الحضارة عندما تكون تعاسةً وبلاء !! ..


انظروا ماذا صنعت الحرية المطلقة في العالم من أمراض ، ومآسٍ وجرائم وانحدار في تلك المجتمعات ..


في عواصم الدول التي يـُـقال أنها متحضرة : جريمة الدماء بلغة الأرقام بلغت أعداداً فاقت الحصر والعد ..


والأمان لا وجود له في كبرى ديار الثلوج الهابطة ، وإذا حلَّ الظالم فخير مأمن للإنسان هو البقاء في أعشاش البيوت المنزوية ..


والعبث بالفضيلة : أصبح كابوساً يشتكي منه من بقي عنده شيء من العقل والحياء .. فبعد ثورة الرذيلة التي أشعاها دعاة الانحلال الفرويدية ، ومن قبلهم الشيوعية الحاقدة على بقاء النقاء في مجتمع الإنسان .. فكانت معانة الحياة البائسة ، والانتــحار تخلصاً من الأمراض السلوكية المزمنة ، والتفلت الخلقي الرهيب ..


نعم ؛ أبدع القوم في صناعة بهرج الدنيا ، < وتأثر بعض الطيبين من أبناء قومنا بتلك الحضارة الزائفة > .. لكنهم أخفقوا في معرفة حقيقة وجودهم ، أخفقوا في معرفة الإيمان ، أخفقوا في دراية أسباب السعادة في الدنيا والآخرة .. وهل ينفعُ تحضر زائل ، إذا خسر الإنسانُ مكانَ سعادته الأبدية ؟! ..


وقد استيقظ بعض عقلائهم يريد إرجاع قومه إلى جادة الصواب ، فعسى يرتفع بلاء الهموم والأحزان ، والشتات والتفرق .. التي يشتكي منها الصغير والكبير، الرجل والمرأة .. لكنه استيقاظٌ متأخر بعدما تضخمت المشكلة وتعقدت، وسرت آثارها في كيان المجتمع كله، حتى لم يعد من الممكن الرجوع إلى الحالة السوية إلا بتغيير جذري يقتضي بناء المجتمع من أساسه ، وهذا التغيير بعيد الاحتمال في < المجتمع الغربي اللاهث نحو الهاوية > ؛ بل إنَّ الصيحات التي يطلقها الكثيرون ممن ذاقوا مرارة الحرية المنفلتة ، والإباحية العابثة من النساء والرجال لا تجد لها صدى يُــذكر .. والمؤلفات والدعوات والمطالبات في ذلك شهيرة ومعروفة ..


ومن المنقول - وما أكثر المنقول - حكايةً عن حقيقة المرأة الغربية التي يطالب بعض بنات المسلمين بجعلهم مثل المرأة الغربية في الحقوق والحرية ..


تقول أجاثا كريستى أشهر كاتبة إنجليزية للمؤلفات البوليسية : ( إن المرأة الحديثة مغفلة ؛ لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق، لأننا بذلنا الجهد الكبير في السنين الماضية لحصول على حق العمل والمساواة في العمل مع الرجال ، والرجال ليسوا أغبياء، فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقاً من أن تعمل الزوجة، وتضاعف دخل الزوج، ومن المحزن أن نجد بعد أن أثبتنا نحن النساء أننا الجنس اللطيف أننا نعود اليوم لنتساوى في الجهد والعرق الذي كان من نصيب الرجل وحده !! ) ..


وتحذر بلغة الألم والنصح والتجربة .. الممثلة الشهيرة < مارلين مونرو> التي كتبت قبيل انتحارها نصيحةً لبنات جنسها تقول فيها: ( احذري المجد .. احذري من كل من يخدعك بالأضواء .. إني أتعس امرأة على هذه الأرض .. لم أستطع أن أكون أماً .. إني امرأة أفضل البيت .. الحياة العائلية الشريفة على كل شيء .. إنَّ سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة؛ بل إنَّ هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية، وتقول في النهاية : لقد ظلمني كلُّ الناس .. وأن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعةً رخيصةً تافهة ، مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة ) ..


وبعض قومي يريد منا أن نكون مثلهم في كل شيء ؛ حتى لو < دخلوا جحر ضب ؛ لو جب علينا أن ندخله نحن المسلمين فرحين مسرورين !! > .. ، وبغير ذلك لن يكون لنا وجود !! ..


فيا ليتنا أخذنا منهم الصناعة وكلَّ فائدة بها يصلح الحال في الدنيا ، لكننا < لأننا مهزومون > : أخذنا منهم كلَّ رذيلةٍ ، وخلق ذميم ، وتركنا ســرَّ تفوقهم واستعبادهم وظلمهم لعالم العبيد الطيبين ..


حسن الحملي ..