تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: فضل طلب العلم وحُكمه - إعداد / أبومعاذ : عبدرب الصالحين العتموني

  1. #1

    Lightbulb فضل طلب العلم وحُكمه - إعداد / أبومعاذ : عبدرب الصالحين العتموني

    فضل طلب العلم وحُكمه
    إعداد / العبد الفقير إلى الله /أبو معاذ / عبدرب الصالحين أبوضيف العتموني
    فضل طلب العلم
    أخي الحبيب:
    إعلم أن الله عز وجل خلق الإنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة وهي السمع والبصر والعقل قال تعالى : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

    والإسلام هو دين العلم فأول آية نزلت من القرآن تأمر بالقراءة التي هي مفتاح العلوم قال تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) .
    والعلم في الإسلام يسبق العمل فلا عمل إلا بعلم كما قال سبحانه : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ) .

    وقد حذر الله كل مسلم من القول بلا علم فقال سبحانه : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) .

    وتنويهاً بمقام العلم والعلماء استشهد الله العلماء على وحدانيته فقال سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

    ومعرفة الله وخشيته تتم بمعرفة آياته ومخلوقاته والعلماء هم الذين يعلمون ذلك ولذلك أثنى الله عليه بقوله : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) .

    وللعلماء في الإسلام منزلة شريفة تعلو من سواهم في الدنيا والآخرة قال تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) . ولأهمية العلم أمر الله رسوله أن يطلب المزيد منه فقال : ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) .
    وقد مدح الله العلماء وأثنى عليهم بقوله : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) .

    وأهل العلم هم أسرع الناس إدراكاً للحق و إيماناً به : ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ) .

    والإسلام يدعو إلى طلب العلم وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم وبين فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وأخبر صلى الله عليه وسلم أن طلب العلم طريق إلى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) رواه البخاري .
    وأفضل العلوم على الإطلاق هي علوم الشريعة التي يعرف بها الإنسان ربه ونبيه ودينه وهي التي أكرم الله بها رسوله وعلمه إياها ليعلمها الناس : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) .
    وقال صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) متفق عليه .
    وروى الإمام مالك في الوطأ أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء .

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره ) رواه ابن ماجه وقال الشيخ الألباني : صحيح .

    وفي العناية بالقرآن تعلماً وتعليماً يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) رواه البخاري .
    ولا خير في علم لا يصدقه العمل ولا في أقوال لا تصدقها الأفعال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) .

    والأمة تحتاج إلى العلم والعلماء في كل زمان ومكان وأمة بلا علم ولا علماء تعيش في الأوهام وتتخبط في الظلمات إذا تعلم الإنسان ما شرع الله ومن كتم هذا العلم وحرم الأمة منه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة واستحق اللعنة إلا من تاب كما قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) . وللعالم ثواب عظيم والدال على الخير كفاعله وإذا مات العالم فإن أجره عند الله لا ينقطع بموته بل يجري له ما انتفع الناس بعلمه قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم .
    وإذا نشر العالم علمه بين الناس كان له مثل أجور من اتبعه قال صلى الله عليه وسلم : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) رواه مسلم
    ومن الأقوال التي وردت في طلب العلم :
    قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ( تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة )

    وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : ( كن عالماً أو متعلماً أو محباً أو مستمعاً ولا تكن الخامسة فتهلك ) .

    وقال رضي الله عنه : العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم .
    وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إن أحدكم لم يولد عالماً وإنما العلم بالتعلم .
    وقال أيضاً : اغد عالماً أو متعلماً ولا تغد إمعة بين ذلك .
    وعن أبي ذر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما قالا : باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع وقال مهنا : قلت لأحمد : حدثنا ما أفضل الأعمال قال : طلب العلم قلت : لمن قال : لمن صحت نيته قلت : وأي شيء يصحح النية قال ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل .
    وقال بشر الحافي : لا أعلم على وجه الأرض عملا أفضل من طلب العلم والحديث لمن اتقى الله وحسنت نيته . وقال سفيان : ما أعلم شيئاً يراد الله به أفضل من طلب العلم .
    وللسلف الصالح قضايا مشهورة في المثابرة على طلب العلم حتى أنه يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل بما أدركت العلم ؟ قال : بلسان سؤول وقلب عقول .

    وعنه أيضاً رضي الله عنهما قال : ( لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير فقال : واعجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟ قال : فترك ذلك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ هلا أرسلت إلي فآتيك فأقول : لا أنا أحق أن آتيك قال : فأسأله عن الحديث فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني فيقول : هذا الفتى كان أعقل مني ) .

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : طلب العلم عبادة ومن أفضل العبادات قصدي : أن طلب العلم أفضل من كل عمل غير الفرائض فالفرائض أمرها مفروغ منه كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي : ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) حتى قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله : العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته فهو أفضل من السنن الراتبة وأفضل من الوتر وأفضل من قيام الليل قال الإمام أحمد : تذاكر ليلة - يعني في طلب العلم - أحب إلي من إحيائها .

    فطلب العلم نفسه عبادة بل قد يكون طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله ولاسيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم وبدأ الجدل من كثير من الناس فهذه ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم .

    أولاً : بدع بدأت تظهر شرورها .

    ثانياً : أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم .
    ثالثاً : جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم .
    وقد اختلف العلماء أيهما أفضل : العلم أو الجهاد ؟ ولا شك أن منفعة العلم أعم من منفعة الجهاد لأن منفعة الجهاد إذا تحققت فإنما هي في جزءٍ معين من الأرض لكن العلم ينتفع به كل الناس فالعلم من حيث المنفعة هو أفضل من الجهاد لكن مع ذلك قد نقول لبعض الناس : الجهاد في حقهم أفضل ونقول لآخرين : العلم في حقهم أفضل ويظهر هذا بالمثال : فإذا كان هناك رجل شجاع قوي عالم بأساليب الحرب ولكنه في طلب العلم رديء الحفظ صعب عليه والفهم قليل فهذا نقول : الجهاد في حقه أفضل لأنه أنفع وآخر ليس بذاك في الشجاعة ومعرفة أساليب الحرب لكنه قوي في الحفظ قوي في الفهم قوي في الحجة قوي في الإقناع فهذا نقول : طلب العلم في حقه أفضل . إذاً الخطوط التي نفهمها الآن : طلب العلم معادل للجهاد في سبيل الله .
    ولكن أيهما أفضل ؟ يختلف هذا باختلاف الناس فبعض الناس نقول له : الجهاد في حقك أفضل وبعض الناس نقول له : العلم في حقك أفضل حسب ما يقتضيه الحال .
    ولأهميته قال أهل العلم : إذا تفرغ شخص قادر على التكسب من أجل طلب العلم فإنه يعطي من الزكاة؛ لأن ذلك من الجهاد في سبيل الله بخلاف ما إذا تفرغ للعبادة فإنه لا يعطي من الزكاة لأنه قادر على التكسب .
    وحكى النووي اتفاق الفقهاء على أن طلب العلم والاشتغال به أفضل من الاشتغال بنوافل الصوم والصلاة والتّسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن .
    لأن نفع العلم يعم صاحبه والمسلمين والنوافل المذكورة مختصة به ولأن العلم مصحح فغيره من العبادات مفتقر إليه ولا ينعكس ولأن العلم تبقى فائدته وأثره بعد صاحبه والنوافل تنقطع بموت صاحبها ) أهـ .
    حُكم طلب العلم :
    طلب العلوم الشرعية مطلوب من حيث الجملة ويختلف حكم طلبها باختلاف الحاجة إليها .

    فمنها ما طلبه فرض عين وهو تعلم المكلف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به ككيفية الوضوء والصلاة ونحوها وحمل عليه بعضهم حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجة وغيره وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
    واختلف العلماء في العلم الذي هو فرض على كل مسلم وحاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده فقال بعضهم : هو علم العقيدة إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله سبحانه وصفاته وقال بعضهم : هو علم الفقه إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام وما يحرم من المعاملات وما يحل وعنوا به ما يحتاج إليه الآحاد دون الوقائع النادرة وقال بعضهم : هو علم التفسير والحديث إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها وغير ذلك من الأقوال
    ولكن الراجح من أقوالهم هو وجوب تعلم المكلف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به .
    ثم إن هذه الأشياء لا يجب طلبها إلا بعد وجوبها ويجب من ذلك كله ما يتوقف أداء الواجب عليه غالباً دون ما يطرأ نادراً فإن وقع وجب التعلم حينئذ فيجب على من أراد البيع أن يتعلم أحكام ما يقدم عليه من المبايعات كما يجب معرفة ما يحل وما يحرم من المأكول والمشروب والملبوس ونحوها مما لا غنى له عنه غالباً وكذلك أحكام عشرة النساء إن كان له زوجة ثم إذا كان الواجب على الفور كان تعلم الكيفية على الفور وإن كان على التّراخي كالحج فعلى التراخي عند من يقول بذلك .
    ومنها ما طلبه فرض كفاية وهو تحصيل ما لا بد للناس منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية كحفظ القرآن والأحاديث وعلومهما والأصول والفقه والنحو واللغة والصرف ومعرفة رواة الحديث والإجماع والخلاف .

    والمراد بفرض الكفاية تحصيل ذلك الشيء من المكلفين به أو بعضهم ويعم وجوبه جميع المخاطبين به فإذا فعله من تحصل به الكفاية سقط الحرج عن الباقين ولو أطبقوا كلهم على تركه أثم كل من لا عذر له ممن علم ذلك وأمكنه القيام به .
    ومنها ما طلبه نفل كالتبحر في أصول الأدلة والإمعان فيما وراء القدر الذي يحصل به فرض الكفاية .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( طلب العلم الشرعي قد يكون طلبه واجباً على الإنسان عيناً أي فرض عين، كما لو أراد الإنسان أن يتعبد لله بعبادة أو معاملة يريد القيام بها فإنه يجب عليه أن يعرف كيف يتعبد لله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعاملة وما عدا ذلك من العلم ففرض كفاية إذا قام به من يكفي صار في حق الآخرين سنة ) أهـ .
    وينبغي لطالب العلم أن يشعر نفسه أنه قائم بفرض كفاية حال طلبه ليحصل له ثواب فاعل الفرض مع التحصيل العلمي .
    ومن أفضل خصال الخير التي يتشرف بها المسلم أن يتفقه في دينه لأن التفقه في الدين من أفضل الأعمال وهو علامة الخير قال صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ) وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح .
    قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) فالهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح .

    وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله الزيادة من العلم : ( قال تعالى : وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا )
    قال الحافظ ابن حجر : ( وهذا واضح الدلالة في فضل العلم لأن الله لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المجالس التي يتعلم فيها العلم النافع بـ ( رياض الجنة ) وأخبر أن العلماء هم ورثة الأنبياء .
    ولا شك أن الإنسان قبل أن يقدم على أداء عمل ما لا بد أن يعرف الطريقة التي يؤدي بها ذلك العمل على وجهه الصحيح حتى يكون هذا العمل صحيحاً مؤديا لنتيجته التي ترجى من ورائه فكيف يقدم الإنسان على عبادة ربه التي تتوقف عليها نجاته من النار ودخوله الجنة : كيف يقدم على ذلك بدون علم ؟ ! ومن ثم افترق الناس بالنسبة للعلم والعمل ثلاث فرق :
    الفريق الأول : الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح وهؤلاء قد هداهم الله صراط المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
    الفريق الثاني : الذين تعلموا العلم النافع ولم يعملوا به وهؤلاء هم المغضوب عليهم من اليهود ومن نحا نحوهم .

    الفريق الثالث : الذين يعملون بلا علم وهؤلاء هم أهل الضلال من النصارى ومن نحا نحوهم . ويشمل هذه الفرق الثلاث قوله تعالى في سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل ركعة من صلواتنا : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) .
    قال الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : وأما قوله تعالى : "َيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم والضالون العاملون بلا علم :

    فالأول : صفة اليهود .
    والثاني : صفة النصارى .
    وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم وهو يقرأ أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات !
    فيا سبحان الله ! كيف يعلمه الله ويختار له ويفرض عليه أن يدعو ربه دائماً مع أنه لا حذر عليه منه ولا يتصور أن فعله هذا هو ظن السوء بالله ؟! ) أهـ .
    وهو يبين لنا الحكمة في فريضة قراءة هذه السورة العظيمة - سورة الفاتحة - في كل ركعة من صلاتنا فرضها ونفلها لما تشتمل عليه من الأسرار العظيمة التي من جملتها هذا الدعاء العظيم : أن يوفقنا الله لسلوك طريق أصحاب العلم النافع والعمل الصالح الذي هو طريق النجاة في الدنيا والآخرة وأن يجنبنا طريق الهالكين الذين فرطوا بالعمل الصالح أو بالعلم النافع .

    ثم اعلم أخي الحبيب أن العلم النافع إنما يستمد من الكتاب والسنة تفهما وتدبراً مع الاستعانة على ذلك بالعلماء الناصحين وكتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب النحو واللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم فإن هذه الكتب طريق لفهم الكتاب والسنة .

    نسأل الله أن يمدنا وإياك بالعلم النافع ويوفقنا للعمل الصالح ونسأله سبحانه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه سميع مجيب
    وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أبو
    معاذ / عبد رب الصالحين أبوضيف العتموني
    مصر - سوهاج - طما - قرية العتامنة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: فضل طلب العلم وحُكمه - إعداد / أبومعاذ : عبدرب الصالحين العتموني

    جزاكم الله خيرًا، ووفقكم إلى كل خير
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •