قال شيخ الاسلام في الاخنائية ج1 ص110
..والمستدلّ بالحديث عليه أن يبين صحته ويبين دلالته على مطلوبه. وهذا المعترض لم يجمع في حديث واحد بين هذا وهذا، بل إن ذكر حديثا صحيحا لم يكن دالا على محل النزاع، وإن أشار إلى ما يدل؛ لم يكن ثابتا عند أهل العلم بالحديث الذين يعتد بهم في الإجماع والنزاع.
فأما ما فيه من الافتراء والكذب على المجيب فليس المقصود الجواب عنه وله أسوة أمثاله من أهل الإفك والزور، وقد قال الله : إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [النور: 11]. بل المقصود الانتصار لله ولكتابه ولرسوله ولدينه، وبيان جهل الجاهل الذي يتكلم في الدين بالباطل وبغير علم. فأذكر ما يتعلق بالمسألة وبالجواب. وليس المقصود أيضا العدوان لى أحد لا المعترض ولا غيره، ولا بخس حقه، ولا تخصيصه بما لا يختص به، بما يشركه فيه غيره، بل المقصود الكلام بموجب العلم والعدل والدين، كما قال : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [المائدة: 8]. وليس أيضا المقصود ذم شخص معين، بل المقصود بيان ما يذمّ وينهى عنه ويحذر عنه من الخطأ والضلال في هذا الباب، كما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: «ما بال رجال يقولون أو يفعلون كذا» «أخرجه أبو داود (4788) والبيهقي في «دلائل النبوة» (1/ 237). وهو حديث صحيح، انظر «السلسلة الصحيحة» (2064).». فيذم ذلك الفعل ويحذر عن ذلك النوع، وليس مقصوده إيذاء شخص معيّن.