باسم الله:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في هدي خير العباد (3/ 224):
ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة نجد، فخرج في جمادى الأولى من السنة الرابعة، وقيل: في المحرم يريد محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل: عثمان بن عفان، وخرج في أربعمائة من أصحابه. وقيل سبعمائة، فلقي جمعا من غطفان، فتواقفوا، ولم يكن بينهم قتال إلا أنه صلى بهم يومئذ صلاة الخوف، هكذا قال ابن إسحاق وجماعة من أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزاة، وصلاة الخوف بها، وتلقاه الناس عنهم وهو مشكل جدا، فإنه قد صح ( «أن المشركين حبسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غابت الشمس» ) .
وفي " السنن " و " مسند أحمد "، والشافعي رحمهما الله ( «أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعا» ) .
وذلك قبل نزول صلاة الخوف، والخندق بعد ذات الرقاع سنة خمس.
والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أول صلاة صلاها للخوف بعسفان....
ولا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وقد صح عنه أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع، فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، ويؤيد هذا أن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري شهدا ذات الرقاع كما في " الصحيحين " عن أبي موسى أنه شهد غزوة ذات الرقاع، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت.
وأما أبو هريرة ففي " المسند " و " السنن " أن مروان بن الحكم سأله: هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال: نعم، قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد.
وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهم وهما ظاهرا، ولما لم يفطن بعضهم لهذا ادعى أن غزوة ذات الرقاع كانت مرتين، فمرة قبل الخندق، ومرة بعدها على عادتهم في تعديد الوقائع إذا اختلفت ألفاظها أو تاريخها، ولو صح لهذا القائل ما ذكره، -ولا يصح- لم يمكن أن يكون قد صلى بهم صلاة الخوف في المرة الأولى لما تقدم من قصة عسفان، وكونها بعد الخندق، ولهم أن يجيبوا عن هذا بأن تأخير يوم الخندق جائز غير منسوخ، وأن في حال المسايفة يجوز تأخير الصلاة إلى أن يتمكن من فعلها، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد - رحمه الله - وغيره، لكن لا حيلة لهم في قصة عسفان أن أول صلاة صلاها للخوف بها، وأنها بعد الخندق. فالصواب تحويل غزوة ذات الرقاع من هذا الموضع إلى ما بعد الخندق بل بعد خيبر، وإنما ذكرناها هاهنا تقليدا لأهل المغازي والسير، ثم تبين لنا وهمهم، وبالله التوفيق.
أ.ه.
وتقدم الخندق على ذات الرقاع هو مذهب الإمام البخاري رحمه الله تعالى أيضا.

المطلوب إفادة ما لديكم -مع اتفاق أهل السير حسب علمي القاصر على تقدم ذات الرقاع على غزوة الخندق-.