صح عن عبيد بن سعد ، عن أبي أيوب الانصاري (رضي الله عنه) أنه قال : غزونا ، حتى اذا انتهينا إلى المدينه (مدينة قسطنطينية) ، إذا قاص يقول : من عمل عملا من أول النهار ، عُرض على معارفه إذا أمسى من أهل الآخرة . ومن عمل عملا من آخر النهار ، عُرض على معارفه إذا أصبح من أهل الآخره . فقال له أبو أيوب : أيها القاص ، انظر ما تقول ؟!! فقال : والله ، إن ذلك لكذلك . فقال أبو أيوب : اللهم لا تفضحني عند عبادة بن الصامت ولا عند سعد بن عبادة فيما عملت بعدهما !! فقال القاص : وإنه (والله) ما كتب الله ولايته لعبد ؛ إلا ستر عليه عورته ، وأثنى عليه بأحسن عمله .
عبيد بن سعد قال عنه ابن معين : « مشهور» , وذكره ابن حبان في الثقات ، بل عده أبو يعلى في الصحابة ، وهو وإن كان خطأ (على الأرجح) , فهو يدل على قدمه وجلالة طبقته .

كتبه: د. حاتم العوني.

والخبر ليس فيه تصريح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُحتمل أن القاص أخذه من الإسرائيليات . لكن حلف هذا القاص بحصول ما أخبر به ، وتصديق أبي أيوب له ، قد يرجح أن نقله محل الاعتماد ، وأنه كالموقوف الذي له حكم المرفوع .
وإن كان الخبر من الإسرائيليات : فتصديق أبي أيوب له يدل على أنه لم ير فيه ما يعارض شريعتنا .
وفي الخبر من الفوائد :
1- سماع الصحابة رضوان الله عليهم للمواعظ ممن قد يكون دونهم علما ، مع جلالتهم ، وتأثرهم بها .
2- أن الأموات الأقارب يعلمون بعمل الأحياء من أقاربهم ، بعرض الله أعمال الأحياء عليهم .
3- أن العلاقة بعد الموت لا تنقطع بين الأحباب !
فاللهم اغفر لنا نسياننا لأحباب فقدناهم ، واغفر لهم وارفع درجاتهم في عليين .
4- أن من كتب الله ولايته وكتب ستره يوم القيامة لا يفضحه بعمله : فيستره ، ويُعلم الأموات بثنائه عليه .
5- أن الفضيحة عند الأحباب يخافها الأولياء ؛ لأنها كخيانة العهد في حفظ حق المحبوب الذي تعاهدوا على حبه ، وهو ربهم عز وجل .
اللهم استرنا بسترك الجميل ، الذي لا تستر به إلا من كتبت على نفسك العفو عنه ورحمته !!