تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تحرير الكلام في سنة الخلفاء الراشدين.

  1. افتراضي تحرير الكلام في سنة الخلفاء الراشدين.

    صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا ‏‏بِالنَّوَاجِ ذِ».
    وكثر الحديث عن حجية سنتهم رضي الله عنهم، بعد أن كانوا (رضوان الله عليهم) أجل الصحابة (رضوان الله عليهم)، وقد كثر الكلام عن حجية قول الصحابي مطلقًا، فكيف بالخلفاء الراشدين؟!
    ولا أريد سرد الأقوال، ولا تشعيب التناول، فهي معروفة مشهورة، وأُلفت فيها مصنفات مفردة. ولكني أريد جمع القول فيها، من باب الرجوع إلى معاقد الإجماع ومحكمات الباب.
    فأقول: سنة الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) إذا لم تكن دالة على وقوع الإجماع، ولم تكن من قبيل الموقوف الذي له حكم الرفع (لخروجه عن سواغ الاجتهاد فيه) = ليست حجة؛ لأن الخلفاء الراشدين بشر (لا يتنزل الوحي عليهم)، يصيبون ويخطئون، وليسوا معصومين. والحجة لا تكون إلا في الوحي وما يعود إليه (القياس)، أو في الإجماع.
    ومن فهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين...» أن سنة الخلفاء الراشدين حجة مطلقًا (حتى في غير الصورتين السابقتين: الإجماع، والرفع حكمًا) ، فقد أبطل تلك المحكمات! فهو إما أنه قد أبطل كون الحجة في الوحي وحده، أو أبطل مُحْكَمةَ اعتقادِ عدم عصمتهم وعدم نبوتهم.
    وإلا كيف استطاع أن يفهم كون سنتهم حجة مطلقًا، وهم (باتفاق أربعتهم وباختلافهم) ليسوا معصومين؛ إلا في الصورتين الراجعتين لعصمة الإجماع وعصمة الموحى إليه؟!
    ولذلك فيحق لك أن تعجب ممن يحتج لحجية سنة الخلفاء الراشدين بذلك الحديث، ضاربًا به تلك المحكمات!
    وكثيرا ما يحتجون لهذا الباطل الناسف للمحكمات بالأذان الثاني يوم الجمعة، الذي اختاره عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، للاستدلال به على حجية سنة الخلفاء الواشدين!
    فاسألوهم: هل اختار عثمان ذلك لأنه يُوحى إليه؟
    سيقولون: لا.
    فقولوا لهم: فهل أباح النبي صلى الله عليه وسلم للخلفاء الراشدين أن يبتدعوا شيئًا لم يأذن به الله، بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين..»؟!
    سيقولون (كما يجب): لا؛ لأن الابتداع لا يباح لأحد، ولقد كان الخلفاء الراشدون أنفسهم من أشد الناس نفرة منه، كما يتضح ذلك حتى فيما ليس ببدعة، كجمع القرآن الكريم في زمن أبي بكر (رضي الله عنه)، وما وقع له (رضي الله عنه) من النفرة الشدية منه في بداية الأمر خشيةَ الوقوع في البدعة!
    ثم قولوا لهم: فكيف صار فعل عثمان (رضي الله عنه) حجة، إذا خرج عن هاتين الحالتين؟
    فإن قالوا: دل على حجيته الإجماع عليه.
    فقولوا: هذا كلام فارغ؛ لأن الإجماع وقع بعد اختياره، ونحن نسأل عن مستنده هو في اختياره؛ ولأن الإجماع هو الحجة، وليس هو اختياره (رضي الله عنه).
    فإن قالوا: فكيف جاز لعثمان (رضي الله عنه) أن يزيد أذانًا لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟
    فقولوا لهم: هذا السؤال إن صدر على وجه الاستدلال به على حجية سنة الخلفاء، فهو سؤال زيغ؛ لأنه يريد إبطال المحكمات بالمشتبهات. وإن صدر على وجه طلب رفع الإشكال، فجوابه ينحصر في طريقين:
    - إما أن هذا الاختيار لعثمان (رضي الله عنه) مما لا يسوغ فيه الاجتهاد، وعندها يكون اختياره هذا له حكم الرفع. أي يدل على وقوفه رضي الله عنه على سنة للنبي صلى الله عليه وسلم (قولية أو فعلية أو تقريرية) تجيز ذلك، ويكون هذا الاختيار منه دليلا على وجودها، وهو سبيل نقلها وحفظها لنا؛ كما نقول مثله في عامة الأحاديث الموقوفة التي لها حكم الرفع، ولا نجد سنة سواها تدل على الرفع.
    - وإما أن هذا الاختيار منه (رضي الله عنه) مما يسوغ فيه الاجتهاد، فاجتهد، وأجمعت الأمة على قبول اجتهاده بعد ذلك.
    فإن قيل: الأذان عبادة، والعبادات توقيفية، لا يصح فيها الاجتهاد؟
    فالجواب: من كان هذا هو نظره، فينحصر جوابه في الاحتمال الأول (أن يكون مرفوعًا حكمًا). ولا يصح له الاعتراض، مع وجود هذا الجواب.
    ولكن يحق لغيره أن يراه محلاً للاجتهاد، فالأذان ذَكر من الأذكار (مقيد عند دخول الوقت، ومطلق في كل وقت)، والذكر المطلق يُشرع في كل وقت. وقد ورد في السنة (في حديث مختلف في ثبوته، والرجح عندي ثبوته): «إذا تغولت الغيلان، فنادوا بالأذان»، مما يدل على مشروعية الأذان لغير الصلاة، على وجه الذكر.
    بل يكاد يكون تجويز الأذان لغير الصلاة هو قول الجمهور: فهو المذهب عند الشافعية في حالات عديدة: في أذن المولود، وفي أذن المهموم، وخلف المسافر، ووقت الحريق، وعند مزدحم الجيش، وعند تغول الغيلان، وعند الضلال في السفر، وغير ذلك. ووافقهم الحنابلة في الأذان في أذن المولود، وكذلك الحنفية. ولم يخالف في ذلك إلا الإمام مالك، ولكن بعض المالكية مالوا لما عليه الجمهور.
    فلعل عثمان (رضي الله عنه) نزّل الأذان الأول منزلة المصالح المرسلة، لما كان عنده من مطلق الأذكار، ولم يفعله على وجه التعبد به، ولا خشي من اعتقاد الناس سنيته، وإنما هو وسيلة وجدها معينة على تحصيل منفعة شرعية، لم يحدد الشرع فيها وسيلة بديلة، فاختار هو هذا الأذان وسيلة لتحصيلها، وذلك عندما اتسعت المدينة المنورة، وتباعدت منازلهم عن المسجد النبوي.
    وليس مهما لقبول هذا التقرير الرضا عن هذا الافتراض، بقدر ما يهم تحرير الموقف من حجية سنة الخلفاء الراشدين (رضوان الله عليهم).
    فإن قيل: فما معنى: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين...»؟ قيل: المقصود: الحث على التمسك بمنهجهم العام وطريقتهم الكلية، وجعلهم محلا للقدوة فيما لم يغلطوا فيه، وتقليدهم فيما لم نجد فيه دليلا من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس؛ لأن واجب المجتهد إذا لم يعرف الحكم من مصادر التشريع، واضطر للإفتاء أو العمل، أن يقلد من يظنه أعلم وأتقى، ومن أولى من الخلفاء الراشدين (رضوان الله عليهم) تقديما في العلم والدين؟!
    وإن استغرب أحد عدَّ اتباعهم تقليدا، فسلوه: فكيف يكون استدلالا، إذا لم يكن قولهم محمولا على الإجماع أو الرفع؟!
    وذكّروه بأن من العلماء من حكى الإجماع على أن قبول أقوال غير النبي صلى الله عليه وسلم، صحابيًا كان أو تابعيًا، إذا كانت عريةً عن دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس = فهي تقليد! كما حكاه الزركشي عن القاضي حسين (8/ 317).
    الخلاصة: سنة الخلفاء الراشدين تكون ملزمة (ولا أقول حجة) في ثلاثة أحوال:
    (1) إذا اكتملت فيها شروط تحقق الإجماع، وعندها تكون حجة، وملزمة.
    (2) إذا كانت لها حكم الرفع، فيما لا بسوغ فيه الاجتهاد. وعندها تكون حجة، وملزمة أيضًا.
    (3) إذا كانت بخلاف الصورتين السابقتين، وفَقَدَ المفتي القدرة على الاجتهاد في مسألة، لعدم وقوفه على دليلها: فيلزمه تقليدهم. وعندها تكون ملزمة، وليست حجة؛ لأن التقليد ليس حجة.
    هذا هو تحرير القول في سنة الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) وفق الأصول والمحكمات، دون التعثر بالنقول ودعاوى المذاهب والمقالات

    د/حاتم العوني.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    336

    افتراضي رد: تحرير الكلام في سنة الخلفاء الراشدين.

    وكأن جمهور المذاهب الاربعة خارج اطار اهل السنة والجماعة !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •