أ.د. الشريف حاتم العوني
الجمعة 09/05/2014
تحريف أحكام الحجاب
من أشد دلائل انغلاق العالم (أو مَن يسمّيه الناس عالمًا): أن يعجز عن التفريق بين الأحكام الشرعية والعادات والتقاليد؛ لأن هذا فوق دلالته على ضعف التأصيل العلمي، فهو يدل على قدر كبير من الجمود على الواقع الضيق والمحيط القريب، فهو لا يستطيع الخروج من دائرة العادات والتقاليد، حتى أنه ليلحقها بالدين!!
ومن ذلك أحكام تتعلق بحجاب المرأة:
1- فمرّة: يشترطون أن يكون لونه أسود.
2-ومرّة يشترطون أن يكون عباءة.
3- ومرّة يشترطون أن يكون عباءة، وتوضع على الرأس، ويحرّمون وضعها على الكتفين.
4- ومرّة يقطعون بتحريم كشف الوجه، ولا يكتفون بالترجيح الظني، ويتجاهلون أدلة الجمهور من السلف والخلف.
كل هذه نماذج من الاحتكام للعادات والتقاليد، لا للأحكام والأدلة الشرعية. والأدهى أنها تُنسب للشرع!! فالحجاب في الشرع لا يُشترط له لون معين، ولا تفصيل خاص، ولا هيئة محددة في اللبس.
فلا يُشترط فيه اللون الأسود، وإن ورد ما يشير إلى أنه كان هو غالب جلابيب الصحابيات، فهذا وحده لا يدل على الوجوب، بل في دلالته وحده على الاستحباب نقاش.
وأي لون ليس زينة بنفسه، ولا يكون سببًا للافتتان بالمرأة (إن افترضنا وجود لون هكذا) = فهو جائز، أسود كان أو أبيض، لونًا صافيًا، أو مختلطًا بألوان أخرى.
ولا يشترط في الحجاب أن تكون عباءة، فقد تكون ثوبًا ساترًا فضفاضًا (كالذي يُسمّى بالبالطو، أو الكاب).
ولا يُشترط أن يُلبس على الرأس، فقد تلبسه على كتفيها، واشتراط لبس العباءة على الرأس بدعة في شروط الحجاب الواجبة، لم تأتِ في شيء من نصوص الوحي (كتابًا وسنّة)، ولا ذكرها أحد من السلف، ولا ذكرها الأئمة المتبوعون (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد).
وشرط الحجاب أمران:
1- أن يكون ساترًا لما يجب ستره (على الخلاف المعتبر في الوجه)، ومن لوازم هذا الشرط أن لا يكون يشف عمّا تحته، وأن لا يكون ضيقًا يحجم العورة تحجيمًا كاملاً.
2- أن لا يكون هو نفسه زينة، والزينة قد تختلف مقاييسها باختلاف الأعراف.
هذا هو شرط الحجاب الشرعي، وما سواه فهو من تدخلات الأعراف والتقاليد التي لا يصح أن تحرف الأحكام الشرعية!