مَولِدُهُ وَنَسَبُه:
هو الشّيخ زيد بِن عَبدالعزيز بِن زيد بِن عَبدالعزيز بِن عَبدالوهاب بِن محمد بِن ناصر بِن فيَّاض بِن فارس بن محمَّد بِن سليمان بِن عَلي بِن محمَّد بِن أحمَد بِن رَاشد بِن بريد بِن محمَّد بن بريد بن مشرف بن عُمر بِن مِعضاد بِن ريِّس بِن زَاحر بِن محمَّد بِن عَلَوي بِن وُهيب، فَهو تميميّ وهيبيّ، مِن المعاضيد من المشارفة، فالمترجَم يجتمع بالشّيخ محمّد بن عَبدالوهاب - رحمهما الله تعالى - بالشّيخ (سليمان بن علي)، فجدُّ المترجَم (محمَّد بن سليمان) هو عمُّ الشّيخ محمد بن عَبدالوهاب - رحمهم الله جميعًا - ونسبته إلى (الفيَّاض) إلى جده السادس.
وقال الشّيخ العلاَّمة بَكر بِن عَبدالله أبو زيد في كتابه "المدخَل المفصّل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وتخريجات الأصحاب":
المبحث الثالث: في معرِفة بيوت الحنابلة (من بني تميم): لا أعرِف قبيلةً حاضرة من قبائل العَرَب في قلْب نجد ، كثُر فيها العلماء ، مثل "قبيلة بني تميم"، وذلك خِلال القرون بعدَ القرن العاشر الهجري، وجُلُّهم من "الوهبة"، وهم فخذان: آل محمد، وآل زاخر.
ومِن آل مشرف من المعاضيد من الوَهبة من تميم، ومن آل مشرف آل الشّيخ الحنابلة المشرَّفون، الوهيبون، التّميمون، له ثلاثةُ أبناء هم: إبراهيم، وأحمد، وعَبدالوهاب، وأمهم: فاطمة بنت أحمد بن محمد بن بسام، تزوَّجها بعد سنة (1015هـ).فإبراهيم قاضي أُشيقر، ت سنة (1141هـ)، وخلَّفَ ابنَه عَبدالرحمن بن إبراهيم، ت سنة (1206هـ) بالدّرعية، ثم درج ولم يعقب.وأما أحمد، فلم أجدْ له خبرًا.وأمَّا عَبدالوهاب، ت سنة (1153هـ) فوُلد له: محمّد وسُليمان، وأمهُما بنت الشّيخ محمد بن عزاز المشرفي المعضادي، الوُهيبي التميمي الأشيقري، وَالد الشّيخ سيف بن محمَّد بن عزاز الأشيقري، المتوفَّى سنة (1129هـ)، أمَّا سليمان فُولِدَ له: عَبدالله وعَبدالعزيز، وخلَّف عَبدالعزيز ابنه محمدًا، ثم درَج عقبه ولم يعقّب، هكذا قال بعضُ مترجميه، ولكنّ الصّحيح أنَّه عقب أسرًا مشهورة في نجد، منهم آل عَبدالوهاب في حريملاء، والوشْم، والفيَّاض، ومنهم الفقيه الشّيخ زيد بن عَبدالعزيز بن فيَّاض، المتوفَّى بالرياض في يوم الثلاثاء 21/11/1416هـ، وصُلِّي عليه من الغد - رحمه الله تعالى.
ولقد ثبت ذكر محمَّد بن سليمان بن علي في وثيقة لورثة سليمان بن علي في كتاب (العلماء والكتّاب فيأشيقر) لعبدالله بن بسام البسيمي، بالإضافة لوثيقة بخط الشيخ زيد بن فياض رحمه الله في عام 1370هـ.
مَولِدُه:
وُلِد في رَوضة سدير عامَ (1350هـ)[4]، وفي عام (1362هـ) أرسله والدُه إلى الرياض لطلِب العِلم.
تَعلِيمُهُ وَدِرَاسَتُه:
قَرأ القرآن في سِنٍّ مبكِّرة عندَ خالُه عَبدالله بن فوزان بن هديب القَديري، حتى حَفِظ القرآن وهو ابنُ عشْر سنين، ثم أرسله والدُه إلى الرِّياض لطلب العلم، فالْتحق بمدرسة تحفيظ القرآن الكريم لدَى عليِّ بن عَبدالله بن شاكر، ومحمد بن أحمد بن سنان، فقرأَ القرآن بطريقة مُجوَّدة.
ودَرَس على عددٍ من العلماء والمشايخ، منهم: سماحةُ الشّيخ محمد بن إبراهيم آل الشّيخ، وأخوه الشّيخ عَبداللطيف بن إبراهيم آل الشّيخ، والشّيخ سعود بن رشود، والشّيخ إبراهيم بن سليمان، والشّيخ عَبدالرحمن بن قاسم.فقرأ على الشّيخ عَبداللطيف بن إبراهيم "ثلاثةَ الأصول" في التّوحيد، و"الآجروميَّة" في النّحو، و"الرحبية" في الفرائض.وقرأَ على الشّيخ محمد بن إبراهيم في كتاب "التوحيد"، و"العقيدة الواسطية"، وأصول الأحكام.وقرأ على الشّيخ إبراهيم بن سليمان "قطر الندى"، وبعض ألفية ابن مالك وشرْح ابن عقيل.وكانت دراستُه هذه قبلَ فتح المعهد العلمي.وقد أُجرِي امتحان لراغبي الالْتحاق بالمعهد العلمي الذي افتُتح عام (1371هـ) فتفوَّق فيه.وفي عام (1372هـ) تخرَّج من القسم الثانوي بالمعهد، وكان ترتيبه الأوَّل.
وفي عام (1376هـ) تخرَّج من كلية العلوم الشرعيَّة (الشريعة حاليًّا) بالرياض، وكان ترتيبه الأوَّل أيضًا، وكان متقدِّمًا في دراسته باستمرار.
وفي المعهَد والكلّية درَس على عدد من العلماء، منهم: الشّيخ محمد الأمين الشنقيطي (صاحب أضواء البيان) في علوم التفسير والتاريخ واللُّغة، وسماحة الشّيخ عَبدالعزيز بن باز، والشّيخ عَبدالعزيز بن ناصر الرشيد، والأساتذة: يوسف عمر، وعَبداللطيف سَرحان، ويوسف الضّبع، وعَبدالرازق عفيفي، ومحمد عَبدالرحيم، والخمسةُ من مصر، وغير هؤلاء.وكان يكتُبُ في بعضِ الصُّحف في مواضيعَ متعدِّدة قبلَ أن يتخرَّج من الكلية، كما كان مشتغلاً بتأليف وتنقيح كتابه "الروضة الندية شرْح العقيدة الواسطية" الذي طُبِع بعد تخرُّجه.
مَحفُوظَاتُه:
كان - رحمه الله - يحفظ القرآنَ الكريم عن ظَهْر قلْب، كما يحفظُ عددًا من الكُتب والرسائل والمنظُومات، منها: ثلاثة الأصول، وشروط الصلاة، وكتابُ التوحيد، والعقيدة الواسطيّة، وزاد المستقنع، وألفية ابن مالك، وقطر الندى، والرحبية، والآجرومية، وأصول الأحكام، ونواقض الإسلام، والورقات، عدَا المحفوظات من الشِّعر لشعراء جاهليِّين وإسلاميِّين.
كُلِّيةُ دَارِ العُلُومِ الشَّرعِيَّةِ، والدّفعَةُ الأُولَى:
كان - رحمه الله - ضمنَ أوَّل دفعة تخرَّجت في كلية (دار العلوم الشرعية) سابقًا (كلية الشريعة) حاليًّا، وذلك عام (1376هـ)، وكان ترتيبُه الأوَّل.وكان عددُ طلاَّب تلك الدفعة (22) طالبًا، منهم: معالي الشّيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشّيخ - وزير العدل سابقًا - ومعالي الشّيخ راشد بن خنين، المستشار بالديوان الملكي، والشّيخ محمد بن سليمان الأشقر، والشّيخ عَبدالله بن غديان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو دار الإفتاء، والشّيخ حمود بن عقلا الشعيبي، والشّيخ سعد بن إسحاق بن عتيق، والشّيخ عَبدالرحمن بن عَبدالعزيز بن سحمان، والشّيخ عَبدالعزيز العبد المنعم، والأستاذ عَبدالله بن إدريس، والشّيخ علي بن سليمان الرومي، والشّيخ عَبدالملك بن عمر آل الشّيخ، والشّيخ محمد بن سعود الدغيثر، والشّيخ محمد الصالح الشاوي، والشّيخ صالح بن محمد بن رشود، والشّيخ إبراهيم بن محمد بن عثمان، والشّيخ عَبدالرحمن الحزيمي، والشّيخ علي بن سليمان الضالع، والشّيخ محمد بن عَبدالرحمن بن دخيل، والشّيخ منصور بن عثمان بن دخيل.
وقد كانتْ بينهم صِلاَت طيِّبة، حيث كانوا يعقدون - آنذاك - لقاءً دوريًّا بعد عصر كلِّ يوم في حديقة البلدية على شكلِ لقاءٍ علمي، ونقاشات نافعة، وقد أشار إليها الأستاذ/ خالد خليفة في كتابه القَصصي "الأستاذ حميد".وقد كان للشيخ زيد - رحمه الله - نشاطاتٌ متنوِّعة وكثيرة، فقد كان منذ دراسته في المعهد - متميِّزًا بذلك، حيث كان يرأسُ نادي الطلبة في المعهد، ويُشْرِف على نشْر المقالات ويُصحِّحها، واستمرَّ ذلك، حيث بدأ بالكتابة في الصُّحف منذ أن كان طالبًا في المعهد العلمي، حيث كتَبَ مقالاتٍ جريئة متميِّزة بالصِّدْق والصراحة، وكان سماحةُ الشّيخ محمد بن إبراهيم يقف معه دائمًا، ويُشجِّعه، ويدافع عنه.
الشّيخ والصّحَافَة:
كانت بداية اهتمامه - رحمه الله - بالصحافة مبكِّرًا منذ الْتحاقِه بالمعهد العلمي، حيث كَتَب في الصحف مقالاتٍ متنوعةً، تحمل طابع الغَيْرة الدينيَّة، والإصلاح للمجتمع، والردِّ على أهْل الضلال من أصحاب العقائد المنحرِفة.وكان يكتب باسم "أبو مقبل" في بداية حياته الصحفية، ثم كتب باسمه الصريح سنواتٍ طويلة، ثم رجع في فترة محدودة، ولأسباب معيَّنة - سيأتي ذِكْرُها - للكتابة بالكنية "أبو خالد".
مَجَلّةُ اليَمَامَة:و
قد تولَّى - رحمه الله - رئاسةَ تحرير صحيفة اليمامة، بترشيح من سماحة الشّيخ العلاَّمة محمد بن إبراهيم - رحمه الله - حيث طَلَب الملك سعود - رحمه الله - من سماحته أن يختارَ مَن يراه مناسبًا لرئاسة تحريرها، وقد ترأَّس الشّيخ زيد - رحمه الله - تحريرَها، وانتقل إليه امتيازها.
وقد كان يكتب فيها مقالاتٍ تتميَّز بالقدرة والجرأة، وكان يكتب افتتاحياتها طيلةَ مدَّة رئاسة تحريرها، وتميَّزت اليمامة في تلك الفترة بالاهتمام بقضايا المسلمين في كلِّ مكان.
وكتَبَ سماحةُ الشّيخ العلاَّمة عَبدالعزيز بن باز رسالةً نشرت في إحدى الصحف جاء فيها: "من عَبدالعزيز بن عَبدالله بن باز إلى حضرةِ الأخ المكرَّم الشّيخ زيد بن عَبدالعزيز بن فيَّاض - وفقه الله وتولاه، آمين - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعدُ، يا محبُّ قرأْنا في الصحف المحليَّة خبرَ نقْل امتياز جريدة اليمامة إلى فضيلتكم فَسرَّنَا ذلك، وإنَّنا لنُهنِّئكم بذلك، ونسأل الله أن يُوفِّقكم ويعينكم، ويأخذ بيدكم إلى الحق، كما نسأله - سبحانه - أن تكونَ هذه الصحيفة منبرَ حقٍّ، وأداة إصلاح، وداعية خير ونصح وإرشاد، إنَّه سميع قريب، والله يحفظكم، والسلام".
يقول الشّيخ - رحمه الله -: "توليتُ رئاسةَ تحرير صحيفة اليمامة بعدَ انتقالها إليَّ، وبعد سنةٍ من انتقالها إليَّ حولتها إلى صحيفة نِصْف أسبوعيَّة، وقد حرصتُ على توجيهها توجيهًا إسلاميًّا يهتمُّ بقضايا المسلمين وأحوالهم، وكنت أكتبُ الافتتاحية، وأُعالِج في كلِّ عدد الموضوعَ الذي أرى منه خِدمةَ الإسلام والمسلمين، وقد أدَّتِ الصراحة التي كنت أكتبُ الموضوعات لها إلى بعض المواقف الطريفة والمشكلات معًا.
وبقيتُ رئيسًا للتحرير إلى أن صدر نظامُ المؤسَّسات الصحفية، فتحوَّلت الصحيفة إلى مؤسَّسة اليمامة الصحفية.
وبعد أن تمَّ نقْل امتياز جريدة اليمامة إليه، تغيَّر طابعها وكتَّابها، وعاشتْ حتى تحويل الصحف إلى مؤسَّسات في 1/11/1383ه.
وقد أثارتْ عددٌ من المقالات التي كتَبَها آنذاك ضجَّة، ومنها المقالة الشهيرة "أحْرقوا المسجدَ الأقصى"، وتطرَّق فيها إلى كمال أتاتورك، وذَكَر أنَّه من اليهود الدونمة، وفَضَح فيها مؤامراتِ اليهود على المسلمين، وتسبَّبت هذه المقالة في فصلِه عن العمل، ومنعه من الكتابة في الصُّحف بسبب وشاية المغرضِين، ومن المقالات - أيضًا - مقالات عن الدروز، ونقده لكتاب "أصول العالَم الحديث" المقرَّر في المدارس (المرحلة الثانوية)، حيث كان لهذه المقالة أصداءٌ واسعة ترتَّب عليها منعُ الكتاب من التدريس في وزارة المعارف.وبعد استقالته في 30/4/1383هـ - وذلك للتفرُّغ للصحافة - تقدَّم إلى الملك فيصل بن عَبدالعزيز - رحمه الله - لطلب مَنْح امتياز مؤسَّسة صحفية إسلاميَّة باسم "المنار"، ولكنه لم يتحصَّل على ما أراد.
إنشَاءُ صَحِيفَة الدَّعوَة:
وجَّه سماحةُ العلاَّمة الشّيخ محمد بن إبراهيم آل الشّيخ - رحمه الله - خطابًا في 15/2/1382هـ إلى الشّيخ زيد - رحمه الله - جاء فيه: من محمد بن إبراهيم إلى المكرَّم فضيلةِ الشّيخ زيد بن عَبدالعزيز بن فيَّاض - سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
غير خافٍ عليكم أنَّ النيَّة قد اتجَّهت إلى تأسيس مؤسَّسة صحفية تصدُر عنها صحيفة أو أكثرُ، تكون لسانًا لطلبة العِلم في بيان أسرارِ التشريع وحِكمه، والردِّ على مَن يتجاوز به لسانُه أو قلمُه، فيقول في الدِّين برأيه أو بهواه، ممَّا يتنافَى مع المقتضيات الشرعيَّة، وحيث إنَّكم تعرفون ما نحن فيه من الشُّغل الشاغل المستغرِق لجميع أوقاتنا، وحيثُ إنَّ هذه المؤسَّسة يتطلَّب الشروعُ في تأسيسها وقتًا كافيًا لدراستها واستقصاء كافَّة ما يتعلَّق بتأسيسها من جميع جوانبها الكيفيَّة والفنيَّة، والإداريَّة والماليَّة، وحيث إنَّ أوقاتنا ليس فيها متَّسع كافٍ لذلك، ولثقتنا فيكم وفي مجهودكم الشخصي، فإنَّنا نُبلِّغكم أنَّنا قد شكَّلنا لجنة مُكوَّنة منكم، ومن الشّيخ عَبدالعزيز بن عَبدالمنعم، والشّيخ عَبدالله بن منيع، والشّيخ صالح اللحيدان؛ لدِراسة هذه المؤسَّسة وتَقصِّي كافَّة مستلزماتها من جميع جوانبها الكيفيَّة والفنيَّة، والإدارية والمالية.فاعتمدوا - بارك الله فيكم - تنفيذَ رغبتنا، وموافاتنا بقرار وافٍ عمَّا ذكَرْنا، ونحن على استعداد لاتِّصالكم بنا، وبَحْث أيِّ نقطة تَعرِض لكم، وترغبون رأينا فيها، وأسأل اللهَ لنا ولكم التوفيقَ والسداد، وأن يجعلَ العمل خالصًا لوجهه الكريم.
والسلام عليكم.