03-12-2013 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
ورغم ذلك التقارب والصداقة بين اليهود والنصارى منذ ظهور البروتستانت, والذي توج بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين, إلا أن بعض أنصار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ما يزال ينكر انتساب بعض الطوائف -ذات الصفات والمظاهر اليهودية- للمسيحية, كما حصل مع الطائفة السبتية, التي تقول بأنها طائفة مسيحية بروتستانتية, إلا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تنكر ذلك الانتساب وتضفي على الطائفة النحلة اليهودية.


رغم أن العلاقة بين اليهود والنصارى في الأصل والواقع والحقيقة هي علاقة صراع وعداوة, يشهد بذلك تاريخ الطائفتين الذي لم تجف منه الدماء, وقد ذكر الله تعالى شيئا من تلك العداوة بقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} البقرة/113
إلا أن نشوء حركة الإصلاح الديني النصراني على يد مارتن لوثر في القرن السادس عشر, الذي ثار على اضطهاد الكنيسة واحتكارها لفهم وتفسير الكتاب المقدس, ليرفع وصاية الكنيسة على الناس, ويجعل فهم وتفسير الكتاب المقدس للجميع, مما عرف فيما بعد (البرتستانت) قد كانت سببا في استفادة اليهود التاريخية من تلك الحركة لتحويل العداوة التاريخية إلى صداقة.
ورغم ذلك التقارب والصداقة بين اليهود والنصارى منذ ظهور البروتستانت, والذي توج بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين, إلا أن بعض أنصار الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ما يزال ينكر انتساب بعض الطوائف -ذات الصفات والمظاهر اليهودية- للمسيحية, كما حصل مع الطائفة السبتية, التي تقول بأنها طائفة مسيحية بروتستانتية, إلا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تنكر ذلك الانتساب وتضفي على الطائفة النحلة اليهودية.
فمن هي الطائفة السبتية؟؟ وما هي أهم عقائدها وأفكارها؟؟ ولماذا ينكر الأقباط الأرثوذكس انتساب هذه الطائفة للمسيحية؟؟ وما هو رد الطائفة السبتية على اتهامها بأنها يهودية؟؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا التقرير.
التعريف :
الطائفة السبتية: هي طائفة بروتستانتية ألفية ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن التاسع عشر, تؤمن بقرب المجيء الثاني للمسيح الذي يؤمن به الإنجيليون, تعرف تاريخيا باسم الأدفنست التي تعني المجيئيون, وقد عرفوا سابقا بالميليريون نسبة لوليم ميلر مؤسس هذه الطائفة, وسميت بالسبتية نظرا لتقديسهم يوم السبت وجعله يوم راحتهم بدلا من يوم الأحد المعروف عند الطوائف النصرانية.
هناك مجموعات مختلفة من الأدفنست كالأدفنست الإنجيليون وكنيسة الأدفنست المسيحية, ولكن أكبر مجموعات الأدفنست هي مجيئيو اليوم السابع, والتي أسست بين عامي 1844–1855 بفضل جهود الوعاظ: جوزيف باتيس وجيمس وإيلين, وهم جميعا مواطنون أمريكيون, وقد نالت هذه الجماعة اعتراف الولايات المتحدة عام 1863م.
يربو تعداد الأدفنتست اليوم على أكثر من 16 مليون شخص, يتوزعون في مختلف أنحاء العالم، ولكن تبقى الولايات المتحدة الأمريكية مركز ثقلهم الرئيسي, ولهم معاهد لاهوتية ومراكز وإرساليات ووسائل إعلام مختلفة.
المؤسس وأبرز الشخصيات
وليم ميلر (1782- 1849): مؤسس الطائفة السبتية الذي ولد في الولايات المتحدة الأمريكية في 15/فبراير شباط عام 1782م, في ولاية مساتشوستس, واعظ معمداني وعمل سابقا كضابط في الجيش الأمريكي, عكف على دراسة الكتاب المقدس مدة عامين 1816-1818 خرج منها بقوله: إن نهاية العالم سوف تكون في عام 1843م, وهي دراسة مؤسسة على ما ورد في نبوءات دانيال النبي.
كان وليم ميلر وأتباعه قد صرحوا بأن المسيح سيوف يعود للأرض بين تاريخي (21 مارس/آذار 1843 و 21 مارس/آذار 1844)، وذلك بحسب تفسيراتهم الخاصة لتنبؤات وردت في سفر دانيال (دانيال 8: 14 و 9: 24- 27)، وأعلنوا بأن المسيح سوف يقوم عند مجيئه بتفريق القديسين من الخطاة وسيملك على العالم مدة ألف عام.
وقد اعتقد ميلر بأن الأسابيع المذكورة في نص السفر هي رمز لسينين، أي أن كل أسبوع مذكور في النبوة يساوي سبع سنين, وهكذا تكون المدة من إعادة بناء أورشليم 457 ق.م إلى تلك الأحداث المذكورة 490عاما، وتقول النبوة (إلى ألفين وثلاث مئة صباحا ومساءً فيتبرأ القدس) (دا 8: 14) أي ما يعادل 2300 سنة طرح منها ميلر 490 فكان الناتج 1810 زائد 33 -وهو التاريخ المقترح لصلب المسيح- فيصبح الرقم بذلك 1843 وهو العام الذي اقتنع ميلر وأتباعه بأنه موعد قدوم المسيح الثاني.
وقد بدء ميلر بالتبشير بأفكاره هذه عام 1831، حيث راح ينتقل من مكان إلى آخر في الولايات المتحدة يعلن قرب مجيء المسيح، ووصل إلى مدينة بورتلاند بين عامي 1840 و 1842 حيث انضمت إلى جماعته عائلة إيلين وايت.
ولكن عندما انتهت المدة المعينة ولم يحدث شيء تخلى عن ميلر الكثيرين، ولكن في شهر أغسطس/آب من عام 1844 أعلن أحد أتباع ميلر وهو صموئيل سنو عن موعد آخر لمجيء المسيح, وذلك في اليوم الذي يعرف بيوم الكفارة العظيم في الشهر السابع اليهودى، أي 22 أكتوبر/تشرين الأول 1844، فقام المجيئيون ببيع ممتلكاتهم وتخلوا عن أعمالهم ووظائفهم وارتدوا ثيابا بيضاء وخرجوا إلى المرتفعات مرنمين لاستقبال المسيح، ومرة أخرى كانت خيبة أمل الأدفنتست كبيرة عندما لم يأت المسيح في الوقت المحدد ووصفوا ذلك اليوم بيوم الإحباط العظيم.
ولكن ميلر وأتباعه تداركوا الموقف وأعلنوا في المؤتمر الذي عقدوه في عام 1845 بأن مجيء المسيح الثاني قد تم فعلا بشكل سري, فقد انتقل من القدس السماوي إلى قدس الأقداس لكي يبدأ الكفارة النهائية للخطاة, وكان ذلك الإعلان نتيجة لرؤيا ادعت إيلين وايت بأن الله قد كشفها لها في يناير/كانون الثاني من ذلك العام.
أهم الأفكار والعقائد
من أهم عقائد مجيئيو اليوم السابع: الإيمان بقرب المجيء الثاني للمسيح, وحفظ يوم السبت وتقديسه كيوم راحة للرب بدل يوم الأحد, التشديد على حرفية الكتاب المقدس, والمعمودية بالتغطيس بالماء, والامتناع عن تناول اللحوم والمواد المخدرة والمنبهة.
كما يتمسك السبتيون بالعقائد العامة للبروتستانتية: كالثالوث والولادة من العذراء والكفارة والخلاص بالإيمان, والخطيئة الأصلية وقيامة الوتى والدينونة الأخيرة, وقد جاء في كتاب (مجيئيو اليوم السابع – أسئلة حول العقيدة) والذي صدر عام 1957م تلخيص لعقائد الأدفنتست العامة التي تتوافق بشكل عام مع عقائد المسيحية البروتستانتية, ومن أهم هذه العقائد:
1- الله الثالوث مؤلف من الأب والمسيح الإبن والروح القدس.
2- الكتب المقدس هو وحي الله المعطى للبشر وهو مصدر الإيمان الرئيسي.
3- يسوع كلي الألوهية وهو كان موجودا مع الأب منذ الأزل.
4- الروح القدس أقنوم قائم بذاته ويتشارك صفات الألوهية مع الأب والابن.
5- كفارة المسيح قدمها بموته مرة واحدة لخلاص جميع البشر.
6- الخلاص هو بالنعمة بالإيمان بدم المسيح فقط.
ومع هذه العقائد المتوافقة مع المسيحية البروتستانتية هناك أفكار وعقائد تختص بالطائفة السبتية (الأدفنتست) ومن أهم هذه العقائد الخاصة:
1- يؤمنون أن ميخائيل هو اسم ملاك مذكور بالكتاب المقدس وهو من ألقاب المسيح, أو أنه أحد ظهوراته في العالم, وهم لا يعنون بذلك أن المسيح مخلوق, فهو بحسب عقيدتهم بدون بداية كائن مع الأب منذ الأزل.
2- يقدسون يوم السبت بدلا من يوم الأحد, وذلك استنادا لرؤية إيلين وايت بأنها شاهدت فيها الوصية الرابعة من الوصايا العشر وفيها: (اذكر يوم السبت لتقدسه) تلمع بنور باهر.
3- يؤمنون بأن السيد المسيح كان يحمل الميل لفعل الخطيئة ولكنه قاوم هذا الميل ولم يقع بالتجربة.
4- يؤمنون أن الملكوت أرضي وأن السماء ليست للبشر.
5- يؤمنون بثلاث مجيئات للسيد المسيح.
6- يؤمنون بأن إيلين وايت نبية ورسولة من الله, وهي معادلة لرسل المسيح الاثنا عشر, وبأن جميع رؤاها كانت رسالة موجهة من السماء للبشر وهي تعادل قدسية أسفار الكتاب المقدس.
7- يؤمنون بفناء الأشرار لا بعذابهم.
8- لا يؤمنون بالكهنوت ولا بالشفاعة ولا بكثير من الأسرار الكنسية.
موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من هذه الطائفة
نظرا لتلك العقائد الخاصة الآنفة الذكر للطائفة السبتية (الأدفنتست) فقد أنكرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية انتماء هذه الطائفة للمسيحية, ويعتبرونها طائفة منحرفة تنطلق من عقائد يهودية, وقد جاء ذلك على لسان المجمع المقدس للكنيسة القبطية الذي جاء فيه:
(قرر المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية رسميا برئاسة صاحب القداسة البابا شنودة الثالث فى جلستة المنعقدة فى يوم السبت 17 يونيو سنة 1989م اعتبار أن طائفتي (السبتيين وشهود يهوه) هم طوائف غير مسيحية، لا نعترف بهم كمسيحيين, ولا نعترف بترجمات الكتاب المقدس الخاص بهم، وحذّر المجمع المقدس من حضور اجتماعاتهم، أو دخولهم إلى بيوت الأقباط الأرثوذكس مثل سائر الهراطقة والمبتدعين).
كما جاء ذلك في بيان الآباء البطاركة, فى اللقاء الثانى لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية فى الشرق الأوسط، والذى انعقد فى دير مار أفرام السريانى بمعرة صيدنايا بسورية فى المدة من 10- 12 فبراير 1999، وتحت بند الحوارات اللاهوتية للبيان المشترك الذى وقع عليه البطاركة الثلاث: قداسة البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والبطريرك إغناطيوس زكا عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا، ذكر الآتى تحت عنوان الحوار مع الأدفنتست :
(تسلمنا إقتراحا من الأدفنتست أن نبدأ حوارا لاهوتيا, ونحن نعتبر أنه ليس من المناسب أن نستجيب لهذه الدعوة, أولا لأن الإيمان الذى يعتنقه الأدفنتست لا يتفق مع التعاليم الرسولية للكنيسة, وثانيا تورطهم النشط فى عملية الاستلال (الخطف من الكنائس).
رد الطائفة السبتية على الكنيسة القبطية
فقد جاء في جريدة صوت الأمة المصرية في 16/10/2010م تحت عنوان :
طائفة «السبتيين» ترد علي البابا شنودة: ليس من حقك إخراجنا من المسيحية.. وقانون الأحوال الشخصية الذي وضعته عنصري.. وطائفتنا مصرية ومعترف بها من وزارة الداخلي , وجاء في الرد:
(الله يسامح البشر لكن البابا شنودة لا يسامحهم) قرر «السبتيون» الخروج عن صمتهم وتحدثوا إلي «صوت الأمة» ليكشفوا حقيقة العلاقة مع البابا, وأكدوا أنه كان يعترف بنا ويرسل إلينا برقيات تهنئة بالعيد، لكن الموقف تغير تماما عند إقرار قانون الأحوال الشخصية, والذي قرر فيه أننا لسنا أقباطا بل طائفة يهودية, وهو ما رفضته الطائفة في بيانها ردا علي البابا شنودة, وأكد البيان أن الأدفنست السبتيين طائفة دينية مسيحية معترف بها, ولها الحق في ممارسة شعائرها طبقا للنظام الأساسي المبين بلائحتها).
وأضاف البيان أن الطائفة معترف بها من وزارة الداخلية بالكتاب رقم 105 والذي يفيد بأنها مصرية ولوائحها تتفق ولوائح الكنيسة المصرية, ومن جانبه قال يسري يوسف نصيف المفوض العام للطائفة في مصر: إن قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي وضعه البابا شنودة بمساندة الطائفة الانجيلية والكاثوليكية اعتبرنا غير مسيحيين, مما يخالف الواقع والحقيقة, فنحن نؤمن بالسيد المسيح والكتاب المقدس, وكل ما يأخذونه علينا ويعتبروه خروجاً عن المسيحية هو تقديسنا ليوم السبت.
وأيا كان نسب هذه الطائفة نصرانيا أو يهوديا, فإنها عقيدة باطلة, وهي أبعد ما تكون عن الإسلام وما جاء في القرآن الكريم, من حقيقة السيد المسيح عيسى بن مريم النبوية, وتجرده من أي صفة إلهية, قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المائدة/116
ـــــــــــــــ ــــ
أهم مراجع التقرير:
موقع الكنيسة القبطية.
موقع كنيسة مجيئيو اليوم السابع.
كتاب: من هم الأدفنتست والرد على أهم عقائدهم الخاطئة.