عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ». رواه البخاري.قال ابن حجر رحمه الله: ((قَالَ الدَّاوُدِيُّ: نِعْمَ الْمُرضعَةُ: أَي: فِي الدُّنْيَا. وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ: أَيْ: بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْمُحَاسَبَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ كَالَّذِي يُفْطَمُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْنِيَ؛ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ هَلَاكُهُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: نِعْمَ الْمُرْضِعَةُ: لِمَا فِيهَا مِنْ حُصُولِ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَنَفَاذِ الْكَلِمَةِ وَتَحْصِيلِ اللَّذَّاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْوَهْمِيَّة ِ حَالَ حُصُولِهَا. وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ: عِنْدَ الِانْفِصَالِ عَنْهَا بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من التَّبِعَاتُ فِي الْآخِرَةِ([1])))اهـ.
فائدة:
قال ابن حجر رحمه الله: ((تَنْبِيهٌ: أُلْحِقَتِ التَّاءُ فِي "بِئْسَتْ" دُونَ "نِعْمَ": وَالْحُكْمُ فِيهِمَا: إِذَا كَانَ فَاعِلُهُمَا مُؤَنَّثًا جَوَازُ الْإِلْحَاقِ وَتَرْكِهِ فَوَقَعَ التَّفَنُّنُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّمَا لَمْ يُلْحِقْهَا بِـ"نِعْمَ" لِأَنَّ "الْمُرْضِعَة " مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِمَارَةِ وَتَأْنِيثُهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، فَتَرْكُ إِلْحَاقِ التَّاءِ بِهَا وَإِلْحَاقُهَا بـ"بِئْسَ" نَظَرًا إِلَى كَوْنِ الْإِمَارَةِ حِينَئِذٍ دَاهِيَةً دَهْيَاءَ. قَالَ وَإِنَّمَا أُتِيَ بِالتَّاءِ فِي "الْفَاطِمَةِ" وَ"الْمُرْضِعَة " إِشَارَةً إِلَى تَصْوِيرِ تَيْنِكَ الْحَالَتَيْنِ الْمُتَجَدِّدَت َيْنِ فِي الْإِرْضَاعِ وَالْفِطَامِ([2])))اهـ.
([1]) ((فتح الباري)) (13/ 126).
([2]) السابق.