تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: هل أخطأ ابن عمر في تتبعه للأمكنة والبقع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي هل أخطأ ابن عمر في تتبعه للأمكنة والبقع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم

    قال الشيخ محمد شليمان الأشقر ((أفعال الرسول)) (1/ 230): ((قد بينّ ابن تيمية مراده في موضع آخر، حيث بيّن أن ما فعله ابن عمر لم يزد على أنه كان يختار إحدى الصورتين الممكنتين في الفعل الواحد، وهي الموافقة لما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - دون الأخرى، بأن تحضره الصلاة مثلاً في بقعة معينة قد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية منها فيختار الصلاة في تلك الناحية ويترك سائر نواحيها. والمستنكر عند ابن تيمية، ويدعى الاتفاق على إنكاره، أن تعظّم بقعة لم يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - تعظيمها، ويظهر ذلك بأن ينشئ المسلم لها سفراً طويلاً أو قصيراً.
    فهذا تقييد جيد في المسألة وتحرير صحيح لمحل النزاع))اهـ.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: هل أخطأ ابن عمر في تتبعه للأمكنة والبقع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم

    نفع الله بك أبا يوسف .
    وكلام شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم ، حيث قال في فصلٍ في مقامات الأنبياء وحكم قصدها :
    فأما مقامات الأنبياء والصالحين ، وهي الأمكنة التي قاموا فيها ، أو أقاموا ، أو عبدوا الله سبحانه ، لكنهم لم يتخذوها مساجد ؛ فالذي بلغني في ذلك قولان عن العلماء المشهورين :
    أحدهما : النهي عن ذلك وكراهته ، وأنه لا يستحب قصد بقعة للعبادة ، إلا أن يكون قصدها للعبادة مما جاء به الشرع ، مثل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصدها للعبادة كما قصد الصلاة في مقام إبراهيم ، وكما كان يتحرى الصلاة عند الأصطوانة وكما يقصد المساجد للصلاة ، ويقصد الصف الأول ونحو ذلك .
    والقول الثاني : أنه لا بأس باليسير من ذلك ، كما نقل عن ابن عمر : أنه كان يتحرى قصد المواضع التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد سلكها اتفاقا لا قصدا . قال سندي الخواتيمي : سألنا أبا عبد الله عن الرجل يأتي هذه المشاهد ، ويذهب إليها ، ترى ذلك؟ قال : أما على حديث ابن أم مكتوم : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى . وعلى ما كان يفعله ابن عمر ، يتتبع مواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأثره ، فليس بذلك بأس ، أن يأتي الرجل المشاهد ، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدا ، وأكثروا فيه " .
    وكذلك نقل عنه أحمد بن القاسم : أنه سئل عن الرجل يأتي هذه المشاهد التي بالمدينة ، وغيرها ، يذهب إليها؟ فقال : " أما على التحميل جاري.... حديث ابن أم مكتوم : أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فيصلي في بيته حتى يتخذه مسجدا ، وعلى ما كان يفعل ابن عمر رضي الله عنه : كان يتتبع مواضع سير النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى رئي أنه يصب في موضع ماء ، فيسأل عن ذلك . فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصب هاهنا ماء ، قال : أما على هذا فلا بأس " . قال : ورخص فيه ، ثم قال : " ولكن قد أفرط الناس جدا ، وأكثروا في هذا المعنى ، فذكر قبر الحسين وما يفعل الناس عنده . رواهما الخلال في كتاب الأدب .
    فقد فصل أبو عبد الله رحمه الله في المشاهد ، وهي الأمكنة التي فيها آثار الأنبياء والصالحين ، من غير أن تكون مساجد لهم ، كمواضع بالمدينة بين القليل الذي لا يتخذونه عيدا ، والكثير الذي يتخذونه عيدا ، كما تقدم . وهذا التفصيل جمع فيه بين الآثار وأقوال الصحابة ، فإنه قد روى البخاري في صحيحه ، عن موسى بن عقبة قال : " رأيت سالم بن عبد الله يتحرى أماكن من الطريق ، ويصلي فيها ، ويحدث أن أباه كان يصلي فيها ، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في تلك الأمكنة " قال موسى : " وحدثني نافع أن ابن عمر كان يصلي في تلك الأمكنة " فهذا كما رخص فيه أحمد رضي الله عنه .
    وأما ما كرهه : فروى سعيد بن منصور في سننه ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن معرور بن سويد ، " عن عمر رضي الله عنه قال : خرجنا معه في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر بـ سورة الفيل الآية 1 أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ و سورة قريش الآية 1 لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ في الثانية ، فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد فقال : ما هذا؟ قالوا : مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم : اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ، ومن لم تعرض له الصلاة فليمض " فقد كره عمر رضي الله عنه اتخاذ مصلى النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وبين أن أهل الكتاب إنما هلكوا بمثل هذا .
    وفي رواية عنه : " أنه رأى الناس يذهبون مذاهب فقال : أين يذهب هؤلاء؟ فقيل : يا أمير المؤمنين ، مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فهم يصلون فيه فقال : إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا ، كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا ، فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل ، ومن لا فليمض ولا يتعمدها " .
    وروى محمد بن وضاح وغيره : أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم لأن الناس كانوا يذهبون تحتها . فخاف عمر الفتنة عليهم .
    وقد اختلف العلماء رضي الله عنهم في إتيان المشاهد - فقال محمد بن وضاح : كان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ، ما عدا قباء وأحدا . ودخل سفيان الثوري بيت المقدس وصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ، ولا الصلاة فيها . فهؤلاء كرهوها مطلقا ، لحديث عمر رضي الله عنه هذا ، ولأن ذلك يشبه الصلاة عند المقابر إذ هو ذريعة إلى اتخاذها أعيادا ، وإلى التشبه بأهل الكتاب ، ولأن ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة ، فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم ، من المهاجرين والأنصار ، أنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي صلى الله عليه وسلم .والصواب مع جمهور الصحابة ؛ لأن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بطاعة أمره ، وتكون في فعله ، بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله ، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له ، كقصد المشاعر والمساجد . وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول ، أو غير ذلك ، مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان ، فإذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له ، فإن الأعمال بالنيات .
    ثم قال : وقد تنازع العلماء فيما إذا فعل فعلا من المباحات لسبب ، وفعلناه نحن تشبها به ، مع انتفاء ذلك السبب ، فمنهم من يستحب ذلك ومنهم من لا يستحبه ، وعلى هذا يخرج فعل ابن عمر رضي الله عنهما ، بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في تلك البقاع التي في طريقه ، لأنها كانت منزله ، لم يتحر الصلاة فيها لمعنى في البقعة . فنظير هذا : أن يصلي المسافر في منزله ، وهذا سنة .
    فأما قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلى فيها اتفاقا ، فهذا لم ينقل عن غير ابن عمر من الصحابة ، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وسائر السابقين الأولين ، من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجا وعمارا ومسافرين ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم . ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبا لكانوا إليه أسبق ، فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم ... إلخ كلامه رحمه الله .

  3. #3

    افتراضي رد: هل أخطأ ابن عمر في تتبعه للأمكنة والبقع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا فكل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد والقربة ففعله سنة ويعرف ذلك بعلامات هي ما فعله الني صلى الله عليه وسلم مخالفا فيه عادة قومه او فعله وامر بفعله وان وافق عادة قومه او قاصدا في فعله له زمانا من دون الازمان او مكانا من دون الاماكن فهذا هو السنة وتمعن في كلمة قاصدا .

  4. #4

    افتراضي رد: هل أخطأ ابن عمر في تتبعه للأمكنة والبقع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم

    بشرط عدم المخصص فالاول كقول عائشة رضي الله عنها كان يعجبه التيمن فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ والثاني كاعفاء اللحية و الثالث و الرابع ما جاء ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي مَسْجِد قبَاء كل سبتٍ راكباٍ وماشياً، وَكَانَ عبد الله يَفْعَله قال شيخ الاسلام رحمه الله وَالْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَة ُ وَهِيَ قَوْلُهُ: {زَوَّجْنَاكَهَ لِكَيْ لَا} تَدُلَّ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ لِأُمَّتِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْفِعْلَ فِي نَفْسِهِ لَا يَعُمُّ لَفْظًا وَوَضْعًا وَإِنَّمَا يَعُمُّ بِمَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الِاشْتِرَاكُ والايتساء. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي السُّورَةِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الْآيَةَ. فَإِنَّ فِيهَا التَّأَسِّي فِيمَا أَصَابَهُ. وَمَتَى ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي الايتساء بِهِ فِي حُكْمِهِ عِنْدَمَا أَصَابَهُ: كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا فَعَلَهُ؛ إذْ الْمُصَابُ عَلَيْهِ فِيهِ وَاجِبَاتٌ وَمُحَرَّمَاتٌ؛ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مُشَارَكَتُهُ فِي الْإِيجَابِ وَالْحَظْرِ كَمَا دَلَّتْ تِلْكَ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مُشَارَكَتُهُ فِي الْإِحْلَالِ.و قال وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ فَإِذَا فَعَلَ فِعْلًا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ شَرَعَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَإِذَا قَصَدَ تَخْصِيصَ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ بِالْعِبَادَةِ خَصَّصْنَاهُ بِذَلِكَ كَمَا كَانَ يَقْصِدُ أَنْ يَطُوفَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَأَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَأَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَكَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ أُسْطُوَانَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَقَصَدَ الصُّعُودَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ هُنَاكَ وَكَذَلِكَ عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَغَيْرُهُمَا.و ال الشوكاني اعْلَمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْقَسِمُ إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:
    الْأَوَّلُ:
    مَا كَانَ مِنْ هَوَاجِسِ1 النَّفْسِ وَالْحَرَكَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، كَتَصَرُّفِ الْأَعْضَاءِ وَحَرَكَاتِ الْجَسَدِ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ بِاتِّبَاعٍ، وَلَا نَهْيٌ عَنْ مُخَالَفَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ أُسْوَةٌ، وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مُبَاحٌ.
    الْقِسْمُ الثَّانِي:
    مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَاتِ وَوَضَحَ فِيهِ أَمْرُ الْجِبِلَّةِ2، كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَيْسَ فِيهِ تَأَسٍّ، وَلَا بِهِ اقْتِدَاءٌ ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور.وَنَقْل الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِي ُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَكَذَا حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي "الْمَنْخُولِ" 1 وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَتَبَّعُ مِثْلَ هَذَا وَيَقْتَدِي بِهِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُ مَنْقُولٌ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ.
    الْقِسْمُ الثَّالِثُ:
    مَا احْتَمَلَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْجِبِلَّةِ إِلَى التَّشْرِيعِ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهِ على وجه معروف وهيئة مخصصة"* كالأجل وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالنَّوْمِ، فَهَذَا الْقِسْمُ دُونَ مَا ظَهَرَ فِيهِ أَمْرُ الْقُرْبَةِ، وَفَوْقَ مَا ظَهَرَ فِيهِ أَمَرُ الْجِبِلَّةِ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ إِلَّا مُجَرَّدُ الْفِعْلِ. وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِرْشَادُ إِلَى بَعْضِ الْهَيْئَاتِ كَمَا وَرَدَ عَنْهُ الْإِرْشَادُ إِلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالنَّوْمِ فَهَذَا خَارِجٌ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ دَاخِلٌ فِيمَا سَيَأْتِي.
    وَفِي هَذَا الْقِسْمِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ ومن معه، يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّشْرِيعِ، أَوْ إِلَى الظَّاهِرِ، وَهُوَ التَّشْرِيعُ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. وَقَدْ حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ فَيَكُونُ مَنْدُوبًا.
    الْقِسْمُ الرَّابِعُ:
    مَا عُلِمَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْوِصَالِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَتَوَقَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُمْنَعُ التَّأَسِّي بِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ: لَيْسَ عِنْدَنَا نَقْلٌ لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ فِي أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا النَّوْعِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَنَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَهَذَا مَحَلُّ التَّوَقُّفِ.
    وَفَرَّقَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ الْمَقَدِّسِيُّ 2 فِي "كِتَابِهِ" فِي الْأَفْعَالِ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْوَاجِبِ. فَقَالَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيمَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَيُسْتَحَبُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَالضُّحَى وَالْوَتْرِ، وَكَذَا فِيمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَأَكْلِ ذِي الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَطَلَاقِ مَنْ تُكْرَهُ صُحْبَتُهُ.
    وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِيمَا صُرِّحَ لَنَا بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ إِلَّا بِشَرْعٍ يَخُصُّنَا، فَإِذَا قَالَ مَثَلًا: هَذَا وَاجِبٌ عَلَيَّ مَنْدُوبٌ لَكُمْ كَانَ فِعْلُنَا لِذَلِكَ الْفِعْلِ لِكَوْنِهِ أَرْشَدَنَا إِلَى كَوْنِهِ مندوبًا لنا لا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا مُبَاحٌ لِي أَوْ حَلَالٌ "لِي"*، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُولَ: هُوَ مُبَاحٌ لَنَا، أَوْ حَلَالٌ لَنَا، وَذَلِكَ كَالْوِصَالِ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُوَاصِلَ.
    هَذَا عَلَى فَرْضِ عَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْوِصَالِ لَنَا، أَمَّا لَوْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذلك، كما يثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَاصَلَ أَيَّامًا تَنْكِيلًا لِمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنِ الْوِصَالِ"1 فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَنَا فِعْلُهُ بِهَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي وَرَدَ عَنْهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِاقْتِدَاءِ مَنِ اقْتَدَى بِهِ فِيهِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ: هَذَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَحْدِي، وَلَمْ يَقِلْ حَلَالٌ لَكُمْ فَلَا بَأْسَ بِالتَّنَزُّهِ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: حَرَامٌ عَلَيَّ حَلَالٌ لَكُمْ، فَلَا يُشْرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَيْسَ فِي تَرْكِ الْحَلَالِ وَرَعٌ.
    الْقِسْمُ الْخَامِسُ:
    مَا أَبْهَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِانْتِظَارِ الْوَحْيِ، كَعَدَمِ تَعْيِينِ نَوْعِ الْحَجِّ مَثَلًا. فَقِيلَ: يُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "النِّهَايَةِ" 2 وَهَذَا عِنْدِي هَفْوَةٌ3 ظَاهِرَةٌ. فَإِنَّ إِبْهَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى انْتِظَارِ الْوَحْيِ قَطْعًا، فَلَا مَسَاغَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.
    الْقِسْمُ السَّادِسُ:
    مَا يَفْعَلُهُ مَعَ غَيْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ كَالتَّصَرُّفِ فِي أَمْلَاكِ غَيْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ أَمْ لَا فَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ هُوَ بِالْإِجْمَاعِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ السَّبَبِ. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فَإِنْ وَضَحَ لَنَا السَّبَبُ، الَّذِي فَعَلَهُ لِأَجْلِهِ كَانَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ عِنْدَ وُجُودِ مِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ السَّبَبُ لَمْ يَجُزْ. وَأَمَّا إِذَا فَعَلَهُ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُتَدَاعِيَيْنِ فَهُوَ جَارٍ مَجْرَى الْقَضَاءِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْنَا الْقَضَاءُ بِمَا قَضَى بِهِ.
    الْقِسْمُ السَّابِعُ:
    الْفِعْلُ الْمُجَرَّدُ عَمَّا سَبَقَ، فَإِنْ وَرَدَ بَيَانًا كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" 1 وَ"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" 2 وَكَالْقَطْعِ3 مِنَ الْكُوعِ4 بَيَانًا لِآيَةِ السَّرِقَةِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ دَلِيلٌ فِي حَقِّنَا، وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا، وَإِنْ وَرَدَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ، كَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    في صحيح البخاري ثنا سعيد بن عفير : ثنا الليث : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك - وهو من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد بدرا من الأنصار - ، أنه أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ، قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ، لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في
    بيتي ، فأتخذه مصلى
    ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((سأفعل ، إن شاء الله)) . قال عتبان : فغدا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر حين ارتفع النهار ، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له، فلم يجلس حين دخل البيت ، ثم قال : ((أين تحب أن أصلي من بيتك)) قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر ، فقمنا خلفه ، فصففنا فصلى ركعتين ، ثم سلم... الحديث

    قال ابن رجب في الفتح /

    في هذا : استحباب اتخاذ آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواضع صلواته مصلى يصلى فيه .
    وقد ذكر ابن سعد ، عن الواقدي ، أن بيت عتبان الذي صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيه الناس بالمدينة إلى يومه ذاك .
    ويشهد لهذا المعنى - أيضا - : قول عمر - صلى الله عليه وسلم - للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ألا نتخذ من مقام إبراهيم مصلى ؟ فَنَزَلت : { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } [البقرة:125].
    وقد نقل أحمد بن القاسم وسندي الخواتيمي ، عن الإمام أحمد ، أنه سئل عن إتيان هذه المساجد؟ فقال : أما على حديث ابن أم مكتوم : أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي في بيته فيتخذه مصلى ، وعلى ما كان يفعل ابن عمر يتبع مواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأثره ، فلا بأس أن يأتي الرجل المشاهد ، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا ، وأكثروا فيه.
    وفي رواية ابن القاسم : أن أحمد ذكر قبر الحسين ، وما يفعل الناس عنده - يعني : من الأمور المكروهة المحدثة .
    وهذا فيه إشارة إلى أن الإفراط في تتبع مثل هذه الآثار يخشى منه الفتنة ، كما كره اتخاذ قبور الأنبياء مساجد ، وقد زاد الأمر في ذلك عند الناس حتى وقفوا عنده ، واعتقدوا أنه كاف لهم ، واطرحوا ما لا ينجيهم غيره ، وهو طاعة الله ورسوله .
    وقد رأى الحسن قوما يزدحمون على حمل نعش بعض الموتى الصالحين ، فقال : في عمله فتنافسوا .
    يشير إلى أن المقصود الأعظم متابعته في عمله، لا مجرد الازدحام على حمل نعشه.
    وكذلك من يبالغ في تزيين المصحف وتحسينه، وهو مصر على مخالفة أوامره وارتكاب مناهيه.
    وقد روى عن عمر - رضي الله عنه - ما يدل على كراهة ذلك - أيضا - :
    فروي عن المعرور بن سويد ، قال : خرجنا مع عمر في حجة حجها ، فلما انصرف رأى الناس مسجدا فبادروه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : مسجد صلى فيه النبي
    - صلى الله عليه وسلم - . فقال : هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم ، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا ، من عرضت له فيه صلاة فليصل ، ومن لم تعرض له صلاة فليمض .
    وقال نافع : كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحتها بيعة الرضوان ، فيصلون عندها ، فبلغ ذلك عمر فأوعدهم فيها ، وأمر بها فقطعت .
    وقال ابن عبد البر : كره مالك وغيره من أهل العلم طلب موضع الشجرة التي بويع تحتها بيعة الرضوان ؛ وذلك - والله أعلم - مخالفة لما سلكه اليهود والنصارى فِي مثل ذَلِكَ .
    ذكره فِي ((الاستذكار)) فِي الكلام عَلَى حَدِيْث : ((اشتد غضب الله عَلَى قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) .
    وقال : ذكر مالك [ .. .. ] بإثر هذا الحديث حديث عتبان بن مالك ؛ ليبين لك أن معنى هذا الحديث مخالف للذي قبله .

    قال : والتبرك والتأسي بأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيمان به وتصديق ، وحب في الله وفي رسوله )



  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    عتبان رضي الله عنه ذهب بصره وكان يصلي في بيته فشعر ان عليه أثم فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته كي يتخذه مصلى ويقر له النبي على فعله
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    وابن عمر رضي الله عنه من شدة اقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يقضي حاجته حيث قضاها ولا يتقصدها كما ثبت ذلك عنه في مسند أحمد (10/294، ح6151) وصحيح البخاري (2/519، ح1668).
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •