عمدة النساك في فضل السواك
نظمُ: علي بن تقي الدين الخليجي (كان حيًّا سنة 1112هـ)
تحقيق واختصار: صالح بن محمد بن عبدالفتاح
باحث بقسم المخطوطات بدار الكتب المصرية
اتباع سنة النبي " صلى الله عليه وسلم" تجلب للعبد خَيْري الدنيا والآخرة ومن السنن التي حثَّ عليها صلوات الله وسلامه عليه سنة السواك لما له من فضائل جمَّة ألَّف فيها العلماء كثيرًا من الكتب بين منظوم ومنثور ومن بين من عُنوا بنظم فضائله رجل hewaars_opt.jpeg
يدعى: علي بن تقي الدين الخليجي، وهو وإن لم تسعفنا كتب التراجم بترجمة وافية عنه إلا أننا نستطيع القول بأنه كان حيًّا سنة اثنتي عشرة ومئة بعد الألف (1112هـ) وذلك مأخوذ من قوله في آخر المنظومة:
في عام اثنا عشر من بعد المئة نظمتها وبعد ألف مجزئهْ
يقع أصل هذه المنظومة في (74) بيتًا، وقد قمنا باختصارها لتتناسب مع المساحة التي تتيحها لنا المجلة.
وقد اعتمدت في ضبط نصها على نسخة خطية محفوظة ضمن مخطوطات مكتبة الأوقاف المركزية بجمهورية مصر العربية تحت رقم (1808) فنسأله تعالى النفع بها إنه سميع الدعاء.
يقول راجي العفو من ربٍّ عليّ
الحمدُ لله الذي قد وفَّقا
فلازموها مدة الأيام
فلازِم السُّنَّةَ يا مَنْ قد سَمِع
تميل عن طرق الرشاد علَّها
وهذه أرجوزُةُ قَدْ أوضحت
سميتها «بعمدة النسَّاك»
واللهَ أرجو أن تكن مقبولهْ
ثم الصلاةُ والسلامُ أبدَا
وبعد ذا يا سائلي عَنِ السواكْ
أو مِنْ جريدِ النخلِ أو مِنْ زيتونْ
فهذه السنَّةُ أحسنُ السننْ
أخبرنا عن فعلها الإمام
مَنِ اقتفى سُنَّةَ خيرِ الخلق
وبيَّن المفروضَ والمسنونا
وقد قضى في كلِّ حالٍ بالسواك
فحدَّثوا عنه بكلِّ نقلِ
بأنه كان يشوصُ فاهُ(1)
وقال في الحديث: (لولا أنْ أشقْ
ففضلُه يعلو لكلِّ فضلِ
وأنه في كلِّ حالٍ مُستحبْ
يكونُ مكروهًا مَعَ الزوالِ
وبعضها يكون ممنوعًا حرامْ
خصالُه تزيدُ عن سبعينا
منها بأنْ يُرضي إلى الرحمن
مقوي الإنسان يامن قد سَمِع
وحملُه مضاعِفٌ للأجرِ
مشدِّدًا أيضا إلى اللثاةِ
وأنه مطهِّرٌ للقلب
يمَرِّيَ الطعامَ في الأبدانِ
ويُنطقُ اللسانَ بالعلومِ
يُذيبُ للحرام في البطونِ
ويُذهبُ الأمراضَ والأوجاعا
يكونُ في دَرجِ الجنان العليا
يكونُ فيها في جوارِ المصطفى
وغيرُ ما قلناه يا هذا فقد
مُبَطِّؤُ الشَّيبِ مسَوِّي الظهر
عندَ المماتِ يا جليلَ القدرِ
فالخيُر يا ذا كلُّه في الاتباع
ثمَّ الصلاةُ والسلامُ الدائمُ
وآله وصحبه مِنْ بعده
ما غرَّدَت يمامةُ الأراكِ
ابنُ تقي الدِّين مَنْ دُعِي عَلِي
لسُنَّة المختارِ أربابَ التُّقى
ومدة الشهور والأعوام
واتْبَع إلى أربابها لا تبتدع
إن مِلْتَ أو إذ لم تلازمْ فعلها
عن فضلِ الاستياكِ يا ذا صرَّحت
مبيِّنًا فضائلَ السواك
لوجهه وأن تكن موصولهْ
على النبيِّ الهاشميِّ أحمدَا
المتَّخذ من بعض عيدان الأراكْ
وكلِّ شئٍ خَشِنٍ ممَّا يهونْ
مِنْ الوضوء فعلُها فعلٌ حسنْ
أعنى عليًّا الولىْ الهمامُ
وأرشدَ الورى لدينِ الحقِّ
وكان يُدْعَى صادقًا أمينا
وتركُكَ السنَّةَ عنه قد نهاك
عن خيرِ خلقِ الله يا ذا العقل
ويبتدي بالدَّلك مِنْ يمناهُ(2)
أمرتُ أُمَّتي به أمرًا يحقْ)(3)
كما أتانا في صحيحِ النقلِ
وبعضُها يكونُ فرضًا قَدْ وَجَبْ
للصائمين يا ذوي الأفضال
بغيرِ إذنِ الغيرِ ما فيه كلام
كما أتى في النصِّ(4) عن نبينا
ويرغم أيضا إلى الشيطان
ويجليَ الصدا لسنة الهادي اتبع
يُطيِّبُ النكهةَ ياذا القدر
يُبيِّضُ الأسنانَ يا ثقات
مِنْ كلِّ رجسٍ أو أذًى أو ذنب
منور للقلب والأعيانِ
وحكمةٍ تأتيكَ بالفُهومِ
كما يُذيبُ الملحَ في العيونِ
ومُغْذِيٌ أيضًا لمن أجاعا
براءة تكتب له يا يحيا
ويجتني ثمارَها بلا خفا
له خصالٌ زائدةٌ عمَّا ورد
مُطهِّرٌ للفمِّ كلَّ الطهر
يُسَهِّلُ النزعَ لهذا فادري
والشرُّ يا ذا كلُّه في الابتداع
على نبيٍّ دَأْبُه المراحمُ
والتابعين كلهم وحزبه
وكُلّما يُسُتاك بالسِّواك
تمت
الهوامش
1- أخرجه البخاري في مواطن منها (حديث 245)، ومسلم (حديث 255) من حديث حذيفة.
2- لحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين «كان النبي " صلى الله عليه وسلم" يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله»، وقياسًا على الوضوء. انظر المجموع للنووي (1/283).
3- أخرجه البخاري في مواطن منها (حديث 7240)، ومسلم (حديث 252) من حديث أبي هريرة.
4- لم يصح عن النبي " صلى الله عليه وسلم" ذكر عدد هذه الخصال.