تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ترجمة العالم اللغوي المعاصر د. عبد الصبور شاهين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    1,334

    افتراضي ترجمة العالم اللغوي المعاصر د. عبد الصبور شاهين

    عبد الصبور شاهين.. هل يهدأ الطوفان؟
    بقلم: د. خالد فهمي
    يوشك المتابع لمسيرة الفكر الإسلامي واللغوي المعاصر أن يضع عبد الصبور شاهين رحمه الله- الذي رحل بعد ما يزيد عن ثمانين سنة ملأ الدنيا خلالها علمًا وحركة- في طليعة رواد هذين المجالين المركزيين في دوحة الثقافة العربية المنتمية، وهذا كلام حق لا شبهة للمجاز فيه، ولا لمقام الفقد والرثاء أثر في مجافاته للحقيقة.
    رحل مجمع ثقافي حقيقي ترافدت عليه تكوينات معرفية متنوعة تكاملت في نفسه وعقله ووجدانه من الأزهر ابتداءً ثم من دار العلوم، التي تخرج منها سنة 1956م، متأخرًا عن دفعته بسبب من آثار استبداد هذه المرحلة التاريخية من حياة مصر المسلمة، ثم من الثقافة الفرنسية التي أتقنها قراءة وكتابة وخطابة وترجمة، فعملت هذه الروافد الثلاثة عملها الجبار في عقل واحد من جبابرة عقول العصر الحديث في الثقافة العربية والإسلامية المعاصرة.
    (1)
    ملامح التكوين: روح النحلة
    الذين عرفوا عبد الصبور شاهين- رحمه الله- يسهل عليهم إدراك الأبعاد الثلاثة التي شكلت ملامح صورته وترسيم شخصيته من دون عناء ظاهر، وهي الأبعاد الثلاثية التي ستحكم آثار جهاده العلمي والحركي مدة حياته على هذه الأرض، فهو رجل تراثي كان مخزنًا للحكمة العريقة التي غذّته من أعرق معاهد العلم الإسلامية ممثلة في الأزهر الشريف، ثم ما نمَّا هذه التغذية بما امتد إليها وآزرها بما حصَّله من أعرق معاهد العلم بالعربية في العالم العربي المعاصر، متمثلاً في كلية دار العلوم التي تخرَّج فيها سنة 1956م في دفعة برز من أبنائها فيما بعد العلامة اللغوي الراحل رمضان عبد التواب- رحمه الله- 2001م، والعلامة الأصولي الراحل عبد العظيم الديب- رحمه الله- 2010م، ثم واصل تلمذته على يد أكبر رواد الدرس اللغوي في العصر الحديث، وهو العلامة الرائد إبراهيم أنيس، ثم كان الرافد الثالث ممثلاً في الثقافة الفرنسية التي حصَّلها وأبدع فيما نقله عنها من غير وفادة إلى هذه البلاد، بل باجتهاد شخصي يُظهر مدى العزيمة التي لا تعرف الضعف.
    يُضاف إلى هذه الروافد الكبرى التي غذَّت تكوينه فاستحصد وقوي واشتد عودًا، رافد آخر مهم جدًّا تمثّل في صحبته لأعلام المفكرين الذين عاصرهم في فترة ممتدة من عمر القرن الميلادي المنصرم ولا سيما صحبته لمالك بن نبي- رحمه الله- سنة 1973م المفكر الجزائري الإصلاحي العملاق ومحمود محمد شاكر علامة العصر في غير ما ميدان بلا منازع- رحمه الله- 1996م، والدكتور محمود قاسم ومحمد فؤاد وعبد الباقي رحمهما الله تعالى.
    وهي أسماء كبرى تدلك على عظم ما يمكن أن يكون قد تسرَّب إلى نفس عبد الصبور شاهين وعقله من هذه الصحبة التي أثمرت في غير ما مجال من مجالات الارتقاء بالراحل الكريم.
    هذه بالإضافة إلى أعلام الثوار الجزائريين الذين صحبهم مدة في مصر، وخطب فيهم محيِّيًا جهودهم في مقاومة المحتل الفرنسي نيابةً عن بعض المحافل المصرية.
    ولك أن تستشعر أثر هذه الصحبة في نماء عقل عبد الصبور شاهين من هذا الشكر الذي صدَّر به ترجمته للكاتب الماتع الذي ألفه مالك بن نبي- رحمه الله- تعالى بالفرنسية، وترجمة الراحل الكريم قائلاً: "كان من فضل الله أن تولى أستاذنا الكبير (محمود محمد شاكر) تقديم كتاب (الظاهرة القرآنية) إلى القراء، هذا التقديم الثمين الذي يعد بحق أروع ما كُتب في مسألة اتصال بيان العرب في الجاهلية بقضية (إعجاز القرآن)، وإني لأتقدم بالشكر إلى الأستاذ الدكتور (محمود قاسم) رئيس قسم الدراسات الفلسفية بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة على توجيهاته التي أفدت منها الكثير وإلى الأستاذ المحدث (محمد فؤاد عبد الباقي) على تفضله بتحقيق ما عسر عليَّ تحقيقه من أحاديث الكتاب.
    ففي هذا الشكر العابر تجلية لآثار رافد مهم جدًّا غذَّى وجدان الراحل الكريم وعقله.
    (2)
    ثمرات الجهاد الطويل: بحار من الأحبار المضيئة
    وقد أثمرت هذه الروافد الأربعة التي شكلت الكيان الضخم الذي حمل اسم عبد الصبور شاهين حتى صيره جبلاً من جبال العلم في هذا العصر الذي نحياه ثمرات يانعة عديدة يمكن إجمالها فيما يلي:
    أولاً: ثمرات في الترجمة.
    ثانيًا: ثمرات في الدرس اللغوي.
    ثالثًا: ثمرات في الفكر الإسلامي.
    كان عبد الصبور شاهين بحكم المهنة والتخصص الذي خدمه طيلة ما يقرب من ستة عقود كاملة، خادمًا لفرع له سطوته وحضوره المركزي في العصر الحديث ألا وهو فرع الدراسات اللغوية أو العلوم اللغوية أو التي شاع واستقر تسميتها باسم اللسانيات، وعبد الصبور شاهين فيما سنورده من علامات أخرجها في هذا الميدان المهم ابن بار لروافد تكوينه جميعًا، ولعل أشهر ما تركه في هذا المجال العلمي يكمن فيما يلي:
    1- القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث 1966م.
    2- أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي: أبو عمرو بن العلاء 1987م.
    3- عربية القرآن 1997م.
    4- في علم اللغة العام 1990م.
    5- في التطور اللغوي 1991م.
    6- العربية لغة العلوم والتقنية 1982م.
    7- دراسات لغوية 1976م.
    8- المنهج الصوتي للبنية العربية: رؤية جديدة للصرف العربي 1977م.
    وأنت واجد في هذه القائمة لمجمل إنتاجه المهني ملاحظات دالة وفارقة يهيمن عليها شعور جارف بما حققه الدوران حول الذكر الحكيم من ارتقاء بالدرس اللساني العربي خلال تاريخه الطويل، وهو ما ظهر في عنوانات الكتب الثلاثة الأولى تعيينًا، أضف إلى ذلك سعي دائب نحو الدفاع الإيجابي عن قدرات العربية في مواجهة دعاوى اتهامها بالضعف ولاسيما على ما يظهر في كتابه الرائد: العربية لغة العلوم والتقنية.
    وهذه العلامات دالة في المقام الأول على فريضة الانتماء التي خدمها بما تخصص فيه، فجعل المهنة في خدمة الأمة.
    ثم كان عبد الصبور شاهين باعتبار الرافد الأجنبي الذي امتلك ناصية اللسان الفرنسي منتجًا ومؤثرًا بما ترجمه عن هذه اللغة التي تعلمها بجد واجتهاد دالين على عزيمة وإرادة لا تلين، وقد توزع إنتاجه في ميدان الترجمة عن الفرنسية على ميدانين هما: ميدان التخصص في علم اللغة، وميدان الفكرة الإسلامية التي وهبها عمره.
    وما ترجمه في حقل التخصص:
    1- العربية الفصحى: دراسة في البناء اللغوي سنة 1966م لهنري فليش اليسوعي، ولك أن تعلم أنه ترجمه وهو لم يزل بعد معيدًا في دار العلوم على ما يقرر هو في مقدمة الطبعة الرابعة للكتاب ص5 (1997م) حيث يقول: لقد كنت حين ترجمت هذا الكتاب في أوائل الستينيات ما أزال معيدًا بكلية دار العلوم!.
    2- علم الأصوات: لبرتيل، لمبرج 1984م، ولعله أول مَن عرف الأوساط الدراسية اللغوية في العالم العربي بهذا اللساني السويدي المعاصر.
    لكن أهم سهمة في الحقيقة لعبد الصبور شاهين في الثقافة المعاصرة، تتمثل فيما نقله من عيون أدبيات الفترة الإسلامية التي كتبها مفكرون إسلاميون معاصرون بالفرنسية لاعتبارات مختلفة، وأنا شاهد في يوم صحبت فيه الراحل الكريم من القاهرة إلى طنطا ذهابًا وإيابًا وكنت ثالث ثلاثة معه ومع الراحل الكريم رمضان عبد التواب من نحو خمسة عشر عامًا عندما قال: إن أعظم عمل يرجو من الله سبحانه أن يقبله ويثيبه عليه هو ترجمته للدراسة الرائدة التي كانت في أصلها أطروحة الدكتوراه للعالم الرباني الراحل محمد عبد الله دراز- رحمه الله- (دستور الأخلاق في القرآن الكريم) والثقافة العربية المعاصرة مَدينَة لعبد الصبور بما ترجمه من مؤلفات المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي ومن أشهر هذه الترجمات:
    1- دستور الأخلاق في القرآن الكريم لمحمد عبد الله دراز، سنة 1973م.
    2- الظاهرة القرآنية، لمالك بن نبي 1958م.
    3- وجهة العالم الإسلامي 1981م.
    4- فكرة الإفريقية الآسيوية في ضوء مؤتمر باندونج 1957م.
    5- مشكلة الثقافة 1959م.
    6- ميلاد مجتمع: شبكة العلاقات الاجتماعية، الطبعة الأولى بلا تاريخ، والثانية 1962م، والثالثة 1986م.
    7- شروط النهضة، (بمشاركة عمر كامل مسقاوي) 1960م.
    هذا الانشغال بترجمة مالك بن نبي يعكس الدور الجبار الذي أسهم به الراحل الكريم في خدمة قضايا التحرر الوطني الذي قاده قادة الفكرة الإسلامية في العالم العربي.
    (3)
    عبد الصبور شاهين: ملامح شخصيته
    إن الذين عرفوا الراحل الكريم يلفتهم إليه أمور كثيرة تحدد قسمات صورته، وترسم أبعاد شخصيته؛ ذلك أنه مسلم حقيقي آمن بفريضة العمل للإسلام، فكانت حياته كلها هبة لهذا الإيمان عملاً علميًّا كما تجلى لك فيما خلفه من معرفة مؤلفة أو مترجمة، وحركة دائبة معرِّفًا بأهداف الثورة الجزائرية، ومواجهًا لاستبداد النظام في الستينيات وموجِّهًا لأجيال الصحوة المعاصرة، بدءًا من جيل السبعينيات بما تراكم على يديه من آثار خطابته في أقدم مساجد مصر وإفريقيا؛ حيث ظل زمنًا طويلاً خطيب مسجد عمرو بن العاص، ومشتبكًا مع الشأن العام إعلاميًّا وسياسيًّا بنشاط تشهد به أروقة مجلس الشورى المصري.
    والذين يعرفون عبد الصبور شاهين يعرفون رجلاً يهدر كالطوفان علمًا وحركة، ويهدر كالطوفان دعابةً صادقةً دالة على مروءة نفس ونقاء سريرة.
    رحل صوت من أعذب الأصوات وأصدقها في خدمة الفكرة الإسلامية وصَمَت طوفان هادر كان يملأ الدنيا بما ينفع ويوجِّه الحياة نحو الرشاد، لكن آثاره الجبارة ستظل شاهدة على عطاء، نسأل الله تعالى أن يكون قائده إلى الجنة.
    ----------------
    * كلية الآداب- جامعة المنوفية.
    منقول
    وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: ترجمة العالم اللغوي المعاصر د. عبد الصبور شاهين

    غفر الله له .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: ترجمة العالم اللغوي المعاصر د. عبد الصبور شاهين

    رحمه الله رحمةً واسعة
    وأسوء الناس تدبيراً لعاقبة ـ من أنفق العمر فيما ليس ينفعه

    قال ابن رجب ( العلم وسيلة لكل فضيلة )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •