قال الحافظ ابن الصلاح في طبقات الفقهاء الشافعية :
أحمد بن محمد الإمام أبو العباس الديبلي الفقيه الشافعي الزاهد الخياط

سكن مصر ، وذكره أبو العباس النسوي في كتابه ، وذكر أنه كان فقيها جيد المعرفة بالفقه على مذهب الشافعي ، وكان قوته وكسوته من خياطته ، كان يخيط قميصا في جمعة بدرهم ودانقين . وكان طعامه وكسوته منها في غلاء ورخص ، ما ارتفق من أحد بمصر بشربة ماء ، وكان يرجع إلى أحوال حسنة : الزهد ، والتقشف ، ولبس الخشن ، وأكل الجشب ، وحفظ اللسان ، ما حفظ عليه أنه ذكر إنسانا قط بنقص ، ولا ترك أن يذكر عنده . وكان سليم القلب ، كثير الاجتهاد ؛ صوما دائما ، ودرسا للقرآن دائما ، يخيط بالنهار ، ويدرس القرآن قراءة جيدة ، وكان يقرأ لعاصم رواية أبي بكر ، فإذا أمسى صلى المغرب ونظر في ' كتاب ' الربيع والفقه إلى بعد العشاء . قلت : ' الأم ' يسمى ' كتاب ' الربيع . قال أبو العباس : ثم يفطر على شيء يسير ، وكان مكاشفا ؛ ربما يخبر بأشياء فتوجد كما يقول ، وكان مقبولا عند الموافق والمخالف ، حتى كان أهل الملل يستسقون به ويتبركون بدعائه .
ذكر ذلك عنه أبو العباس النسوي في كتابه . قال : واعتل علته التي توفي فيها ، وتوليت خدمته ، فشهدت منه أحوالا سنية في علته ، وسمعته يقول : كل ما ترى علي الذي أعطيت بركة شيئين ؛ القرآن والفقه . وقال : قال لي : يا أبا العباس ، قيل لي : إنك تموت ليلة الأحد ، وكذا كان . قال : وما كان يصلي صلاته إلا في جماعة ، فكنت أصلي به ، فصليت به المغرب ليلة الأحد ، فقال لي : تنح ، فإني أريد أن أجمع بين صلاتين ، لا أدري أيش يكون مني ، فجمع بين الصلاتين ، وركع ، وأوتر ، ثم أخذ في السياق وهو حاضر معنا إلى نصف الليل ، فقمت وطرحت نفسي ساعة ، ثم رجعت إليه ، فلما رآني قال لي : أي وقت هو ؟ قلت : قرب الصبح ، قال : حولوني إلى القبلة ، وكان معي أبو سعد الهروي الماليني ، فحولناه إلى القبلة ، فأخذ يقرأ ، فقرأ مقدار خمسين آية ، ثم خرجت روحه . مات سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة ، أحسبه في رمضان . قال : وكانت جنازته شيئا عجيبأ ، ما بقي بمصر أحد من أهلها ومن المغاربة من أولياء السلطان إلا صلوا عليه رضي الله عنه . وذكر القضاعي أن قبره ومسجده هناك مشهوران . قال : وكانت له كرامات مشهورة .أهـ

وكذا ذكره الحافظ ابن كثير أيضا في طبقات الفقهاء الشافعيين ، ثم قال :
وذكره ابن الصلاح في الطبقات فذكر نحو ما تقدم، والله أعلم.أهـ
وذكره كذلك الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام ، وترجم له بنحو ما سبق.