المجلد الثاني من مدارج السالكين
23-قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي 17
24-ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أورثه ذلك حياة القلب والعقل.وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه شديد اللهج بها جدا29
25-وقال لي يوما: لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم29
26-وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب، ولم يمت قلبه. 29
27-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة40
28-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله141
29-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: العارف لا يرى له على أحد حقا، ولا يشهد له على غيره فضلا، ولذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب.155
30-ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا في شيء، وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت:أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي 157
31-وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلاما جيدا.157
32-وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسيكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضرات
وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي
إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآيات
ولست أملك شيئا دونه أبدا ... ولا شريك أنا في بعض ذرات
ولا ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولايات
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملء الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي 157_159
33-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة178
34-وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام202
35-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا، فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور273
36-ورضي الله عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية، حيث يقول: إن كان نصبا حب صحب محمد ... فليشهد الثقلان أني ناصبي307
37-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: استقاموا على محبته وعبوديته، فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة337
38-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله تعالى روحه - يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.339
39-قال شيخنا رضي الله عنه: ولذلك لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف. ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه ما لا يشاء. ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله. ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات.359
40-وكان شيخنا - رضي الله عنه - يقول: المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل. ورضي بالمقضي له بعد الفعل فقد قام بالعبودية. أو معنى هذا.367
41-كما يحكى عن أبي سليمان أنه قال: أرجو أن أكون أعطيت طرفا من الرضا، لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا.فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا عزم منه على الرضا وحديث نفس به. ولو أدخله النار لم يكن من ذلك شيء. وفرق بين العزم على الشيء وبين حقيقته.371
42-وكذلك كان شيخنا يشير إلى أنه لا يجب الطلب والسؤال.وسمعته يقول في السؤال: هو ظلم في حق الربوبية، وظلم في حق الخلق، وظلم في حق النفس.382
43-سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. ثم تلا قوله تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}424
44-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب، وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه. فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، وأما صبره عن المعصية: فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس. ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة. فإنه كان شابا، وداعية الشباب إليها قوية. وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته. وغريبا، والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله. ومملوكا، والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع الحر. والمرأة جميلة، وذات منصب. وهي سيدته. وقد غاب الرقيب. وهي الداعية له إلى نفسها. والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار. ومع هذه الدواعي كلها صبر اختيارا، وإيثارا لما عند الله. وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه؟428
45-وكان يقول: الصبر على أداء الطاعات: أكمل من الصبر على اجتناب المحرمات وأفضل; فإن مصلحة فعل الطاعة أحب إلى الشارع من مصلحة ترك المعصية. ومفسدة عدم الطاعة: أبغض إليه وأكره من مفسدة وجود المعصية.428
46-وله - رحمه الله - في ذلك مصنف قرره فيه بنحو من عشرين وجها. ليس هذا موضع ذكرها.428
47-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه. والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه. والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه.434
48-ومن منازل {إياك نعبد وإياك نستعين} منزلة الرضىوقد أجمع العلماء على أنه مستحب، مؤكد استحبابه. واختلفوا في وجوبه على قولين.وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد. وكان يذهب إلى القول باستحبابه.قال: ولم يجئ الأمر به، كما جاء الأمر بالصبر. وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.قال: وأما ما يروى من الأثر: من لم يصبر على بلائي، ولم يرض بقضائي، فليتخذ ربا سوائي. فهذا أثر إسرائيلي، ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.453
49-ورأيت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في المنام. وكأني ذكرت له شيئا من أعمال القلب. وأخذت في تعظيمه ومنفعته - لا أذكره الآن - فقال: أما أنا فطريقتي: الفرح بالله، والسرور به، أو نحو هذا من العبارة.وهكذا كانت حاله في الحياة. يبدو ذلك على ظاهره. وينادي به عليه حاله 460
50-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: سأله الرضى بعد القضاء. لأنه حينئذ تبين حقيقة الرضى. وأما الرضى قبله: فإنما هو عزم على أنه يرضى إذا أصابه. وإنما يتحقق الرضى بعده.539
51-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكي عن بعض العارفين أنه قال: الناس يعبدون الله. والصوفية يعبدون أنفسهم.598
52-وسأَلَنا يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - عن هذه المسألة؟ فذكرت أنا هذا الجواب. فتبسم ولم يقل شيئا607
انتهت نقولات المجلد الثاني ويليه نقولات المجلد الثالث إن شاء الله تعالى.