كتب إلينا شيخ من شيوخ العلم وحكماء الإسلام بالنصائح الثلاث الآتية:
الأولى - أن لا تلتفت إلى شغب المشاغبين ولا تكترث بهم وإن جلوا فإن الحكيم من يسعى إلى إتمام المقصد وأقل ما يستفيد المشاغبون إضاعة وقت من اكترث بهم وإن قل فالوقت ثمين. بل أقبل على شأنك واعرف مقتضى زمانك.
الثانية - لا يمنعك تنكيت المنكتين والمبكتين من تنبيهك على غلط فرط منك فيما سلف فكلما عثرت على شيء من ذلك في عدد فنبه عليه فيما يلي فإن ذلك أقرب إلى الاعتماد على ما تكتب وأكثر العلماء الذين انتفع الناس بكتبهم كانوا على هذه الطريقة ولم يتنكبها إلا الحشوية ومن نحا نحوهم.
الثالثة - اعرض عمن يبحث عن تفضيل بلدة على بلدة ونحو ذلك فإن مثل هذا من مباحث الحشوية وقد سألني منذ أيام أحد السياح عن حد المصري والسوري فقلت له المصري من ينفع مصر والسوري من ينفع سورية وكل من نفع بلدة فهو منها طبعاً فالمصري الذي ينفع سورية مصري سوري والسوري الذي ينفع مصر سوري مصري ومن لا نفع لديه لكلتيهما فهو ليس بمصري ولا سوري وقد انتبهت أمريكا لهذه الحكمة الكبرى فجعلت كل من نفع أمريكا نفعاً ما أمريكياً فنجحت.
مجلة المقتبس العدد 5 - بتاريخ: 22 - 6 - 1906