العطاء الإلهى عاماً لكل البشر
****************************** ******************** ************

سبحانه وتعالى قاهر لجميع مخلوقاته قهر كل مافى أرضه وسماواته . نِعمه على خلقه وعباده لا تعد ولا تحصى .
وهذا الكون ذاخر بالأسرار والمكنونات ومملوء بالنعم والفضل وبالخلق والآيات .
ولقد جعل الله عطاؤه الإلهى عاماً لكل البشر فوهبه للمؤمن والكافر وللبار منهم والفاجر وللعاصى والطائع

أمر الله عباده وعبيده أن لايفسدوا فى هذه الأرض التى أصلحها للحياة ف لكل خلق من خلقه تدبير محكوم وميزان
موزون نهانا الله عن التبديل فيه أو التغيير . فإن بدلناه أو غيّرناه فإنا للميزان الذى وضعه الله قد أخللناه
بل وفسدنا وأفسدنا للقوانين والنواميس التى فطرها الله .

من حادوا عن دين الله القويم وصراطه المستقيم دون فكر أو وعى ودون بصر أو بصيرة قاموا بالتغيير والتبديل
فى بعض الموازين التى وضعها الله من خلال العلوم المادية أوالتجريبية ومن خلال غيرها من العلوم
غيروا وبدلوا واستنسخوا فى خلق الله ( فى الجماد أو النبات أو الإنسان أو الحيوان ) فأخلّوا بالفطرة التى فطرها الله
فخسروا وأخسروا وفسدوا وأفسدوا فى نواميس الحياة . يقول العزيز الحكيم :
( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )

زعموا أنهم بذلك معجزين ومعاجزين وصنعوا فى النبات ماصنعوا وقد قال الله : ( أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ )
يدّعون أنهم مصلحين و لم يعوا ما قاله لهم الشيطان الرجيم إبليس اللعين : ( وَلآمُرَنهم فَلَيُغَيِّرُن خَلْقَ اللّهِ )

جهلوا أنّ مَن خلقهم ومن بيده مقاليد أمورهم هو من أذِن لهم بما استنسخوه وبدلوه وبما اكتشفوه أو أبدعوه .
( قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )
لم يعوا أن الخالق سبحانه وتعالى هو الذى خلق لهم كل ما عملوا وما يعملوه وماصنعوا وكل ما يصنعوه .
( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )
....
إن كان عملهم فيه خير للإنسانية وسعادة للبشرية فلن ينالهم به رحمة أو نعمة لأن الله أحبط أعمالهم لجحودهم
ونكرانهم بقدرة الله ولعدم إيمانهم بما خلق الله . فلقد عميت أبصارهم وطمست عقولهم ولم ينظروا ويتأملوا
لبديع صنع الله فى ملكه وملكوته فانحدروا إلى هوة سحيقة لم ولن تسْم بهم إلى الإيقان وإدراك حقيقة الإيمان .
وإن كان إبداعهم أو استنساخهم أوصنعهم فيه شر ونقمة على البشرية فقد اقترفوا بها أوزاراً على أوزارهم وأحمالاً
وآثاماً تنوء بها ظهورهم سوف يزيدهم الله بها عذاباً على عذابهم وعقاباً على العقاب المعد لهم .

مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفار عكفوا على البحث فى شتى المجالات ومختلف العلوم والدراسات والظلمة أغشت
أبصارهم وسحب الجهل تلبدت وأطبقت على عقولهم لايستضيئون بأبحاثهم ولايستنيرون بفحصهم وتأملاتهم .
جعلوا أنفسهم أضل من الأنعام يمرحون ويأكلون ويشربون ويتمتعون فى دنياهم . وفى الآخرة النار هى مثواهم .
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )
انشغلوا بفتنة الدنيا وزينتها وغرقوا فى أحضان المادية وبهروا بالحضارة الزائفة . جهلوا أنهم فاسدين ومفسدين .
ومن تولوا أمورهم مالوا وحادوا بهم عن صراط الله المستقيم فجُبِلوا جميعاً منذ الصغر على اللذات طباعهم
تستحثهم على الشهوات أخلاقهم افتقدوها ومروءتهم وَأدُوها .
لم يدركوا أن العبودية لله تجعل كل الخلق متساوين لا تفضيل ولا تمييز بينهم ولا فضل لإنسان على آخر لأنهم جميعاً
سيعبدون إله واحد لن يكون أياً منهم ذليلاً أو خاضعاً لأحد فلا قيد له إلا إرضاء مولاه فيشعر بحريته ويعتز
بكرامته ويتخلص من عبادة غير الله ومن تأليه أو تقديس شخص أو دولة ما .
لو أعملوا عقولهم لنفذت بصيرتهم ولما طبع الله على قلوبهم .. ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ )
....
الشريعة الإسلامية حثت على الأخذ بكل ما هو جديد لمواكبة كل عصر فى التجديد فى العلوم المادية أوالعلوم
التجريبية أو غيرها من العلوم والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من سلك طريقا يلتمس فيه علماً .. سهل الله طريقاً إلى الجنة )
ولكن أوجب الله علينا نحن المسلمين أن لا نأخذ من هذه العلوم إلا مايقبله الشرع ولا يخالف الدين .
فما يؤخذ منها لابد وأن يستند إلى القيم والمبادىء والأخلاق الإسلامية ولابد أن يتم وزن كل إبداع أو اكتشاف
وننظر فيه لنرى ما هو حقمنه وما هو باطل وما هو صالح أو طالح وما يحقق العدل والنظام بين الإنسانية
أو مايؤدى إلى بلاء وشقاء البشرية . يقول جل شأنه : ( أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَان )
يجب أن يعرض كل جديد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن وافقهما أخذناه وجاز العمل به
وإن خالفهما وجب تركه واجتنابه أو أعدنا البحث فيه حتى وإن قبلته واستساغته العقول لأن العقول هنا
سيكون بها عجز وقصور نتيجة تقصير ... لأن الجهل فينا لا فى ما شرعه الله ...

هناك إبداعات واكتشافات أفسدت الحياة ونظريات قبعت وترنحت وعلوم وأبحاث علت وتهاوت ثم اندثرت .
يجب أن يُوزن كل معقول إلى المنقول ( الكتاب والسنة ) ولانزن المنقول بالمعقول فلا نبحث فى كتاب الله أو سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم أو بحث جاء به عبد من عباد الله فذاك خطأ عظيم وإثم وحوب كبير .
وعلى حسب ما أُوتى المرء من العلم والفضل وما أوتى من الكمال والعقل سيقع له اليقين والبيان فإن حرم الوصول
فبسبب تضييعه للأصول. يقول عز وجل : ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )
إن أبواب العلم فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا تحصى ولا تستقصى من أراد السبيل إلى استقصائها
لن يبلغ إلى ذلك وصولا ومن رام الوصول إلى إحصائها فلن يجد إلى ذلك سبيلا فلقد قال تبارك وتعالى :

( وَمَا أُوتيتمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً )
****************************** ******************** ****************
سعيد شويل