تعب كلها الحياة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ،والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في هذا الجزء من صدر بيت المعري الذي يترتب بحسب الأهمية المعنوية من العام إلى الخاص عدولا عن الأصل.
فقد أعطى المعري الأولوية لكلمة "تعب" وجعل لها منزلة عليا ،لأنها الأهم في التعبير عما يجول في نفسه تجاه الحياة ،وقام برفعها لتكون كلمة رئيسة خبرا وحديثا مبنيا على المبتدأ الذي سيأتي ،بفعل علاقة الاحتياج بين أجزاء التركيب.
ثم أعطى الأولوية للتوكيد ليجمع بينه وبين التعب ،لأن التعب يستغرق كل حياته ،ضاربا بعرض الحائط القانون النحوي الفلسفي الذي يقول :إن الرتبة محفوظة بين المؤكد والتوكيد ،كما قام برفع التوكيد ليكون توكيدا مرفوعا لمؤكد مرفوع.
ثم جاء أخيرا بموضوع الحديث جاعلا له منزلة دنيا عدولا عن الأصل ،ورفعه ليجعل منه كلمة رئيسة في التركيب بني عليها الكلام السابق.
فالإنسان يتثقف لغويا ،ثم ينطلق بالحديث تحت رعاية الأولوية والاحتياج وبإرشاد من علامات المنزلة وأمن اللبس .