تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 29

الموضوع: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

  1. #1

    افتراضي سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد...فهذه سلسلة لنقولات ابن قيم الجوزية عن شيخه ابن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع , وهو تقييد لما يمر عليّ أثناء جردي لكتب ابن القيم , ولا آمن السقط والفوات والله ينفعنا بها
    (الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب )
    دار عالم الفوائد , بتحقيق : عبدالرحمن بن حسن بن قائد , الطبعة الثانية 1427هـ .
    1- "وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن الله أوحى الله إلى إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتدري لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا.قال لأني رأيت العطاء أحب إليك من الأخذ" ص77
    2- " وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟ "96
    3 - "وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إلي وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغد هذا الغداء سقطت قوتي " أو كلاماً قريباً من هذا 96
    4- " وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر. أو كلاماً هذا معناه"96
    5- " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة " 109
    6-" وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة " 109
    7- " وكان يقول في محبسه بالقلعة: لو بذلت لهم ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة"أو قال : "ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير" ونحو هذا 109
    8-" وكان يقول في سجوده وهو محبوس " اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " ما شاء الله109
    9-" وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى والمأسور من أسره هواه" 109
    10-" ولما أدخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرجاف، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه" 109-110
    11-" وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة.فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها"110
    ***

  2. #2

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    تابع - الوابل الصيب
    12- " وكان شيخ الإسلام أبو العباس قدس الله روحه يقول: الصحيح أن معنى الآية أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر: فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي مشتملة على ذكر الله تعالى، ولما فيها من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر" 180

    13- " وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في مشيته وكلامه وإقدامه وكتابته أمراً عجيباً، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً " 185

    14- " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يذكر أثراً في هذا الباب وهو: أن الملائكة لما أمروا بحمل العرش قالوا: يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فلما قالوها حملوه" 186

    15- " وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث، وبلغني عنه أنه كان يقول: شواهد الصحة عليه "205 ومراده رحمه الله حديث " إني رأيت البارحة عجباً: رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه......."

    16- " وقلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوماً: سئل بعض أهل العلم أيهما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوب نقياً فالبخور وماء الورد أنفع له، وإن كان دنساً فالصابون والماء الحار أنفع له. فقال لي رحمه الله تعالى: فكيف والثياب لا تزال دنسة ؟ " 233

    17- " قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره" 250 ومراده رحمه الله حديث " وصية النبي صلى الله عليه وسلم له ولفاطمة رضي الله تعالى عنهما أن يسبحا إذا أخذا مضاجعهما للنوم ثلاثا وثلاثين......"

    18- " وبلغني عن شيخ الإسلام ابن تيمية قال : ما تركته عقيب كل صلاة إلا نسياناً ونحوه " 286 ومراده رحمه الله قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة .

    19- " وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول: ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين، وتثبت في أمره " 294

    20 – " قال شيخنا قدس الله روحه: وقد فعلنا ذلك فكان كذلك " 334
    ومراده رحمه الله هو قول يونس بن عبيد قال : ليس رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون} إلا وقفت بإذن الله تعالى "

    21- " وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره " 390 ومراده رحمه الله هو أن المغتاب لا يخبر من اغتابه بل يستغفر له ويذكره في المواطن التي اغتابه فيها بما فيه من محاسن .....إلخ .
    انتهى

  3. افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    بارك الله فيكم، ونفع بكم.
    موضوع رائع،،،،أعانكم الله على إتمامه وإتقانه!
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  4. #4

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعاصم أحمد بلحة مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم، ونفع بكم.
    موضوع رائع،،،،أعانكم الله على إتمامه وإتقانه!
    وفيكم وبكم , وإن شاء الله سأتمه وأتقنه ولو تأخر ذلك , فإن عرض عارض وصرف صارف فسيتمّه غيري على هذا المنوال , لا بأس في ذلك لمن أحب .

  5. #5

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    الكتاب رقم (2) :
    أسرار الصلاة
    دار ابن حزم , حققه وعلق عليه : إياد بن عبداللطيف بن إبراهيم القيسي , الطبعة الثانية 1426هـ 2005م

    1- " وقال لي شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونوّر ضريحه يوماً :
    إذا هاش عليك كلب الغنم فلا تشتغل بمحاربته , ومدافعته , وعليك بالراعي فاستغث به فهو يصرف عنك الكلب ويكفيكه" 76
    انتهى

  6. #6

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    الكتاب رقم (3)
    إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان
    مؤسسة الرسالة , بتحقيق : عمر بن سليمان الحفيان , الطبعة الأولى 1424هـ , 2004م


    1- " وهذا اختيار.......وشيخ الإسلام ابن تيمية " 62 ومراده رحمه الله عدم وقوع طلاق السكران .

    2- " وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية " 94 ومراده رحمه الله عدم وقوع طلاق الحائض ولا اعتباره .

    3- " قال شيخ الإسلام : وقولهم أصح في الدليل من قول من يوقع الطلاق الذي لم يأذن فيه الله ورسوله , ويراه صحيحاً لازماً " 95

    انتهى

  7. #7

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    الكتاب رقم (4)

    " مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نسعين "
    دار طيبة , تحقيق : عبدالعزيز بن ناصر الجليل , الطبعة الثالثة 1433هـ -2012 م

    1- وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رضي الله عنه يقول: وهما نظير قوله تعالى {إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى} قال: فهذه ثلاثة مواضع في القرآن في هذا المعنى. " 65

    2- " واختار شيخنا قول مجاهد والحسن في السور الثلاث " 65
    ومراده -رحمه الله - أن قوله تعالى " إن علينا للهدى " " قال هذا صراط علي مستقيم " " وعلى الله قصد السبيل " بمعنى واحد .

    3 - وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يقول: جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلق وجودهم في هذه الأمة بـ " إن " الشرطية، مع أنها أفضل الأمم، لاحتياج الأمم قبلنا إليهم، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته، فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم، ولا صاحب كشف ولا منام، فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها والمحدث : هو الذي يحدث في سره وقلبه بالشيء , فيكون كما يحدث به" 101 - 102
    4- " قال شيخنا: والصديق أكمل من المحدث، لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول ، فاستغنى به عما منه. " 102
    5- " قال : وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول، فإن وافقه قبله، وإلا رده، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث. " 102
    6- "قال : وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات : "حدثني قلبي عن ربي" ، فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عمن؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟ فإذا قال: "حدثني قلبي عن ربي" ، كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب"102- 103
    7- " قال : ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوه به يوما من الدهر، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك، بل كتب كاتبه يوما: "هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب"، فقال: "لا، امحه واكتب: هذا ما رأى عمر بن الخطاب، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر والله ورسوله منه بريء" وقال في الكلالة: "أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، فهذا قول المحدث بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح، والسماعي : مجاهر بالقحة والفرية، ويقول: " حدثني قلبي عن ربي " فانظر إلى ما بين القائلين والمرتبتين والقولين والحالين، وأعط كل ذي حق حقه، ولا تجعل الزغل والخالص شيئا واحدا. " 103

    نكمل النقولات في وقت آخر إن شاء الله وهي كثيرة جدا .

    كما أن هناك كلمات قليلة لا أدري هل هي من كلام ابن القيم أو من كلام شيخه ؟

  8. #8

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    تابع
    8- " وكثيرا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: {إياك نعبد} تدفع الرياء {وإياك نستعين} تدفع الكبرياء "128 .

    9- " وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قدس الله روحه يقول: كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء؟ وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت:
    وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل "136

    10- " وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في {إياك نعبد وإياك نستعين} " 167
    11- " قال شيخنا: وهو يعم هذا كله، وهو من الغلق، لانغلاق قصد المتكلم عليه، فكأنه لم ينفتح قلبه لمعنى ما قاله.
    " 386 بعد قول ابن القيم رحمه الله :
    " وفي الحديث من قواعد العلم: أن اللفظ الذي يجري على لسان العبد خطأ من فرح شديد، أو غيظ شديد، ونحوه، لا يؤاخذ به، ولهذا لم يكن هذا كافرا بقوله: أنت عبدي وأنا ربك.

    ومعلوم أن تأثير الغضب في عدم القصد يصل إلى هذه الحال، أو أعظم منها، فلا ينبغي مؤاخذة الغضبان بما صدر منه في حال شدة غضبه من نحو هذا الكلام، ولا يقع طلاقه بذلك، ولا ردته، وقد نص الإمام أحمد على تفسير الإغلاق في قوله صلى الله عليه وسلم «لا طلاق في إغلاق» بأنه الغضب، وفسره به غير واحد من الأئمة، وفسروه بالإكراه والجنون.
    "
    12- " وقال شيخنا: تزوجت الحقيقة الكافرة، بالبدعة الفاجرة، فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة " 408

    13- " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكي عن بعض العارفين أنه قال: العامة يعبدون الله، وهؤلاء يعبدون نفوسهم "468
    وقد قال قبله ابن القيم :
    " وقد أخبرني من رأى ابن سبعين قاعدا في طرف المسجد الحرام، وهو يسخر من الطائفين ويذمهم، ويقول: كأنهم الحمر حول المدار، ونحو هذا، وكان يقول: إقبالهم على الجمعية أفضل لهم.

    ولا ريب أن هؤلاء مؤثرون لحظوظهم على حقوق ربهم، واقفون مع أذواقهم ومواجيدهم، فانين بها عن حق الله ومراده " ثم ذكر قول ابن تيمية ثم قال :
    " وصدق - رحمه الله -......."

    14- " وهذا اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، قدس الله روحه" 517
    وقد قال قبله ابن القيم رحمه الله :
    " والقول الآخر: أنه لا يشترط الإعلام بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفي توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه، وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتابه"

    15- " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يحكي هذا الخلاف، ثم قال: والصحيح أن من التائبين من لا يعود إلى درجته، ومنهم من يعود إليها، ومنهم من يعود إلى أعلى منها، فيصير خيرا مما كان قبل الذنب، وكان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة.
    قال: وهذا بحسب حال التائب بعد توبته، وجده وعزمه، وحذره وتشميره فإن كان ذلك أعظم مما كان له قبل الذنب عاد خيرا مما كان وأعلى درجة، وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله، وإن كان دونه لم يعد إلى درجته، وكان منحطا عنها " 520
    ثم قال ابن القيم :
    " وهذا الذي ذكره هو فصل النزاع في هذه المسألة "
    16- " وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: انظر إلى موسى - صلوات الله وسلامه عليه - رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها، وجر بلحية نبي مثله، وهو هارون، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه وسلم ورفعه عليه، وربه تعالى يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه ويدلّله، لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له، وصدع بأمره، وعالج أمتي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر.
    وانظر إلى يونس بن متى حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى، غاضب ربه مرة، فأخذه وسجنه في بطن الحوت، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى، وفرق بين من إذا أتى بذنب واحد، ولم يكن له من الإحسان والمحاسن ما يشفع له، وبين من إذا أتى بذنب جاءت محاسنه بكل شفيع، كما قيل:
    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع " 574 - 575
    وللكلام بقية , يحتمل أنه لابن تيمية ويحتمل أنه لابن القيم .
    17- " ولقد سئل شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه، سأله شيخ، فقال: هربت من أستاذي وأنا صغير إلى الآن، لم أطلع له على خبر، وأنا مملوك وقد خفت من الله عز وجل، وأريد براءة ذمتي من حق أستاذي من رقبتي، وقد سألت جماعة من المفتين، فقالوا لي: اذهب فاقعد في المستودع فضحك شيخنا وقال: تصدق بقيمتك أعلى ما كانت عن سيدك، ولا حاجة لك بالمستودع تقعد فيه عبثا في غير مصلحة وإضرارا بك وتعطيلا عن مصالحك، ولا مصلحة لأستاذك في هذا، ولا لك ولا للمسلمين، أو نحو هذا من الكلام، والله أعلم " 674
    18- " وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أصوب القولين " 675
    ومراده من اكتسب مالاً محرماً كبائع الخمر والمغني فإن توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه .....
    19- " وفيهما قول ثالث :
    أنهما شريكان في الربح , وهو رواية عن أحمد رحمه الله , واختيار شيخنا رحمه الله , وهو أصح الأقوال ...."677
    وأنقل من الفصل ما يتضح به اختيار ابن تيمية رحمه الله إذ يقول ابن القيم رحمه الله :
    " فصل

    إذا غصب مالا ومات ربه وتعذر رده عليه تعين عليه رده إلى وارثه، فإن مات الوارث رده إلى وارثه وهلم جرا، فإن لم يرده إلى ربه ولا إلى أحد ورثته فهل تكون المطالبة به في الآخرة للموروث إذ هو ربه الأصلي وقد غصبه عليه أو للوارث الأخير إذ الحق قد انتقل إليه؟ .
    فيه قولان للفقهاء، وهم وجهان في مذهب الشافعي.
    ويحتمل أن يقال: المطالبة للموروث ولكل واحد من الورثة، إذ كل منهم قد كان يستحقه ويجب عليه الدفع إليه فقد ظلمه بترك إعطائه ما وجب عليه دفعه إليه، فيتوجه عليه المطالبة في الآخرة له.
    فإن قيل: فكيف يتخلص بالتوبة من حقوق هؤلاء.
    قيل: طريق التوبة أن يتصدق عنهم بمال تجري منافع ثوابه عليهم بقدر ما فات كل واحد منهم من منفعة ذلك المال لو صار إليه متحريا للممكن من ذلك، وهكذا لو تطاولت على المال سنون، وقد كان يمكن ربه أن ينميه بالربح، فتوبته بأن يخرج المال ومقدار ما فوته من ربح ماله.
    فإن كان قد ربح فيه بنفسه، فقيل: الربح كله للمالك، وهو قول الشافعي وظاهر مذهب أحمد رحمهما الله.
    وقيل: كله للغاصب، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله.
    وكذلك لو أودعه مالا فاتجر به وربح، فربحه له دون مالكه عندهما وضمانه عليه.
    وفيها قول ثالث: أنهما شريكان في الربح، وهو رواية عن أحمد رحمه الله، واختيار شيخنا رحمه الله، وهو أصح الأقوال، فتضم حصة المالك من الربح إلى أصل المال ويتصدق بذلك......."
    20- " وسألت شيخنا أبا العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن القتل بالحال هل يوجب القصاص؟ .
    فقال: للولي أن يقتله بالحال كما قتل به " 693-694
    والظاهر أن الحال هو العين ونحوها والله أعلم وارجع للمدارج لمزيد بيان حول هذا النقل المشكل .
    21- " فهؤلاء هم الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية في تائيته:
    ويدعى خصوم الله يوم معادهم ... إلى النار طرا فرقة القدرية " 699
    22- " وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول: من أراد السعادة الأبدية، فليلزم عتبة العبودية " 740

    انتهت النقولات من المجلد الأول من كتاب مدارج السالكين ويليه نقولات المجلد الثاني .

  9. #9

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    المجلد الثاني من مدارج السالكين 23-قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي 1724-ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أورثه ذلك حياة القلب والعقل.وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه شديد اللهج بها جدا2925-وقال لي يوما: لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم2926-وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب، ولم يمت قلبه. 2927-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة4028-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله14129-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: العارف لا يرى له على أحد حقا، ولا يشهد له على غيره فضلا، ولذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب.15530-ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا في شيء، وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت:أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي 15731-وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلاما جيدا.15732-وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسيكين في مجموع حالاتيأنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضراتوليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتيإلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآياتولست أملك شيئا دونه أبدا ... ولا شريك أنا في بعض ذراتولا ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولاياتوالفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتيوهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتيفمن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتيوالحمد لله ملء الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي 157_15933-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة17834-وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام20235-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا، فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور27336-ورضي الله عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية، حيث يقول: إن كان نصبا حب صحب محمد ... فليشهد الثقلان أني ناصبي30738-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: استقاموا على محبته وعبوديته، فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة33739-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله تعالى روحه - يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.33940-قال شيخنا رضي الله عنه: ولذلك لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف. ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه ما لا يشاء. ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله. ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات.35941-وكان شيخنا - رضي الله عنه - يقول: المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل. ورضي بالمقضي له بعد الفعل فقد قام بالعبودية. أو معنى هذا.36742-كما يحكى عن أبي سليمان أنه قال: أرجو أن أكون أعطيت طرفا من الرضا، لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا.فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا عزم منه على الرضا وحديث نفس به. ولو أدخله النار لم يكن من ذلك شيء. وفرق بين العزم على الشيء وبين حقيقته.37143-وكذلك كان شيخنا يشير إلى أنه لا يجب الطلب والسؤال.وسمعته يقول في السؤال: هو ظلم في حق الربوبية، وظلم في حق الخلق، وظلم في حق النفس.38244-سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. ثم تلا قوله تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}42445-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب، وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه. فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، وأما صبره عن المعصية: فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس. ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة. فإنه كان شابا، وداعية الشباب إليها قوية. وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته. وغريبا، والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله. ومملوكا، والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع الحر. والمرأة جميلة، وذات منصب. وهي سيدته. وقد غاب الرقيب. وهي الداعية له إلى نفسها. والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار. ومع هذه الدواعي كلها صبر اختيارا، وإيثارا لما عند الله. وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه؟42846-وكان يقول: الصبر على أداء الطاعات: أكمل من الصبر على اجتناب المحرمات وأفضل; فإن مصلحة فعل الطاعة أحب إلى الشارع من مصلحة ترك المعصية. ومفسدة عدم الطاعة: أبغض إليه وأكره من مفسدة وجود المعصية.42847-وله - رحمه الله - في ذلك مصنف قرره فيه بنحو من عشرين وجها. ليس هذا موضع ذكرها.42848-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه. والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه. والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه.43449-ومن منازل {إياك نعبد وإياك نستعين} منزلة الرضىوقد أجمع العلماء على أنه مستحب، مؤكد استحبابه. واختلفوا في وجوبه على قولين.وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد. وكان يذهب إلى القول باستحبابه.قال: ولم يجئ الأمر به، كما جاء الأمر بالصبر. وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.قال: وأما ما يروى من الأثر: من لم يصبر على بلائي، ولم يرض بقضائي، فليتخذ ربا سوائي. فهذا أثر إسرائيلي، ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.45350-ورأيت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في المنام. وكأني ذكرت له شيئا من أعمال القلب. وأخذت في تعظيمه ومنفعته - لا أذكره الآن - فقال: أما أنا فطريقتي: الفرح بالله، والسرور به، أو نحو هذا من العبارة.وهكذا كانت حاله في الحياة. يبدو ذلك على ظاهره. وينادي به عليه حاله 46051-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: سأله الرضى بعد القضاء. لأنه حينئذ تبين حقيقة الرضى. وأما الرضى قبله: فإنما هو عزم على أنه يرضى إذا أصابه. وإنما يتحقق الرضى بعده.53952-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكي عن بعض العارفين أنه قال: الناس يعبدون الله. والصوفية يعبدون أنفسهم.59853-وسأَلَنا يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - عن هذه المسألة؟ فذكرت أنا هذا الجواب. فتبسم ولم يقل شيئا607انتهت نقولات المجلد الثاني ويليه نقولات المجلد الثالث إن شاء الله تعالى.

  10. #10

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    المجلد الثاني من مدارج السالكين
    23-قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي 17
    24-ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أورثه ذلك حياة القلب والعقل.وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه شديد اللهج بها جدا29
    25-وقال لي يوما: لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم29
    26-وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب، ولم يمت قلبه. 29
    27-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة40
    28-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله141
    29-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: العارف لا يرى له على أحد حقا، ولا يشهد له على غيره فضلا، ولذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب.155
    30-ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرا: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا في شيء، وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت:أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي 157
    31-وكان إذا أثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلاما جيدا.157
    32-وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه:
    أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسيكين في مجموع حالاتي
    أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا من عنده يأتي
    لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضرات
    وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي
    إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قد جاء في الآيات
    ولست أملك شيئا دونه أبدا ... ولا شريك أنا في بعض ذرات
    ولا ظهير له كي يستعين به ... كما يكون لأرباب الولايات
    والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
    وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
    فمن بغى مطلبا من غير خالقه ... فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
    والحمد لله ملء الكون أجمعه ... ما كان منه وما من بعد قد ياتي 157_159
    33-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة178
    34-وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام202
    35-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا، فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور273
    36-ورضي الله عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية، حيث يقول: إن كان نصبا حب صحب محمد ... فليشهد الثقلان أني ناصبي307
    37-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: استقاموا على محبته وعبوديته، فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة337
    38-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله تعالى روحه - يقول: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.339
    39-قال شيخنا رضي الله عنه: ولذلك لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف. ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه ما لا يشاء. ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله. ولا يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات.359
    40-وكان شيخنا - رضي الله عنه - يقول: المقدور يكتنفه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل. ورضي بالمقضي له بعد الفعل فقد قام بالعبودية. أو معنى هذا.367
    41-كما يحكى عن أبي سليمان أنه قال: أرجو أن أكون أعطيت طرفا من الرضا، لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا.فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا عزم منه على الرضا وحديث نفس به. ولو أدخله النار لم يكن من ذلك شيء. وفرق بين العزم على الشيء وبين حقيقته.371
    42-وكذلك كان شيخنا يشير إلى أنه لا يجب الطلب والسؤال.وسمعته يقول في السؤال: هو ظلم في حق الربوبية، وظلم في حق الخلق، وظلم في حق النفس.382
    43-سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين. ثم تلا قوله تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}424
    44-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب، وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه. فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، وأما صبره عن المعصية: فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس. ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة. فإنه كان شابا، وداعية الشباب إليها قوية. وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته. وغريبا، والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله. ومملوكا، والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع الحر. والمرأة جميلة، وذات منصب. وهي سيدته. وقد غاب الرقيب. وهي الداعية له إلى نفسها. والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار. ومع هذه الدواعي كلها صبر اختيارا، وإيثارا لما عند الله. وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه؟428
    45-وكان يقول: الصبر على أداء الطاعات: أكمل من الصبر على اجتناب المحرمات وأفضل; فإن مصلحة فعل الطاعة أحب إلى الشارع من مصلحة ترك المعصية. ومفسدة عدم الطاعة: أبغض إليه وأكره من مفسدة وجود المعصية.428
    46-وله - رحمه الله - في ذلك مصنف قرره فيه بنحو من عشرين وجها. ليس هذا موضع ذكرها.428
    47-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه ولا معه. والصفح الجميل هو الذي لا عتاب معه. والهجر الجميل هو الذي لا أذى معه.434
    48-ومن منازل {إياك نعبد وإياك نستعين} منزلة الرضىوقد أجمع العلماء على أنه مستحب، مؤكد استحبابه. واختلفوا في وجوبه على قولين.وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد. وكان يذهب إلى القول باستحبابه.قال: ولم يجئ الأمر به، كما جاء الأمر بالصبر. وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.قال: وأما ما يروى من الأثر: من لم يصبر على بلائي، ولم يرض بقضائي، فليتخذ ربا سوائي. فهذا أثر إسرائيلي، ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.453
    49-ورأيت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في المنام. وكأني ذكرت له شيئا من أعمال القلب. وأخذت في تعظيمه ومنفعته - لا أذكره الآن - فقال: أما أنا فطريقتي: الفرح بالله، والسرور به، أو نحو هذا من العبارة.وهكذا كانت حاله في الحياة. يبدو ذلك على ظاهره. وينادي به عليه حاله 460
    50-فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: سأله الرضى بعد القضاء. لأنه حينئذ تبين حقيقة الرضى. وأما الرضى قبله: فإنما هو عزم على أنه يرضى إذا أصابه. وإنما يتحقق الرضى بعده.539
    51-وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يحكي عن بعض العارفين أنه قال: الناس يعبدون الله. والصوفية يعبدون أنفسهم.598
    52-وسأَلَنا يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - عن هذه المسألة؟ فذكرت أنا هذا الجواب. فتبسم ولم يقل شيئا607
    انتهت نقولات المجلد الثاني ويليه نقولات المجلد الثالث إن شاء الله تعالى.




  11. #11

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    نقولات المجلد الثالث من مدارج السالكين
    53- والقول الثاني: أنه قربه من العبد بملائكته الذين يصلون إلى قلبه. فيكون أقرب إليه من ذلك العرق. اختاره شيخنا 41
    54- وسمعته يقول: هذا مثل قوله: {نحن نقص عليك أحسن القصص} وقوله: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} فإن جبريل عليه السلام هو الذي قصه عليه بأمر الله. فنسب تعليمه إليه. إذ هو بأمره، وكذلك جبريل هو الذي قرأه عليه. كما في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: فإذا قرأه رسولنا فأنصت لقراءته حتى يقضيها. 41

    55- ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في ذلك أمرا عجيبا:
    كان إذا سئل عن مسألة حكمية، ذكر في جوابها مذاهب الأئمة الأربعة، إذا قدر، ومأخذ الخلاف، وترجيح القول الراجح. وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته. فيكون فرحه بتلك المتعلقات، واللوازم: أعظم من فرحه بمسألته. وهذه فتاويه - رحمه الله - بين الناس. فمن أحب الوقوف عليها رأى ذلك. 48

    56- ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في ذلك أمرا عجيبا:
    كان إذا سئل عن مسألة حكمية، ذكر في جوابها مذاهب الأئمة الأربعة، إذا قدر، ومأخذ الخلاف، وترجيح القول الراجح. وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته. فيكون فرحه بتلك المتعلقات، واللوازم: أعظم من فرحه بمسألته. وهذه فتاويه - رحمه الله - بين الناس. فمن أحب الوقوف عليها رأى ذلك. 48

    57- وكان خصومه - يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - يعيبونه بذلك. ويقولون: سأله السائل عن طريق مصر - مثلا - فيذكر له معها طريق مكة، والمدينة، وخراسان، والعراق، والهند. وأي حاجة بالسائل إلى ذلك؟ .
    ولعمر الله ليس ذلك بعيب، وإنما العيب: الجهل والكبر.......50

    58- وسألت يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن هذه المسألة، وقطع الآفات، والاشتغال بتنقية الطريق وتنظيفها؟
    فقال لي جملة كلامه: النفس مثل الباطوس - وهو جب القذر - كلما نبشته ظهر وخرج. ولكن إن أمكنك أن تسقف عليه، وتعبره وتجوزه، فافعل، ولا تشتغل بنبشه. فإنك لن تصل إلى قراره. وكلما نبشت شيئا ظهر غيره.
    فقلت: سألت عن هذه المسألة بعض الشيوخ؟ فقال لي: مثال آفات النفس مثال الحيات والعقارب التي في طريق المسافر. فإن أقبل على تفتيش الطريق عنها، والاشتغال بقتلها: انقطع. ولم يمكنه السفر قط. ولكن لتكن همتك المسير، والإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها. فإذا عرض لك فيها ما يعوقك عن المسير فاقتله. ثم امض على سيرك.
    فاستحسن شيخ الإسلام ذلك جدا. وأثنى على قائله.83


    59-
    وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: التكبر شر من الشرك فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره. 118

    60-
    وما رأيت أحدا قط أجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه.وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم.
    وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له. فنهرني وتنكر لي واسترجع. ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه. ونحو هذا من الكلام. فسروا به ودعوا له. وعظموا هذه الحال منه. فرحمه الله ورضي عنه. وهذا مفهوم. 139


    61-
    واختلف الفقهاء والأصوليون في المكره: هل يسمى مختارا، أم لا؟ .
    وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: التحقيق أنه محمول على الاختيار. فله اختيار في الفعل. وبه صح وقوعه. فإنه لولا إرادته واختياره: لما وقع الفعل. ولكنه محمول على أن هذه الإرادة والاختيار ليست من قبله. فهو مختار باعتبار أن حقيقة الإرادة والاختيار منه. وغير مختار باعتبار أن غيره حمله على الاختيار. ولم يكن مختارا من نفسه. هذا معنى كلامه.163


    62-
    فشيخنا - رحمه الله - كان يرى أنه عارض من عوارض الطريق لا يعرض للكمّل.165 الكلام عن الفناء ونحوه .

    63- وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: متى كان السبب محظورا. لم يكن السكران معذورا. 186

    64- وجرت عادة القوم: أن يذكروا في هذا المقام قوله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم، حين أراه ما أراه: {ما زاغ البصر وما طغى} [النجم: 17] وأبو القاسم القشيري صدر باب الأدب بهذه الآية. وكذلك غيره.
    وكأنهم نظروا إلى قول من قال من أهل التفسير: إن هذا وصف لأدبه صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام. إذ لم يلتفت جانبا. ولا تجاوز ما رآه. وهذا كمال الأدب. والإخلال به: أن يلتفت الناظر عن يمينه وعن شماله، أو يتطلع أمام المنظور. فالالتفات زيغ. والتطلع إلى ما أمام المنظور: طغيان ومجاوزة. فكمال إقبال الناظر على المنظور: أن لا يصرف بصره عنه يمنة ولا يسرة. ولا يتجاوزه.
    هذا معنى ما حصلته عن شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه. 197


    65- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة. وهو أخذ الزينة. فقال تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد} فعلق الأمر بأخذ الزينة، لا بستر العورة، إيذانا بأن العبد ينبغي له: أن يلبس أزين ثيابه، وأجملها في الصلاة. 201


    نكمل إن شاء الله في وقت لاحق .

  12. #12

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    66- فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: هذا من كمال أدب الصلاة: أن يقف العبد بين يدي ربه مطرقا، خافضا طرفه إلى الأرض. ولا يرفع بصره إلى فوق.
    قال: والجهمية - لما لم يفقهوا هذا الأدب، ولا عرفوه - ظنوا أن هذا دليل أن الله ليس فوق سمواته على عرشه. كما أخبر به عن نفسه. واتفقت عليه رسله وجميع أهل السنة.
    قال: وهذا من جهلهم. بل هذا دليل لمن عقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم على نقيض قولهم; إذ من الأدب مع الملوك: أن الواقف بين أيديهم يطرق إلى الأرض. ولا يرفع بصره إليهم. فما الظن بملك الملوك سبحانه؟
    وسمعته يقول - في نهيه صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع والسجود - إن القرآن هو أشرف الكلام. وهو كلام الله. وحالتا الركوع والسجود حالتا ذل وانخفاض من العبد. فمن الأدب مع كلام الله: أن لا يقرأ في هاتين الحالتين. ويكون حال القيام والانتصاب أولى به.201
    67- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: حد الخوف ما حجزك عن معاصي الله. فما زاد على ذلك: فهو غير محتاج إليه.214

    68- وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بين الطائفتين حكما حسنا. فقال: المدرك بحاسة السمع أعم وأشمل. والمدرك بحاسة البصر أتم وأكمل. فللسمع العموم والشمول، والإحاطة بالموجود والمعدوم، والحاضر والغائب، والحسي والمعنوي، وللبصر: التمام والكمال.238

    69- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: الصحيح منها: ما يدل عليه اللفظ بإشارته من باب قياس الأولى.
    قلت: مثاله قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} .
    قال: والصحيح في الآية، أن المراد به: الصحف التي بأيد الملائكة. لوجوه عديدة.
    منها: أنه وصفه بأنه مكنون والمكنون: المستور عن العيون. وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.
    ومنها: أنه قال {لا يمسه إلا المطهرون} وهم الملائكة. ولو أراد المتوضئين لقال: لا يمسه إلا المتطهرون. كما قال تعالى {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} فالملائكة مطهرون. والمؤمنون متطهرون.
    ومنها: أن هذا إخبار. ولو كان نهيا لقال: لا يمسسه بالجزم، والأصل في الخبر: أن يكون خبرا صورة ومعنى.
    ومنها: أن هذا رد على من قال: إن الشيطان جاء بهذا القرآن. فأخبر تعالى أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين. ولا وصول لها إليه، كما قال تعالى في آية الشعراء {وما تنزلت به الشياطين - وما ينبغي لهم وما يستطيعون} وإنما تناله الأرواح المطهرة. وهم الملائكة.
    ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس {فمن شاء ذكره - في صحف مكرمة - مرفوعة مطهرة - بأيدي سفرة - كرام بررة} .
    قال مالك في موطئه: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: {لا يمسه إلا المطهرون} أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.
    ومنها: أن الآية مكية من سورة مكية. تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد، وإثبات الصانع، والرد على الكفار. وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي. وهو حكم مس المحدث المصحف.ومنها: أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس: لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة. إذ من المعلوم: أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقا أو باطلا. بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون، مستور عن العيون عند الله. لا يصل إليه شيطان. ولا ينال منه. ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية. فهذا المعنى أليق وأجل وأخلق بالآية وأولى بلا شك.
    فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر. لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون، لكرامتها على الله. فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر.248

    70- وسمعته يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» إذا كانت الملائكة المخلوقون يمنعها الكلب والصورة عن دخول البيت. فكيف تلج معرفة الله عز وجل، ومحبته وحلاوة ذكره، والأنس بقربه، في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصورها؟ فهذا من إشارة اللفظ الصحيحة.250
    71- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: معنى الآية: أن في الصلاة فائدتين عظيمتين إحداهما: نهيها عن الفحشاء والمنكر، والثانية: اشتمالها على ذكر الله وتضمنها له ولما تضمنته من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر.263
    72- وفي أثر إلهي يقول الله تعالى: إن عبدي - كل عبدي - الذي يذكرني وهو ملاق قرنه.
    سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يستشهد به وسمعته يقول: المحبون يفتخرون بذكر من يحبونه في هذه الحال، كما قال عنترة:
    ولقد ذكرتك والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم
    وقال الآخر:
    ذكرتك والخطي يخطر بيننا ... وقد نهلت منا المثقفة السمر
    قال آخر:
    ولقد ذكرتك والرماح شواجر ... نحوي وبيض الهند تقطر من دمي
    وهذا كثير في أشعارهم وهو مما يدل على قوة المحبة. فإن ذكر المحب محبوبه في تلك الحال التي لا يهم المرء فيها غير نفسه يدل على أنه عنده بمنزلة نفسه أو أعز منها، وهذا دليل على صدق المحبة، والله أعلم.265

    73- وسألت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يوما فقلت له: إذا كان الرب سبحانه يرضى بطاعة العبد ويفرح بتوبته ويغضب من مخالفته، فهل يجوز أن يؤثر المحدث في القديم حبا وبغضا وفرحا وغير ذلك؟ فقال لي: الرب سبحانه هو الذي خلق أسباب الرضا والغضب والفرح، وإنما كانت بمشيئته وخلقه، فلم يكن ذلك التأثر من غيره، بل من نفسه بنفسه، والممتنع أن يؤثر غيره فيه فهذا محال، وأما أن يخلق هو أسبابا ويشاءها ويقدرها تقتضي رضاه ومحبته وفرحه وغضبه: فهذا ليس بمحال، فإن ذلك منه بدأ وإليه يعود، والله سبحانه أعلم.276
    74- فالفقر ذاتي للعبد. وإنما يتجدد له لشهوده ووجوده حالا، وإلا فهو حقيقة. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. قدس الله روحه:
    والفقر لي وصف ذات لازم أبدا ... كما الغنى أبدا وصف له ذاتي 288

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    واصل بارك الله فيك
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  14. #14

    افتراضي رد: سلسلة نقولات ابن القيم عن شيخه ابن تيمية

    75- قال شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - والفقر والغنى ابتلاء من الله لعبده. كما قال تعالى {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن - وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن- كلا} أي ليس كل من وسعت عليه وأعطيته: أكون قد أكرمته، ولا كل من ضيقت عليه وقترت: أكون قد أهنته، فالإكرام: أن يكرم الله العبد بطاعته، والإيمان به، ومحبته ومعرفته. والإهانة: أن يسلبه ذلك.
    قال - يعني ابن تيمية - ولا يقع التفاضل بالغنى والفقر. بل بالتقوى، فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة. سمعته يقول ذلك. 290
    76- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: وكذلك لطم موسى عين ملك الموت ففقأها. ولم يعتب عليه ربه. وفي ليلة الإسراء عاتب ربه في النبي صلى الله عليه وسلم. إذ رفعه فوقه، ورفع صوته بذلك. ولم يعتبه الله على ذلك. قال: لأن موسى - عليه السلام - قام تلك المقامات العظيمة التي أوجبت له هذا الدلال. فإنه قاوم فرعون أكبر أعداء الله تعالى. وتصدى له ولقومه. وعالج بني إسرائيل أشد المعالجة. وجاهد في الله أعداء الله أشد الجهاد. وكان شديد الغضب لربه، فاحتمل له ما لم يحتمله لغيره.
    وذو النون لما لم يكن في هذا المقام: سجنه في بطن الحوت من غضبه، وقد جعل الله لكل شيء قدرا.313
    77- ولهذا لما قالوا للمؤمنين {أهؤلاء من الله عليهم من بيننا} أجابهم بقوله: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
    سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: هم الذين يعرفون قدر نعمة الإيمان، ويشكرون الله عليها.354
    78- وقال تعالى في حق المنافقين: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول} . فالأول: فراسة النظر والعين. والثاني: فراسة الأذن والسمع.
    وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: علق معرفته إياهم بالنظر على المشيئة، ولم يعلق تعريفهم بلحن خطابهم على شرط. بل أخبر به خبرا مؤكدا بالقسم. فقال: ولتعرفنهم في لحن القول وهو تعريض الخطاب، وفحوى الكلام ومغزاه.358

    79- ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أمورا عجيبة. وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم. ووقائع فراسته تستدعي سفرا ضخما.
    أخبر أصحابه بدخول التتار الشام سنة تسع وتسعين وستمائة، وأن جيوش المسلمين تكسر، وأن دمشق لا يكون بها قتل عام ولا سبي عام، وأن كلب الجيش وحدته في الأموال. وهذا قبل أن يهم التتار بالحركة.
    ثم أخبر الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام: أن الدائرة والهزيمة عليهم. وأن الظفر والنصر للمسلمين. وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا. فيقال له: قل إن شاء الله. فيقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا. وسمعته يقول ذلك. قال: فلما أكثروا علي. قلت: لا تكثروا. كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ. أنهم مهزومون في هذه الكرة. وأن النصر لجيوش الإسلام. قال: وأطعمت بعض الأمراء والعسكر حلاوة النصر قبل خروجهم إلى لقاء العدو.
    وكانت فراسته الجزئية في خلال هاتين الواقعتين مثل المطر.ولما طلب إلى الديار المصرية، وأريد قتله - بعدما أنضجت له القدور، وقلبت له الأمور - اجتمع أصحابه لوداعه. وقالوا: قد تواترت الكتب بأن القوم عاملون على قتلك. فقال: والله لا يصلون إلى ذلك أبدا. قالوا: أفتحبس؟ قال: نعم، ويطول حبسي. ثم أخرج وأتكلم بالسنة على رءوس الناس. سمعته يقول ذلك.
    ولما تولى عدوه الملقب بالجاشنكير الملك أخبروه بذلك. وقالوا: الآن بلغ مراده منك. فسجد لله شكرا وأطال. فقيل له: ما سبب هذه السجدة؟ فقال: هذا بداية ذله ومفارقة عزه من الآن، وقرب زوال أمره. فقيل: متى هذا؟ فقال: لا تربط خيول الجند على القرط حتى تغلب دولته. فوقع الأمر مثل ما أخبر به. سمعت ذلك منه.
    وقال مرة: يدخل علي أصحابي وغيرهم. فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم.
    فقلت له - أو غيري - لو أخبرتهم؟ فقال: أتريدون أن أكون معرفا كمعرف الولاة؟ وقلت له يوما: لو عاملتنا بذلك لكان أدعى إلى الاستقامة والصلاح. فقال: لا تصبرون معي على ذلك جمعة، أو قال: شهرا.
    وأخبرني غير مرة بأمور باطنة تختص بي مما عزمت عليه، ولم ينطق به لساني.
    وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل. ولم يعين أوقاتها. وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها.
    وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته. والله أعلم.368 فما بعدها .

    80- وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة.
    وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه، تعجز العقول عن حملها - من محاربة أرواح شيطانية، ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة - قال: فلما اشتد علي الأمر، قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قلبة.392
    81- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: في بعض الآثار الإلهية، يقول الله تعالى: «إني لا أنظر إلى كلام الحكيم. وإنما أنظر إلى همته» .
    قال: والعامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن. والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب. يريد: أن قيمة المرء همته ومطلبه.423

    82- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: لمت بعض الإباحية، فقال لي ذلك. ثم قال: والكون كله مراده، فأي شيء أبغض منه؟
    قال الشيخ: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغض أفعالا وأقوالا وأقواما وعاداهم فطردهم ولعنهم فأحببتهم: تكون مواليا للمحبوب أو معاديا له؟ قال: فكأنما ألقم حجرا. وافتضح بين أصحابه. وكان مقدما فيهم مشارا إليه.444
    83- {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} .........وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يرجح القول الأول، ويقول: إنما ذموا بأن أشركوا بين الله وبين أندادهم في المحبة. ولم يخلصوها لله كمحبة المؤمنين له.454

    84- " اذهبوا إلى محمد، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ".
    سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: فحصلت له تلك المرتبة. بتكميل عبوديته لله تعالى، وكمال مغفرة الله له.469
    85- وظاهر الآية: أن الحامل لموسى على العجلة: هو طلب رضا ربه، وأن رضاه في المبادرة إلى أوامره، والعجلة إليها. ولهذا احتج السلف بهذه الآية على أن الصلاة في أول الوقت أفضل. سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يذكر ذلك. قال: إن رضا الرب في العجلة إلى أوامره.524
    86- وحدثني بعض أقارب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - قال: كان في بداية أمره يخرج أحيانا إلى الصحراء يخلو عن الناس، لقوة ما يرد عليه. فتبعته يوما فلما أصحر تنفس الصعداء. ثم جعل يتمثل بقول الشاعر - وهو لمجنون ليلى من قصيدته الطويلة -:
    وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالسر خاليا525

    87- ومما يذكر عن المسيح عليه السلام أنه قال: يا بني إسرائيل، لن تلجوا ملكوت السماء حتى تولدوا مرتين.
    سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يذكر ذلك. ويفسره بأن الولادة نوعان. أحدهما: هذه المعروفة، والثانية: ولادة القلب والروح وخروجهما من مشيمة النفس، وظلمة الطبع.
    قال: وهذه الولادة لما كانت بسبب الرسول كان كالأب للمؤمنين، وقد قرأ أبي بن كعب - رضي الله عنه - " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ".
    قال: ومعنى هذه الآية والقراءة في قوله تعالى {وأزواجه أمهاتهم} إذ ثبوت أمومة أزواجه لهم: فرع عن ثبوت أبوته.
    قال: فالشيخ والمعلم والمؤدب أب الروح. والوالد أب الجسم.540
    88- وفي كتاب الزهد للإمام أحمد: أن المسيح عليه السلام قال للحواريين: إنكم لن تلجوا ملكوت السماوات حتى تولدوا مرتين.
    وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: هي ولادة الأرواح والقلوب من الأبدان، وخروجها من عالم الطبيعة، كما ولدت الأبدان من البدن وخرجت منه. والولادة الأخرى: هي الولادة المعروفة. والله أعلم.663

    انتهت بحمد الله نقولات المجلد الثالث من كتاب مدارج السالكين ويليه المجلد الرابع والأخير إن شاء الله تعالى بعد الحج .

  15. #15

    افتراضي

    المجلد الرابع والأخير من كتاب مدارج السالكين
    89- وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: من واظب على " يا حي يا قيوم. لا إله إلا أنت " كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيى الله بها قلبه 136
    90- قال لي شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مرة: العوارض والمحن هي كالحر والبرد، فإذا علم العبد أنه لابد منهما لم يغضب لورودهما، ولم يغتم لذلك ولم يحزن 344
    91-وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: عمله خير من علمه 352 والمقصود الهروي .
    92- قال شيخنا: وهذا التقدير أرجح، فإنه يتضمن: أن الملائكة وأولي العلم يشهدون له بأنه لا إله إلا هو، وأنه قائم بالقسط 456 والكلام عن قوله تعالى قائما بالقسط هل هو حال من شهد أو هو وشيخ الإسلام يرجح الثاني ويمكن الاستزادة بالرجوع إلى المدارج.
    93- وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية على ما ذكره صاحب المنازل في التوحيد فقال - بعد أن حكى كلامه إلى آخره -: أما التوحيد الأول، الذي ذكره: فهو التوحيد الذي جاءت به الرسل من أولهم إلى آخرهم، ونزلت به الكتب كلها، وبه أمر الله الأولين والآخرين، وذكر الآيات الواردة بذلك.
    ثم قال: وقد أخبر الله عن كل رسول من الرسل أنه قال لقومه {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} وهذه أول دعوة الرسل وآخرها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله» وقال «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله، دخل الجنة» والقرآن مملوء من هذا التوحيد، والدعوة إليه، وتعليق النجاة والسعادة في الآخرة به، وحقيقته: إخلاص الدين كله، والفناء في هذا التوحيد مقرون بالبقاء، وهو أن تثبت إلهية الحق تعالى في قلبك، وتنفي إلهية ما سواه، فتجمع بين النفي والإثبات، فالنفي هو الفناء، والإثبات هو البقاء، وحقيقته: أن تفنى بعبادة الله عن عبادة ما سواه، وبمحبته عن محبة ما سواه، وبخشيته عن خشية ما سواه،وبطاعته عن طاعة ما سواه، وكذلك بموالاته وسؤاله، والاستغناء به، والتوكل عليه، ورجائه ودعائه، والتفويض إليه، والتحاكم إليه، واللجء إليه، والرغبة فيما عنده، قال تعالى {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض} وقال تعالى {أفغير الله أبتغي حكما} وقال تعالى {قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء} وقال تعالى {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون - ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} وقال تعالى {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين - قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} لا شريك له الآية، وقال تعالى {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين} وقال تعالى {لا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} وقال تعالى {ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه} وقال تعالى {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون} وقال {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} وقال تعالى {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص} وقال عن أصحاب الكهف {فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا} وقال عن صاحب يس {وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون} وقال تعالى {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي} وقال تعالى {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون} وقال تعالى {ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز} وقال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} .
    وهذا في القرآن كثير، بل هو أكثر من أن يذكر، وهو أول الدين وآخره وباطنه وظاهره، وذروة سنامه، وقطب رحاه، وأمرنا تعالى أن نتأسى بإمام هذا التوحيد في نفيه وإثباته، كما قال تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وقال تعالى {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين} وقال تعالى {واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون - قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين - قال هل يسمعونكم إذ تدعون - أو ينفعونكم أو يضرون - قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون - قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين - الذي خلقني فهو يهدين - والذي هو يطعمني ويسقين - وإذا مرضت فهو يشفين - والذي يميتني ثم يحيين - والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} وإذا تدبرت القرآن - من أوله إلى آخره - رأيته يدور على هذا التوحيد، وتقريره وحقوقه.
    قال شيخنا: والخليلان هم أكمل خاصة الخاصة توحيدا، ولا يجوز أن يكون في الأمة من هو أكمل توحيدا من نبي من الأنبياء، فضلا عن الرسل، فضلا عن أولي العزم، فضلا عن الخليلين، وكمال هذا التوحيد هو أن لا يبقى في القلب شيء لغير الله أصلا، بل يبقى العبد مواليا لربه في كل شيء، يحب من أحب وما أحب، ويبغض من أبغض وما أبغض، ويوالي من يوالي، ويعادي من يعادي، ويأمر بما يأمر به، وينهى عما نهى عنه 494 إلى 498 وأنبه إلى أني نقلتها من طبعة دار الكتاب العربي على الشاملة - وأما أرقام الصفحات فهي كما في طبعة طيبة لا دار الكتاب - ولم أكتبها نظرا لطولها وعدم وجود من يقابل معي وعلى كل حال هو في منهاج السنة وكذلك النقل الآتي وقد تصرف فيهما ابن القيم رحمه الله.
    94- قال شيخنا: " وهذا الأصل الفاسد مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف وأئمة الدين "، بل ومخالف لصريح العقل والحس والمشاهدة، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إسقاط الأسباب نظرا إلى القدر؟ فرد ذلك، وألزم القيام بالأسباب كما في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: لا، اعملوا، فكل ميسر لما خلق له» وفي الصحيح عنه أيضا أنه قيل له: «يا رسول الله، أرأيت ما يكدح الناس فيه اليوم ويعملون: أمر قضي عليهم ومضى، أم فيما يستقبلون مما آتاهم فيه الحجة؟ فقال: بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على كتابنا؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له» وفي السنن عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له: «أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقاة نتقي بها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال: هي من قدر الله» وكذلك قول عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما، وقد قال أبو عبيدة لعمر أتفر من قدر الله؟ - يعني من الطاعون - قال: أفر من قدر الله إلى قدر الله،
    وقد قال الله تعالى في السحاب {فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات} وقال تعالى {فأحيا به الأرض بعد موتها} وقال تعالى {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} وقال تعالى {بما كنتم تعملون - بما كنتم تكسبون - ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} والقرآن مملوء من ترتيب الأحكام الكونية والشرعية والثواب والعقاب على الأسباب بطرق متنوعة، فيأتي بباء السببية تارة، وباللام تارة، وبأن تارة، وبكي تارة، ويذكر الوصف المقتضى تارة، ويذكر صريح التعليل تارة، كقوله: ذلك بأنهم فعلوا كذا، وقالوا كذا، ويذكر الجزاء تارة، كقوله
    {وذلك جزاء الظالمين} وقوله {وذلك جزاء المحسنين} وقوله {وهل نجازي إلا الكفور} ويذكر المقتضي للحكم والمانع منه، كقوله {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} وعند منكري الأسباب والحكم: لم يمنعه إلا محض مشيئته ليس إلا، وقال {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم} وقال {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} وقال {كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية} وقال {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال {ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا} وقال {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} وقال {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} وقال تعالى {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل} وبالجملة: فالقرآن - من أوله إلى آخره - يبطل هذا المذهب ويرده، كما تبطله العقول والفطر والحس.
    وقد قال بعض أهل العلم: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب - أن تكون أسبابا - تغيير في وجه العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية: قدح في الشرع، والتوكل معنى يلتئم من معنى التوحيد والعقل والشرع.
    وهذا الكلام يحتاج إلى شرح وتقييد، فالالتفات إلى الأسباب ضربان، أحدهما: شرك، والآخر: عبودية وتوحيد، فالشرك: أن يعتمد عليها ويطمئن إليها، ويعتقد أنها بذاتها محصلة للمقصود، فهو معرض عن السبب لها، ويجعل نظره والتفاته مقصورا عليها، وأما إن التفت إليها التفات امتثال وقيام بها وأداء لحق العبودية فيها، وإنزالها منازلها: فهذا الالتفات عبودية وتوحيد، إذ لم يشغله عن الالتفات إلى المسبب، وأما محوها أن تكون أسبابا: فقدح في العقل والحس والفطرة، فإن أعرض عنها بالكلية: كان ذلك قدحا في الشرع، وإبطالا له، وحقيقة التوكل: القيام بالأسباب، والاعتماد بالقلب على المسبب، واعتقاد أنها بيده، فإن شاء منعها اقتضاءها، وإن شاء جعلها مقتضية لضد أحكامها، وإن شاء أقام لها موانع وصوارف تعارض اقتضاءها وتدفعه.
    فالموحد المتوكل: لا يلتفت إلى الأسباب، بمعنى أنه لا يطمئن إليها، ولا يرجوها ولا يخافها، فلا يركن إليها، ولا يلتفت إليها - بمعنى أنه لا يسقطها ولا يهملها ويلغيها - بل يكون قائما بها، ملتفتا إليها، ناظرا إلى مسببها سبحانه ومجريها، فلا يصح التوكل - شرعا وعقلا - إلا عليه سبحانه وحده، فإنه ليس في الوجود سبب تام موجب إلا مشيئته وحده، فهو الذي سبب الأسباب، وجعل فيها القوى والاقتضاء لآثارها، ولم يجعل منها سببا يقتضي وحده أثره، بل لابد معه من سبب يشاركه، وجعل لها أسبابا تضادها وتمانعها، بخلاف مشيئته سبحانه، فإنها لا تحتاج إلى أمر آخر، ولا في الأسباب الحادثة ما يبطلها ويضادها، وإن كان الله سبحانه قد يبطل حكم مشيئته بمشيئته، فيشاء الأمر ثم يشاء ما يضاده ويمنع حصوله، والجميع بمشيئته واختياره، فلا يصح التوكل إلا عليه، ولا الالتجاء إلا إليه، ولا الخوف إلا منه، ولا الرجاء إلا له، ولا الطمع إلا في رحمته، كما قال أعرف الخلق به - صلى الله عليه وسلم - «أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك» وقال «لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك» .
    فإذا جمعت بين هذا التوحيد وبين إثبات الأسباب: استقام قلبك على السير إلى الله، ووضح لك الطريق الأعظم الذي مضى عليه جميع رسل الله وأنبيائه وأتباعهم، وهو الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، وبالله التوفيق.
    وما سبق به علم الله وحكمه حق، وهو لا ينافي إثبات الأسباب، ولا يقتضي إسقاطها، فإنه سبحانه قد علم وحكم: أن كذا وكذا يحدث بسبب كذا وكذا، فسبق العلم والحكم بحصوله عن سببه، فإسقاط الأسباب خلاف موجب علمه وحكمه، فمن نظر إلى الحدوث بغير الأسباب: لم يكن نظره وشهوده مطابقا للحق، بل كان شهوده غيبة، ونظره عمى، فإذا كان علم الله قد سبق بحدوث الأشياء بأسبابها، فكيف يشهد العبد الأمور بخلاف ما هي عليه في علمه وحكمه وخلقه وأمره؟
    والعلل التي تتقي في الأسباب نوعان، أحدهما: الاعتماد عليها، والتوكل عليها، والثقة بها، ورجاؤها وخوفها، فهذا شرك يرق ويغلظ، وبين ذلك .
    الثاني: ترك ما أمر الله به من الأسباب، وهذا أيضا قد يكون كفرا وظلما، وبين ذلك، بل على العبد أن يفعل ما أمره الله به من الأمر، ويتوكل على الله توكل من يعتقد أن الأمر كله بمشيئة الله، سبق به علمه وحكمه، وأن السبب لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، ولا يقضي ولا يحكم، ولا يحصل للعبد ما لم تسبق له به المشيئة الإلهية، ولا يصرف عنه ما سبق به الحكم والعلم، فيأتي بالأسباب إتيان من لا يرى النجاة والفلاح والوصول إلا بها، ويتوكل على الله توكل من يرى أنها لا تنجيه، ولا تحصل له فلاحا، ولا توصله إلى المقصود، فيجرد عزمه للقيام بها حرصا واجتهادا، ويفرغ قلبه من الاعتماد عليها، والركون إليها، تجريدا للتوكل، واعتمادا على الله وحده، وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين هذين الأصلين في الحديث الصحيح، حيث يقول «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز» فأمره بالحرص على الأسباب، والاستعانة بالمسبب، ونهاه عن العجز، وهو نوعان: تقصير في الأسباب، وعدم الحرص عليها، وتقصير في الاستعانة بالله وترك تجريدها، فالدين كله - ظاهره وباطنه، شرائعه وحقائقه - تحت هذه الكلمات النبوية، والله أعلم. 516 إلى 523


    انتهى كتاب المدارج ويليه كتاب آخر بإذن الله .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    139

    افتراضي

    رائع من الروائع

  17. #17

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا , شكر الله لك

  18. #18

    افتراضي

    الكتاب رقم (5)
    الدء والدواء
    دار عالم الفوائد , حققه محمد أجمل الإصلاحي,خرج أحاديثه زائد بن أحمد النشيري
    إشراف : بكر بن عبدالله أبو زيد - رحمه الله -
    الطبعة الأولى 1429هـ

    1-وسمعت شيخ الإسلام يقول: "
    كما أن خير الناس الأنبياء فشر الناس من تشبه بهم من الكذابين وادعى أنه منهم ,وليس منهم، فخير الناس بعدهم العلماء، والشهداء، والمتصدقون المخلصون، فشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم" 73

    2- فسمعت شيخنا - رحمه الله - يقول:
    "ليس مراده لا أبرئ غيرك من النفاق، بل المراد لا أفتح عليّ هذا الباب، فكل من سألني هل سماني لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأزكيه" 97

    3- ويقول الآخر:
    "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة" 187

    4- وحكم شيخ الإسلام ابن تيمية بين الطائفتين حكما مقبولا فقال:
    "التحقيق أن من التائبين من يعود إلى أرفع من درجته، ومنهم من يعود إلى مثل درجته، ومنهم من لا يصل إلى درجته"208

    5- وقال آخر:
    "إن في الدنيا جنة هي في الدنيا كالجنة في الآخرة، فمن دخلها دخل تلك الجنة، ومن لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"281

    6- وفصل شيخنا بين الطائفتين، فقال:
    "إن تمكن الموروث من أخذ ماله والمطالبة به فلم يأخذه حتى مات، صارت المطالبة به للوارث في الآخرة، كما هي كذلك في الدنيا، وإن لم يتمكن من طلبه وأخذه، بل حال بينه وبينه ظلما وعدوانا، فالطلب له في الآخرة" 335

    7- وقد اختلف الناس هل يدخل الجنة مفعول به؟ على قولين،
    "سمعت شيخ الإسلام يحكيهما " 383

    8- قال شيخنا :
    "والصحيح أن المعنى: لابتغوا إليه سبيلا بالتقرب إليه وطاعته، فكيف تعبدونهم من دونه؟ وهم لو كانوا آلهة كما يقولون لكانوا عبيدا له، قال: ويدل على هذا وجوه:
    منها: قوله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه}
    أي هؤلاء الذين تعبدونهم من دوني هم عبادي كما أنتم عبادي، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، فلماذا تعبدونهم من دوني؟
    الثاني: أنه سبحانه لم يقل لابتغوا عليه سبيلا، بل قال: لابتغوا إليه سبيلا، وهذا اللفظ إنما يستعمل في التقرب، كقوله تعالى: {اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} وأما في المغالبة فإنما يستعمل بعلى كقوله: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}
    والثالث: أنهم لم يقولوا إن آلهتهم تغالبه وتطلب العلو عليه، وهو سبحانه قد قال: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون} وهم إنما كانوا يقولون: إن آلهتهم تبتغي التقرب إليه وتقربهم زلفى إليه، فقال: لو كان الأمر كما تقولون لكانت تلك الآلهة عبيدا له، فلماذا تعبدون عبيده من دونه؟

    انتهى

  19. #19

    افتراضي

    الإخوة الكرام ...
    من يعلم عن الكتب التي كتبت عن هذا الموضوع أو المشابهة له هل هي كما كتبته أو أن بينها فرقا ؟
    لأنه إن كانت نفس الفكرة والأسلوب والطريقة أرى حفاظا على وقتي الاكتفاء بما تقدم .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي

    موضوع طيب ومفيد ، جزاك الله خيرًا ، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية .
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •