بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرا ما يُوَاجَهُ المسلمون بمثل هذا السؤل الذي يظنه من لا علم له وللوهلة الأولى أنه "مُعجِز"...نقول لهم هيهات هيهات أن يَعْجِز مسلم مؤمن عالم بدينه عن تبليغ رسالة الإسلام الصافية
فإليكم -بإذن الله وتوفيقه- هذا الموضوع الهام وباللغتين العربية والإنجليزية وجزى الله خيرا من أنجزى هذا العمل.

حاجة البشر إلى الدين
فتوى رقم: 14055
منقول من الإسلام سؤال و جواب

السؤال: لماذا يحتاج الناس إلى الدين ؟ ألا تكفي القوانين لضبط حياة الناس !.
الجواب:
الحمد لله
حاجة البشر إلى الدين أعظم من حاجاتهم إلى ما سواه من ضرورات الحياة ؛ لأن الإنسان لا بد له من معرفة مواقع رضى الله –سبحانه– ومواقع سخطه، ولابد له من حركة يجلب بها منفعته، وحركة يدفع بها مضرته، والشرع هو الذي يميز بين الأفعال التي تنفع والتي تضر، وهو عدل الله في خلقه، ونوره بين عباده، فلا يمكن للناس أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه وما يتركونه.
وإذا كان للإنسان إرادة فلا بد من معرفة ما يريده، وهل هو نافع أو ضار؟ وهل يصلحه أو يفسده؟.
وهذا قد يعرفه بعض الناس بفطرهم وبعضه يعرفونه بالاستدلال إليه بعقولهم، وبعضه لا يعرفونه إلا بتعريف الرسل وبيانهم لهم وهدايتهم إياهم (أنظر التدمرية، تأليف شخ الإسلام ابن تيمية و ص: 213, 214، ومفتاح دار السعادة، جـ2، ص: 383 -).
فمهما استعلت المذاهب المادية الإلحادية وتزخرفت ومهما تعددت الأفكار والنظريات فلن تغني الأفراد والمجتمعات عن الدين الصحيح، ولن تستطيع أن تلبي متطلبات الروح والجسد، بل كلما توغل الفرد فيها ؛ أيقن تمام اليقين أنها لا تمنحه أمناً، ولا تروي له ظمأً، وألا مهرب منها إلا إلى الدين الصحيح، يقول "أرنست رينان": "إن من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه وأن تبطل حياة استعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن مستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة باطلة على بطلان المذهب المادي الذي يريد أن يحصر الإنسان في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية" (انظر: الدين، تأليف عبد الله دراز، ص: 87).
ويقول محمد فريد وجدي: "يستحيل أن تتلاشى فكرة التدين؛ لأنها أرقى ميول النفس وأكرم عواطفها، ناهيك بميل يرفع رأس الإنسان، بل إن هذا الميل سيزداد، ففطرة التدين ستلاحق الإنسان ما دام ذا عقل يعقل به الجمال والقبح، وستزداد فيه هذه الفطرة على نسبة علو مداركه ونمو معارفه" (المصدر السابق، ص: 87).
فإذا ابتعد الإنسان عن ربه فعلى قدر علو مداركه واتساع آفاق علمه، يدرك عظم جهله بربه وما يجب له، وجهله بنفسه وما يصلحها ويفسدها، ويسعدها ويشقيها، وجهله في جزئيات العلوم ومفرداتها كعلوم الأفلاك والمجرات وعلوم الحاسب والنواة وغيرها... وحينئذ يتراجع العالم من مرحلة الغرور والكبرياء إلى التواضع والاستسلام، ويعتقد أن وراء العلوم عالماً حكيماً، ووراء الطبيعة خالقاً قادراً، وتلزم هذه الحقيقة الباحث المنصف بالإيمان بالغيب والإذعان للدين القويم، والاستجابة لنداء الفطرة والغريزة الجِبِلََّيَّة.. ..وإذا تخلى الإنسان عن ذلك انتكست فطرته وتردى على مستوى الحيوان الأعجم.
ونخلص بهذا إلى التدين الحق – الذي يعتمد على إفراد الله بالتوحيد، والتعبد له وفق ما شرع – عنصر ضروري للحياة ليحقق المرء من خلال عبوديته للَّه رب العالمين، ولتحصيل سعادته وسلامته من العطب والنصب والشقاء في الدارين، وهو ضروري لتكتمل القوة النظرية في الإنسان ؛ فبه وحده يجد العقل ما يشبع نهمته، ومن دونه لا يحقق مطامحه العليا.
وهو عنصر ضروري لتزكية الروح وتهذيب قوة الوجدان، إذ العواطف النبيلة تجد في الدين مجالاً ثرياً ومنهلاً لا ينفد معينه تدرك فيه غايتها.
وهو عنصر ضروري لتكتمل قوة الإرادة بما يمدها بأعظم البواعث والدوافع ويدرّعها بأكبر وسائل المقاومة لعوامل اليأس والقنوط.
وعلى هذا فإذا كان هناك من يقول: إن الإنسان مدني بطبعه، فينبغي أن نقول: "إن الإنسان متدين بفطرته" (انظر السابق ص: 84، 98) لأن للإنسان قوتين: قوة علمية نظرية، وقوة علمية إرادية، وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوته العلمية والإرادية، ولا يتحقق استكمال القوة العلمية إلاّ بمعرفة ما يلي:
1- معرفة الإله الخالق الرازق الذي أوجد الإنسان من عدم وأسبغ عليه النعم.
2- معرفة أسماء الله وصفاته، وما يجب له – سبحانه -، وأثر هذه الأسماء على عباده.
3- معرفة الطريق التي توصل إليه سبحانه.
4- معرفة المعوقات والآفات التي تحول بين الإنسان وبين معرفة هذا الطريق وما توصل إليه من النعيم العظيم.
5- معرفة نفسك معرفة حقيقية، ومعرفة ما تحتاج إليه، وما يصلحها أو يفسدها، ومعرفة ما تشتمل عليه من المزايا والعيوب.
فبهذه المعارف الخمس يستكمل الإنسان قوته العلمية، واستكمال القوة العلمية والإرادية لا يحصل إلاّ بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد، والقيام بها إخلاصاً وصدقاً ونصحاً ومتابعةً، وشهوداً لمنته عليه ولا سبيل إلى استكمال هاتين القوتين إلاّ بمعونته فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم الذي هدى أولياءه إليه. (انظر: الفوائد، ص: 18-19).
بعد أن عرفنا أن الدين الصحيح هو المدد الإلهي لقوى النفس المختلفة، فإن الدين – أيضاً – هو الدرع الواقي للمجتمع، ذلك لأن الحياة البشرية لا تقوم إلاّ بالتعاون بين أعضائها، ولا يتم هذا التعاون إلاّ بنظام ينظم علاقاتهم، ويحدد واجباتهم، ويكفل حقوقهم، وهذا النظام لا غنى له عن سلطان نازع وازع يردع النفس عن انتهاكه، ويرغبها في المحافظة عليه، ويكفل مهابته في النفوس ويمنع انتهاك حرماته، فما هو هذا السلطان ؟ فأقول: ليس على وجه الأرض قوة تكافئ قوة التدين أو تدانيها في كفالة احترام النظام، وضمان تماسك المجتمع واستقرار نظامه، والتئام أسباب الراحة والطمأنينة فيه.
والسر في ذلك أن الإنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها شيء لا يقع عليه سمع ولا بصر، وإنما هو عقيدة إيمانية تهذب الروح وتزكي الجوارح، فالإنسان مقود أبداً بعقيدة صحيحة أو فاسدة، فإذا صلحت عقيدته صلح فيه كل شيء، وإذا فسدت فسد كل شيء.
والعقيدة والإيمان هما الرقيب الذاتي على الإنسان وهما – كما يلاحظ في عموم البشرية – على ضربين:
- إيمان بقيمة الفضيلة وكرامة الإنسانية وما إلى ذلك من المعاني المجردة التي تستحي النفوس العالية من مخالفة دواعيها حتى ولو أعفيت من التبعات الخارجية والجزائية المادية.
- وإيمان بالله سبحانه وتعالى وأنه رقيب على السرائر، يعلم السر وأخفى، تستمد الشريعة سلطانها من أمره ونهيه، وتلتهب المشاعر بالحياء منه إما محبة له أو خشية منه أو بهما معاً... ولا ريب أن هذا الضرب من الإيمان هو أقوى الضربين سلطاناً على النفس الإنسانية، وهو أشدهما مقاومة لأعاصير الهوى وتقلبات العواطف، وأسرعها نفاذاً في قلوب العامة والخاصة.
من أجل ذلك كان الدين خير ضمان لقيام التعامل بين الناس على قواعد العادلة والإنصاف، وكان لذلك ضرورة اجتماعية، فلا غرو إن حل الدين من الأمة محل القلب من الجسد. (انظر: الدين، ص: 98، 102). وإذا كان الدين عموماً بهذه المنزلة، فالمشاهد اليوم تعدد الأديان والملل في هذا العالم، وتجد كل قوم بما لديهم من الدين فرحون مستمسكون به، فما الدين الصحيح الذي يحقق للنفس البشرية ما تصبو إليه ؟ وما ضوابط الدين الحق ؟.
(من كتاب: "الإسلام أصوله ومبادئه تأليف" د. محمد بن عبد الله بن صالح السحيم)

**********
وهذا نص الرسالة مترجم إلى اللغة الإنجليزية من نفس الموقع

Eglish item
mankind’s need for religion
question : Why do people need religion? Isn’t it enough to have (man-made) laws that will regulate
people’s lives

:response
الحمد لله praise be to allaah
man’s need for religion is greater than his need for any of the other necessities of life, because man needs to know what pleases allaah and what angers him; he needs to acts in his own interests and to ward off things that will harm him. Sharee’ah is what distinguishes between actions that will bring benefit and actions that will cause harm. This is allaah’s justice towards his creation, and his light which shines for his slaves. People cannot live without laws (sharee’ah) to help them distinguish between what they should and should not do.
Because man has a will, he has to know what he wants, is it beneficial or harmful? Is it good for him or bad for him?
Some of these things may be known instinctively, some of it may be known by working it out in a rational manner, and some of it may only be known from the teachings and guidance of the messengers. See al-tadmuriyyah by shaykh al-islam ibn taymiyah, p. 213, 214; miftaah daar al-sa’aadah, vol. 2, p. 383.
No matter how impressive and attractive the atheist, materialist schools of thought may be, and no matter how many ideas and theories there may be, individuals and societies can never do without the true religion, they can never answer the needs of body and soul. The further the individual sinks into those ways, the more certain it becomes that he cannot find security or quench his thirst, and that there is no way out except through the true religion. Ernest renan says: “it is possible that everything we love could disappear and that rational thinking, science and industry could cease to exist, but it is impossible that religion could be eliminated. Rather it will remain as proof that materialistic thought which wants to restrict man to the narrow path of the base life of this world is false.” (see al-deen by ‘abd-allaah darraaz, p. 87)
muhammad fareed wajdi says: “it is impossible that the idea of religion could diminish, because it is the most refined inclination of the soul and its noblest emotion, in addition to being the inclination that ennobles man. Rather this inclination will increase and the religious nature of man will remain so long as he retains that reason which enables him to distinguish between beauty and ugliness. This instinct will increase according to his level of rationality.” (ibid., p. 87)
if man is far away from his lord, then according to his level of knowledge and understanding he will realize the extent of his ignorance of his lord and his attributes, and his ignorance of his own self and what is good for him or bad for him, what leads to bliss and what leads to doom, and his ignorance of such basic matters as astronomy, mathematics and the like. At this point the wise man will move from the state of arrogance and pride to humility and submission, and will realize that behind all this knowledge is the all-knowing, all-wise, and that behind nature there is an almighty creator. This truth compels the objective seeker to believe in the unseen and acknowledge the true religion, and to respond to the call of human nature and innate instinct. If a person fails to do that he is going against his innate nature and sinking to the level of the dumb animals.
Thus we may conclude that following the true religion – that which is based on belief in allaah alone (tawheed) and worshipping him in the way that he has prescribed – is an essential element of life if man is to be a true slave to the lord of the worlds, and to attain happiness and be free of tiredness and exhaustion in this world and in the hereafter. It is essential in order to perfect man’s rational thinking. In this way alone can reason fulfil its desires; without it man cannot fulfil his higher ambitions.
It is an essential element for purifying the soul and disciplining the emotions, for in religion the noble emotions find fertile ground and an inexhaustible spring to help them achieve their goals.
It is an essential element for strengthening will power and supplying it with the greatest motives and power to resist the factor of helplessness and despair.
On this basis, if there is anyone who says that man is sociable in nature, we must say that man is religious by nature. (see ibid., 84, 98), because man has two strengths, knowledge and willpower, and his ultimate happiness depends on him acquiring both. Full knowledge can only be attained by knowing the following:
1- knowing allaah, the creator and provider who created man from nothing and bestowed blessings upon him.
2- knowing the names and attributes of allaah, and the effect of these names upon his slaves.
3- knowing the way to reach him.
4- knowing the obstacles that prevent man from knowing this way and the great blessings to which it leads.
5- knowing yourself in a true sense, and knowing what your soul needs, what is good for it and what is bad for it, and knowing its faults and shortcomings.
These five matters will complete a person’s knowledge. Achieving perfect will power can only be achieved by paying attention to the rights of allaah over his slaves and fulfilling them sincerely, adhering to that and bearing witness to the blessings of allaah. These two strengths can only be perfected with the help of allaah, so man needs allaah to guide him to the straight path to which he guides his close friends. See al-fawaa’id, p, 18-19.
Once we know that the true religion is the divine support that directs the potentials of man, then we know that religion is also a protective shield for society, because human life can only be strong when there is co-operation among the members of society. This co-operation can only be achieved by means of a system that regulates the relationships between them, defines their duties and protects their rights. This system needs a deterrent that will deter one from transgressing and encourage one to follow the system, one that carries weight in people’s hearts and prevents them from overstepping its limits. What is this authority? I say that there is no power on earth that can match the power of religion in protecting the sanctity of the system, guaranteeing the coherence of society and the stability of its system, and providing the means of peace and security.
The reason for that is that man differs from all other living beings in that his voluntary actions and dealings are governed by something that can be neither seen nor heard, namely the religious belief that disciplines the heart and guides his faculties. Man is inevitably led by his belief, whether it is sound or corrupt. If his belief is sound, everything else will also be sound, but if it is corrupt then everything else will also be corrupt.
Belief and faith are the two things that regulate man and – as we can see in most cases – they are of two types:
- belief in the importance of virtue and human dignity, and other abstract values which make noble souls feel ashamed to go against their principles even if they are spared the consequences of physical punishment.
- belief in allaah and that he is always watching and knows what is in our hearts, and that he knows secrets and that which is more hidden. The authority of sharee’ah is based on its commands and prohibitions, and makes a person feel shy before allaah, either out of love for him, or out of fear of him, or both. Undoubtedly this type of faith is the stronger of the two and carries more weight in human hearts. It is more able to resist the storms of desire and the upheavals of emotion, and it has more effect on the hearts of the masses and the elite.
For this reason, religion is the best guarantee for ensuring that people will deal with one another on a basis of fairness and justice, and hence it is a social necessity. It comes as no surprise that the relationship of religion to the ummah is like that of the heart to the body. Nowadays we see that there are many religions in the world, and each people has its religion which they cling to. What is the true religion which will fulfil the aspirations of the human soul? What are the guidelines of the true religion?

(from al-islam usooluhu wa mabaadi’uhu by dr. Muhammad ibn ‘abd-allaah ibn saalih al-suhaym)
*****
والله الموفق
نحبكم في الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله
والحمد لله