[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=right]ظهرت في الآونة الأخيرة فئة من الناس أخذت في تحقق جماعي للأنساب البعيدة للقبائل عن طريق مطابقة الموروثات الجينية للوصول إلى نتائج معينة يحكموا من خلالها على القبائل. على سبيل المثال – وليس الحصر –:
1) إنكار أو إثبات عروبة قبيلة ما، بناء على مدى توافق ترددات بعض الجينات مع القبائل العربية الأخرى.
2) إنكار أو إثبات نسبة قبيلة ما إلى القبائل القحطانية أو العدنانية أو كونها قبيلة يرجع نسبها للعرب البائدة كجرهم مثلاً.
3) إنكار بأن البشر اليوم كلهم من ذرية نوح – عليه السلام –؛ مخالفين بذلك اتفاق العلماء كما نقل عنهم الحافظ ابن القيم، إذ قال: "أنه قد اتفق العلماء أن نوحاً لما نزل من السفينة مات من كان معه ثم مات نسلهم ولم يبق غير نسل نوح والدليل على هذا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ} وهذا يبطل قول من قال إنه كان قبل نوح" ذكره في (المنار المنيف 1/74).
وللعلم بأن هذه الفئة تعتمد على مصادر غربية مختصة في هذه الأبحاث، كالمجلة الأمريكية لعلم الجينات البشرية (The American Journal of Human Genetics).
كما إني وجدت عند البحث بأن طريقة مطابقة الموروثات الجينية، هي أحد الأدلة التي يعتمد عليها أتباع الإنجليزي تشارلز داروين – وهو عالم حيوان – الذي زعم بأن الإنسان والرئيسيات الحديثة ومن ضمنها القردة العليا تشترك في سلف حيواني واحد كان يعيش في زمن موغل في القدم. إذ زعموا بأن 98,8– 99,9٪ من الموروثات الجينية بين الإنسان والشمبانزي متطابقه. كما هو موضح في الموقع التالي:
http://users.rcn.com/jkimball.ma.ult...noidClade.html
وقد أرجع أتباع داروين سبب اختلاف ما نسبته 1,2– 0,1٪ من الجينات الإنسان والشمبانزي إلى حدوث الطفرات الجينية، وهذا السبب هو عين ما يفسر به هذه الفئة من النسابين الجدد التنوع في جينات بني آدم – عليه السلام –.
يحتج النسابون الجدد في إثبات جواز التحقق الجماعي للنسب البعيد جينياً، بالقياس على جواز التحقق الفردي للنسب في حال النزاع على نسب الولد إذا إدعى نسبه رجلان فأكثر، ويدخل في ذلك إختلاط المولودين في المستشفيات والوطء بشبهة من رجلين لأمرأة واحدة فحملت من أحدهما لا بعينه، ونحو ذلك.
إذ يرى الجمهور الأخذ بالشبه عن طريق القيافة. وأما الحنفية فلا ترى الأخذ بالقيافة وإنما الترجيح بأدلة الإثبات المعتادة؛ كالفراش مثلاً، فإن تساوت الأدلة ألحق الولد بالمتنازعين جميعاً.
قيل: إن الأولى بالجمهور إقرار البصمة الوراثية كونهم أخذوا بالقيافة مع ضعفها. والأولى بالحنفية إقرار البصمة الوراثية كونهم ألحقوا الولد المتنازع فيه بالمتنازعين جميعاً مع مخالفة ذلك للفطرة.
وإذا جاز الاستخدام الفحوصات الجينية في التحقق الفردي للنسب في حال النزاع، فكذلك يجوز التحقق الجماعي للنسب البعيد.
مع العلم بأن التحقق الفردي للنسب القريب يلزمه منه وجود الولد والأب أو الأم لتتم المطابقة، في حين إن التحقق الجماعي للنسب البعيد فاقد لأحد أطراف المطابقة؛ وهو السلف.
كما اشترط الفقهاء القائلون بمشروعية القيافة ووجوب العمل بها شروط منها: وقوع التنازع في الولد نفياً أو إثباتاً، وعدم وجود دليل يقطع هذا التنازع، في حين إن تلك الشروط مفقودة في طريقة النسابين الجدد.
فهل يعتبر قياسهم قياساً باطلاً؟
وإني قد وقفت على قول للأستاذ الدكتور سعد الدين مسعد هلالي وهو أستاذ الفقه وأصوله - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، بعد أن ذكر شرط التحقق الفردي للنسب، قال: "أرى توجه الأفراد للتحقق من نسبهم المستقر عن طريق (البصمة الوراثية) مكروهٌ كراهة قد تبلغ التحريم".
وثم، أورد حكم التحقق الجماعي للنسب (المسح الشامل)، فقال: "إن فتح هذا الملف بلاء عظيم، وفتن خطيرة لا يحمد عقباها، لما فيه من كشف وفضح المستور، والتشكك في ذمم وأعراض الناس بغير مسوغ، ودمار لأواصر التراحم بين ذوي القربى، ونقض ما أبرمه الإسلام من استقرار.
ولا أجد أدنى شك في تحريم وتجريم مثل هذا العمل البشع مكتفياً بذكر بعض الأدلة للرد على هواجس النفس الشريرة الخبيثة" وثم سرد أدلة التحريم التحقق الجماعي للنسب (المسح الشامل).
انظر الكتاب: البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية - دراسة فقهية مقارنة ص188 وما بعدها.
غير أن النسابون الجدد حملوا كلام الدكتور سعد الدين على إنه أراد به تحقق النسب الجماعي القريب، وفعلهم من باب تحقق الجماعي للأنساب البعيدة، وثم زعموا – ولا ندري صدق هذه المزاعم من عدمها
والسؤال هنا: ما هو حكم التحقق الجماعي للنسب البعيد جينياً؟ [/align]