قال تعالى:" فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم"
لعنة الله على اليهود
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:"فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين "
وفي هذه الآية الكريمة عدة أمور ،منها:
1- هناك محذوف في الآية الكريمة تقديره "فنقضوا الميثاق" والمتكلم يذكر ما يحتاج إليه ويحذف من كلامه ما يستغني عنه ويدل عليه الدليل وهو قوله"فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم ".
2- تقديم "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم" لترتبط هذه الآية مع الآية السابقة ومن أجل التخصيص ،أي لم تكن اللعنة إلا من أجل نقضهم الميثاق ،فالكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية.
3- دعت الحاجة المعنوية إلى زيادة "ما" في قوله تعالى:" فبما" (وذلك أنها تؤكد الكلام بمعنى أنها تمكنه في النفس من جهة حسن النظم ، ومن جهة تكثيره للتوكيد،كما قال الشاعر:
لشيء ما يسود من يسود.
4- قوله تعالى"وجعلنا قلوبهم قاسية أي : صلبة لا تعي خيرا ولا تفعله ; والقاسية والعاتية بمعنى واحد ، وقرأ الكسائي وحمزة : " قسيَّة " بتشديد الياء من غير ألف ; وهي قراءة ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب ، والعام القسي الشديد الذي لا مطر فيه ، وقيل : هو من الدراهم القسيات أي : الفاسدة الرديئة ; فمعنى " قسية " على هذا ليست بخالصة الإيمان ، أي : فيها نفاق . قال النحاس : وهذا قول حسن ; لأنه يقال : درهم قسي إذا كان مغشوشا بنحاس أو غيره . يقال : درهم قسي ( مخفف السين مشدد الياء ) مثال شقي أي : زائف ; ذكر ذلك أبو عبيد وأنشد الشاعر وهو : أبو زيد الطائي
لها صواهل في صم السلام كما//صاح القسيات في أيدي الصياريف(1)
فقارئ القرآن الكريم يقرأ بحسب الأهمية المعنوية وبحسب المعنى الذي يريده.
============================== ==
(1)تفسير القرطبي