تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المرويات الواهية في سيرة ابن إسحاق (3)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    3,673

    Lightbulb المرويات الواهية في سيرة ابن إسحاق (3)

    المرويات الواهية في سيرة ابن إسحاق (3)
    د / أحمد عبد الحميد عبد الحق *
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين ..
    وبعد فقد ذكرت في الحلقة السابقة عن بعض المرويات الواهية في سيرة ابن إسحاق المتعلقة بميلاده وحياته صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه ، واليوم بمشيئة الله أكمل بعض المرويات الواهية التي وردت عن حياته قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ، ومنها ..
    ـ حديث ميسرة غلام السيدة عائشة ـ رضي الله عنه ـ الذي جاء فيه :
    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل وهو في طريقه إلى الشام في ظل شجرة قريباً من صومعة رهب من الرهبان، فاطلع الراهب على ميسرة، فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟ فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. (1) .
    وفي تلك الرواية نفسها يزعمون أن ميسرة قال : إذا كانت الهاجرة واشتد الحرير( رأيت ) ملكين يظلانه من الشمس، وهو يسير على بعيره.(2) .
    فكيف تكون شجرة في الطريق العام ولا ينزل تحتها إلا نبي ؟ ومن أعلم الراهب بذلك والمسافة الزمنية بين عيسى عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسمائة عام فكيف بالأنبياء السابقين ، ثم إذا كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يظله ملكان فما الحاجة لأن ينزل في ظل شجرة ؟ وإذا كان هذان الملكان يظلانه قبل بعثته فلماذا لم يستمرا في إظلاله بعد مبعثه واصطفائه للرسالة ـ وهذا كان أولى ..
    والأحاديث الصحيحة تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته كان إذا اشتد عليه الحر بحث عما يستظل به ، ولم نسمع من أحد من الصحابة رغم ملازمتهم له في السفر والإقامة أنه قد لاحظ أن شيئا يظله من الغمام أو غيره ، فهل كان ميسرة يبصر ما لا يبصرون أم أن تلك الآيات انقطعت بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم ؟؟!!
    ومن تلك الروايات الرواية التي قال فيها ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن امرأة من بني سهم - يقال لها الغيطلة كانت كاهنة في الجاهلية جاءها صاحبها ليلة من الليالي فانقض تحتها، ثم قال: أدر ما أدر، يوم عقر ونحر، فقالت قريش حين بلغها ذلك ما يريد ؟ ثم جاءها ليلة أخرى فانقض تحتها ثم قال: شعوب ما شعوب ؟ تصرع فيه كعب الجنوب. فلما بلغ ذلك قريشا قالوا: ماذا يريد ؟ إن هذا لأمر هو كائن فانظروا ما هو، فما عرفوه حتى كانت وقعة بدر وأحد بالشعب، فعرفوا أنه كان الذي جاء به إلى صاحبته (3) .
    وهذه الرواية مضمونها يوحي بأن الجني الذي أتى تلك المرأة كان يعلم الغيب أو المستقبل ، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم :" قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ "(4) ..
    وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :" قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"(5) .
    ولا يمكن أن يكون هذا من استراق السمع الذي ذكره الله عز وجل ؛ لأن استراق السمع كان يتم في السماء الدنيا ولا يمكن أن يصل إلى مكنون ما هو في غيب الله ، كما أن الفارق الزمني بين تلك الرواية وغزوة بدر كان خمس عشرة سنة أو يزيد
    ومن تلك الروايات ما ذكره في قصة سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ " أن صاحب عمورية قال له: إيت كذا وكذا وكذا من أرض الشام، فإن بها رجلان بين غيضتين يخرج كل سنة من هذه الغيضة مستجيزا يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي، فاسأله عن هذا الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه ، قال سلمان : فخرجت حتى جئت حيث وصف لي فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هناك، حتى يخرج لهم تلك الليلة مستجيزا من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، فغشيه الناس بمرضاهم، لا يدعو لمريض إلا شفي، وغلبوني عليه، فلم أخلص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه. قال فتناولته فقال: من هذا ؟ والتفت إلي قال : قلت يرحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم، قال : إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم، قد أظلك زمان نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم، فأته فهو يحملك عليه. ثم دخل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان: " لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم " .
    وقد علق ابن كثير على تلك الرواية بقوله :
    فيها رجل مبهم وهو شيخ عاصم بن عمر بن قتادة. وقد قيل إنه الحسن بن عمارة ثم هو منقطع بل معضل بين عمر بن عبد العزيز وسلمان رضي الله عنه.
    وقوله لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم غريب جدا بل منكر. فإن الفترة أقل ما قيل فيها أنها أربعمائة سنة، وقيل ستمائة سنة بالشمسية، وسلمان أكثر ما قيل إنه عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة.(6) .
    كما أن الرواية تخالف منطوق القرآن الكريم الذي ذكر أن المسيح عليه السلام قد رفع إلى السماء فور محاولة اليهود قتله "...وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) ..
    ويبدو أنها من وضع الفرس الذين حاولوا فيما بعد الرفع من شأنهم وشأن سلمان الفارسي عليه السلام .
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
    الهوامش :
    *مدير موقع التاريخ الالكتروني
    1 ـ السيرة النبوية لابن إسحاق - (ج 1 / ص 21).
    2 ـ السيرة النبوية لابن إسحاق - (ج 1 / ص 21).
    3ـ البداية والنهاية - (ج 2 / ص 376 وما بعدها ).
    4 ـ سورة "النمل " آية 65.
    5 ـ"الأعراف " آية 188.
    6 ـ البداية والنهاية - (ج 2 / ص 384).
    7 ـ سورة " النساء "آية 157، 158..
    المصدر
    موقع التاريخ
    ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •