تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفوضى اللغويّة في التكنولوجيا.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    12

    افتراضي الفوضى اللغويّة في التكنولوجيا.

    بسم الله الرّحمن الرّحيم .
    اللسانيات هذا العلم الذي شغل الدنيا منذ نشأته وحتى وقتنا هذا، يعرف بأنه "علم يدرس الظاهرة اللغوية دراسة علمية". هذا التعريف العام لهذا الحقل، يفجؤنا بأنه "طرف خيط"، وبعد النظر الدقيق لبعض جوانب هذا الحقل في تطور النظرة إلى اللغة على نحو مختلف تماما، تجاوزت الوصف العام، والتعريف المجملي للغة إلى التفسير والتحليل اللغوي للوصول إلى مبررات منطقية في تدبر بعض جوانب الظاهرة اللغوية.
    معظم المدارس اللسانية التي تعرضت لدراسة هذه الظاهرة العجيبة التكوين، قدمت تفسيرات منطقية قابلة للنقاش والحوار، من خلال نظريات وفرضيات، كان لكل منها مسوغات ومبررات في النظرة والنظرية . بدأ من المنهج التاريخي الذي يعد نقطة انطلاق في دراسة الظاهرة اللغوية الحديثة، ووصولا إلى المنهج التزامني المتمثل بالمدرسة البنيوية التي أحدثت ذلك التحول الكبير في دراستها، انتهاء باللسانيات الحاسوبية التي يسعى علماء العربية جاهدين لجعل العربية أحد تطبيقاتها. يقول الدكتور نهاد الموسى في كتابه : العربية – نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية : "ينتظم اللسانيات الحاسوبية مكوِّنان: أحدهما تطبيقي والآخر نظري: أما التطبيقي فأول عنايته بالناتج العملي لنمذجة الاستعمال الإنساني للغة، وهو يهدف إلى إنتاج برامج ذات معرفة باللغة الإنسانية، وهذه البرامج مما تشتد الحاجة إليه من أجْل تحسين التفاعل بين الإنسان والآلة؛ إذ إِن العقبة الأساسية في طريق هذا التفاعل بين الإنسان الحاسوب إنما هي عقبة التواصل. وأما النظري أو اللسانيات الحاسوبية النظرية فتتناول النظريات الصورية للمعرفة اللغوية التي يحتاج إليها الإنسان لتوليد اللغة وفهمها". وتوصيف اللغة يتخذ بعدين : كميًا ومنهجيًا : كميٌّ يتعلق بالذاكرة الحافظة ؛ ذلك أن ذاكرة الحاسوب تفوق الذاكرة الفردية ، ومنهجيٌّ يتعلق بالبعد الأول من جهة أنه يمثل سياقًا لازمًا لتحقيق الكفاية . إنه إذا أمكن الإنسان أن يستودع الحاسوب المعطيات والقواعد التي يختزنها العقل الإنساني فتتحقق له بها الكفاية اللغوية سيظل محتاجًا إلى رصيد إضافي من المعطيات والأدلة المنهجية لاستدعائها ومعالجتها قصد الانتفاع بها لاستيفاء شروط الكفاية اللغوية إن صح الوصف" .

    إنّ العربية ، هذه اللغة التي تضع يديها على مورث لا تملكه لغة في العالم، حيث عكف علماؤها قديما على دراستها وأمعنوا النظر في ظواهرها، فجاءت النظرة خاصة في اللغة العربية، ولم يلوا اللغة بطابعها العام بوصفها لغة بشرية العناية الكافية، في حين اهتم عدد من علماء العربية اليوم بالإفادة من اللسانيات الحديثة لتطوير النظرة للغة بشكل عام، واللغة العربية على نحو خاص، وقراءة الموروث العربي بمنظور جديد، من شأنه النهوض بالعربية من حالة الجمود إلى عنفوان المجد والتألق، وبث الرّوح اللغويّة في الأجيال لمواصلة ما كان عليه أجدادنا في اهتمامهم بهذه اللغة الفذه .
    وفي كل مواجهة لسانية بين يدي أستاذتنا الكبار ، لم يهدأ لي بالٌ في أن أكتب في جديدٍ أستشفُّ فكرته ممّا قرأتُهُ ، إلى أن اهتديت إلى موضوع أحببت أن ألخص فيه رؤيتي ، وإن لم أجد مَنْ أولاه اهتماماً كتابياً من قبل ، وهو "الهلوسة الكتابية" في شاشات أجهزة الاتصال ، سواء المحمول منها كالهاتف والحاسوب ، أو الثابت كلوحات الإعلان الكبيرة والتلفاز . على أنها مصادر تلازمنا كظلالنا ، لحاجتنا القصوى لمثل هذه الأجهزة .
    واللغة ، عنصرٌ يفرض نفسه طواعية فيها ؛ كوننا نتواصل من خلالها مع الآخر ، والمختصّ باللغة يمرّ بالأخطاء الكتابيّة في هذه التقنيات "كلمح بالبصر" ، فعند إيصالنا الهاتف المحمول على سبيل المثال بالشاحن الكهربائي ، تستطلعنا الشاشة على الفور بجملة : "جار الشحن" ، فالعاميّ يأخذ بهذا القالب اللغوي دون التوقف على حيثياته التركيبية من تقديم وتأخير ، ودلالة لهذا التقديم والتأخير ، أمّا المتخصص فتجده يشمئز من أوليّة النكرة في هذه الجملة ، فحذف الياء من المقصور لم يسعف واضعه في فهم وتأويل جمال التقديم والتأخير في هذا التركيب ، وكأنّه يريد بهذا التركيب أن يبعث الطمأنينة في النّفوس من أن جريان الشحن قد بدأ ، غير آبهٍ بالهيئة التركيبية التي تبدو فيها الجملة مشوهة الملامح .
    فالموظف والشرطيُّ والمهنيّ ليس من هواة المطالعة اللسانية والنحوية والصرفية .. أو حتى ليس ضليعا في اللغة الإنجليزية وغيرها حتى يتمكّنَ من إيصالنا إلى بَرِّ المعنى بأمان ، وربّما اختلطت عاميته بركيك فصاحته المنسيّة ، وهذا يستدعي من علماء اللغة التركيز على الكيفية التي تغيرت بها صيغ وحدود الزمن والفضاء والمثيرات الحسية وكل ما هو مرتبط بأشكال الاتصال الإنساني في الحياة الرقمية الجديدة . وإذا أردنا دراسة هذه الظواهر الجديدة ، فإنّ الأمر يتطلب – لزاما- تكاملاً في منهج دراسة الحالة اللغويّة الالكترونية هذه كمنهج بحثي تتكامل فيه أدوات البحث من ملاحظة وفحص ومناقشة ومعالجات واستبانات قياسية .

    مثالٌ على الهاتف :
    نجد في أيقونة الضبط جملة : "دخِّل وخرِّج الصوت" .
    هنا طغت العامية التي تتجلى بوضوح وإن كانت الغاية من وراء هذا التركيب ، الفصحى . فأسقط الموظف ثقافته "الكلاسيكية" كتلة واحدة ، دون وعيٍ بقواعد ومعايير اللغة ، ربما أدّى الأمر بعد قليل إلى اختفاء هوية اللغة في مثل هذه الأجهزر الرقمية .

    ومثل هذه الوسائط تبقى أدواتٍ غيرَ مسؤولة عن هذا الفعل ، فهي ليست شخصاً متخصّصا في اللغة لنلقي عليه مسؤولية الفعل . فهو مجرد وسيط . ولا بدّ من مراعاة القيم الإنسانية والثقافية في تصميم التقنية ، إذ الإحساس بالقيم الإنسانية ينبغي أن يكون جزءاً من ثقافة علوم الحواسيب والاتصالات .

    ومعيب علينا أن نتهم هذا الوسيط - الذي سُخِّرَ لخدمتنا- بالقصور اللغوي ، وهذه الأدوات تشيع فيها اللغة التي يمتطيها العامي الذي يجهل مكنوناتها وكنه بنيتها . وربّما يجده الناس مألوفاً وآمناً؛ لأنه متشابه في نقاط كثيرة مع كتابة الخطابات .

    فأجهزة الحواسيب والهواتف والفضاء الإلكتروني الرّحب أضحت نمطاً من الفضاء الانتقالي ، يمتد فيه عالم الفرد ونفسيته ، حيث تلتقي فيه روحٌ بأخرى منفصلة عنها تماما ، واللغة تلك الهالة المحيطة بنا ، هي الجسر الذي نمتد في إلى غيرنا ، في هذا الفضاء الرّحب . وبظهورها طفت على السطح بيئة متعددة الجوانب، معقدة بقوة، نشأت من أشكال لا يمكن تخيلها من الحياة الرقمية، حيث ظهرت كيانات اجتماعية لم تكن موجودة في السنين القليلة الماضية .

    ومثل هذه البيئة ، قد يتربى مواطنوها على ظروف لغوية غاية في الركاكة ، يتوارثها جيل تلو جيل ، وهذا الأمر الخطير يحتم علينا أن نمعن النّظر في جذور هذه المسألة المفرطة الحساسية

    ومع هذه الصّرعة الرقمية ، لا بد من التدرب على تصميم برامج تخدُم عمليتَيِ التعليم والتعلُّم، وقد ظهرت الحاجة إلى تدريب المعلمين في أثناء الخدمة على استخدام تكنولوجيا التَّعليم، وتوجدُ شركاتٌ تُعْنَى بتصميم برامج تدريبِ المعلمين على توظيف تكنولوجيا التعليم في عملية التدريس، وإتقان مهارات التعامل مع تلك الأدوات ، أمّا شركات الاتصال فهي أولى حاجة لمثل هذه البرامج التدريبية .

    فقد يتسنّى لنا من خلال التعامل مع البرامج التدريبية أن نرى لوحة المفاتيح في الهواتف الذكيّة -على سبيل المثال- تتضمّن حروفها العربيّة ، حركات الإعراب الأصلية ، والتنوين ، لما نواجهه من صعوبة في التحكم بالدلالة اللغوية التي تتقيد بعدم وجود مثل هذه الخدمة اللغوية الحاسوبية ، للتخلص من الطرق الملتوية والطويلة في إيصال الفكرة إلى الآخر . أو حتى إدخال برنامج التدقيق الإملائي الذي يتح لنا الفرصة من وقت لآخر ، في صقل التراكيب اللغوية المبرمجة داخل الهواتف .
    إعداد : خليل القعيسي .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    15

    افتراضي رد: الفوضى اللغويّة في التكنولوجيا.

    يا أخ خليل، أخطأت **** الحفرةَ!!

    المثال اليتيم الذي أوردته، "دخِّل وخرِّج الصوت"!! ما هو إلا نتيجة خطأ في قراءتك

    فالصواب في ضبطه: دَخْل وخَرْج
    وهي ترجمة حرفية للكلمتين الإنجليزيتين: Input و Output

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •