روى الإمام أحمد (أن نفرا كانوا جلوسا بباب النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : ألم يقل الله كذا وكذا ؟
وقال بعضهم : ألم يقل الله كذا وكذا ؟
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج كأنما فقئ في وجهه حب الرمان فقال : أبهذا أمرتم ؟ أو بهذا بعثتم ؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟
إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا إنكم لستم مما هاهنا في شيء انظروا الذي أمرتم به فاعملوا به والذي نهيتم عنه فانتهوا.)
----------------------------
قال الشيخ العثيمين / شرح اقضاء الصراط المسقيم
و هذا الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم قد أولع به كثير من الناس الآن , حتى من طلبة العلم , تجده يتتبع النصوص التي ظاهرها التعارض , ثم يوردها على نفسه أولا فيتشكك فيها , ويقول : ما الجمع بين كذا وكذا ؟
و لماذا قال الله كذا وقال كذا ؟
لماذا قال الرسول كذا و قال كذا ؟
فتجده أهم شيء عنده أن يجمع النصوص المتعارضة , ثم يوردها على نفسه أو على غيره , وهذا والله سد باب التوفيق .
و الإنسان إذا سلك هذا المسلك فسيصير عنده شبهات عظيمة , لكن لو سلك الجادة التي كان عليها السلف الصالح , و آمن بالكتاب كله , ما حصلت عنده هذه الإشكالات , و لهذا الصحابة الذين تنازعوا عند باب الرسول عليه الصلاة و السلام كلهم تنازعوا في مثل هذا , هذا يقول : أليس الله يقول كذا و كذا ؟ و هذا يقول : أليس الله يقول كذا و كذا ؟ يعني فأرادوا أن يكذب القرآن بعضه بعض , هم ما أرادوا ذلك ,و لكن هذه إشكالات .
و لهذا أنا أحذر طلاب العلم من ذالك من أن لا يكون لهم هم إلا جمع الآيات والأحاديث التي ظاهرها التعارض ثم يوردون إشكالات عليها , لكن لو مشوا على أن كل شيء على بابه , وكل شيء لا يخالف الآخر لهُدُوا إلى الصراط المستقيم , و لسلموا من هذا التتبع , و لذالك تجد أسلم الناس طريقة الذين يبتعدون عن مثل هذا , احذروا هذا فإنه خطير .
فهذا الرسول عليه الصلاة و السلام طبيب الأبدان و الأديان يقول لهم : انظروا الذي أمرتم به فاتبعوه و الذي نهيتم عنه فاجتنبوه , اما أن تضربوا كتاب الله بعضه بعضا , و كيف -مثلا - يعذبنا و هو الذي قدر علينا أن نعصيه؟ و ما أشبه ذلك من الأشياء التي يوردها الناس , أو يقول كيف هذه الآية تقول كذا ؟ و الآية الثانية تقول كذا ؟
أنا لا أقو ل ذلك إذا ورد إشكال عليك , لكن كونك تتبع ذلك هذا هو الخطأ , و هو الذي يكون سببا للضلال