تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: فتوى للشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- في حكم تقسيم الشريعة إلى ثوابت ومتغيرات.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر العاصمة
    المشاركات
    595

    Lightbulb فتوى للشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- في حكم تقسيم الشريعة إلى ثوابت ومتغيرات.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مِن فتاوى الشيخ أبي عبد المُعِزّ محمَّد عليّ فركوس -حفظه الله تعالى-

    الفتوى رقم: 914
    الصنف: فتاوى منهجية


    السـؤال:
    نريد معرفةَ ما يتردَّد على ألسنة بعض الأساتذة مِن أنَّ الشريعة تنقسم إلى ثوابتَ ومُتغيِّراتٍ؟ فهل هذا التقسيمُ صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
    الجـواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

    فتقسيمُ الدِّين الإسلاميِّ إلى ثوابتَ ومُتغيِّراتٍ باطلٌ، لا يُعرف له أصلٌ في الشرع، والمعلوم أنَّ الله تعالى أكملَ أحكامَه وشرعَه ودِينَه بنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وتمَّت نعمتُه واستقرَّت، فدِينُ الله كلُّه حقٌّ ثابتٌ ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنـزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، وليس لأحدٍ أن يُغيِّرَ شيئًا منه أو يبدِّلَ أو يزيدَ عليه أو يُنقصَ منه؛ لأنَّ الشريعة كاملةٌ غيرُ منقوصةٍ، وتامَّةٌ لا تحتاج إلى زيادة المبتدعين واستدراكاتِ المستدركين، وقد أتمَّ اللهُ هذا الدِّينَ فلا ينقصه أبدًا، ورضيه فلا يَسْخَطُهُ أبدًا، كذا ينبغي أن يكون عليه إيمان المسلم الصادق، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَأَيْمُ اللهِ لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ البَيْضَاءِ لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ»(١).
    هذا، وإن أُريد بالمتغيِّرات آراءُ المجتهدين الذين يبذلون الوسعَ في النظر في الأدلة الشرعية لاستنباط الأحكام الشرعية منها، فقد يُغيِّر الرأيَ في المسألةِ المجتهَدِ فيها أو في حقِّ نازلةٍ يبْحَث فيها في محاولةٍ للكشْفِ عن حُكمها الشرعيِّ، فإنه يجوز للمجتهِد تغييرُ رأيِهِ وتبديلُ اجتهادِه، والعدولُ عنه إلى قولٍ آخرَ اتباعًا للدليلِ الشرعي، والقولُ بالمتغيِّرات بهذا الوجهِ هو محمَلُ هؤلاء الأساتذة؛ لأنَّ المجتهِد لا يصحُّ أن يقطع بصواب قوله وخطإِ مَن خالفه، فيما إذا كانت المسألة محتملة، إلاَّ أنَّ الجدير بالتنبيه والتذكيرِ في باب الاجتهاد أنَّ آراء المجتهِد وأنظارَه وأقوالَه لا يُسمَّى تشريعًا، فإنَّ التشريع هو الكتاب والسُّنَّة، أمَّا الاجتهاد فهو رأيُ الفقيه أو حُكم الحاكم، وقد قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لأمير سرية: «وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ»(٢).
    فالحاصل: أنه كما أنَّ اجتهادات المجتهدين لا تنقسم إلى ثوابتَ ومتغيِّرات؛ لأنَّ المسائل الاجتهادية ظنِّيةٌ في الغالب، لا يُقطع فيها بصحة القول وخطئه، فهي قابلةٌ للتغيير متى كانت مخالفةً للدليل الشرعي، فليس في اجتهاداتهم ثوابتُ، بل هي من المتغيرات، وبالعكس فأحكام الله قضايا تشريعية يقينية يجزم فيها بحكم الله تعالى، فهي حقٌّ ثابتٌ لا يقبل التغيير ولا التبديلَ، ولذلك فنسبة الثوابت والمتغيرات للدِّين غيرُ صحيحٍ، وإضافتها إلى المجتهدين غير سليمٍ.
    وأخيرًا، نلفت النظر إلى أنه بواسطة تسمية الحقِّ بغيره تأتي مثل هذه العبارات يتشوَّف بها أهل الأهواء تسلُّلاً للوصول إلى تمييع الدِّين وصرف الناس عن الحقِّ، ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71].
    والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

    الجزائر في: 22 جمادى الأولى 1429ﻫ
    الموافق ﻟ: 27 ماي 2008م


    ١- أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (5)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (688)، وفي «صحيح الجامع»: (9).

    ٢- أخرجه مسلم «صحيحه» كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها: (1731)، وأبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين: (2612)، والترمذي في «سننه» كتاب السير، باب ما جاء في وصيته في القتال: (1617)، وأحمد في «مسنده»: (22521)، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.







  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    186

    افتراضي رد: فتوى للشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- في حكم تقسيم الشريعة إلى ثوابت ومتغيرات.

    أرجو من الأخوة توضيح (قَاعِدَة لَا يُنكر تغير الْأَحْكَام بِتَغَيُّر الْأَزْمَان) مع ما تقدم أعلاه لتعم الفائدة.
    أستغفرُ اللهَ عونَ المستجيرِ بهِ **على الشدائدِ ومَنْ يَرْجُوهُ لم يهنِ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الجزائر العاصمة
    المشاركات
    595

    Lightbulb رد: فتوى للشيخ محمد علي فركوس في توضيح قاعدة: لا يُنكَر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخي سعيد؛ هذه فتوى أخرى لشيخنا أبي عبد المُعِزّ محمد علي فركوس -حفظه الله تعالى- فيها توضيح ما أشكل في قَاعِدَة: لَا يُنكر تغيُّر الْأَحْكَام بِتَغَيُّر الْأَزْمَان؛ وإن كان عنوان الفتوى غير ما نحن بصدده، ولكن لا يخلو الأمر مِن فائدة إن شاء الله.


    السؤال:
    دار بيننا نقاشٌ في مسألة غلق المسجد بين مانعٍ ومُجيزٍ، وقد احتجَّ بعض طلبة العلم على جواز غلقه بأنَّ في ذلك مصلحةً في صيانة المسجد من كلِّ الآفات الحسِّية والمعنوية، سواءٌ من جهة كونها عرضةً للسرقات -إن بقيت مفتوحةً-، أو وَكرًا للمتسوِّلين، أو محلاًّ لوضع بضائع الباعة المتجوِّلين، أو مكانًا للتجمُّعات المُضلَّة وأهلِ الأغراض الدنيئة ونحو ذلك، وقال: إنه -وإن كان ما عليه الأمر الأوَّل بقاءَ المسجد مفتوحًا- إلاَّ أنَّ الأحوال تغيَّرت في عصرنا والزمانَ تبدَّل، واستدلَّ بقاعدة: «لاَ يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ».
    فالرجاء منكم -فضيلةَ الشيخ- بيانُ حكم المسألة، وهل يصحُّ الاستدلال بالقاعدة السالفة الذكر؟ وجزاكم الله خيرًا.
    الجواب:
    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

    فإغلاق المسجد وإيصادُه ومنعُه عن القاصدين له للتعبُّد، وتعطيلُ عمارته الإيمانية المتمثِّلةِ في إقام الصلاة والخلوة بذكر الله وقراءة القرآن، وتعليمِ الناس أمورَ دينهم هو مِن الصدود المؤدِّي إلى تعطيل العبادات المأمورِ بها شرعًا، ويُعَدُّ من الظلم والتخريب، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم﴾ [البقرة: ١١٤]. ولا ينحصر التخريب فيما كان حسِّيًّا مادِّيًّا بالإتلاف والتضييع، بل يتعدَّى إلى التخريب المعنويِّ -أيضًا-، ولذلك ذمَّ الله تعالى أعمالَ الكفَّار في صدِّهم عن الإسلام وشرائعه وشعائره، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم﴾ [الحج: ٢٥]، لذلك لا ينبغي قطعُ العبادة فيه أو توقيفُها ومنعُ القاصدين للتحنُّث فيه ليلاً أو نهارًا لقوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [النور: ٣٦]، إذ إغلاق المسجد أشبهُ بالنهي عن الصلاة لقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى. عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ [العلق: ٩-١٠].
    ويدخل في معنى الظلم والتخريب -أيضًا- إلغاءُ العمارة الإيمانية للمسجد بتصييره متحفًا تاريخيًّا أو مَعلمًا أثريًّا ومحلَّ ورود الزوَّار وتردُّدهم عليه.
    ويُستثنى من ذلك ما لو كان المسجد قديمًا مُهدَّدًا بالسقوط على المصلِّين، فلا مانع من إغلاقه مؤقَّتًا -بحسب حال المسجد- لمكان وجوب حفظ النفس إلى أن ييسِّر الله إصلاحَه وترميمه وتمتينَ بنائه وتقويةَ جدرانه.
    هذا، وأمَّا إغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لأمرٍ طارئٍ أو غرضٍ صحيحٍ أو لحاجةٍ مؤقَّتةٍ لا تمنع من المقصود مِن بنائه وعمارته: كصيانة محالِّ المسجد من الامتهان بمنع دخول غير المتأهِّلين كالمشرك والكافر والكلاب، والحفاظ على أجهزته من الضياع بالنهب والسرقة ونحوهما، فإنَّ هذه المقاصد -مهما كانت محقِّقةً لمصلحة المسجد- إن أمكن دفعُ الضرر والمفسدة عنه بإقامة من يحرس بيوتَ الله تعالى -ولو بالأجهزة الحديثة- ويصونها من الآفات ويحفظ حرمتها وآلاتِها، فلا يُقبل تسويغُ غلقِها بعد تيسير إحقاق حفظها وصيانتها بالحراسة والمراقبة، وتبقى على الأصل الذي كان عليه الأمرُ الأوَّل على وفق السنَّة مفتوحةً.
    أمَّا إذا تعذَّر ذلك -كما هو الشأن في ترميم بيوت الله- فقد يُغْلَق لفتراتٍ مؤقَّتةٍ في غير وقت الصلاة لغرض الإصلاح والترميم، فلا حرج في ذلك، وهذا الحكم مبنيٌّ على علَّةٍ قابلةٍ للتغيير وهي المصلحة، وقد اتَّفقت كلمة الفقهاء والأصوليين على أنَّ الأحكام القابلةَ للتبديل بتبدُّل الزمان والأعرافِ إنما هي الأحكام الاجتهادية المبنيَّة على العرف والمصلحة، وضمن هذا المنظور الاجتهاديِّ نقل النوويُّ -رحمه الله- عن بعض الشافعية -في مسألة غلق المساجد- قولَه: «لا بأس بإغلاق المسجد في غير وقت الصلاة لصيانته أو لحفظِ آلاته، هكذا قالوه، وهذا إذا خِيف امتهانُها وضياعُ ما فيها ولم تَدْعُ إلى فتحها حاجةٌ، فأمَّا إذا لم يُخَفْ مِن فتحها مفسدةٌ ولا انتهاكُ حرمتها، وكان في فتحها رفقٌ بالناس فالسنَّة فتحُها كما لم يُغْلَقْ مسجدُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في زمنه ولا بعده»(١).
    وأمَّا الاستدلال بقاعدة: «لاَ يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ» فجوابه من جهتين:
    الأولى: أنَّ القاعدة الفقهية لا تصلح أن تكون حجَّةً إلا إذا كانت دليلاً مُستقِلاًّ وثابتًا، أو عبَّرتْ عن دليلٍ أصوليٍّ، أو كانت مُشترِكةً مع القاعدة الأصولية، والقاعدة الفقهية المجرَّدة عن ذلك تصلح أن تكون شاهدًا مُرافِقًا للأدلَّة يُستأنَس به في تخريج الأحكام للوقائع والقضايا الجديدة إلحاقًا قياسيًّا على المسائل الفقهية المُدوَّنة.
    الثانية: والقاعدة المذكورة -وإن كانت لها علاقةٌ بالعلَّة القابلة للتغيُّر كالعرف والمصلحة- إلاَّ أنَّ صِيَغها مُجملَةٌ لشمولها للأحكام المنصوص عليها والمُعلَّلة، ومثل هذا العموم غيرُ مقصودٍ في وضع صياغتها، لذلك احتاجت القاعدة إلى بيانٍ وتفصيلٍ، يظهر وجهه فيما يلي:
    - الأحكام إمَّا أن تكون تعبُّديةً غير معقولة المعنى: فإنها لا تقبل التغييرَ أبدًا لكونها مَبنيَّةً على النصوص الشرعية الثابتة التي لا تقبل التبدُّلَ ولا التغيُّر.
    - وإمَّا أن تكون مُعلَّلةً وهي الأحكام معقولة المعنى وهي على ضربين:
    - إمَّا أن تكون علَّتها ثابتةً لا تتغيَّر: فهذه حكمُها حكمُ النصِّ الثابت، لا يدخلها تغيُّرٌ ولا تقبل التبدُّل: كتحريم الخمر لعلَّة الإسكار، ووجوبِ القطع لعلَّة السرقة، ووجوبِ اعتزال النساء لعلَّة الحيض، وتحريمِ القمار لعلَّة الغَرَر ونحو ذلك، فيطَّرد في شأنها الحكمُ وينعكس، أي: يدور الحكمُ مع علَّته وجودًا وعدمًا.
    - وإمَّا أن تكون علَّتها غيرَ ثابتةٍ وهي الأحكام الاجتهادية المبنيَّة على علَّةٍ قابلةٍ للتغيُّر كالعُرف والمَصلحة: فهذه تتبدَّل بتبدُّل الزمان والأعراف اتِّفاقًا -كما تقدَّم- لذلك كان لزامًا تقييد القاعدة المذكورة بإضافة كلمةٍ توضيحيةٍ تفاديًا للإجمال، وتكونُ الصيغة المعدَّلة على الوجه التالي: «لاَ يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الأَحْكَامِ الاِجْتِهَادِيّ َةِ المَبْنِيَّةِ عَلَى العُرْفِ وَالمَصْلَحَةِ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ».
    ولا يخفى أنَّ في مسألتنا هذه ما يندرج في القسم الذي لا يقبل التبدُّلَ ولا التغيُّر، وقسمٌ آخَرُ مبنيٌّ على المصلحة والتي من ضوابطها عودُها على مقاصد التشريع بالحفظ والصيانة، وعدمُ اصطدامها بنصوص التشريع والإجماع، وعدمُ استلزام العمل بها مفسدةً أرجح منها أو مساويةً لها، وعدمُ تعارُضها مع مصلحةٍ أرجحَ منها أو مساويةٍ لها، فإنَّ الأحكام المبنيَّة عليها مشمولةٌ بالقاعدة السالفة البيان دون غيرها.
    والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
    الجزائـر: ٢٥ جمادى الثانية ١٤٣٤ﻫ
    الموافق ﻟ: ٠٥ مــاي ٢٠١٣م


    (١) «المجموع» للنووي (٢/ ١٧٨).







الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •