04-02-2014 |
جاءت هذه الدراسة، لتناقش مفاهيم الشيوعية حول قضية الإيمان بالله وتعمد إلى عرض الشيوعية في حقلي الفلسفة والتطبيق عرضاً كاملاً يبرز الشيوعية عارية من كل طلاء خادع أو بهرج كاذب.. وجاء هذا الكتاب في ستة فصول..


عنوان الكتاب: الإيمان بالله والجدل الشيوعي
المؤلف: فتح الرحمن أحمد محمد الجعلي
الناشر: الدار السعودية للنشر والتوزيع
سنة النشر: 1404هـ – 1984م، ط1
ـــــــــــــ
إن فكرة الأديان الأساسية ترتكز على الإيمان بوجود (إله) خالق أزلي مستقل تماما متجرد عن المادة وعن الشبيه والنظير، لكن الشيوعيين لا يعترفون بهذه الحقيقة لأن الأساس الذي تقوم عليه الفلسفة الشيوعية الماركسية هو مبدأ التغيير المستمر.
فالفكرة الأساسية في الشيوعية لا تقر مبدأ وجود (إله) بل إن ذات الله في الشيوعية تخضع للتغيير ذلك لأن الشيوعية تفسر وجود الله تفسيرا لا ترتبط قيمته بحقيقة (الإله) بقدر ما ترتبط بتصورات البشرية (للإله) وتأخذ الشيوعية اختلاف البشرية في تصور معنى الله دليلا على أن الله ليست له حقيقة في الواقع ونفس الأمر.
وعلى هذا الأساس جاءت هذه الدراسة، لتناقش مفاهيم الشيوعية حول قضية الإيمان بالله وتعمد إلى عرض الشيوعية في حقلي الفلسفة والتطبيق عرضاً كاملاً يبرز الشيوعية عارية من كل طلاء خادع أو بهرج كاذب.. وجاء هذا الكتاب في ستة فصول..
اهتم الكاتب في فصله الأول ببيان ماهية النظرية العامة التي يتبناها الحزب الشيوعي المركسي، وهي ما يسمى في عرفهم بالمادية الديالكتيكية، وبين أن أول من أطلق هذا الاسم على هذه الفلسفة هو لينين.
وسميت بالمادية لأن تعليلها لحوادث الطبيعة وتصورها لهذه أي نظريتها مادية، وسميت ديالكتيكية لأن أسلوبها في النظر إلى حوادث الطبيعة وطريقتها في البحث والمعرفة ديالكتيكية.
وكلمة دياليكتيكية ليست عربية في مادتها فقد أخذت من الكلمة اليونانية (دياليقو) ومعناها المحادثة والمجادلة، وكان الديالكتيك يعني "فن الوصول إلى الحقيقة باكتشاف التناقضات التي يتضمنها استدلال الخصم بالتغلب عليها".
بعد بيانه لمعنى الديالكتيكية عرض الكاتب لعدة موضوعات أخرى ترتبط بذات الموضوع وهي الجدل والديالكتيك، والديالكتيك الهيجلي، ومنهج الديالكتيك الهيجلي، وديالكتيك ماركس، وختم هذه الموضوعات بالحديث عن الألوهية والديالكتيك مبيناً أن البحث في ذات الله خارج نطاق ديالكتيك الطبيعة، لأن الله فوق أبعاد الطبيعة المحدودة.
أما الفصل الثاني من الكتاب فجاء لعرض الموقف الشيوعي من مسألة الدين، وفيه حرص المؤلف على عرض آراء أئمة الشيوعيين في الدين، ككارل ماركس، وفردريك انجلز ولينين وستالين، وذلك لأن آراء هؤلاء تمثل الأساس الأيدلوجي للشيوعية، والتي تجتمع على إنكار الدين ورفض فكرة الإلهة من أساسها.
فالشيوعيون يذهبون إلى أن جميع الأديان بشرية نشأت نشأة تاريخية نتيجة للظروف الطبيعية والاجتماعية، وأن الله لا وجود له في الحقيقة والواقع، بل إنه مفهوم أو فكرة مجردة تقوم في العقول البدائية.
والموقف الشيوعي لم ينته عند مجرد الإنكار والرفض لفكرة الدين والإلهة، بل كان له موقف مضاد عمد الكاتب إلى توضيحه من خلال كتابات أئمة الشيوعيين والمنظرين لمذهبهم.
وبعد نقاشه للموقف الشيوعي من الدين ومناقشته للأدلة على وجود الله بين الكاتب أن قضية الإيمان في الإسلام هي قضية العقل، والعقل وحده هو المدعو للنظر فيها والبحث عن صدقها ثم الاستجابة لها، ومن هنا كان التفكير في الإسلام من الفرائض المحتمة.
وفي الفصل الثالث تحدث الكاتب عن التخطيط الفلسفي لنظرية تطور تاريخ المجتمع عند الشيوعيين، مبيناً أن نظرية التاريخ ترتكز عندهم على القوى المنتجة وتطورها في ضوء التاريخ.
ففي بداية الفصل عرض الكاتب لتعريف ستالين للمادية التاريخية، مبيناً أنها النظرية التي توسع نطاق مبادئ المادية الديالكتيكية حتى تشمل دراسة الحياة الاجتماعية، وتطبق هذه المبادئ على حوادث الحياة الاجتماعية أي على درس المجتمع وعلى درس تاريخ المجتمع.
وعن علاقات الإنتاج عند الشيوعيين تحدث الكاتب عما ذكره ستالين في كتابه "لمادية الديالكتيكية والمادية التاريخية" والذي يتلخص في وجود خمسة أنواع لعلاقات الإنتاج وهي: المشاعية الابتدائية، والنظام الإقطاعي، والنظام الرأسمالي، والنظام الاشتراكي.
وفي نقده لنظرية الوقائع التاريخية لستالين بين المؤلف أن هذه الوقائع التاريخية لم تحدث بنفس الصورة التي رتبها ستالين، والتي استعان فيها ستالين بكتابات كارل ماركس وفريدريك انجلز، وأن ماركس وانجلز في نظريتهما التاريخية لم يكونا في الواقع سوى مؤرخين غير منصفين وما ذلك إلا لأنهما يضربان بكل نظرية أخرى عرض الحائط، بل حتى ولا يعرضان أية نظرية أخرى ليناقشانها نقاشاً موضوعياً.
وعن نشأة الشيوعية في روسيا دار حديث الكاتب في الفصل الرابع، وفيه بين أن الفلسفة الماركسية تقرر أن الشيوعية تنشأ من الرأسمالية وتتطور تدريجيا من الرأسمالية وأنها نتيجة قوة اجتماعية ولدتها الرأسمالية. وأن بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي نحولا ثوريا إلى المجتمع الشيوعي.
وبين الكاتب أن الرأي السائد يعزي نشوب الثورة البلشفية إلى توفر العناصر اللازمة لقيامها وملائمة الظروف لها كل الملائمة فلقد ارتكزت هذه الثورة على عقلية الشعب الروسي من ناحية وعلى نمو روح التذمر والاستياء من ناحية أخرى لأسباب عديدة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولم ترتكز مطلقا على المفهوم الفلسفي الذي تقرره الفلسفة الماركسية.
وتحت عنوان "أطوار الشيوعية واضمحلال الدولة" جاء الفصل الخامس من هذا الكتاب وفيه بين مؤلفه أن الماركسية تقرر أن البروليتاريا (الطبقة التي لا تملك أي وسائل إنتاج) بعد أن تصل إلى الحكم عن طريق الثورة وتتخلص من رأس المال وسيطرته لن تكون بهذا المكسب قد حققت الشيوعية والمجتمع الشيوعي بل لابد لتحقيق المجتمع الشيوعي من تتابع طورين، طور أسفل وطور أعلى..
وبعد عرضه لهذا الأمر تحدث المؤلف عن طبيعة الفلاحين والعمال في المجتمع الشيوعي، فعرض لأحوالهما وموقفهما من النظام الشيوعي.
وفي فصله الأخير تحدث المؤلف عن وضع العائلة في الفلسفة الشيوعية، مبيناً أن كارل ماركس وصديقه فردريك انجلز عمدا إلى هدم العائلة وإلغائها نهائيا، وتحويل المرأة التي هي المرتكز الأساسي للعائلة إلى مجرد ملك مشاع بين الناس، حيث فسرا العلاقة بين المرأة والرجل تفسيرا فيه كثير من الغرابة وجعلا من الرباط العائلي المقدس الذي يربط الزوج بزوجته والولد والأهل مجرد علاقة نابعة من سير الإنتاج وقدرا نهاية هذه العلاقة بنهاية الإنتاج.
ومن أجل هذا صارت الأواصر العائلية المقدسة في نظر الفلسفة الشيوعية باعثا للنفور والاشمئزاز، فالقضاء على العائلة أمر حتمي في الفلسفة الشيوعية.
وفي الختام نسأل الله أن يجزي الكاتب خيراً على ما قدَّم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.