23-03-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
لكن وسط هذه المآسي، هناك قفزات ومكاسب يتحصل عليها المسلمون من حين لآخر ومن هذه المكاسب، اعتماد السلطات البريطانية الشريعة الإسلامية كمصدر قانوني لأبناء الجاليات الإسلامية في قضايا المواريث، وهي سابقة تاريخية، تحدث للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا.


بازدواجية واضحة يتعامل الغرب مع غالب القضايا التي تمس الإسلام والمسلمين، فللغرب طريقتان في كل تعامل مع الآخر، طريقة مجحفة تخص المسلم، إن طالب بحق، أو تحسين شأن من شؤون دنياه، وطريقة تتسم بالعنصرية (التمييز الإيجابي)، إن ارتبط الأمر بغير المسلم وحقوقه، سيما في البلدان الإسلامية.
والأمثلة على هذه الازدواجية تكاد ألا تحصى، بسبب كثرتها، وتنوعها، فهناك ازدواجية، على المستوى الدنيوي المعيشي، من خلال حرمان المسلمين من بعض حقوقهم الدنيوية، مثل المشاركة السياسية، والتعبير عن آرائهم، وحقوقهم في الوظائف المهمة في الغرب.
وهناك ازدواجية أخرى أشد وضوحا، وهي تخص الجانب الديني التعبدي، حيث يحجم كثير من المسلمين من ممارسة شعارهم الدينية، كالصلاة وغيرها من العبادات، فضلا عن إظهار شيء من هذه الشعائر، فمنعت بعض الدول الغربية المآذن، وحرمت دول أخرى ارتداء المسلمات للحجاب والنقاب، إلى غير ذلك من وسائل التضييق على المسلمين.
في المقابل قد تقوم الدنيا ولا تقعد، لخطأ غير مقصود قام به مسلم بحق نصراني أو يهودي أو بوذي، بل قد تقوم الدنيا ولا تقعد لكسر تمثال أو نفوق حيوان، ولا يترك لهذا العالم المريض ساكن إن تعلق الأمر بمسلم، بل قد تباد دولاً إسلامية ولا نرى للغرب- وهو شريك في هذه المآسي- أي رد فعل.
لكن وسط هذه المآسي، هناك قفزات ومكاسب يتحصل عليها المسلمون من حين لآخر ومن هذه المكاسب، اعتماد السلطات البريطانية الشريعة الإسلامية كمصدر قانوني لأبناء الجاليات الإسلامية في قضايا المواريث، وهي سابقة تاريخية، تحدث للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا.
حيث أصدر مشروع القانون البريطانى مرسومًا يعترف فيه للمرة الأولى بالشريعة الإسلامية في تنظيم مسائل الإرث للمسلمين فقط فيما يستبعد غير المسلمين في ذلك.
وتعليقا على هذا الأمر قالت صحيفة "التليجراف" البريطانية: "إن اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر قانوني لأبناء الجاليات الإسلامية في قضايا المواريث سيعزز من الممارسات الجيدة في النظام القانوني البريطاني".
وأوضحت الصحيفة أن المشرعين البريطانيين سيطبقون قواعد الشريعة الإسلامية في القضايا الخاصة بالميراث بين المسلمين فقط، إذ سيستثنى من ذلك «غير المسلمين»، والمتزوجين ضمن نظام كنسي أو مدني.
وقال رئيس جمعية القانون نيكولاس فلوك، إن اعتماد الشريعة سيعزز توجيه "الممارسات الجيدة" في تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في النظام القانوني البريطاني.
جدير بالذكر أن أعداد المسلمين في بريطانيا في تزايد مستمر، فقد رصدت صحيفة «إندبندنت» البريطانية- في تقرير لها منذ أشهر- تزايد أعداد معتنقي الإسلام في بريطانيا على نحو وصفته بـ«الدراماتيكي» ، مقابل تراجع حاد في أعداد المسيحيين بين السكان بريطانيي المولد.
وأشارت الصحيفة، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إلى أن ما أظهرته إحصائيات تعدادية من أنه بين كل 15 ممن دون سن الـ 25، ثمة بريطاني يقول إنه مسلم.
وبحسب ما ذكرته برقية دبلوماسية صادرة من سفارة الولايات المتحدة في العاصمة البريطانية لندن في شهر يناير 2009م، فقد تضاعف عدد المسلمين في بريطانيا حوالي 90 مرة خلال الستة عقود الأخيرة.