أخطاء رسم القلم < دِلالةً ، ومبنىً ، ومعناً > ..

الخطأ والنقص صفاتٌ لازمةٌ ، لا ينجو منها أحدٌ من البشر، عدا الأنبياء والمرسلين المعصومين عليهم الصلاة والسلام ..

وما حُـبَّـرَ كتابٌ ، ولا سُطِّـرَ كلامٌ ، ورُقِـمَ كاغدٌ ؛ إلا وُجِدَ فيه من الغلط في الرسم والمعنى والدِّلالة ، وغير ذلك من مقاصد صنعة التأليف .. لكنَّ الناظر الكريمَ يستر وينصح ، ويبن بعلم ، وحسن قصد ، وغيرَه يهتك ويعيِّر!! ..

قال الإمام الشافعي - رحمه الله - :
( لقد ألفتُ هذه الكتب ، ولم آلُ فيها ، ولا بدَّ أنْ يوجد فيها الخطأ ، لأن الله تعالى يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب والسنة ، فقد رجعت عنه) ..

وقال بعضهم :
كـمْ من كتــابٍ تصفحـتُه ... وقلـتُ في نفسـي أصلحتُـه
حتـى إذا طالعـــتُه ثانـياً ... وجدتُ تصــحيفاً فصحــــحتُه

والعلامة ابن عبد القدوس النيسابوري - رحمه الله - يخبرنا بحقيقة مسطرة ، عُلمت عند أهل الدارية باستقراء رصف التأليف ، وجمع الكلام المرقوم ، يقول - :
( لا أعلم في الدنيا كتاباً سلم إلى مؤلفه ولم يتـتبعه من يلـيه ) ..

ومن مشهور القول ، ما قاله القاضي الفاضـل عبد الرحيم بن علي البيساني - رحمه الله -
( إني رأيتُ أنه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يوم إلاَّ قال في غده: لو غير هذا لكان أحسـن ولو زيد كذا لكان يُـسْـتَحسن ،ولو قدّمَ هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل وهذا من أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر ) .

وقد أحسن القائل :
ما خَطَّ كَف امرئٍ شيئاً وراجعَه ... إلاَّ وعنَّ له تبــــديلُ ما فــيـــه
وقـــال ذاك كـذا أولى وذاك كذا ... وإنْ يكن هكــذا تَسْمو مَعـانيه

قال حسن الحملي - غفر الله له ، ولجميع المسلمين - :

وهكذا هي صنعة التأليف ، ورسم بيان القلم .. : نتائج أفكاره على اختلاف القرائح لا تتناهى، والكاتب ينفق على قدر سعته ، لا يكلف الله نفساً إلاَّ ما آتاها .. وكل كاتب ليس مبرأ من الخطأ إلاّ من وقى الله وعصم ، والكتاب المرقوم ، حاله كحــال كالمكلَّف لا يسـلم من المؤاخذة ، ولا يرتفع عنه القلم ..
فمن وقف من الناظرين على سهو أو خطأ فأصلحه عاذراً لا عاذلاً ، ومنيلاً لا نائلاً .. بضابط دراية العلم ، وحجة البيان الـمُـرَجِّـح ، وحسن القصد ، فله أجر نُصحه وقصده .. والله يرعاكم أجمعين ..

حسن بن محمد الحملي.