12-05-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
فطالعتنا دار "طوى" برواية فائزة بجائزة "الطيب صالح للرواية"، لكاتبها "محمد الغربي العمران"، وهو روائي يمنيّ يدعي الاعتناء بالتاريخ القديم، ويتزلف إلى جائزة "البوكر العربية" والجوائز الكبرى، عن طريق التقرب من اليهود وشتم المقدسات الإسلامية والنيل منها، وطبعت الرواية عدة طبعات بعناوين مختلفة من بينها: ظلمة يائيل، ويائيل، وظلمة الله، والطريق إلى مكة، وغيرها، والعنوان الذي تحمله الرواية في طبعة دار طوى لها هو: "يائيل".


منذ زمن يعاني الفكر الإسلامي من أناس عملوا على تشويهه وتصويره بالتخلف والرجعية، ويتسترون تحت مسمى الحداثة والتنوير والثقافة والإبداع، وكانت غالبا ما تنم هذه الأفكار والمصطلحات على مكاسب معنوية ومادية لصاحبها، حتى انغمس المثقف العربي في التبعية للغرب في توجهاته الإعتقادية والفكرية وهو ينادي بالوطنية والقومية، ويتشدق بالحرص على الأمة والمجتمع، واضعا نصب عينه التجربة الغربية في نهاية ما حققته، متناسيا وجاهلا التجربة الإسلامية الحقيقية التي أقامت العدل والحق والمساواة من نشأتها حتى يومنا هذا.
وكان لهذه الأفكار الهزلية المشوهة للمعتقد الإسلامي رواد عرفوا في الأوساط الأدبية بمكانات رفيعة عالية الشأن وعرفوا عند عامة المسلمين بالانحراف الفكري نظرا لما يقدموه من مواد أدبية تسيء إلى الإسلام وتقدح في الأنبياء والرسالات السماوية.
لكن الآن تطور الأمر فلم يتوقف الأمر على أشخاص هم من يهاجمون الإسلام بل أنشأت دور نشر اهتمت بكل ما هو يناقد ويقدح في الفكر الإسلامي وتراثه ومقدساته أمثال "طوى" و"مدارك" وغيرهما.
فطالعتنا دار "طوى" برواية فائزة بجائزة "الطيب صالح للرواية"، لكاتبها "محمد الغربي العمران"، وهو روائي يمنيّ يدعي الاعتناء بالتاريخ القديم، ويتزلف إلى جائزة "البوكر العربية" والجوائز الكبرى، عن طريق التقرب من اليهود وشتم المقدسات الإسلامية والنيل منها، وطبعت الرواية عدة طبعات بعناوين مختلفة من بينها: ظلمة يائيل، ويائيل، وظلمة الله، والطريق إلى مكة، وغيرها، والعنوان الذي تحمله الرواية في طبعة دار طوى لها هو: "يائيل".
وفي جرأة غريبة من نوعها تبنت هذه الرواية وجهة نظر في المقدسات الإسلامية المكانية والتي تعد استمراراً لمشروع سلمان رشدي في السخرية من الإسلام ومقدساته، لكن هذه المرة بتطعيم إضافي مكشوف وهو التعاطف مع اليهود، والحزن الشديد لعدم تقبل اليهودي داخل المجتمع الإسلامي، وكأن اليهودي في الرواية العربية أصبح منفى عن المجتمعات الإسلامية وقلوبهم، وكأنه لم يعد يكفي لليهود أن يعودوا من منافيهم إلى أرض وعدهم المزعومة (فلسطين)، وإنما ينبغي لليهود أن يعودوا أيضاً ويستوطنوا القلوب في المجتمعات الإسلامية.
كما صور مكة المكرمة على أنها مسماة على اسم إله و ثني يمني قديم كان يعبده أهل الحجاز اسمه (إل مقه)، وصور الكعبة المشرفة حرسها الله على أنها مبنية على أسس وثنية وأن أساسها بناها الوثنيون الذين يعبون الإله (ال مقه) الذي سميت باسمه مكة بعد ذلك
فهذا تكذيب للقرآن الكريم، واستفزاز لجميع من ينتمي إلى الحنيفية السمحة بأن إبراهيم عليه السلام لم يكن نبيا يوحى إليه، وإلا لما أوحى الله إليه وأمره بأن يبني بيته على أسس وثنية، وإلا فهل جميع الأنبياء وأتباعهم المسلمين الذين حجوا هذا البيت منذ بدء الخلق إلى يومنا هذا إنما هم يحجون مبنى وثنياً بني لصنم قديم في مدينة وثنية تحمل اسم إلهها الوثني!
وهذه نماذج من كتابه:
تقول الرواية (ص420 -421) –مع الاعتذار للأخطاء الفنية والركاكة الصياغية فيها، فهي من الرواية نفسها وليست من النقل الأمين لها-:
"تكررت هطول الأمطار الغزيرة على مكة أغرقت بعض الأحياء.. وجرفت بعضها.. تخللت أجزاء المسجد الحرام فتهدمت بعض الحوانيت والجدران.. قدوت (قدمت) أعداد كبيرة من عسكر الشريف لإخلاء المسجد.. رأيت الناس تتجمع حول بيت الله.. مالبث أن تعالت أصوات.. سرت مسرعاً باتجاههم والعسكر تطارد الكل.. رأيت أخاديد عميقة جرفت أتربة أساسات الكعبة.. لتظهر حول أساساتها مسارب تبتلع تلك المياه.. خلق كثر تجمعوا حولها يتجادلون.. وقفت على أطراف الأخاديد الغائرة.. أتأمل الأساسات السفلى إلى البيت.. صفوفاً من تماثيل البلق الأبيض لنساء يركعن عاريات.. نقشت على رؤوسهن أهلة بارزة. يحملن فوق أكفهن المرفوعة أساسات المبنى،. تحت أقدامهن رؤوس ثيران صُفت بإتقان.. كان منظرا مدهشا. وقف رجل يقرأ معاني تلك الأحرف القديمة.. قال إن إحداها قدمت للإله (إل مقه) إله القمر.. كقربان من قائد الجيش تقربا وشكراً للإله على نصرته في حروبه مع أعداء شعبه.. وآخرى ( أخرى) قربانا يتقرب به للإله لما أعطى شعبه من خيرات السماء.. وأن البيت قد بُنيَ معبداً له.. وأنه أسمى المدينة باسمه (مقه). ثم أخذ يشرح للجتمعين (المجتمعين) أن (إله مقه) معبودا منذ عصور قديمة لسكان الجزيرة وأن هناك أقواماً لا يزالون يتعبدونه.
رأينا تماثيل جميلة من البرونز والحجر لحيوانات وفرسان ونساء يغمرهن الوحل. حضر عسكر الشريف ظننت بأنهم جاءوا من أجلي.. تواريت أبحث عن مخرج بين الجمو (الجموع).. فرقوا الناس.. اقتادوا ذلك الرجل الذي وصفوه بالمهرطق.. وبقي عدد منهم يحرسون المكان".
ونهاية الرواية أن (بطل القصة) خرج على غير هدى بعد أن حاول إقناع المسلمين أن كعبتهم رمز وثني – بحسب الرواية- وأنهم أسسوا دينهم على عقيدة وثنية في الأصل.
فهل نحن الآن بصدد تنوير وتغريب جديد للفكر الصهيوني فيسعون إلى الخلاص في كتابات العرب الروائية المتزلفة إليهم.