قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح السفارينية عند قول الناظم
148- مدارك العلوم في العيان *** محصورة في الحد والبرهان«هذه مسائل مبنية على علم المنطق ، والمؤلف رحمه الله أتى بها ملجأ إليها ، وإلا فنحن في غنى عن المنطق فالصحابة رضي الله عنهم لم يدرسوا المنطق ، ولا عرفوا المنطق ، والتابعون كذلك .
185- وقال قوم عند أصحاب النظر*** حسٌّ وإخبار صحيح والنظر
والمنطق حدث أخيراً ، ولا سيما بعد افتتاح بلاد الفرس والرومان حيث انتشرت كتب الفلاسفة ، ولا سيما أنها دعمت بعمل من الخلافة كما فعل المأمون ، الذي قال عنه شيخ الإسلام رحمه الله : لا اعتقد أن الله يغفل للمأمون عما صنع بهذه الأمة ، أو كلمة نحوها والعياذ بالله ، فقد جر الناس إلى سوء ، ودعاهم إلى ضلاله ، والله حسيبه .
لكن علم المنطق كتب فيه العلماء رحمهم الله وحذروا منه ، وممن كتب في الرد على المنطق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقد كتب في الرد عليهم كتابين أحدهما مطول والآخر مختصر
المطول : الرد على المنطقيين
والمختصر : نقض المنطق
وهذا الأخير أحسن لطالب العلم ؛ لأنه أوضح وأحسن ترتيباً ، وقد ذكر رحمه الله في مقدمة كتاب الرد على المنطقيين
قال : (( إن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد)) ، فالبليد يبقى ساعات ليحل سطراً مما كتب فيه ، والذكي لا يحتاج إليه ، وإذا كان الذكي لا يحتاج إليه والبليد لا ينتفع به ، إذاً فإن دراسته مضيعة وقت .
وهذا الكلام من شيخ الإسلام يدل على أن أدنى أحواله الكراهة
والعلماء رحمهم الله اختلفوا فيه ؛ فمنهم من حرمه ومنهم من قال : ينبغي أن يعلم ، ومنهم من فصل
فقال : الإنسان الذي عنده منعة لا يؤثر على عقيدته فإنه ينبغي أن يتعلمه ليحاج به قومه ، أي قوم المنطق ، ومن لم يكن كذلك فلا يتعلمه لأنه ضلال .
والصحيح أنه لا يتعلمه مطلقاً ؛ لأنه مضيعة وقت ، لكن إذا اضطر إلى شيء منه فليراجع ما اضطر إليه فقط ، ليكون تعلمه إياه كأكل الميتة ، يحل للضرورة وبقدر الضرورة ، فإذا كان هناك اضطرار أخذ من علم المنطق ما يضطر إليه فقط ، أما أن يتوسع ويضيع وقته فيه فلا .
وذلك لأنه ما ادخل علم المنطق على المسلمين إلا البلاء ، حتى أوصلهم إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون ، وينكروا على الله ما وصف به نفسه ، فالمسألة خطيرة ، والله عز وجل نزل الكتاب تبياناً لكل شيء ، لا يحتاج الناس إلى شيء بعد كتاب الله
وأمر عند التنازع أن يرد إلى الكتاب والسنة قال تعالى ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء: الآية59))..»