كم يضيع طلاب العلم من علم بعدم تفتيشهم في كتب العلم الحقيقية !
ففي كتاب (إعراب القرآن) لأبي جعفر النحاس ، والذي يُظن أنك لن تجد فيه إلا الضم والكسر والفاعل والمفعول (بسبب اسمه) ، يقول :
(( وفي معنى {يا أُولِي الْأَبْصارِ } قولان:
أحدهما أنه من بصر العين.
والآخر أنه من بصر القلب.
قال أبو جعفر: وهذا أولى بالصواب ، لأن الاعتبار إنما يكون بالقلب ، وهو الاتّعاظ والاستدلال بما مرّ.
فقد قيل: إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خبّرهم بهذا أنه يكون ، فكان على ما وصف ، فيجب أن تعتبروا بهذا ، وغيره :
1- كما قال جلّ وعزّ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ [الفتح: 27] فكان كما قال .
2- وقال جلّ ذكره: {سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ } [المسد: 3] ذلك . [ يعني فلم يدع – مجرد ادعاء – أنه أسلم ، فلو فعل ذلك لكان سببا في التكذيب ] .
3- وقال: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً } [البقرة: 95] فلم يتمنه أحد منهم . [ يعني : ولا تمنوا الموت ادعاءً ] .
4- وكذا {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] فقالوا ذلك .
5- وكذا {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } [الروم: 3] . [ يهني فتحقق انتصار الروم على الفرس] .
6- كذا قوله صلّى الله عليه وسلّم لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية» «2»
7- وقوله عليه السلام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم كتب: «من محمد رسول الله» فساموه محوها فاستعظم ذلك علي رضي الله عنه فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّك ستسام مثلها» «3» فكان ذلك على ما قال.
8- وكذلك قوله في ذي الثديّة «ومن ينجو من الخوارج» «4» فكان الأمر كما قال، .
9- وكذلك قوله في كلاب الحوأب قولا محدّدا .
10- وكذلك قوله في فتح المدينة البيضا وفي فتح مصر، وأوصى بأهلها خيرا .فهذا كله مما يعتبر به .
11- وقال جلّ وعزّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: 67] فعصمه حتّى مات على فراشه .
12- وقال: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } [النور: 55] فاستخلف ممّن خوطب بهذا أربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم، وكان هذا موافقا لقوله صلّى الله عليه «الخلافة بعدي ثلاثون» ، ومما يعتبر به تمثيلاته التي لا تدفع))
كتبه: د. حاتم العوني.