محسن عبد المعطي عبد ربه
عُصْفُورَةٌ تَقِفُ عَلَى شَجَرَةٍ جَمِيلَةْ .
فُرُوعُهَا وَأَوْرَاقُهَا مُسْتَقِيمَةْ وَمُنْتَظِمَةْ .
هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ عَنْهَا وَلَكِنَّهَا طَارَتْ.
نَظَرْتُ إِلَى النَّخْلَةِ الْمُجَاوِرَةْ .
وَجَدْتُ بَعْضَ الْعَصَافِيرِ تَخْتَبِئُ فِيهَا وَتَسْتَظِلُّ بِأَوْرَاقِهَا .
وَنَظَرْتُ إِلَى تِلْكَ النَّخْلَةِ عِدَّةَ مَرَّاتْ .
حَزِنْتُ وَتَأَلَّمْتُ مِنْ أَجْلِهَا .
فَهِيَ نَخْلَةٌ عَقِيمٌ لَا تَطْرَحُ الْبَلَحَ الْأَحْمَرَ أَوِ الْأَخْضَرَ أَوِ الْأَصْفَرَ أَوِ الْبُنِّيَّ أَوِ الْأَسْمَرْ .
فَهِيَ نَخْلَةٌ لِلتَّمَتُّعِ بِمَنْظَرِهَا .
لِلزِّينَةِ فَقَطْ .
وَقُلْتُ - فِي نَفْسِي-: لَيْسَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ هِيَ الْعَقِيمَةُ وَحْدَهَا .
فَنُفُوسُ الْكُفَّارِ عَقِيمَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَهْتَدِي إِلَى الْحَقْ .
ومظلمة لِأَنَّهَا لَا تَرَى النُّورْ .
بَلْ حَبَسَتْ نَفْسَهَا فِي الظُّلُمَاتِ لِأَجَلٍ غَيْرِ مُحَدَّدْ .
طَارَتْ الْعَصَافِيرُ مَرَّةً أُخْرَى وَأَوَتْ إِلَى النَّخْلَةْ .
تَمَاماً كَمَا يَأْوِي الطِّفْلُ إِلَى بَيْتِهْ .
فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهْ .
إِنَّ لِنَخْلَةِ الزِّينَةِ فَوَائِدَ لَمْ يَتَخَيَّلْهَا ذِهْنِي بَعدْ .
فَالْعَصَافِيرُ تَلْعَبُ عَلَيْهَا كَمَا يَلْعَبُ اللَّاعِبُونَ عَلَى اسْتَادِ الْقَاهِرَةِ مَثَلاً .
اِسْتَرَاحَ قَلْبِي مِنْ هَذَا الْمَنْظَرِ الْجَمِيلْ .
وَكَانَ مُتْعَباً وَصَفَتْ نَفْسِي وَكَانَتْ مُتَعَكِّرَةْ وَانْعَدَلَ مَزَاجِي وَكَانَ مُتَعَكِّراً سَيِّئاً وَشَعَرْتُ بِالدِّفْءِ وَكُنْتُ بَرْدَاناً وَأَحْسَسْتُ بِالْأَمَانِ وَكُنْتُ خَائِفاً وَشَعَرْتُ بِرَاحَةِ الْبَالِ وَكُنْتُ حَيْرَانَا .
يَا اَللَّهْ!!!
نِعَمُكَ عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى .
وَلَكِنَّنَا لَا نُؤَدِّي الشُّكْرَ الْوَاجِبَ تِجَاهَ الْمُنْعِمِ وَنَجْحَدُ فَضْلَهْ ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، إن الإنسان لظلوم كفار ) 34 سورة إبراهيم.