مُنَمْنَماتٌ عَلى جُدْرانِ الْمَجالِسِ الْعَربيَّةِ=4
انْتَزَعَها الدُّكْتورُ مُحَمَّدْ جَمالْ صَقْرْ
1
حُلَّةُ الشِّعْرِ
" الْغِناءُ حُلَّةُ الشِّعْرِ ، إِنْ لَمْ يُلْبَسْها طُوِيَتْ ، وَمُحالٌ أَنْ يُحْرَمَ الشِّعْرَ - هكذا ، وصوابها " الشِّعْرُ " - مَنْ يُحِلُّ الْغِناءَ بِه " .
عن ابن رشيق في " العمدة "
2
شَرَفُ اللُّصوصيَّةِ
" حَدَّثَني إِسْحاقُ الْمَوْصِليُّ عَنِ السَّعيديِّ خالِدِ بْنِ سَعيدٍ مِنْ وَلَدِ سَعيدِ بْنِ الْعاصِ ، قالَ :
كانَ الْأَخْطَلُ يَقولُ :
نَحْنُ - مَعاشِرَ الشُّعَراءِ - أَسْرَقُ مِنَ الصّاغَةِ " !
عن المرزباني في " الموشح "
3
إِعْرابُ النَّجاةِ
" لَمّا قالَ - عُتْبانُ الْحَروريُّ الشّاميُّ - :
فَإِنْ يَكُ مِنْكُمْ كانَ مَرْوانُ وَابْنُه وَعَمْرٌو وَمِنْكُمْ هاشِمٌ وَحَبيب
فَمِنّا حُصَيْنٌ وَالْبَطينُ وَقَعْنَبٌ وَمِنّا أَميرُ الْمُؤْمِنينَ شَــبيب
أُخِذَ ، فَأُتِيَ بِه هِشامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَقالَ لَه :
أَنْتَ الْقائِلُ : " وَمِنّا أَميرُ الْمُؤْمِنينَ شَبيب " ؟
فَقالَ مُوارِبًا : إِنَّما قُلْتُ : وَمِنّا - أَميرَ الْمُؤْمِنينَ - شَبيب .
فَتَخَلَّصَ بِهذِه الْمُوارَبَةِ اللَّطيفَةِ الَّتي لا تَزيدُ عَلى حَرَكَةٍ واحِدَةٍ " !
عن التبريزي في " الكافي "
4
سَقَطَ الْمُعاياةِ لا سَقَطَ الْعيِّ
" كانَ عامِرٌ يُقَدِّمُ جَريرًا ، وَيَحْتَجُّ عَلى الْفَرَزْدَقِ بِما عَقَّدَ فيهِ مِنْ شِعْرِه ، نَحْوُ قَوْلِه :
فَلَوْلا أَنَّ أُمَّكَ كانَ عَمّي أَباها كُنْتَ أَخْرَسَ بِالنَّشيدِ
وَمِثْلُ قَوْلِه :
فَما مِثْلُه في النّاسِ إِلّا مُمَلَّكًا أَبو أُمِّه حَيٌّ أَبوهُ يُقارِبُهْ
وَأَشْباهِ ذلِكَ ؛ فَقالَ كردينُ : أَنْتَ - يا أَخي - لا تَعْقِلُ ، سَقَطُ الْفَرَزْدَقِ شَيْءٌ يَمْتَحِنُ فيهِ الرِّجالُ عُقولَها حَتّى يَسْتَخْرِجوهُ ، وَسَقَطُ جَريرٍ عيٌّ ، نَحْوُ قَوْلِه :
وَالتَّغْلَبيُّ جِنازَةُ الشَّيْطانِ " !
عن المرزباني في " الموشح "
5
أَرْزاقُ الْحَمْقى
" أَخْبَرَني يوسُفُ بْنُ يَحْيى بْنِ عَليٍّ الْمُنَجِّمُ ، عَنْ أَبيهِ ، قالَ :
أَكْثَرُ الْأَشْعارِ السّاذَجَةِ الْبارِدَةِ تَسْقُطُ وَتَبْطُلُ ، إِلّا أَنْ تُرْزَقَ حَمْقى ، فَيَحْمِلونَ ثِقْلَها ، فَتَكونُ أَعْمارُها بِمُدَّةِ أَعْمارِهِمْ ، ثُمَّ يَنْتَهي بِها الْأَمْرُ إِلى الذَّهابِ ؛ وَذلِكَ أَنَّ الرُّواةَ يَنْبِذونَها فَتَبْطُلُ . قالَ الشّاعِرُ - دِعْبِلُ بْنُ عَليٍّ الْخُزاعيُّ - :
يَموتُ رَديءُ الشِّعْرِ مِنْ قَبْلِ أَهْلِه وَجَيِّدُه يَبْقى وَإِنْ ماتَ قائِلُهْ " .
عن المرزباني في " الموشح "
6
اغْتِرارُ النَّظْمِ
" حَدَّثَنا أَبو عُبَيْدَةَ ، قالَ : لَمّا أَنْشَدَ الرّاعي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوانَ قَصيدَتَه - اللّاميَّة - فَبَلَغَ قَوْلَه :
أَخَليفَةَ الرَّحْمنِ إِنّا مَعْشَرٌ حُنَفاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصيلا
عَرَبٌ نَرْى لِلّهِ في أَمْوالِنا حَقَّ الزَّكاةِ مُنَزَّلًا تَنْزيلا
فَقالَ - هكذا ، والصواب " قالَ " - عَبْدُ الْمَلِكِ : لَيْسَ هذا شِعْرًا ؛ هذا شَرْحُ إِسْلامٍ وَقِراءَةُ آيَةٍ " !
عن المرزباني في " الموشح "
7
غُرورُ الصَّخَبِ
" حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ الْبَصْريُّ الْمَعْروفُ بِعَسَلٍ ، قالَ : سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ أَصْبَهانَ يَقولُ : سَمِعْتُ أَبا نُواسٍ يَقولُ :
لَوْ كانَ شِعْري كُلُّه يَمْلَأُ الْفَمَ ما تَقَدَّمَني أَحَدٌ " !
عن المرزباني في " الموشح "
8
لُغَةُ اللِّحْيَةِ
" حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلّامٍ ، قالَ :
كانَ الْمَهْديُّ يَقْعُدُ لِلشُّعَراءِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ شاعِرٌ ضَعيفُ الشِّعْرِ طَويلُ اللِّحْيَةِ ، فَأَنْشَدَه مَديحًا لَه ، فَقالَ فيهِ : " وَجَوارٍ زَفِراتٍ " ؛ فَقالَ الْمَهْديُّ :
أَيُّ شَيْءٍ " زَفِراتٍ " ؟
فَقالَ : وَلا تَعْلَمُه أَنْتَ ، يا أَميرَ الْمُؤْمنينَ !
قالَ : لا !
قالَ : فَأَنْتَ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ وَسَيِّدُ الْمُسْلِمينَ وَابْنُ عَمِّ رَسولِ رَبِّ الْعالَمينَ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ ! - لا تَعْرِفُه ، أَعْرِفُه أَنا ؟
فَقالَ لَه الْمَهْديُّ :
يَنْبَغي أَنْ تَكونَ هذِه الْكَلِمَةُ مِنْ لُغَةِ لِحْيَتِكَ " !
عن المرزباني في " الموشح "
9
اغْتِصابُ الْآذانِ
" أَخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى عَنْ أَبي الْعَيْناءِ ، قالَ : عَرَضَ رَجُلٌ عَلى الْأَصْمَعيِّ بِبَغْدادَ شِعْرًا رَديئًا ؛ فَبَكى الْأَصْمَعيُّ ، فَقيلَ لَه :
ما يُبْكيكَ ؟
قالَ : يُبْكيني أَنَّه لَيْسَ لِغَريبٍ قَدْرٌ ؛ لَوْ كُنْتُ بِبَلَدي بِالْبَصْرَةِ ، ما جَسَرَ هذا الْكِشْخانُ ( الدَّيّوثُ ) أَنْ يَعْرِضَ عَلَيَّ هذا الشِّعْرَ ، وَأَسْكُتَ عَنْهُ " !
عن المرزباني في " الموشح "
10
فَحيحُ الْحاءِ
" حَدَّثَنا أَبو الْعَيْناءِ ، قالَ : أَنْشَدَ إِسْحاقُ الْمَوْصِليُّ الْأَصْمَعيَّ قَوْلَه في غَضَبِ الْمَأْمونِ عَلَيْهِ :
يا سَرْحَةَ الْماءِ قَدْ سُدَّتْ مَوارِدُه أَما إِلَيْكِ طَريقٌ غَيْرُ مَسْدودِ
لِحائِمٍ حامَ حَتّى لا حِيامَ بِه مُحَلَّأٍ عَنْ طَــريقِ الْماءِ مَطْرودِ
فَقالَ الْأَصْمَعيُّ : أَحْسَنْتَ في الشِّعْرِ ، غَيْرَ أَنَّ هذِه الْحاءاتِ لَوْ اجْتَمَعَتْ في آيَةِ الْكُرْسيِّ لَعابَتْها " !
عن المرزباني في " الموشح "
11
أَكْلَةُ شِعْرٍ
" سَمِعَ الْأَصْمَعيُّ مُنْشِدًا يُنْشِدُ :
فَما لِلنَّوى جُدَّ النَّوى قُطِعَ النَّوى كَذاكَ النَّوى قَطّاعَةٌ لِلْقَرائِنِ
فَقالَ : لَوْ قُيِّضَ لِهذا الْبَيْتِ شاةٌ لَأَتَتْ عَلَيْهِ " !
عن ابن الشجري في " الأمالي "