دور الاحتياج المعنوي في اصطلاحات الضبط القرآني
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ،والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،ومما يدل على ذلك اصطلاحات الضبط القرآني التي وضعها علماء الأمة على مر الزمن على آيات القرآن الكريم كالوقف اللازم والوقف الممتنع والوقوف الجائز......إلخ ،والذي يتحكم في هذه الرموز هو الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية بين أجزاء التركيب وذلك كما يلي:
1-الوقف اللازم ،كقوله تعالى:"إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله" ،هناك إشارة(م) فوق كلمة يسمعون وتعني الوقوف اللازم ،ثم نستأنف كلاما جديدا لأن الموتى لا يستجيبون.
2- ممنوع الوقف،كقوله تعالى:"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة "هناك إشارة (لا) فوق "طيبين "وفوق "عليكم" ،وتعني :ممنوع الوقف لأن المعنى لا يتم والوقوف يحدث اللبس بسبب الاحتياج المعنوي بين أجزاء الآية الكريمة،ومثل ذلك قوله تعالى:"ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى (لا) لهم أجرهم عند ربهم"وقوله تعالى :"ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا(لا)إلا أن يشاء الله"
3-الوقف الجائز،كقوله تعالى:"نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم " هناك إشارة (ج)فوق كلمة "الحق" وتعني الوقف الجائز لأن السابق واللاحق جملتان كاملتا المعنى فيجوز الوقوف ،لأنه لا يوجد احتياج معنوي بين الجملتين ، ويجوز الوصل لأن الجملتبن تتحدثان عن موضوع واحد وهو أهل الكهف ،ومثل ذلك قوله تعالى:واعلموا أن فيكم رسول الله(ج) لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم".
4-جواز الوقف والوصل مع كون الوصل أولى ،كقوله تعالى "وما أدراك ما يوم الدين*ثم ما أدراك ما يوم الدين *يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله " "هناك إشارة (صلى) فوق كلمة " شيئا " وتعني:جواز الوقف مع كون الوصل أولى لأن المعنيين مترابطان ، وإن وقفنا فقدنا الاتصال المعنوي بين أجزاء التركيب ولم نعد نعرف ما المقصود "بيومئذ "،ومثل ذلك قوله تعالى:" قلنا اهبطوا منها جميعا(صلى)فإما يأتينكم مني هدى" ومثل ذلك قوله تعالى:"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو(صلى)وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير "فهنا عطف والجملتان مترابطتان.
5- جواز الوقف والوصل مع كون الوقف أولى،كقوله تعالى:"قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم " هناك إشارة (قلى) فوق كلمة "قليل " وتعني الوقف الجائز مع كون الوقف أولى لأن المعنيين منفصلان ، ولا يوجد احتياج معنوي بينهما ،فالأول عن العلم بالعدد والثاني عن منع الجدال في قصة أهل الكهف .
6- تعانق الوقف بحيث إذا وقف على أحد الموضعين لا يصح الوقف على الآخر ،كقوله تعالى:"ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"هناك إشارة تعانق الوقف (ث ث) أو النقط المثلثة فوق كلمتي "ريب وفيه" فإذا وقفنا على كلمة "ريب" لا يصح الوقوف على كلمة "فيه" لأن المعنى لا يكتمل وهي بحاجة لما بعدها .
7-السكتة القليلة الواجبة ،كقوله تعالى:" قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ " هناك إشارة (س قلى) فوق كلمة مرقدنا وتعني نهاية جملة وبداية جملة جديدة ،و"هذا" مبتدأ وليست إشارة للمرقد ، وإلا حدث اللبس .
والله أعلم