قال العلامة ابن القيم _رحمه الله_:" وَلِلَّهِ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ هِجْرَتَانِ, وَهُمَا فَرْضٌ لَازِمٌ لَهُ عَلَى الْأَنْفَاسِ:
1_ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ، وَالْإِنَابَةِ وَالْحُبِّ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْعُبُودِيَّ ةِ.
2_ وَهِجْرَةٌ إِلَى رَسُولِهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: بِالتَّحْكِيمِ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، وَالِانْقِيَادِ لِحُكْمِهِ، وَتَلَقِّي أَحْكَامِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مِنْ مِشْكَاتِهِ, فَيَكُونُ تَعَبُّدُهُ بِهِ أَعْظَمَ مِنْ تَعَبُّدِ الرَّكْبِ بِالدَّلِيلِ الْمَاهِرِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ، وَمَتَاهَاتِ الطَّرِيقِ.
فَمَا لَمْ يَكُنْ لِقَلْبِهِ هَاتَانِ الْهِجْرَتَانِ فَلْيَحْثُ عَلَى رَأْسِهِ الرَّمَادَ, وَلْيُرَاجِعِ الْإِيمَانَ مِنْ أَصْلِهِ, فَيَرْجِعَ وَرَاءَهُ لِيَقْتَبِسَ نُورًا، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَيُقَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الصِّرَاطِ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ, وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ(1 ).
_____________
(1 ) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: (ج3_ص326).