تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: شرح حديث: ( البَذاذةُ من الإيمان )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    الجزائر العاصمة
    المشاركات
    944

    افتراضي شرح حديث: ( البَذاذةُ من الإيمان )

    بسم الله الرحمان الرحيم
    والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    شرح حديث: ( البَذاذةُ من الإيمان )
    للشيخ عبد الحليم توميات الجزائري
    منقول من موقع الشيخ


    الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

    فقد روى أبو داود عن أبي أُمامةَ بنِ ثعلبةَ الأنصاريِّ قال: ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَوْمًا عِنْدَهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: " أَلَا تَسْمَعُونَ ؟ أَلَا تَسْمَعُونَ ؟ إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَان". -[صحّحه الشّيخ الألباني رحمه الله في " صحيح التّرغيب والتّرهيب " (2074)]-.

    قال المنذريّ رحمه الله:" ( البذاذة ) بفتح الباء الموحّدة وذالين معجمتين _ هي: التّواضع في اللّباس برثاثة الهيئة، وترك الزّينة، والرّضا بالدّون من الثّياب "اهـ.

    وقال الخطابي رحمه الله: " البذاذة: سوء الهيئة والتجوّز في الثّياب ونحوها، يقال: رجل باذ الهيئة إذا كان رثّ الهيئة واللّباس".

    والمقصود من الحديث ما ذكره ابن الأثير رحمه الله في " النّهاية " فقال:" أراد التواضع في اللّباس وترك الافتخار به " اهـ.

    ويُسمّى (التقحّل): وهو تكلّف اليبس والبلى، والمتقحّل الرّجل اليابس الجلد السيّء الحال.

    وترك اللّباس على أنواع:
    * من تركه بخلا، فهذا مذموم غير مأجور.
    * ومن تركه متعبّدا محرّما إيّاه على نفسه فهذا ضالّ منحرف.
    * ومن تركه يريد أن يتشبّه بالعُبّاد فهو آثم لمراءاته، وهو إحدى الشّهرتين.
    * من تركه زُهدا وتواضعا، فهذا مأجور على ذلك؛ لما رواه أبو داود عن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

    "مَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ".

    وحلّة الكرامة وصف لحلّة أهل الجنّة، وإنّما وصفها بالكرامة لأنّها الّذي ترفّع بلباسه ظنّ الكرامة في ذلك الترفّع، فأعلمه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ الكرامة الدّائمة السّرمديّة هي في ترك ذلك. كما سمّاها في حديث آخر حلّة الإيمان لأنّ ترك اللّباس تواضعا من الإيمان.

    واللاّبس للثّمين:
    * إن كان بنيّة الفخر والخيلاء فهو آثم لنيّته، وهو الشّهرة الأخرى.
    * أو كان مسرفا، فهو مذموم معتدٍ.
    * أو كان مظهِرا لنعمة الله عليه دون مجاوزة للحدّ، فذلك مأجور لنيّته.

    جاء في " مجموع فتاوى ابن تيمية " (22/ 133):
    " وسئل رحمه الله عن المتنزّه عن الأقمشة الثّمينة مثل الحرير والكتّان المُتغَالَى في تحسينه وما ناسبها: هل في ترك ذلك أجر أم لا ؟ أفتونا مأجورين.
    فأجاب: الحمد لله ربّ العالمين .. وأمّا المباحات: فيثاب على ترك فضولها، وهو ما لا يحتاج إليه لمصلحة دينه، كما أنّ الإسراف في المباحات منهيّ عنه، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}، وقال تعالى عن أصحاب النّار:{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)}، وقال تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)}، وقال تعالى:{وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}.

    والإسراف في المباحات هو مجاوزة الحدّ، وهو من العدوان المحرّم، وترك فضولها هو من الزّهد المباح ...

    وترك فضول المباحات - وهو ما لا يحتاج إليها لفعل واجب ولا مستحبّ - مع الإيثار بها ممّا يثيب الله فاعلَه عليه، ومن تركها لمجرّد البخل لا للتقرّب إلى الله لم يكن محمودا.

    وأمّا الكتّان والقطن ونحوهُما، فمن تركه مع الحاجة فهو جاهل ضالّ، ومن أسرف فيه فهو مذموم. ومن تجمّل بلبسه إظهارا لنعمة الله عليه فهو مشكور على ذلك، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "إِنَّ اللهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعَمِهِ عَلَيْهِ"، وقال: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ".

    ومن ترك لبس الرّفيع من الثياب تواضعا لله لا بخلا ولا التزاما للترك مطلقا فإنّ الله يثيبه على ذلك ويكسوه من حلل الكرامة.

    فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم واعتقادهم، والعبد مأمور أن يقول في كلّ صلاة:{اِهْدِناَ الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}، والله سبحانه وتعالى أعلم " اهـ.

    الحاصل: أنّ التّواضع في اللّباس لا يصادم جمال الهيئة:
    فقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ"، يقيّد بذمّ الإسراف ومجاوزة الحدّ، وأمره صلّى الله عليه وسلّم بالزّهد.

    ولا يعني الحديث أبدا غلاءَ اللّباس غلاءً فاحشا، ولا يعني أن يكون سالما من كلّ عيب، فكم من ثوب مرقّع لا يعارض الجمال الّذي استحبّه الشّرع، وكم من معرِضٍ عن لباسه تارك إيّاه من أجل خدش أصاب ثوبه ! فمن كان هذا حاله فإنّه يتشبّه:
    أ) إمّا بأرباب الدّنيا المتنعّمين.
    ب) أو النّساء والمخنّثين.

    ونظيره نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن الترجّل إلاّ غبّا.

    ويدلّ على ذلك كلّه عمل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه الكرام:
    ففي الصّحيحين عن أبي بُرْدَةَ رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنْ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمُلَبَّدَةَ، قَالَ: فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قُبِض فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ.

    و( الملبّد ) هو: المرقّع، وقيل غير ذلك.

    وهذا الحديث إشارة منها إلى أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان ولم يزل زاهدا في لباسه إلى أن قبضه الله.

    وروى البيهيّ بسند صحيح عن عبدِ اللهِ بن عمرَ رضي الله عنه قال: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَإِنَّ نَمِرَةً مِنْ صُوفٍ تُنْسَجُ لَهُ".

    والنّمِرةُ: بردة من صوف فيها خطوط سودٌ وبِيضٌ سمّيت بذلك تشبيها لها بالنّمِر لما فيها من السّواد والبياض.

    والله تعالى أعلم.
    *****
    معنى الكلمة وأصلها لغتا واصطلاحا
    بذذ ( لسان العرب) :
    بَذِذْتَ تَبَذُّ بَذَذاً ( * قوله « بذذاً » كذا بالأصل وفي القاموس بذاذا ) وبَذاذةً وبُذُوذَةً رثَّت هيئتُك وساءت حالتك وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "البَذاذةُ من الإِيمان" البذاذة رثاثة الهيئة قال الكسائي هو أَن يكون الرجلُ مَتَقَهِّلاً رثَّ الهيئة يقال منه رجل باذّ الهيئة وفي هيئته بذاذة وقال ابن الأَعرابي البَذّ الرجل المُتَقَهِّل الفقير قال والبذاذة أَن يكون يوماً متزيناً ويوماً شَعِثاً ويقال هو ترك مداومة الزينة وحال بَذَّة أَي سيئة وقد بَذِذتَ بعدي بالكسر فأَنت باذُّ الهيئة أَي ورثُها بَيِّن البذاذة والبُذوذة قال ابن الأَثير أَي رثّ اللِّبْسَة أَراد التواضعَ في اللباس وتركَ التَّبَجُّجِ به وهيئة بَذَّةٌ صفة ورجل بَذُّ البخت سيئُه رديئه عن كراع وبَذَّ القومَ يَبُذُّهم بذّاً سبقهم وغلبهم وكل غالب باذٌّ والعرب تقول بَذَّ فلان فلاناً يَبُذُّه بذاً إِذا ما علاه وفاقه في حسن أَو عمل كائناً ما كان أَبو عمرو البَذْبَذَة التقشُّف وفي الحديث بَذَّ القائلين أَي سبقهم وغلبهم يَبُذُّهم بَذًّا ومنه صفة مشيه صلى الله عليه وسلم يَمْشِي الهُوُيْنا يَبُذُّ القوم إِذا سارع إِلى خير أَو مشى إِليه وتمَربَذٌّ مُتَفَرِّق لا يَلْزَقُ بعضه ببعض كَفَذٍّ عن ابن الأَعرابي والبَذُّ موضع أُراه أَعجميّاً والبَذُّ اسم كُورةٍ من كُوَر بابَكَ الخُرَّمِي.

    *****
    ولا حول ولا قوة إلا بالله
    نحبكم في الله
    والحمد لله

  2. #2

    افتراضي رد: شرح حديث: ( البَذاذةُ من الإيمان )

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •