بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه وبعد:
قال ابن أبي الدنيا: ثنا خالد بن خداش قال: ثنا صالح المرّي، عن جعفر بن زيد العبدي، عن أنس بن مالك قال:
"بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، إذ مر رجل، فقال بعض القوم: مجنونٌ ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنّما المجنونُ المقيمُ على المعصية، ولكن هذا رجلٌ مصابٌ ".
* رواه أبو بكر الشّافعي في "الغيلانيات"(379 ) ؛ قال: حدّثنا ابن أبي الدنيا
ومن طريق أبي بكر الشافعي، أخرجهُ :
- أبو موسى المديني في "ذكر ابن أبي الدنيا وحاله، وما وقع عاليا من حديثه"(21)
- والذّهبي في "تذكرة الحفّاظ-ترجمة ابن أبي الدنيا" 679/2
قلتُ: و للحافظ ابن أبي الدنيا "كتاب المجانين"..لم يصلنا -حسب علمي- فيغلب على الظن أنه رواه فيه
فإنه مظنته والله أعلم
* وقدْ تابع ابنَ أبي الدنيا عليه:
ابنُ مدّويه التّرمذيُّ- صدوق من شيوخ الترمذي-:
قال أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب النيسابوري (ت406هـ) في كتابه "عقلاء المجانين"(8):
حدّثنا أبو زكريا يحي بن عبد الله العنبري، قال:حدثنا أبو إسحاق حيان بن أحمد بن حيان البلخي قال:
حدثنا محمد بن مدويه الكرابيسي التّرمذي، قال: حدثنا خالد بن خداش، عن صالح المري، عن جعفر
ابن زيد العبدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى اله عليه وسلم في أصحابه إذ مرّ به رجلٌ، فقال بعض
القوم: هذا مجنون. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "هذا رجلٌ مصابٌ، إنّما المجنون المقيم على معصية الله عزّ وجلّ".
محمد بن علي بن شعيب بن عدي، أبو بكر السمسار -ثقة- :
قال أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس-كما في الغرائب الملتقطة منه لابن حجر(2618)-
أخبرنا عبدُوس حدثنا القاسم، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أحمد بن عبد الرحيم النسوي، حدثنا محمد بن علي بن شعيب بن عدي، حدثنا خالد بن خداش، عن صالح المري، عن جعفر بن زيد، عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل فقال رجل:هذا مجنون، فقال صلى الله عليه وسلم: المجنون المقيم على المعصية، ولكن هذا رَجُلٌ مُصَاب" (1)
أقولُ: حديث أنس حديثٌ حسنٌ !! وهو منكر
يشبه أن يكون من كلام بعض التابعين أو الصحابة (=المقاطيع أو الموقوفات)..
فجاء صالح المري -وقد شغله صلاحه،وغلبه زهده عن حفظ الحديث وإتقانه ..
حتى صار غالب ما يرويه لا يُوافَقُ عليه- فأسنده -توهّما-وجعله من قيل نبينا صلى اله عليه وسلم -غفلةً-..
وطفق يقص به في مسجد البصرة والعامة مشدوهون إليه كأن على رؤوسهم الطير من حسن
ما يعظهم به !! لكن ليس كل كلام حسن يصلح ويصح أن ينسب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم
* ويُروى مثل هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة.. ولا يُفرح به
رواه تمام في "فوائده" (713)=(1142-الروص البسّام)
- ومن طريق تمام أخرجه ابنُ عساكر في "تاريخه" 40/158-159 :
قال تمام:أخبرنا أبو حاتم عدي بن يعقوب بن إسحاق بن تمام الطائي، ثنا جدي لأمي محمد بن يزيد بن عبد الصمد، ثنا أبو إسحاق الصوفي
إبراهيم بن سيار من أهل بغداد سكن المصيصة ، ثنا محمد بن ربيعة ، عن إبراهيم(2) بن الفضل المخزومي ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة
قال: مر رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم ، بجماعة، فقال: "ما هذه الجماعة ؟ " قالوا: مجنونٌ !! قال :" ليس بالمجنون ، وَلكنّه مصابٌ ، إِنَّمَا الْمَجْنُونُ الْمُصَابُ "
- قال ابن عساكر: "كذا قال، وإنما هو -أي المجنون-المقيم على معصية الله عز وجل" اهـ
* قلتُ: وهذا منكر، غير محفوظ ، لا يُعرفُ من حديث سعيد المقبري، عن أبي هريرة
إنما يرويه إبراهيم بن الفضل المخزومي ،أبو إسحاق المدني .وهو منكر الحديث..قد تركه غير واحد
- قال الإمام البخاري: "إبراهيم بن الفضل أبو إسحاق المخزومي المدني؛ منكر الحديث عن سعيد المقبري " اهـ
وله غير ما حديث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ، استنكرها الأئمة، واستوحش منها النّقاد..ساق طرفا منها ابن عدي
- ثم قال: "وهذه الأحاديث التي أملَيْتُهَا معأحاديث سواها عن إبراهيم، عن المقبري، عن أبي هريرة،
مما لم أذكره، فكل ذلك غير محفوظ، ولم أر في أحاديثه أوحش منها، وإنما يرويه
إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، ومع ضعفه يكتب حديثه، وعندي أنه لا يجوز
الاحتجاج بحديثه، وإِبراهيم الخوزي عندي أصلح منه." انتهى
* وفي الباب حديث آخر عن أبي هريرة هو أوهى الثلاثة نرجئ الكلام عليه في المرة القادمة إن شاء الله تعالى.
________
(1) دلني عليه صاحبنا أبو القاسم البيضاوي حفظه الله
ملتقى أهل الحديث - عرض مشاركة واحدة - تخريح حديث المجنون من عصى الله
(2) عند ابن عساكر: " سليمان بن الفضل " وهو خطأ