلا لِيَعْبُدُونِ‏}

    ‏[‏الذاريات/56‏]‏‏.‏

    ومعنى ‏(‏يعبدون‏)‏‏:‏ يُفردوني بالعبادة،


    ولا يكون العبدُ موحدًا
    بمجرد اعترافه بتوحيد الربوبية؛
    حتى يُقرَّ بتوحيد الألوهية،
    ويقومَ به،

    وإلا فإنَّ المشركين كانوا مُقرِّينَ بتوحيدِ الربوبية،
    ولم يُدخلهم في الإسلام،

    وقاتلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم،

    وهم يُقرُّون بأن الله هو الخالق الرازق،
    المحيي المميت،

    كما قال تعالى‏:‏
    { ‏وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ
    لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ‏}

    ‏[‏الزخرف/87‏]‏،

    { ‏وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
    لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ‏ }

    ‏[‏الزخرف/9‏]‏،


    ‏{ ‏قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ
    أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ
    وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
    وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ
    وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ
    فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ‏}

    ‏[‏يونس/31‏]‏‏.‏

    وهذا كثيرٌ في القرآن،

    الحمد لله رب العالمين

  3. #23

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    فمن زعمَ أنَّ التوحيدَ هو
    الإقرارُ بوجود الله،

    أو الإقرار بأن الله هو
    الخالق المتصرف في الكون،
    واقتصر على هذا النوع؛

    لم يكن عارفًا لحقيقة التوحيد
    الذي دعَتْ إليه الرسل؛

    لأنه وقفَ عندَ الملزوم وترك اللازم،
    أو وقف عند الدليل
    وترك المدلول عليه‏.‏


    ومن خصائص الألوهية‏:

    ‏ الكمالُ المطلقُ من جميع الوجوه؛
    الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه،


    وذلك يوجب أن تكون العبادة
    كلها له وحده،
    والتعظيم والإجلال،
    والخشية والدعاء،
    والرجاء،
    والإنابة،
    والتوكل والاستغاثة،

    وغاية الذُّلِّ
    مع غاية الحُبِّ،


    كل ذلك يجب عقلًا وشرعًا وفطرةً
    أن يكون لله وحده،

    ويمتنع عقلًا وشرعًا وفطرةً
    أن يكون لغيره‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  4. #24

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2 ـ توحيد الألوهية

    الفصل الأول‏:‏

    في بيانِ معنى توحيدِ الألوهيَّةِ
    وأنه موضوعُ دعوةِ الرُّسل


    توحيدُ الألوهية‏:‏ الألوهية هي العبادة

    وتوحيدُ الألوهية هو‏:‏
    إفرادُ الله تعالى بأفعال العباد
    التي يفعلونها على وجه التقرب المشروع،
    كالدعاء والنذر والنحر،
    والرجاء والخوف،
    والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة،

    وهذا النوع من التوحيد
    هو موضوع دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم،


    قال تعالى‏:‏
    { ‏وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا
    أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏ }

    ‏[‏النحل/36‏]‏،


    وقال تعالى‏:‏
    { ‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ
    إِلا نُوحِي إِلَيْهِ
    أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ
    فَاعْبُدُونِ ‏}

    ‏[‏الأنبياء/25‏]‏‏.‏

    وكلُّ رسول يبدأ دعوته لقومه بالأمر بتوحيد الألوهية،
    كما قال نوح وهود وصالح وشعيب‏:‏

    {‏ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ
    مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ }

    ‏[‏الأعراف/59، 65، 73، 85‏]‏،

    { ‏وَإِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
    اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ‏}

    ‏[‏العنكبوت/16‏]‏‏.‏

    وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم‏:‏

    { ‏قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ
    مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ‏}

    ‏[‏الزمر/11‏]‏‏.‏

    وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏ ( ‏أمرت أن أقاتل الناس؛
    حتى يشهدوا
    أن لا إله إلا الله
    وأن محمدًا رسول الله‏ )‏ ‏

    [‏الحديث رواه البخاري ومسلم‏]‏‏.‏


    وأول واجب على المكلف‏:‏
    شهادة أن لا إله إلا الله والعمل بها،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
    وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ‏}

    ‏[‏محمد/19‏]‏‏.‏


    وأول ما يؤمر به مَنْ يريد الدخول في الإسلام‏:
    ‏ النطقُ بالشهادتين،

    فتبين من هذا‏:‏

    أن توحيد الألوهية هو مقصودُ دعوة الرُّسل،

    وسُمِّي بذلك؛
    لأن الألوهية وصف الله تعالى
    الدال عليه اسمه تعالى ‏(‏الله‏)‏،
    فالله‏:‏ ذو الألوهية،
    أي المعبود‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  5. #25

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ويقال له‏:‏ توحيد العبادة؛

    باعتبار أن العبودية وصفُ العبد،
    حيثُ إنه يجبُ عليه أن يعبد الله
    مخلصًا في ذلك؛
    لحاجته إلى ربه وفقره إليه،


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية
    - رحمه الله -‏:‏

    ‏(‏ واعلم أن فقر العبد إلى الله‏:‏
    أن يعبده لا يُشرك به شيئًا،
    ليس له نظير فيُقاسُ به؛

    لكن يُشبه من بعض الوجوه
    حاجة الجسد إلى الطعام والشراب،
    وبينهما فروق كثيرة؛

    فإن حقيقة العبد قلبه وروحه،
    وهي لا صلاحَ لها إلا بإلهها
    الله الذي لا إله إلا هو،

    فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره‏.‏

    ولو حَصَلَ للعبد لذّات وسرور بغير الله،
    فلا يدوم ذلك،
    بل ينتقل من نوعٍ إلى نوعٍ،
    ومن شخص إلى شخص،

    وأما إلهه فلابد له منه في كل حال،
    وكل وقت
    وأينما كان فهو معه‏ )‏ ‏‏.‏


    وكان هذا النوع من التوحيد
    هو موضوع دعوة الرسل؛
    لأنه الأساسُ الذي تُبنى عليه جميع الأعمال،

    وبدون تحققه لا تصحُّ جميعُ الأعمال‏:‏
    فإنه إذا لم يتحقق؛
    حصل ضده، وهو الشركُ،


    وقد قال الله تعالى‏:‏

    { ‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ
    أَن يُشْرَكَ بِهِ ‏}‏ ‏

    [‏النساء/48/ 116‏]‏،



    وقال تعالى‏:‏

    { ‏وَلَوْ أَشْرَكُواْ
    لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ‏}

    ‏ ‏[‏الأنعام/88‏]‏،


    وقال تعالى‏:‏

    {‏ لَئِنْ أَشْرَكْتَ
    لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
    وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏}

    ‏[‏الزمر/65‏]‏‏.‏

    ولأن هذا النوع من التوحيد؛
    هو أول الحقوق الواجبة على العبد،


    كما قال تعالى‏:‏

    { ‏وَاعْبُدُواْ اللَّهَ
    وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا
    وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا‏ }

    ‏[‏النساء/36‏]‏ الآية،


    وقال تعالى‏:

    ‏ ‏{ ‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
    وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا‏ }

    ‏[‏الإسراء/23‏]‏ الآية،


    وقال تعالى‏:‏

    { ‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
    أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا
    وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا‏ }

    ‏[‏الأنعام/151-153‏]‏ الآيات‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  6. #26

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثاني‏:

    ‏ في بيان معنى الشَّهادتين
    وما وقعَ فيهما من الخطأ

    وأركانهما
    وشروطهما
    ومقتضاهما
    ونواقضهما



    أولًا‏:‏ معنى الشَّهادتين


    معنى شهادة أن لا إله إلا الله‏:

    ‏ الاعتقاد والإقرار،
    أنه لا يستحقُّ العبادةَ إلا الله،
    والتزام ذلك والعمل به،


    ‏( ‏فلا إله ‏)‏
    نفي لاستحقاق من سوى الله للعبادة كائنًا من كان

    ‏(‏ إلا الله ‏)‏
    إثباتٌ لاستحقاق الله وحده للعبادة،


    ومعنى هذه الكلمة إجمالًا‏:‏
    لا معبودَ بحقٍّ إلا الله‏.


    ‏ وخبر ‏(‏لا‏)‏ يجب تقديره‏:‏
    ‏(‏بحقٍّ‏)‏

    ولا يجوزُ تقديره بموجود؛


    لأنّ هذا خلافُ الواقع،
    فالمعبوداتُ غيرُ الله موجودة بكثرة؛
    فيلزم منه أن عبادة هذه الأشياء عبادة لله،
    وهذا من أبطل الباطل

    وهو مذهب أهل وحدة الوجود
    الذين هم أكفر أهل الأرض‏.‏


    وقد فُسّرتْ هذه الكلمةُ بتفسيرات باطلة منها‏:‏

    ‏(‏ أ ‏)‏ أن معناه‏:‏ لا معبودَ إلا الله‏.‏ وهذا باطلٌ؛

    لأن معناه‏:‏ أن كل معبود بحقّ أو باطل هو الله،
    كما سبق بيانه قريبًا‏.‏

    ‏(‏ ب ‏)‏ أن معناها‏:‏ لا خالقَ إلا الله‏.‏

    وهذا جزء من معنى هذه الكلمة؛
    ولكن ليس هو المقصود؛
    لأنه لا يثبت إلا توحيد الربوبية،
    وهو لا يكفي وهو توحيد المشركين‏.‏


    ‏(‏جـ‏)‏ أن معناها‏:‏ لا حاكميّةَ إلا لله،

    وهذا أيضًا جزء من معناها،
    وليس هو المقصود؛
    لأنه لا يكفي،


    لأنه لو أفرد الله بالحاكمية فقط
    ودعا غير الله أو صرف له شيئًا من العبادة
    لم يكن موحدًا،


    وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصة؛
    وإنما نبهنا عليها
    لأنها توجد في بعض الكتب المتداولة‏.‏


    والتفسيرُ الصحيح
    لهذه الكلمة عند السلف والمحققين‏:‏

    أن يُقالَ‏:‏
    ‏(‏ لا معبود بحق إلا الله‏ )‏
    كما سبق‏.‏


    2 ـ ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله‏:‏

    هو الاعتراف باطنًا وظاهرًا
    أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة،

    والعمل بمقتضى ذلك
    من طاعته فيما أمر،
    وتصديقه فيما أخبر،
    واجتناب ما نهى عنه وزجر،

    وألا يُعبدَ الله إلا بما شرع‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  7. #27

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ثانيًا‏:‏ أركان الشهادتين


    أ ـ لا إله إلا الله‏:‏

    لها ركنان هما‏:
    النفي والإثبات‏:‏


    فالركن الأول‏:‏
    النفي‏:‏ لا إله‏:‏
    يُبطل الشرك بجميع أنواعه،
    ويُوجب الكُفرَ بكل ما يعبد من دون الله‏.‏


    والركن الثاني‏:‏
    الإثباتُ‏:‏ إلا الله‏:‏
    يثبت أنه لا يستحق العبادة إلا الله،
    ويُوجب العمل بذلك‏.


    ‏ وقد جاء معنى هذين الركنين في كثير من الآيات،

    مثل قوله تعالى‏:‏

    {‏ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ
    وَيُؤْمِن بِاللَّهِ
    فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ‏}

    ‏[‏البقرة/256‏]‏‏.‏

    فقوله‏:‏ ‏( ‏من يكفر بالطاغوت‏ )
    هو معنى الركن الأول ‏(‏لا إله‏)‏

    وقوله‏:‏ ‏ ( ‏ويؤمن بالله ‏)
    ‏ هو معنى الركن الثاني ‏(‏إلا الله‏)‏‏.‏


    وكذلك قولُهُ عن إبراهيمَ عليه السلام‏:‏

    {‏ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ *
    إِلا الَّذِي فَطَرَنِي ‏}

    ‏[‏الزخرف/26، 27‏]‏‏.‏

    فقوله‏:‏ ‏( ‏إنني براء ‏)‏
    هو معنى النفي في الركن الأول،

    وقوله‏:‏ ‏( ‏إلا الذي فطرني ‏)
    هو معنى الإثبات في الركن الثاني‏.‏


    أركان شهادة أن محمدًا رسول الله‏:‏

    لها ركنان هما قولنا‏:‏
    عبدُه ورسوله،

    وهما ينفيان الإفراطَ والتفريط
    في حقه صلى الله عليه وسلم
    فهو عبده ورسوله،
    وهو أكمل الخلق في هاتين الصفتين الشريفتين،

    ومعنى العبد هنا‏:‏
    المملوك العابد،

    أي‏:‏ أنه بشرٌ مخلوق
    مما خُلق منه البشر؛
    يجري عليه ما يجري عليهم،

    كما قال تعالى‏:‏
    { ‏قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ‏}

    ‏[‏الكهف/110‏]‏،


    وقد وَفَّى صلى الله عليه وسلم العبوديّة حقَّها،
    ومدحه الله بذلك،

    قال تعالى‏:‏
    { ‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ‏ }

    ‏[‏الزمر/36‏]‏، ‏


    { ‏الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ‏}

    ‏[‏الكهف/1‏]‏،


    { ‏سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ
    لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏ }

    ‏ ‏[‏الإسراء/1‏]‏‏.‏


    ومعنى الرسول‏:‏
    المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى الله بشيرًا ونذيرًا‏.‏

    وفي الشهادة له بهاتين الصفتين‏:‏

    نفي للإفراط والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم،
    فإن كثيرًا ممن يدعي أنه من أمته
    أفرط في حقه، وغلا فيه؛
    حتى رفعه فوق مرتبة العبودية
    إلى مرتبة العبادة له من دون الله؛

    فاستغاث به من دون الله،
    وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله؛
    من قضاء الحاجات
    وتفريج الكربات‏.‏

    والبعض الآخر جحد رسالته
    أو فرط في متابعته،
    واعتمد على الآراء والأقوال المخالفة لما جاء به؛
    وتعسَّفَ في تأويل أخباره وأحكامه‏.‏


    الحمد لله رب العالمين

  8. #28

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ثالثًا‏:‏
    شروط الشهادتين


    أ ـ شروط لا إله إلا الله

    لابد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط،
    لا تنفع قائلها إلا باجتماعها؛
    وهي على سبيل الإجمال‏:‏

    الأول‏:‏
    العلم المنافي للجهل‏.‏

    الثاني‏:‏
    اليقين المنافي للشك‏.‏

    الثالث‏:‏
    القبول المنافي للرد‏.‏

    الرابع‏:‏
    الانقيادُ المنافي للترك‏.‏

    الخامس‏:‏
    الإخلاص المنافي للشرك‏.‏

    السادس‏:‏
    الصدق المنافي للكذب‏.‏

    السابع‏:‏
    المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  9. #29

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وأما تفصيلها فكما يلي‏:‏

    الشرط الأول‏:‏ العلم

    أي العلم بمعناها المراد منها
    وما تنفيه وما تُثبته،
    المنافي للجهل بذلك،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ‏}

    ‏[‏الزخرف/86‏]‏‏.‏

    أي‏:‏ ‏(‏شهد‏)‏ بلا إله إلا الله،
    ‏(‏وهُم يعلمون‏)‏ بقلوبهم ما شهدت به ألسنتهم،

    فلو نطَقَ بها وهو لا يعلم معناها،
    لم تنفعهُ؛
    لأنه لم يعتقدْ ما تدل عليه‏.‏


    الشرط الثاني‏:‏ اليقين

    بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه؛
    فإن كان شاكًّا بما تدل عليه لم تنفعه،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
    ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا‏ }

    ‏ ‏[‏الحجرات/15‏]‏‏.‏

    فإن كان مرتابًا كان منافقًا،

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
    ‏(‏ من لقيتَ وراء هذا الحائط
    يشهد أن لا إله إلا الله
    مستيقنًا قلبه
    فبشره بالجنة ‏)‏ ‏

    [‏الحديث في الصحيح‏]‏

    فمن لم يستيقن بها قلبه،
    لم يستحق دخولَ الجنَّة‏.‏


    الشرط الثالث‏:‏ القبول

    لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده،
    وترك عبادة ما سواه؛
    فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به؛
    كان من الذين قال الله فيهم‏:‏

    ‏{‏ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ
    لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
    يَسْتَكْبِرُونَ *

    وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا
    لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ‏ }‏ ‏

    [‏الصافات/35، 36‏]‏‏.‏

    وهذا كحال عباد القبور اليوم؛
    فإنهم يقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏،
    ولا يتركون عبادة القبور؛
    فلا يكونون قابلين
    لمعنى لا إله إلا الله‏.‏


    الشرط الرابع‏:‏ الانقياد

    لما دلت عليه،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ
    وَهُوَ مُحْسِنٌ
    فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ‏}

    ‏[‏لقمان/22‏]‏‏.‏

    والعروة الوثقى‏:‏
    لا إله إلا الله؛

    ومعنى يسلم وجهه‏:‏
    أي ينقاد لله بالإخلاص له‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  10. #30

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الشرط الخامس‏:‏ الصدق

    وهو أن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه،
    فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه؛
    كان منافقًا كاذبًا،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ
    وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ *
    يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا‏ }

    إلى قوله‏:‏
    {‏ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ‏}

    ‏[‏البقرة/8-10‏]‏‏.‏


    الشرط السادس‏:‏ الإخلاصُ

    وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛
    بأن لا يقصد بقولها
    طمعًا من مطامع الدنيا،
    ولا رياء ولا سمعة؛

    لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال‏:‏

    ‏( ‏فإنَّ الله حرّم على النار من قال‏:‏
    لا إله إلا الله،
    يبتغي بذلك وجه الله‏ )‏ ‏

    [‏الحديث أخرجه الشيخان‏]‏‏.‏


    الشرط السابع‏:‏ المحبة

    لهذه الكلمة، ولما تدل عليه،
    ولأهلها العاملين بمقتضاها،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ
    أَندَادًا
    يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ

    وَالَّذِينَ آمَنُواْ
    أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ‏}

    ‏[‏البقرة/165‏]‏‏.‏

    فأهل ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏ يحبون الله حبًّا خالصًا،

    وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره،

    وهذا ينافي مقتضى لا إله إلا الله‏.‏


    ب ـ وشروطُ شهادة أنَّ محمدًا رسولُ الله
    هي‏:‏

    1- الاعتراف برسالته، واعتقادها باطنًا في القلب‏.‏

    2- النطق بذلك، والاعتراف به ظاهرً باللسان‏.‏


    3- المتابعة له؛
    بأن يعمل بما جاء به من الحق،
    ويترك ما نهى عنه من الباطل‏.‏

    4- تصديقه فيما أخبر به
    من الغيوب الماضية والمستقبلة‏.‏

    5- محبته أشد من محبة النفس والمال
    والولد والوالد والناس أجمعين‏.‏

    6- تقديم قوله على قول كل أحد،
    والعمل بسنته‏.‏


    الحمد لله رب العالمين

  11. #31

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    رابعًا‏:‏ مقتضى الشهادتين


    أ ـ مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله

    هو ترك عبادة ما سوى الله من جميع المعبودات،
    المدلول عليه بالنفي
    وهو قولنا‏:‏ ‏(‏لا إله‏)‏‏.‏

    وعبادةُ الله وحده لا شريك له،
    المدلول عليه بالإثبات،
    وهو قولنا‏:‏ ‏(‏إلا الله‏)‏،


    فكثير ممن يقولها يُخالف مقتضاها؛
    فيثبت الإلهية المنفية
    للمخلوقين والقبور والمشاهد
    والطواغيت والأشجار والأحجار‏.‏


    وهؤلاء اعتقدوا أن التوحيد بدعة،
    وأنكروه على من دعاهُم إليه،
    وعابوا على من أخلصَ العبادة لله‏.‏


    ب ـ ومقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله

    طاعتهُ وتصديقُهُ،
    وترك ما نهى عنه،

    والاقتصار على العمل بسنته،
    وترك ما عداها من البدع والمحدثات،

    وتقديم قوله على قول كل أحد‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  12. #32

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    خامسًا‏:‏
    نواقض الشهادتين

    هي نواقض الإسلام؛
    لأن الشهادتين هنا
    هما اللتان يدخل المرء بالنطق بهما في الإسلام،

    والنطق بهما اعتراف بمدلولهما،
    والتزام بالقيام بما تقضيانه؛
    من أداء شعائر الإسلام،

    فإذا أخل بهذا الالتزام فقد نقض التعهد
    الذي تعهد به حين نطق بالشهادتين‏.‏

    ونواقض الإسلام كثيرةٌ
    قد عقد لها الفقهاء في كتب الفقه بابًا خاصًّا
    سموه ‏(‏باب الردة‏)‏،

    وأهمها عشرة نواقض
    ذكرها شيخ الإسلام محمدُ بنُ عبد الوهاب
    رحمه الله
    في قوله‏:‏

    1 ـ الشرك في عبادة الله،

    قال الله تعالى‏:‏ ‏
    { ‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ
    وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏ }

    ‏[‏النساء/48، 116‏]‏،

    وقال تعالى‏:‏
    { ‏إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ
    فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ
    وَمَأْوَاهُ النَّارُ
    وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‏ }

    ‏ ‏[‏المائدة/72‏]‏‏.‏

    ومنه الذبحُ لغيرِ الله؛
    كالذبح للأضرحة أو الذبح للجن‏.‏


    2 ـ من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط؛
    يدعوهم ويسألهم الشفاعة
    ويتوكل عليهم؛
    فإنه يكفر إجماعًا‏.‏

    3 ـ من لم يكفر المشركين،
    ومن يشكّ في كفرهم،
    أو صحح مذهبهم؛
    كفر‏.‏


    4 ـ من اعتقد أن هدي
    غير النبي صلى الله عليه وسلم
    أكمل من هديه،
    أو أن حكم غيره
    أحسن من حكمه،

    كالذين يفضلون حكم الطواغيت
    على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم،
    ويفضلون حكم القوانين على حكم الإسلام‏.‏


    5 ـ من أبغض شيئًا مما جاء به
    الرسول صلى الله عليه وسلم
    - ولو عمل به -؛
    كفر‏.‏


    6 ـ من استهزأ بشيء من دين الرسول
    أو ثوابه أو عقابه؛
    كفر،

    والدليل على ذلك قوله تعالى‏:‏

    ‏{ ‏قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ
    كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ *

    لاَ تَعْتَذِرُواْ
    قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ‏ }‏

    ‏[‏التوبة‏:‏65/ 66‏]‏‏.‏

    7 ـ السحرُ،

    ومنهُ الصرفُ والعطفُ
    ‏(‏لعله يقصد عمل ما يصرفُ الرجلَ عن حب زوجته،
    أو عمل ما يحببها إليه‏)‏

    فمن فعله،
    أو رضي به؛ كفرَ،

    والدليل قوله تعالى‏:‏ ‏
    { ‏وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ
    حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ
    فَلاَ تَكْفُرْ ‏}

    ‏ ‏[‏البقرة/102‏]‏‏.‏


    8 ـ مظاهرة المشركين،
    ومعاونتهم على المسلمين،

    والدليل قوله تعالى‏:‏

    { ‏وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
    فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
    إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏ }

    ‏[‏المائدة/51‏]‏‏.‏


    9 ـ من اعتقد أن بعض الناس
    يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم،
    كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى،
    عليه السلام؛
    فهو كافر‏.


    ‏ قلت‏:‏

    وكما يعتقده غلاة الصوفية
    أنهم يصلون إلى درجةٍ
    لا يحتاجون معها
    إلى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏


    10 ـ الإعراض عن دين الله،
    لا يتعلمُهُ، ولا يعمل به،

    والدليل قوله تعالى‏:‏
    {‏ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
    عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ ‏}

    ‏[‏الأحقاف/3‏]‏،

    { ‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ
    ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا
    إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ‏}

    ‏[‏السجدة/22‏]‏‏.‏


    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله‏:‏

    ‏(‏ لا فرق في جميع هذه النواقض،
    بين الهازل والجاد والخائف،
    إلا المكره‏.

    ‏ وكلها من أعظم ما يكون خطرًا،
    وأكثر ما يكون وقوعًا،

    فينبغي للمسلم أن يحذَرها،
    ويخاف منها على نفسه،

    نعوذُ بالله من موجبات غضبه،
    وأليم عقابه ‏)‏ ‏‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  13. #33

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثالث‏:‏
    في التشريع

    التشريع حق لله تعالى


    والمراد بالتشريع‏:‏ ما ينزِّلُه الله لعباده من المنهج
    الذي يسيرون عليه في العقائد والمعاملات وغيرها؛
    ومن ذلك التحليل والتحريم،

    فليس لأحد أن يحل إلا ما أحله الله،
    ولا يحرم إلا ما حرم الله،

    قال تعالى‏:‏
    {‏ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ
    هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ
    لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ‏ }

    ‏[‏النحل/116‏]‏،

    وقال تعالى‏:‏

    {‏ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ
    فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا
    قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ
    أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ‏}

    ‏[‏يونس/59‏]‏‏.‏


    فقد نهى الله عن التحليل والتحريم؛
    بدون دليل من الكتاب والسنة،

    وأخبر أن ذلك من الكذب على الله،
    كما أخبر سبحانه أنَّ من أوجَبَ شيئًا
    أو حرَّمَ شيئًا من غير دليل؛

    فقد جعل نفسه شريكًا لله
    فيما هو من خصائصه،
    وهو التشريع،

    قال تعالى‏:‏

    {‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ
    شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ
    مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ‏ }

    ‏[‏الشورى/21‏]‏‏.‏

    ومن أطاع هذا المشرِّع من دون الله
    وهو يعلم بذلك ووافقه على فعله،
    فقد أشركه مع الله،

    قال تعالى‏:‏

    {‏ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ
    إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ‏ }

    ‏[‏الأنعام/121‏]‏‏.‏


    يعني‏:‏

    الذين يُحلّون ما حرَّم الله من الميتات،
    مَن أطاعهم في ذلك فهو مشرك،
    الحمد لله رب العالمين

  14. #34

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    كما أخبر سبحانه أن من أطاع الأحبار والرهبان
    في تحليل ما حرم الله،
    وتحريم ما أحله الله؛
    فقد اتخذهم أربابًا من دون الله،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
    أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ
    وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ

    وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا
    لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
    سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ‏}‏

    ‏[‏التوبة/31‏]‏‏.‏

    ولما سمع عديّ بنُ حاتم
    - رضي الله عنه -
    هذه الآية،

    قال‏:‏ يا رسول الله،
    إنا لسنا نعبدهم،

    فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏( ‏أليسوا يُحلون ما حرَّم الله فتحلونه،
    ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه‏ )‏‏؟

    ‏ قال‏:‏ بلى،

    قال‏:‏ ‏( ‏فتلك عبادتهم‏ )‏

    ‏[‏الحديث رواه الترمذي‏]‏‏.‏


    قال الشيخُ عبد الرحمن بن حسن
    - رحمه الله -‏:

    ‏ ‏( ‏وفي الحديث دليل على أنَّ طاعةَ الأحبار والرهبان
    في معصية الله؛
    عبادة لهم من دون الله،
    ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛

    بقوله تعالى في آخر الآية‏:

    ‏ ‏{ ‏وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا
    لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
    سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏‏.‏


    ونظير ذلك قوله تعالى‏:

    ‏ ‏{ ‏وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
    وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ

    وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ
    لِيُجَادِلُوكُم ْ
    وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ
    إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }

    ‏[‏الأنعام/121‏]‏‏.‏

    وهذا وقع فيه كثيرٌ من النَّاس مع من قلدوهم؛
    لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المُقلَّد؛
    وهو من هذا الشرك‏)‏
    انتهى‏.‏


    فالتزام شرع الله،
    وترك شرع ما سواه،
    هو من مقتضى
    لا إله إلا الله،


    والله المستعان‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  15. #35

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الرابع‏:‏
    العبادةُ‏:‏ معناها، شُمولها

    1ـ معنى العبادة


    أصل العبادة التذلل والخضوع‏.‏‏.‏
    وفي الشرع‏:‏ لها تعاريف كثيرة، ومعناها واحد‏.‏‏.‏


    منها‏:‏
    أنَّ العبادة هي طاعة الله
    بامتثال ما أمرَ الله به على ألسنة رسله‏.‏

    ومنها‏:‏

    أن العبادة، معناها‏:‏
    التذلُّل لله سبحانه فهي‏:‏
    غايةُ الذّلِّ لله تعالى مع غاية حُبّه،

    والتعريف الجامع لها هو أن العبادة‏:‏

    اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه؛
    من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة‏.‏


    وهي مُنقسمة
    على القلب واللسان والجوارح،
    فالخوف والرجاء،
    والمحبة والتوكل،
    والرغبة والرهبة‏:‏
    عبادة قلبية،


    والتسبيح والتهليل والتكبير،
    والحمد والشكر باللسان والقلب‏:‏
    عبادة لسانية قلبية‏.‏


    والصلاة والزكاة والحج والجهاد‏:‏
    عبادة بدنية قلبية،

    إلى غير ذلك من أنواع العبادة
    التي تجري على القلب واللسان والجوارح،
    وهي كثيرة‏.‏

    والعبادةُ‏:‏
    هي التي خلق الله الخلق من أجلها،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ
    إِلا لِيَعْبُدُونِ *
    مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ
    وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ *

    إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ
    ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ‏ }‏

    ‏[‏الذاريات/56-58‏]‏‏.‏


    فأخبر سبحانه أن الحكمة من خلق الجن والإنس‏:‏
    هي قيامهم بعبادة الله،

    والله غنيٌّ عن عبادتهم،
    وإنما هم المحتاجون إليها
    لفقرهم إلى الله تعالى،
    فيعبدونه على وفق شريعته،


    فمن أبى أن يعبد الله؛
    فهو مستكبر‏.‏

    ومن عبده وعبد معه غيره؛
    فهو مشرك‏.

    ‏ ومن عبده وحده بغير ما شرع؛
    فهو مبتدع‏.‏


    ومن عبده وحده بما شرع
    فهو المؤمن الموحِّد‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  16. #36

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2 ـ أنواع العبادة وشمولها

    العبادة لها أنواع كثيرة؛
    فهي تشمل كل أنواع الطاعات الظاهرة
    على اللسان والجوارح،
    والصادرة عن القلب؛

    كالذكر والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن،
    والصلاة والزكاة والصيام، والحج،

    والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

    والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل،

    وكذلك
    حب الله ورسوله،
    وخشية الله والإنابة إليه،
    وإخلاص الدين له،

    والصبر لحكمه والرضا بقضائه،
    والتوكل عليه،
    والرجاء لرحمته،
    والخوف من عذابه،


    فهي شاملة لكل تصرفات المؤمن؛
    إذا نوى بها القربة
    أو ما يعين عليها‏.‏


    حتى العادات،
    إذا قصد بها التقوِّي على الطاعات،
    كالنوم والأكل والشرب،
    والبيع والشراء وطلب الرزق والنكاح،

    فإن هذه العادات مع النية الصالحة
    تصيرُ عبادات؛ يثاب عليها،

    وليست العبادة قاصرة
    على الشعائر المعروفة‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  17. #37

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الخامس‏:
    ‏ في بيانِ مفاهيمَ خاطئةٍ في تحديد العبادة


    العبادات توقيفية


    بمعنى‏:
    ‏ أنه لا يشرع شيء منها
    إلا بدليل من الكتاب والسنة،

    وما لم يُشْرَع يُعتبر بدعة مردودة،

    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏
    ‏(‏ من عمل عملًا ليس عليه أمرنا
    فهو رَدٌّ ‏)‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏

    أي مردود عليه عمله،
    لا يقبل منه،
    بل يأثم عليه؛
    لأنه معصية
    وليس طاعة،


    ثم إن المنهج السليم في أداء العبادات المشروعة هو‏:‏

    الاعتدال بين التساهل والتكاسل؛
    وبين التشدد والغلو‏.‏

    قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم‏:‏

    {‏ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ
    وَمَن تَابَ مَعَكَ
    وَلاَ تَطْغَوْاْ‏ }

    ‏[‏هود/112‏]‏‏.‏

    فهذه الآية الكريمة فيها رسم لخطة المنهج السليم
    في فعل العبادات،

    وذلك بالاستقامة في فعلها على الطريق المعتدل؛
    الذي ليس فيه إفراط ولا تفريط؛
    حسب الشرع ‏(‏كما أمرت‏)‏

    ثم أكد ذلك بقوله‏:‏ ‏(‏ولا تطغوا‏)‏

    والطغيان‏:‏
    مجاوزة الحد بالتشدد والتنطع،
    وهو الغلو‏.‏

    ولما علم صلى الله عليه وسلم
    بأن ثلاثة من أصحابه تقالوا في أعمالهم،

    حيث قال أحدهم‏:‏ أنا أصوم ولا أفطر،
    وقال الآخر‏:‏ أنا أصلي ولا أرقد،
    وقال الثالث‏:‏ أنا لا أتزوج النساء‏.‏


    قال صلى الله عليه وسلم‏:

    ‏ ‏( ‏أما أنا فأصوم وأفطر
    وأتزوج النساء،
    فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني‏ )

    ‏ ‏[‏الحديث متفق عليه‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  18. #38

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وهناك الآن فئتان من الناس
    على طرفي نقيض في أمر العبادة‏.

    الفئة الأولى‏:‏

    قصَّرت في مفهوم العبادة وتساهلت في أدائها
    حتى عطلت كثيرًا من أنواعها،
    وقصرتها على أعمال محدودة،
    وشعائر قليلة تؤدى في المسجد فقط،


    ولا مجال للعبادة في البيت،
    ولا في المكتب،
    ولا في المتجر،
    ولا في الشارع،
    ولا في المعاملات،
    وفي السياسة،
    ولا الحكم في المنازعات،
    ولا غير ذلك من شئون الحياة‏.‏

    نعم للمسجد فضلٌ،
    ويجب أن تؤدى فيه الصلوات الخمس،
    ولكن العبادة تشمل كل حياة المسلم؛
    داخل المسجد وخارجه‏.‏


    والفئة الثانية‏:‏

    تشددت في تطبيق العبادات إلى حد التطرف،

    فرفعت المستحبات إلى مرتبة الواجبات،
    وحرَّمت بعض المباحات،
    وحكمت بالتضليل
    أو التخطئة على من خالف منهجها،
    وخطَّأ مفاهيمها‏.‏


    وخير الهدي
    هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
    وشر الأمور محدثاتها‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  19. #39

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل السادس‏:‏
    في بيان ركائز العبودية الصحيحة

    إن العبادة ترتكز على ثلاثة ركائز هي‏:‏

    الحبُّ والخوفُ والرجاء‏.‏
    فالحب مع الذّل،
    والخوف مع الرجاء،
    لابد في العبادة من اجتماع هذه الأمور،


    قال تعالى في وصف عباده المؤمنين‏:‏
    ‏{ ‏يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }‏

    ‏[‏المائدة/54‏]‏،

    وقال تعالى‏:‏
    ‏{‏ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ‏ }‏

    ‏[‏البقرة/165‏]‏‏.‏


    وقال في وصف رُسُله وأنبيائه‏:‏
    ‏{‏ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
    وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا
    وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ‏ }‏

    ‏[‏الأنبياء/90‏]‏‏.‏


    وقال بعض السلف‏:‏

    من عبد الله بالحب وحده
    فهو زنديق،

    ومن عبده بالرجاء وحده
    فهو مرجئ،

    ومن عبده بالخوف وحده
    فهو حَرُوري ‏،

    ومن عبده بالحب والخوف والرجاء
    فهو مؤمن مُوحِّد‏.

    ‏ ذكر هذا شيخُ الإسلام في رسالة ‏(‏العبودية‏)‏


    وقال أيضًا‏:‏

    ‏(‏فدين الله‏:‏ عبادته وطاعته والخضوع له،

    والعبادة أصل معناها‏:‏ الذل‏.‏

    يقال‏:‏ طريقٌ مُعبَّدٌ،
    إذا كان مُذللًا قد وطئته الأقدام‏.‏

    لكن العبادة المأمور بها تتضمن
    معنى الذل،
    ومعنى الحب،

    فهي تتضمن
    غاية الذل لله تعالى،
    بغاية الحب له،

    ومن خضَعَ لإنسان مع بغضه له
    لا يكون عابدًا له،

    ولو أحبّ شيئًا ولم يخضع له
    لم يكن عابدًا له،

    كما يُحبُّ الرجل ولده وصديقه،

    ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى،

    بل يجب أن يكون الله
    أحب إلى العبد من كل شيء،

    وأن يكون الله
    أعظم عنده من كل شيء،

    بل لا يستحق المحبة والخضوع التام
    إلا الله‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

    انتهى ‏‏‏.‏


    هذه ركائز العبودية التي تدور عليها،

    قال العلامة ابن القيم في النونية‏:‏

    وعبادةُ الرحمن غايةُ حُبِّه ** مع ذُلِّ عابده هُما قطبــان

    وعليهما فَلكُ العبادة دائرٌ ** ما دار حتى قامتِ القُطبــان

    ومَدارهُ بالأمر أمرِ رَسوله ** لا بالهوى والنفسِ والشيطانِ


    شبَّه - رحمَهُ الله - دورانَ العبادة
    على المحبة والذل للمحبوب،
    وهو الله جل وعلا؛
    بدوران الفلك على قطبيه،

    وذكر أن دوران فلك العبادة
    بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم

    وما شرعه، لا بالهوى،
    وما تأمر به النفس والشيطان،
    فليس ذلك من العبادة‏.‏

    فما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم
    هو الذي يدير فلك العبادة،

    ولا تُديره البدع والخرافات
    والأهواء وتقليد الآباء‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  20. #40

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    3 ـ توحيد الأسماء والصفات

    أولًا‏:‏
    الأدلة من الكتاب والسنة والعقل
    على ثبوت الأسماء والصفات


    أ ـ الأدلة من الكتاب والسنة


    سبق أن ذكرنا أن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام‏:‏
    توحيدُ الرُّبوبية،
    وتوحيد الألوهية،
    وتوحيد الأسماء والصفات،

    وذكرنا جملة من الأدلة على النوعين الأولين‏:‏
    توحيد الربوبية،
    وتوحيد الألوهية‏.‏

    والآن نذكر الأدلة على النوع الثالث‏:
    ‏ وهو توحيد الأسماء والصفات‏.‏

    فإليك شيئًا من أدلة الكتاب والسنة‏:‏

    فمن أدلة الكتاب قوله تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
    فَادْعُوهُ بِهَا
    وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ
    سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏ }‏

    ‏[‏الأعراف/180‏]‏‏.‏


    أثبت الله سبحانه في هذه الآية لنفسه الأسماء،
    وأخبر أنها حُسنى‏.‏
    وأمر بدعائه؛

    بأن يُقال‏:
    ‏ يا الله، يا رحمن،
    يا رحيم، يا حي يا قيوم،
    يا رب العالمين‏.‏


    وتوعّد الذين يُلحدون في أسمائه؛
    بمعنى أنهم يميلون بها عن الحق؛
    إما بنفيها عن الله،
    أو تأويلها بغير معناها الصحيح،
    أو غير ذلك من أنواع الإلحاد‏.‏
    توعدهم بأنه سيُجازيهم بعملهم السيئ‏.‏


    وقال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ
    لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى‏ }‏

    ‏[‏طه/8‏]‏،

    ‏{‏ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ
    عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
    هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ *

    هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
    الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ
    الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ
    الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ

    سُبْحَانَ اللَّهِ
    عَمَّا يُشْرِكُونَ *

    هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
    لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
    يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ‏}‏

    ‏[‏الحشر/22-24‏]‏‏.‏

    فدلّت هذه الآيات على إثبات الأسماء لله‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •