19-11-2013 | د. بندر بن عبدالله الشويقي
هذا القول نهايته هدم الشريعة الإسلامية كلها، والاستغناء عنها بالآراء والأذواق الشخصية
يقول السائل :كيف نرد على العلمانيين وبعض التنويريين الذين يحتجون بقول الطوفي في تقديم المصلحة على النص .
وهل قال بذلك أصلا ، نرجو البيان

---------
حياك الله أخي الكريم.
في البداية لسنا في حاجة لرد الاحتجاج بقول الطوفي، لأن الحجة التي تناقش هي ما كان دليلاً شرعياً، مثل أدلة الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس. أما قول فلان وفلان ، فليس لأحدٍ أن يحتج به لأنه -فيما عدا مسائل الإجماع- ما من قولٍ إلا ويقابله قولٌ، بل أقوال. وقول الطوفي هذا أنكر سائر أهل العلم، فكيف يصح لمخالفنا أن يتمسك به، و يطالبنا بالجواب عنه، في حين لا يجد نفسه مطالباً أو ملزماً بأقوال سائر أهل العلم.

ثم إن قول الطوفي -كما يفسره العلمانيون- قول ساقطٌ لا يستطيع أحد أن يتمسك بإطلاقه. إذ مقتضاه أن كل من رأى المصلحة في شيءٍ، فإنه يفعله ولا يبالي بمخالفة أدلة الكتاب والسنة، ولا بمخالفة غيره له. فمن رأى المصلحة -مثلاً- في قتل نفس، أو سرقة مال، أو هتك عرض، أو حتى إبادة أمة كاملة، فإنه يجوز له الإقدام على ذلك كله، وليس لأحدٍ أن يعترض عليه بكتاب أو سنة أو إجماع. ولو رأينا المصلحة في قتل العلمانيين وقتل أهليهم معهم ومصادرة أموالهم . ولا عاقل يقول بهذا أبداً.

هذا القول نهايته هدم الشريعة الإسلامية كلها، والاستغناء عنها بالآراء والأذواق الشخصية مهما أنتجت من انتهاك للدماء والأموال المعصومة بنص القرآن والسنة. وهذا شر ظاهر، وباطل محضٌ. ومن عرف وأنصف، علم أن المصلحة تقتضي -أول ما تقتضي- إهدار قول الطوفي وإهماله حفظاً للشريعة، التي بها تصان الأنفس والحقوق.

هذا كله على فرض أن قول الطوفي كما يفهمه أولئك العلمانيون. وإلا فإن كلامه يحتاج إلى مزيد تدقيق ونظرٍ. والمصلحة عنده ليست هي المصلحة الدنيوية الصرفة. بل يدخل فيها مصالح الدين دخولاً أولياً.