يرفع للفائدة.
والذي أدي إليه نظري القاصر وفكري الفاتر بعد مطالعة هذا الموضوع ، أن الجم الغفير من المتأخرين والمعاصرين حكموا علي رواية أبي عبيدة عن أبيه بالإنقطاع المردود، فردوا بذلك أحاديثه عن أبيه
بخلاف أكثر المتقدمين فإنهم جعلوا الإنقطاع الواقع بين أبي عبيدة وأبيه من الإنقطاع الذي هو في حكم الإتصال ،
فقد صحح الإمام علي بن المديني رواية أبي عبيدة عن أبيه وأدخلها ضمن المتصل كما في (فتح الباري) للحافظ ابن رجب
وفي شرح علل الترمذي : قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند، يعني في الحديث المتصل، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها،
وكذا الإمام النسائي ، قد صحح روايته عن أبيه كما في ( النكت ) للحافظ ابن حجر
والإمام الترمذي قد حسن روايته عن أبيه في عدة مواضع
والإمام الدارقطني قد سرد في كتابيه (السنن) و( العلل ) أحاديث كثيرة من روايته عن أبيه ولم يعلها بالإنقطاع وأيضا قد صرح في مواضع من كتبه بصحتها واتصالها
وقال أيضا : (( أبو عبيدة أعلم بحديث أبيه من حنيف بن مالك ونظرائه )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) :
(ويقال إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه؛ لكن هو عالم بحال أبيه متلق لآثاره من أكابر أصحاب أبيه وهذه حال متكررة من عبد الله - رضي الله عنه - فتكون مشهورة عند أصحابه فيكثر المتحدث بها ولم يكن في أصحاب عبد الله من يتهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه وإن قيل إنه لم يسمع من أبيه)
وقال الطحاوي في شرح معاني الاثار:
(فإن قال قائل الآثار الأول أولى من هذا لأنها متصلة وهذا منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا قيل له ليس من هذه الجهة احتججنا بكلام أبي عبيدة إنما احتججنا به لأن مثله على تقدمه في العلم وموضعه من عبد الله وخلطته لخاصته من بعده لا يخفي عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله ذلك حجة)
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( فتح الباري ) [ أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، لكن رواياته عنه أخذها عن أهل أبيه ، فهي صحيحة عندهم ]
وقد ذكر ابن جرير وغيره أن إطلاق القول بأن المرسل ليس بحجة من غير تفصيل بدعة حدثت بعد المائتين ،
وأبو عبيدة من أعلم الناس بروايات ابن مسعود فلا ضير في عدم وجدان هذه الرواية عند أصحاب ابن مسعود
ولو سلم أن رواياته عن أبيه معلولة بالانقطاع كما أعلها به أبو حاتم الرازي و البيهقي وابن عبد البر والمنذري وابن حزم الاندلسي وابن الجوزي وابن الملقن والهيثمي والعراقي والحافظ ابن حجر والبوصيري والنووي.
فيقال إنه يتقوي بسائر المراسيل كما تقدم مرارا فيكون حسنا لغيره
والله أعلم
أحسن الله إليك أخانا الفاضل ونفع بك على جهودك النافعة.
الحديث كما ذكرت أخرجه البيهقي في "الدلائل" 6 / 106 من طريق أبي وهب محمد بن مزاحم حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله ... فذكره .
وقد خولف محمد بن مزاحم في إسناده ، فقد رواه إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن مسعر عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكره مرسلا دون ذكر عبد الله . ودون قوله: أراه عوف بن مالك، وزاد فيه: فقال: نعم رد عليك.
أخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" (10) - ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 6 / 107 .
فلعل هذا مما يقوي ما ذكرناه من ضعف الحديث وأن أبا عبيدة لم يسمعه من عبد الله ولا من أصحابه عنه، إنما رواه مرسلا .
فتح الله عليك شيخنا ابا مالك .
يرفع للفائدة .