بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد الصادق الامين صلى الله عليه وسلم اما بعد
ساكتب هذه الخاطرة لما اراه حولى من فتن تتلاطم تلاطم الامواج فى البحر المظلم تلعب بعقول المسلمين كما تلعب الموج بالمركب الصغير ولا شك ان نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم قد اخبرنا عن هذه الفتن وموقف المسلم منها عند حدوثها وسأسرد لكم بعضا منها حتى نعرف هديه صلى الله عليه وسلم فى الفتن وعلى الله التكلان:
ولِمسلم: عن سعد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقبل ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ، حتّى إذا مرّبِمَسْجِد بَنِي مُعَاوِيَةَ، دَخَلَ، فَرَكَعَ فِيهِ ركْعَتَيْنِ،وَصَلَّينَا مَعَهُ، ودعا ربّه طويلاً، ثمّ انصرف إلينا، فقال: "سَألْتُربِّي ثلاثاً، فأعطانِي ثِنْتَيْن، وَمَنَعَنِي واحدةً، سألتُ ربِّي: ألاّيُهْلِكَ أمّتِي بالسَّنَّة، فأعطانيها. وسألته ألاّ يهلك أمّتيبِالْفَرَقِ، فأعطانيها. وسألته: ألاّ يجعل بأسهم بينهم، فمنعنِيها"
وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فهانحن نرى المسلمين وقد جعل الله بأسهم بينهم شديد يضربون رقاب بعض ويستحلون دماء بعض والله المستعان
ولأبِي داود عن أبي ذر: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم:"يا أبَا ذَرٍّ"، قلت: لبّيك يا رسول الله! وسعديك وذكر الحديث. قال فيه: "كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَخَذَتِ النّاسَ مَوْتٌ، تكون الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ؟ "، يعني: الْقَبْر قلت: الله ورسولُهُ أَعْلَمُ، أو قال: ما يَخْتَارُ الله لي ورسولُهُ. قال: "عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ"، أو قال: "تَصْبِرْ". ثُمَّ قال لي: "يَا أبَا ذَرٍّ! "، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رسولَ الله! وسَعَدَيْكَ. قال: "كَيْفَ أَنْتَ! إذا رَأَيْتَ أَحْجَارَ الزّيْتِ قَدْ غَرِقَتْ بالدَّمِ؟ "، قُلْتُ: مَا خَارَ الله لِي ورسولُه. قال: "عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ"، قلتُ: يا رسولَ الله! أفلا آخذُ سَيْفِي فَأَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِي؟ قال: "شَارَكْتَ الْقَومَ إِذاً"، قال: قُلْتُ: فماذا تَأْمُرُنِي؟ قال: "تَلْزَمُ بَيْتَكِ"، قلتُ: فإن دخلَ عَلَى بَيْتِي؟ قال: "فَإِنْ خَشِيْتَ أَنيَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ".
زاد ابن ماجه: "كيفَ أنْتَ وَجَوائِحُ تُصِيبُ النّاسَ، حتّى تَأْتِي مَسْجِدَكَ، فَلا تستَطِيعُ أَنْ تَرْجِعَ إلى فِرَاشِكِ ولا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِن فِرَاشِكَ إلى مَسْجِدَك؟". قُلْتُ: الله ورسولُهُ أعلم، أَوْ قال يخَتارَ الله لِي وَرُسُولُه. قال: "عَلَيْكَ بالعِفّة".
وفي حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه: وذكر الْفِتْنَةَ. قال:"الْزَمْ بَيْتَكَ"، قيل: فَإِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قال: "فَكُنْ مِثْلَ الْجَمَلَ الأَوْرق الثَّفَّال، الّذي لا يَنْبَعِثُ إِلاّ كرهاً، ولا يَمْشِي إلاّ كَرْهاً". رواه أبو عبيد.
فيا أيها الإخوان : تعوَّذوا بالله جلَّ وعلا من الفتن , تعوَّذوا بالله جلَّ وعلا من الفتن التي تحرق الدين ,وتحرق العقل ,وتحرق البدن,وتحرق كل خير,تعوَّذوا بالله منها؛فإنه لا خير في فتة أبداً؛فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوَّذ بالله كثيراً من الفتن,وكان عليه الصلاة والسلام يحذَّر من الفتن.

ولهذا ؛ لما ذكر البخاري رحمه الله في« صحيحه» كتابَ الفتن ؛ ابتدأه بقوله:« باب : قول الله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ..) , وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذّر من الفتن
وعن
أبو بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:( إنها سـتـكـون فـتن، ألا ثم تكون فتن، القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فـيـها خـيـر مـن الساعي إليها ، ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كان له أرض فليلحق بأرضه. "قال : فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال: "يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ، ثم لينجو إن استطاع النجا . اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت؟ قال: فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت أن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفـيـن أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه ، أو يجيء سهم فيقـتـلنـي ؟ قـال: يبوء بإثمه وإثمك ، ويكون من أصحاب النار)(1) .
ويروي أبو موسى الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: (إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ، ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كــافــراً، الـقـاعـد فـيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم ، واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن دخل على أحدكم فليكن كخير ابنيّ آدم)(2) .
وبيّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمسلم ما يفعله عند وقوع الفتن وهو الإكثار من العبادة وذلك في قوله :(العبادة في الهرج كهجرة إليّ) (3).
ولم يقتصر تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتن على توجيهات تكف المـسـلـم عن المشاركة فيها بالسيف ، أو على الفرار منها بل نجد إلى جانب ذلك تحذيراً من دعاة الفتنة الذين يدعون الناس إلى النار ، ونجد بياناً بصفاتهم حتى يحذرهم المسلم ، وأمـــراً نبوياً لطريق التعامل معهم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون فـتـن على أبوابها دعــــــاة إلى الـنـــار، فأن تموت وأنت عاض على جذع شجرة خير لك من أن تتّبع أحداً منهم)(4).

وجاء في حديث آخر عن حذيفة فيه شيء من التفضيل عن هؤلاء الدعاة : "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يكون دعاة على أبواب جهنّم من أجابهم إليها قذفوه فيها . قلت يا رسول الله ، صفهم لنا . قال : هم قوم من جلدتنا ، يتكلمّون بألسنتنا . قلت فما تأمرني أن أدركني ذلك ؟ قال فألزم جماعة المسلمين وإمامهم ، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك)(5
)
».
ولكن ولتبيان الحق فانا لا انهى عن رد الصائل المعتدى على المسلمين واعراضهم ولو كان يدعى الاسلام ولا عن رد الباغى
وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصر الحق وقتال الباغين، وكذا قال النووي وزاد: أنه مذهب عامة علماء الإسلام، واستدلوا بقوله تعالى: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9].



ولما وقعت الفتنة في عهد الصحابة رضي الله عنهم اشتبهت على بعض الناس وتأخر عن المشاركة فيها بعض الصحابة من أجل أحاديث الفتن كسعد ابن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وجماعة رضي الله عنهم ولكن فقهاء الصحابة الذين كان لهم من العلم ما هو أكمل قاتلوا مع علي لأنه أولى الطائفتين بالحق وناصروه ضد الخوارج وضد البغاة الذين هم من أهل الشام لما عرفوا الحق وأن عليا مظلوم وأن الواجب أن ينصر وأنه هو الإمام الذي يجب أن يتبع وأن معاوية ومن معه بغوا عليه بشبهة المطالبة بقتل عثمان.
فليس معنى اجتناب الفتن ان لا نرد البغى والظلم عن انفسنا واعراضنا واموالنا والا نأخذ على يد الظالم لنعيده الى صوابه والى جادة الطريق وليس معنى الاعتزال ايضا عدم القيام بواجب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر بدعوة اجتناب الفتن فمن الخطير ترك هذه الفريضة بدعوى اجتناب الفتن
اسأل الله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
والله الموفق والمستعان