تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

  1. افتراضي المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    ممَّا يحسُن بطالب العلم حين يتأهب لتحرير مواطن النزاع في مسائل الفقه إثر مطالعته لأمَّات كتب المذاهب الفقهية؛ أن يلجأ إلى الإفادة من مبحث: السبر والتقسيم؛ وذلك عند شروعه في فرز الأقوال، ونسبة المذاهب، وذكر اختيارات الفقهاء.

    وهذا المبحث: السبر والتقسيم؛ هو أحد مسالك إثبات العلة بالاستنباط؛ قال عنه الإمام الشنقيطي في مذكرته: (اطباق النظَّار على أن من أعظم طرق الحصر العقل والاستقراء؛ فالاستقراء من طرق الحصر قطعاً).

    وملخصهما:
    حصر الأوصاف: المعبر عنه بالتقسيم.
    وإبطال ما ليس صالحاً؛ ليتعين الوصف الباقي: المعبر عنه بالسبر.

    ومرادي من إيراد هذا المبحث؛ أن يشرع في إعماله الباحث حال قراءته عن مسألة ما، وذلك بحسب طريقته التي اختارها؛ فإن كان البحث في مذهب بعينه؛ فالأمر يسهل جداً؛ ويصير مكلفاً للذِّهن حين يجعله مقارناً بين المذاهب الأخرى.

    فعليه لا يخلو الباحث من أحد أمرين:
    الأول: بحث المسألة في مذهب بمفرده، بالنظر في كتبه المتقدمة والمتأخرة.
    الآخر: بحث المسألة في المذاهب الأخرى؛ كالأربعة مثلاً، وقد يزيد على ذلك اختيار المذهب الظاهري مثلاً؛ وبهذا يتَّسع البحث؛ للرجوع إلى مصادر عديدة؛ متغايرة في الطرح، متفاوتة في الأسلوب أيضاً.

    عندئذٍ: يبرز أهمية: السبر والتقسيم في فرز أقاويل أهل العلم -كما ذكرت آنفاً-، وكذلك التحقُّق من اختيار المذهب على تحرُّصٍ وعناية بمصطلحات كل مذهب؛ مع مراعاة اختلاف الكتب المتقدمة من المتأخرة في تصحيح نسبة المذهب وتقريره.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    بعض الطرق العملية، لسبر وتقسيم أقوال المذاهب الفقهية:

    وهذا أمرٌ واسع بحسب رغبة الباحث وراجع إلى اختياره؛ وفي ذلك طرائق شتَّى؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:

    - البدء بفرز كل قول مذهب على حدة؛ مراعياً البدء بالأقدم فالأحدث.
    * ومن المآخذ على هذه الطريقة: أنها تتداخل فيها الأقوال، ويحدث التَّكرار والتطويل.

    - البدء بالقول الذي اتَّفقت عليه غالب المذاهب، أو أكثر من مذهب.
    * ومن المآخذ على هذه الطريقة: أنها قد تستقيم في كثير من المسائل؛ ولا تطَّرد على أخريات.-البدء بالقول المرجوح؛ ثم إعقابه بالقول الراجح.
    * ومن المآخذ على هذه الطريقة: أن الترجيح أمر نسبيٌّ؛ فما قد يظهر لك راجحاً؛ يراه غيرك مرجوحاً.
    إلى غيرها من الطرائق التي قد تتفرّع وتتشعَّب.

    * على أنه قد يبرز للباحث في بعض المذاهب، أو الأقوال، شرطٌ، أو قيدٌ، أو استثناء وغير ذلك؛ مما يستوجب حضور ذهن الباحث، والتَّنبُّه بإيراده في مكان صالحٍ، ووضعه بوضوح ودقَّة.

    والذي يجدر الاهتمام به، وعدم إغفاله، هو إبراز اختيارات وترجيحات المحقِّقين من أهل العلم قديماً وحديثاً في كل مذهب، وأن يضمَّها إلى أقوالها بقالب حسن، وعرض جميل؛ لما لها من قيمة حال ضمها مع أقوالها، وأثر حين يدلف للترجيح فيما بينها.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    أمثلة تطبيقية على توصيف تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية.
    ممَّا يجمل بالباحث أن يبدأ بحثه بتوصيف سريع؛ وسأذكر بعض الأمثلة -وهذا المثال-؛ مع إثبات ما يخصنا إيراده:



    المسألة الأولى: ذَكَـــــاة الجَنِيْـــــــ نِ


    فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ فِيْ بَحْثِ ذَكَاةِ الجَنِيْنِ، جَمَعْتُهُ فِيْ غُضُوْنِ مَا تَوَفَّرَ لِيْ مِنْ وَقْتٍ، وَيَأْتِيْ الكَلاَمُ عَلَى هَذِهِ المَسْأَلَةِ فِيْ خَمْسَةِ مَبَاحِثَ، هِيَ كَمَا يَلِيْ:

    * المَبْحَثُ الأَوَّلُ: تَحْرِيْرُ مَحَلِّ الخِلاَفِ بَيْنَ العُلَمَاءِ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

    * المَبْحَثُ الثَّانِي: عَرْضُ خِلافِ العُلَمَاءِ وَ أَدِلَّتِهِمْ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

    * المَبْحَثُ الثَّالِثُ: القًوْلُ الرَّاجِحُ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

    * المَبْحَثُ الرَّابِعُ: مَثَارُ الخِلافِ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

    * المَبْحَثُ الخَامِسُ: ثَمَرَةُ الخِلافِ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  4. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    * المَبْحَثُ الأَوَّلُ: تَحْرِيْرُ مَحَلِّ الخِلاَفِ بَيْنَ العُلَمَاءِ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

    - اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الجَنِيْنَ إذَا خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ جَنِينًا كَامِلَ الْخِلْقَةِ -أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ- فَتَجِبُ تَذْكِيَتُهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّذْكِيَةِ, فَهُوَ مَيْتَةٌ اتِّفَاقًا (1).


    كَمَا اتَّفَقُوْا عَلَى أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا, وَيُعْلَمُ أَنَّ مَوْتَهُ كَانَ قَبْلَ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ, فَلَا يَحِلُّ اتِّفَاقًا (2).

    - واخْتَلَفُوْا فِيْمَا وَرَاءَ ذَلِكَ عَلَى صُوَرِ شَتَّى، مَحَلُّ بَحْثِنَا مِنْهَا صُوْرَةً وَاحِدَةً فَقَطْ هِيَ: فِي الجَنِينِ ((إذَا تَمَّ خَلْقُهُ)) (3)((وَخَرَجَ أَوْ وُجِدَ)) (4) مَيِّتًا بَعْدَ ذَبْحِ الْأُمِّ، فَهَلْ ذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ أَمْ لا؟، عَلَى قَوْلَيْنِ.

    ------------------------------------------
    (1) أحكام القرآن للجصاص-حنفي(1/157-162).
    (2) وَيُعْرَفُ مَوْتُهُ قَبْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ بِأُمُورٍ, مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُتَحَرِّكًا فِي بَطْنِهَا فَتُضْرَبُ فَتَسْكُنُ حَرَكَتُهُ, ثُمَّ تُذَكَّى, فَيَخْرُجُ مَيِّتًا, وَمِنْهَا: أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ مَيِّتًا ثُمَّ تُذَكَّى. (الموسوعة الفقهية).
    (3) المجموع للنووي-شافعي(9/146-148).
    (4) المغني لابن قدامة-حنبلي(9/320-321).
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  5. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    ومن باب الصلة والاستطراد ذكرت هذا المبحث.

    * المَبْحَثُ الثَّانِي: عَرْضُ خِلافِ العُلَمَاءِ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
    اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الجَنِينِ ((إذَا تَمَّ خَلْقُهُ)) (1) ((وَخَرَجَ أَوْ وُجِدَ)) (2) مَيِّتًا بَعْدَ ذَبْحِ الْأُمِّ عَلَى قَوْلَيْنِ اثْنَيْنِ، هُمَا:


    القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّ الْجَنِينَ يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ.

    وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ }(3) ،وَالسَّلَفِ(4)، وَالخَلَفْ _رَحِمَهُمْ اللهُ_(5).

    القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَنِينُ لَا يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ.
    وَهُوَ قَوْلُ(6): أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ، وَهُوَ قَوْلُ(7): إبْرَاهِيمَ وَحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَ قَوْلُ(8): حَمَّادٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ(9)، وَ قَوْلُ(10): ابْنُ حَزْمٍ، وانْتَصَرَ لَهُ بِقُوَّةٍ الجَصَّاصُ فِيْ أَحْكَامِهِ(11)، وَقَالَ بِهِ مِنْ الحَنَابِلَةِ ابْنُ عَقِيلٍفِي الْوَاضِحِ، وَقَوْلٌ ثَانٍ عِنْدَ بَعْضِ الحَنَابِلَةِ اخْتَارَهُ مِنْهُمْ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ, وَالنَّظْمِ, وَالزَّرْكَشِيّ ُ(12).
    ---------------------------------------------
    (1) المجموع للنووي-شافعي(9/146-148).
    (2) المغني لابن قدامة-حنبلي(9/320-321).

    (3) يَأْتِيْ ذِكْرُهُمْ فِيْ سِيَاقِ الأَدِلَّةِ.

    (4) وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ , وَالشَّعْبِيِّ , وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَطَاوُسٍ , وَأَبِي ظَبْيَانَ , وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ , وَالْحَسَنِ , وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنَافِعٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَمُجَاهِدٍ , وَعَطَاءٍ , وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ , وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى , وَالزُّهْرِيِّ , وَمَالِكٍ , وَالْأَوْزَاعِي ِّ , وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , وَالشَّافِعِيِّ .

    (5) أحكام القرآن للجصاص-حنفي(1/157-162)، المحلى لابن حزم(6/97-100).

    (6) البحر الرائق لابن نجيم-حنفي(8/196)، فتح القدير لابن الهمام-حنفي(9/499)، الجوهرة النيرة للعبادي-حنفي(2/185)، العناية شرح الهداية-حنفي(9/499)، نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية-للزيلعي حنفي(6/50-54)، تبيين الحقائق للزيلعي(5/294-295)، بدائع الصنائع للكاساني-حنفي(5/43-44)، مصنف ابن أبي شيبة(8/380).

    (7) المبسوط للسرخسي(12/6-9).

    (8) أحكام القرآن للجصاص-حنفي(1/157-162).

    (9) ((قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَى مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَ لَا تَكُونُ ذَكَاةٌ ذَكَاةَ نَفْسَيْنِ يَعْنِي: الْجَنِينُ إذَا ذُبِحَتْ أُمُّهُ لَمْ يُؤْكَلْ حَتَّى تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ))، ينظر: تبيين الحقائق للزيلعي-حنفي(5/294-295).

    (10) المحلى لابن حزم(6/97-100).

    (11) أحكام القرآن للجصاص-حنفي(1/157-162).

    (12) الإنصاف للمرداوي-حنبلي(10/403-405).
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  6. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    المسألة الثانية: حكــــم بيــــع المغيَّبــــات

    تحريرُ محلِّ النِّزاعِ في المسألة

    حين بحثنا لمسألة المغيَّبات في الأرض، نجدها على حالين اثنين لا ثالث لهما، وعلى هذين الحالين ينبني الخلاف في المسألة، وتتباين الأحكام، وهي كالتالي:
    الحال الأولى (1) من المغيَّبات:
    (ما يكون مستورًا في باطن الأرض ويظهر ورقه على وجه الأرض، كالجزر، والفجل، والبصل ).
    الحال الأُخرى من المغيبات:
    ما يقصد أصلها فقط كالجزر، ويدخل فيه ما لا ورق له كالبطاطا، والبطاطس، ومنها ما يقصد أصلها وورقها كالبصل والفجل ..
    ففي الحال الأولى:
    إذا قُصِدَ من الثمرة أصولُها فقط، اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين:
    الرأي الأول: مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة:
    وهو عدم صحة بيع المستتر في الأرض إلا أن يُقلعَ ويشاهد (2).
    الرأي الثاني: مذهب المالكيـــة:
    وهو صحة بيع المستتر في الأرض (3)، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، وتلميذه العلامة ابن القيم (5)، وهو ما مال إليه ابن عبد البر في التمهيد (6).

    وأما في الحال الأخرى:
    إذا قُصِدَ ورق الثمرة مع أصلها، فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين:
    الرأي الأول: مذهب الشافعية:
    وهو عدم صحة البيع، وهم بذلك لا يفرقون بين هذه الحال وبين الحال الأولى (7).
    الرأي الثاني: مذهب المالكية والحنابلة:
    وهو صحة بيع المستتر تحت الأرض إذا قصد الورق مع الأصل، وهذا يصح عند المالكية من باب أولى حيث إنهم يجيزون الحال الأولى إذا قصد الأصل فقط، ففي هذه الحال أولى(8) .
    وَهَذَا ما اخْتَارَهُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْن تَيْمِيَّةَ, وَأَيَّدَهُ عَلَيْهِ تِلْمِيْذُهُ العَلاَّمَةُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُمَا اللهُ-، بَلْ إِنَّ شَيْخَ الإِسْلاَمِ رَحِمَهُ اللهُ- ٍٍِِ ذَهَبَ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ هَذَا؛ فَنَاصَرَ مَذْهَبَ الإِمَامِ مَالِك رَحِمَهُ اللهُ- ٍٍِِ؛ بَلْ امْتَدَحَهُ بِقَوْلِهِ: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَذْهَبُهُ أَحْسَنُ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا , فَيَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَجَمِيعِ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ , أَوْ يَقِلُّ غَرَرُهُ بِحَيْثُ يُحْتَمَلُ فِي الْعُقُودِ , حَيْثُ يُجَوِّزُ بَيْعَ الْمَقَاثِي جُمْلَةً , وَبَيْعَ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ : كَالْجَزَرِ , وَالْفُجْلِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَأَحْمَدُ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ) (9).

    وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِالبَرّ رَحِمَهُ اللهُ- ٍٍِِ في التَّمْهِيْد (10).

    وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ العُثَيْمِيْن رَحِمَهُ اللهُ-ٍٍِِ، حَيْثُ قَالَ (11): (وهذا القول أصحّ، وهو الذي عليه العمل من زمنٍ قديمٍ، ولا يرون في هذا جهالة، ثم إذا قُدِّرَ أنَّ هناك جهالة فهي جهالة يسيرة لا تكون غرراً).

    ----------------------------
    (1) وهنا لطيفة: أن لفظ الحال يُذكَّر فيقال (حال)، ويُؤَنَّث فيقالة (حالة) بالتاء، وأن معناه قد يُذَكَّر، فيعود الضمير مُذَكَّرًا … ، وقد يُؤَنَّث معناه، فيعود الضمير عليه مُؤَنَّثًا… ، فإذا كان لفظ الحال مُذَكَّرًا فأنت في سعة من أنْ تَذَكِّر معناه أو تُؤَنِّثه، تقول: حالٌ حسن، وحالٌ حسنة.
    وأما إذا كان لفظ الحال مُؤَنَّثاً فليس لك مُعَدَّى عن تأنيث الفعل الذي تسنده إليها. [ينظر: عدة السالك: (2/257، 258)].


    (2) رد المحتار على الدر المختار (5/48-53)، الأم للشافعي (3/67-68)، أسنى المطالب شرح روض الطالب (2/107)، تحفة المحتاج شرح المنهاج (4/465-467)، المغني (6/160-161)، الإنصاف (4/303-304)، شرح منتهى الإرادات (2/15)، كشاف القناع (3/167)، مطالب أولي النهى (2/15).


    (3) حاشية الدسوقي (3/186-187).


    (4) الفتاوى لابن تيمية (29/488).

    (5) أعلام الموقعين (4/5-6).

    (6) التمهيد لابن عبد البر (13/299).

    (7) روض الطالب (2/106-107).

    (8) حاشية الدسوقي (2/220)، والمغني (6/160-161).

    (9) القواعد النورانية ص(191)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (4/23-25).

    (10) التمهيد لابن عبد البر (13/299).

    (11) الشرح الممتع (8/158).
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  7. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    وأختمها بالمسألة الثالثة: أحكام التَّعْزِيْرِ بالمَالِ
    تحريرُ محلِّ النِّزاعِ في المسألة

    اتَّفق أهلُ العِلمِ _رحمهم الله تعالى_ على أصلِ مشروعيَّةِ التَّعْزِيرِ ، فَالتَّعْزِيرُ عندهم: مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ مَا فِيهِ حَدٌّ أَمْ لَا, وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْكَفَّارَةِ، وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ فِي الْعِظَمِ وَالصِّغَرِ, وَحَسَبِ الْجَانِي فِي الشَّرِّ وَعَدَمِهِ. وَهِيَ نَوْعَانِ: تَرْكُ وَاجِبٍ , أَوْ فِعْلُ مُحَرَّمٍ , فَمَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا; فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا.
    وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِه ِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قوله تعالى: { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ }[النساء:34] (1).


    وَاختلَفوا فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّعْزِيرِ بِالْمَالِ اختِلافاً كثِيراً، ومؤدَّى اخْتِلافهم راجِعٌ إلى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ، هي كَمَا يَلِي:

    القَولُ الأَوَّلُ: لَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ.
    والقَولُ الثَّانِي: بِجَوَازِ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَالِ، وهَؤلاءِ اختَلفوا فيما بَيْنَهُم على كَيْفِيَّةِ التَّعْزِيرِ بِالأَمْوَالِ، على النَّحْوِ الآتِي:
    * فَمِنْ قَائِلٍ بِهِ إنْ رُئِيَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ.
    * وَثَمَّةَ مَنْ رَأَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ.
    * وَمِنْ قَائلٍ: يُبَاعُ وَيَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ.
    * وَأَفْتَى أَحَدُهُم: بِأَنْ تُحَرَّقَ.
    * وَأَفْتَى غَيْرُهُ: بِتَقْطِيعِهَا.
    * وَآخَرونَ بِإِمْسَاكِ الْمَالِ أَوْ شَيْءٍ مِنْه مُدَّةً ثُمَّ يُعِيدَهُ.
    * وَآخَرونَ بِأَخْذِ الْمَالِ.
    * وَآخَرونَ بِإتْلَافِ الْمَالِ.
    * وَآخَرونَ بِإتْلَافِ الْمَالِ.
    * وَآخَرونَ بِتَغييرِ الْمَالِ.
    * وَآخَرونَ بِتَمْلِيْكِ الْمَالِ.
    وَجَمِيْعُهَا دَاخِلٌ فِي التَّعْزِيْرِ بِنَوْعَيْهِ: التَّعْزِيْرُ بِالْمَالِ، التَّعْزِيْرُ فِي الْمَالِ، وهمَا يَشْمَلانِ مَاسَبَقَ، كَمَا أَشَارَ النَّاظِمُ المَالِكِيُّ إِلى هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ فِي نَظْمِهِ (2).


    القَولُ الثَّالِث: بِمَنْعِ التَّعْزِيْرِ بِأَخْذِ الْمَالِ إلاَّ ما وَرَدَ الدَّلِيْلُ فِيْهِ وَصَحَّ، وقَصْرُهُ على مَحَلِّهِ فَقَط، وهَذا القَولُ وَسطٌ بينَ القَوْلَيْنِ: فكان قَوْلاً ثَالِثَاً، تَوَسَّطَ فِيْهِ قَائِلُوهُ بين طَرَفَيْنِ.


    -------------------------------------------------------
    (1) أسنى المطالب، شرح روض الطالب، لزكريا الأنصاري_شافعي(4/162-163)، الطرق الحكمية، لابن القيم_حنبلي،ص(94) تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام، لابن فرحون_مالكي،(2/289-290)، معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، للطرابلسي_حنفي، (196).
    (2) حاشية الصاوي على الشرح الصغير، بلغة السالك لأقرب المسالك _ مالكي(4/505-506). ونقل في حاشية الصاوي: ((وَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ :
    وَلَمْ تَجُــزْ عُقُــوبَـةٌ بِالْمَــالِ *** أَوْ فِيهِ عَنْ قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ))
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  8. افتراضي رد: المباحث الأصولية؛ وأثرها في تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية (ورشة عمل)

    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •