الطائفية .. < فــهــم ودِلالــــة > ..
الطائفيةُ من الطائفة ، وهي في أصل الوضع العربي : دِلالة على مجموعة من الناس ، وتُطلق على الواحد طائفي نسبةً إلى الطائفة ..
ولها في لسان الشرع معنيان رئيسان ، يأتي ذكرهُما بعد كشف معرفة أنَّ المصطلحات والمواضعات تلاعب بها بعضُ الكتاب والمقـرِّرِين إجالةً عن مقاصدها التي وضعت لها ، في اللغة والاصطلاح ..
ولهم غاياتٌ ، منها : صرف المؤمنين عن عقيدة الولاء والبراء ، وتنحية الشريعة من حاكميتها في بلاد الإسلام .. وإزالة التمايز بين الحق والضلال ، والتسوية بين الظالم والمظلوم ..
وقد تولى كِـبَـرَ ذلك التلبيس ، والتدليس دعاةُ العلمنة ، واللبرلة ، والرافضة .. متبعين أسيادهم من الغرب في تأصيل تلك المفاهيم الفاسدة .. ومن عجيب أمرهم : أنهم ينددون بالطائفية ، وهم في < واقعهم العملي > ، من أكثر الناس طائفية حتى النخاع !! ..
والطائفية في الميزان الصواب - شرعـاً - لها معنيان :
1- طائفة الإيمان ، وطائفة الكفر.. قال الله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَـــةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْـــكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَــــــاكِم ِينَ ) وقـــوله سبــحانه : ( فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ) .. وليس بين هاتين الطائفتين : التقاء ، ومحبة وولاء ؛ بل هو البراء من الكفر وأهله ، والطائفية هنا شرع متبع ، ووصف صادق ، وفخر للمسلم على غيره ، ولا غضاضة من وصفه بها .. فالمؤمنون طائفة الحق ، والكافرون طائفة الباطل ..
2 – أما المعنى الآخر للطائفة : فهو يطلق على المؤمنين الذين يشملهم وصف الإيمان ، كما في قوله تعالى : ( إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) وقوله عز وجل : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) ..
وفي الحديث : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) ..
وطوائف المسلمين : لهم بـَـذل الولاء ، والنصرة كلّ بحسبه ، ولا يُــنفى مطلق الولاء عن الطائفة ؛ إلا بخروجها عن الإسلام ..
والولاء مراتب : فمن كَــمـَّـل صفات المسلمين والمؤمنين ، والتزم بعقيدة الإسلام ؛ كان له من الولاء أكمله .. ومن خالف بمعصية ، أو بدعة غير مكفرة ، نقص عنه الولاء بما يناسب تلك المعصية والبدعة ..
والولاء العام : مبذول لكل مسلم ، وما يحصل منهم من حرب بين بعضهم ، يوصف بأهلية ؛ فيسعى عقلاء الرجال - تدرجاً - في إزالتها : بالصلح ، أو المنع ؛ فإنْ أصرَّ طرفٌ على القتال والتعدي ، فهو باغٍ وصائل ، يجب إيقاف ظلمه بكل وسيلة ، ولو كان ذلك بحربه وقتاله ..


حسن الحملي ..