بعض طلبة العلم يسلبهم ذكاء عالم أو قوة حجاجه ، فيصبحون أسراء اجتهاداته ، يظنون أنها منتهى المطاف ، وغاية العلم في تلك المسائل ؛ لأنهم بين انبهار بقوة حجاج ذلك العالم ، ونقص علم عن فهم وجوه الخلل في بعضها ، فلا يجدون فيه إلا ما يشبه الكمال !
فهم بسبب ذلك الاستلاب الفكري يظنون أنه لا يخالفه إلا من لم يقرأ كلامه ، أو من لم يفهمه . ولا يعلمون أن غيرهم ربما يكون قد قرأ كلامه ، وفهمه ، وخالفه لأنه اكتشف مواطن الخلل فيه ، التي خفيت عليهم .ولا مشكلة في أن يظلوا على تقليدهم لحجاجه أسراء لتفكيره ، لكن عليهم أن يعترفوا بأنه أحد علماء الأمة ، أحد عباقرتها الذين حفلت بهم عصورها ، ليس أكثر من ذلك !
عليهم أن يعرفوا أن دقائق المسائل التي يخالفه فيها العباقرة الآخرون ليست واضحات تجيز لهم الإنكار فيها ، حتى لو زعم هو أنها واضحات ، حتى لو حشد لها ما يدعي به أنه إجماع السلف . فلا يمكن أن يكون هناك أمر في غاية الوضوح ، وهو محل إجماع ، ثم يخالفه فيه عامة العباقرة سواه ..

د/حاتم العوني.