"عندك" قبل "الجنة"


محمد رشيد العويّد

أرأيتم إلى الزوجة المحبة لزوجها وهي تقول له: أسكن حيثما تسكن، المهم أن أكون معك.
وأرأيتم إلى الجار الذي يخاطب جاره وقد نوى الانتقال من بيته إلى بيتٍ آخر: جوارك غالٍ عندي.. ولا يمكن أن أبقى في بيتي بعد رحيلك.. فقل لي أين بيتك الجديد لانتقل إلى جوارك.
ألا يذكركم هذا بالمثل: الجار قبل الدار؟
لقد دعت آسية، زوجة الطاغية الكافر فرعون، دعت ربها أن يبني لها بيتاً، ولكن أين هذا البيت؟ لا شك في أنه في الجنة، ولكن المهم قبل كونه في الجنة أن يكون عند الله سبحانه: {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأت فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمينْ} [التحريم: 11].
لقد قالت آسية {رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة} فقدَّمت "عندك" على "في الجنة" تأكيداً على أن كون البيت عنده سبحانه أهم من كونه في الجنة ومقدم عليه، يقول الرازي: "طلبت القرب من رحمة الله، ثم بيّنت مكان القرب بقولها في الجنة، وأرادت ارتفاع درجتها في جنة المأوى التي هي أقرب إلى العرش".
وتبقى وشوشة في آذانكم، قراءنا الكرام: قدموا رضاء الله على كل شيء يمنحكم ربكم كل شيء.