قال الشيخ صالح ال الشيخ في محاضرته منهج إصلاح العقل في الفكر الإسلامي
: « هذه مسألة مهمة لابد من التأمل فيها أكثر، وأكثر، الأخلاق الذاتية للإنسان هل لها أثر على صحة تفكيره من عدمه، على صحة عقلة من عدمه, على صحة حكمته من عدمها، على وصوله للنتيجة السليمة أم لا؟

مثل الكبر والتواضع، مثل العجلة والأناة مثل الحلم والتهور، مثل الحكمة والجهل، مثل الصدق والكذب، هذه أمور أخلاقيه عظيمة وعبادات، تحري الصدق عبادة، تحري الحكمة عبادة، تحري التواضع يُقرب إلى الله – جل وعلا ـ، البعد عن الكبر يُقرب إلى الله – جل وعلا – وهكذا.
وتساءل معاليه هل لهذه الصفات أثر في صياغة عقل الإنسان؟ أجاب – نعم – وأكبر أثر، فالذي يتحرى الصدق في كلامه سينتج عنه تحري الصدق في عقله، فالذي يكذب، ويكذب دائماً عقله يكذب، فإلانسان على حسب ما ينتهي إليه.
فالكذب في اللسان باستمرار ينتج عنه تمرين العقل على عدم تصور الأشياء على حقيقتها لذلك جاء في الحديث: (وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
فتحري الصدق يعني الأمانة مع النفس وهذه لها أثر كبير في صوابية التفكير العقلي في الإنسان، فإذا كان الإنسان في أي تخصص طبيب، مهندس، عالم في أي مجال إذا كان هو يتلقي المعلومات حتى يفهمها بدقة هذا ينتج عنه صحة عقله في التفكير.
وواصل معاليه قائلاً: الكبر والتواضع.
التواضع صفه يحبها الله تعالى كما جاء في صحيح مسلم: (إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، ولا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)، والتواضع خصلة يحبها الله جل وعلا.
والتواضع لله تعالى ينتج منه التواضع للخلق، قال أحد السلف: «ما قابلت أحداً من المسلمين ولا اجتمعت به إلا ظننت أنه خير مني»، هذا تواضع عظيم مع أنه متعبد وصاحب عبادة، ولكن عنده تواضع وما عنده كبر على أحد، هذه العبادة ينتج عنها أثر في العقل في منهج التفكير.

لأنه يكون دائماً غير مؤثر لرأيه على الحق لأنه متواضع، لكن المتكبر على الناس هو سيتكبر فيما يراه، فيغالط في ما لا مجال للمغالطة فيه، ولكن لوجود شيء من الكبر والمجادلة بالباطل عنده فينتج عنها التفكير الخطأ، والحلم هو سبيل الحكمة، والطائش دائماً لا يكون حكيماً، الحليم يكون حكيماً والحكمة قال الله تعالى فيها: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، والحكمة عصمة للعقل أيضاً من الغلط في النظر للأشياء، فإذاً الأخلاق لها أثر على عقل صاحب هذه الأخلاق وجوداً وعدماً كمالاً، أو ضعفاً. »